الحوثيون يقايضون السكان: غاز الطهي مقابل التبرع للقتال

يمنيان يحملان أسطوانة لغاز الطهي في صنعاء القديمة (إ.ب.أ)
يمنيان يحملان أسطوانة لغاز الطهي في صنعاء القديمة (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يقايضون السكان: غاز الطهي مقابل التبرع للقتال

يمنيان يحملان أسطوانة لغاز الطهي في صنعاء القديمة (إ.ب.أ)
يمنيان يحملان أسطوانة لغاز الطهي في صنعاء القديمة (إ.ب.أ)

وسط أزمة خانقة يعيشها اليمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين نتيجة شح غاز الطهي، فرضت الميليشيات جبايات جديدة على كل أسرة تحت مسمى «دعم الجبهات»، ضمن خطة لفرز السكان لمعرفة المؤيدين لها من المعارضين، وفق ما أفاد به سكان في العاصمة المختطفة صنعاء.
ومع ارتفاع سعر أسطوانة الغاز في السوق السوداء التي يديرها تجار وقيادات في الميليشيات إلى ضعف السعر الرسمي، أرسل مسؤولو الأحياء الذين أوكلت إليهم مهمة توزيع الأسطوانات التي تباع بأسعار شبه رسمية إلى كل الأسر مظاريف فارغة طالبين «التبرع لصالح دعم الجبهات» وكتابة اسم المتبرع والمبلغ ورقم هاتفه على الطرد وإعادته عند تسلم الأسطوانة التي توزع مرة في الشهر.
وذكر أحد السكان لـ«الشرق الأوسط» أن مسؤولي الأحياء كانوا يطلبون من السكان التبرع لكن الغالبية كانت تتجاهل هذا الطلب. غير أنه مع اشتداد المعارك في محافظة البيضاء بات مندوبو الجماعة يقولون لهم صراحة إن مسألة الحصول على غاز الطهي باتت مرتبطة بدفع التبرعات وتدوين البيانات على المظاريف كي تحدد الجماعة من يدعمها ومن يرفض ذلك.
وقال ساكن آخر إن «مسؤولي الأحياء يتصلون مباشرة بالأسر لسؤالها عما إذا كانت تسلمت مظاريف التبرعات... أعطوا مهلة يوماً واحداً لإعادة تلك المظاريف مع مبلغ التبرع، إذا ما أرادت الأسر الحصول على أسطوانة الغاز قبل حلول عيد الأضحى المبارك».
وأضاف: «رفضت التبرع لكن جيراني رغم ظروفهم القاسية وضعوا مبالغ زهيدة كي يضمنوا الحصول على أسطوانة غاز لأنه من دون ذلك سيتم حرمانهم من الحصة الشهرية وسيضطرون لتعبئة الأسطوانات من السوق السوداء بسعر مضاعف».
وبحسب مصادر، فإن غاية الميليشيات من هذه الخطوة إلى جانب جمع الأموال هي جمع معلومات عن كل بيت وحي وحصر من سيرفض الدفع لتصنيفه باعتباره «منافقاً أو عميلاً» للشرعية ليتم حرمانه من الحصه الشهرية ووضعه تحت المراقبة باعتباره عدواً مفترضاً، إذ تمارس هذه الميليشيات الابتزاز للسكان تحت مسميات مختلفة، بقوة السلطة، ولم تستثن حتى الفقراء الذين يذهب مندوبوها إلى بيوتهم لطرقها ومطالبة الأسر بالتبرع للقتال تحت مسمى «أضحية العيد للمجاهدين»، أي مقاتلي الجماعة، فيما قادة الميليشيات ومشرفوها يصرفون مئات الملايين.
في السياق نفسه، أكد القاضي المعروف بمعارضته للجماعة عبد الوهاب قطران هذا الابتزاز الحوثي للسكان. وكتب في منشور على «فيسبوك» أن مندوب توزيع الغاز الموالي للجماعة اتصل به هاتفياً ليؤكد عليه التبرع وإرسال المظروف إن كان يريد الحصول على أسطوانة الغاز.
وهاجم قطران الجماعة قائلاً: «استفزني هذا الابتزاز الصفيق واشتعلت نار الغضب في صدري وشعرت بأننا صرنا تافهين جبناء ضربت علينا الذلة والمسكنة وفقدنا النخوة والكرامة وتنازلنا عن حريتنا مجاناً ورضينا لأنفسنا بحياة العبيد الخاضعين»، مشيراً إلى أنه رفض هذه المقايضة مع الميليشيات.
وأضاف واصفاً سلطة الحوثيين بأنها «لا تستحي ولا تخجل وتمارس الابتزاز والنهب تحت ألف مسمى ومسمى، بقوة وسطوة السلطة وطغيانها وإرهابها». وأشار إلى أن قادة الجماعة «لم يشبع نهمهم للمال» سواء من خلال «الأسواق السوداء والجرع بالوقود والغاز والكهرباء والماء، والاتصالات، والضرائب والجمارك والرسوم والزكوات، ولا المرتبات المنهوبة منذ خمس سنوات، ولا التبرعات باسم فلسطين، وباسم الأعياد والمناسبات الطائفية، ولا من تسليع الطب والتعليم وكل الخدمات الأساسية والمتاجرة بها وتحقيق أرباح فلكية».
ويشكو السكان في تلك المناطق من إدارة قيادة الميليشيات لسوق سوداء واسعة للوقود حيث تباع الأسطوانة الغاز الواحدة بـ11 ألف ريال فيما سعرها الرسمي أربعة آلاف ريال. كذلك تباع صفيحة البنزين عبوة 20 لتراً بـ11500 ريال فيما سعرها الرسمي 5800 ريال (الدولار في مناطق سيطرة الجماعة نحو 600 ريال).
وتستولي الميليشيات على عائدات الضرائب والجمارك والرسوم والزكوات، وإلى جانب ذلك تفرض على السكان تبرعات باسم المجهود الحربي وأخرى باسم القوافل الغذائية للمقاتلين وثالثة باسم فلسطين، ورابعة بالمناسبات ذات الصبغة الطائفية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

انقلابيو اليمن يبطشون بصغار الباعة في ذمار

اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)
اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)
TT

انقلابيو اليمن يبطشون بصغار الباعة في ذمار

اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)
اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)

تواصلاً لمسلسل انتهاكات الجماعة الحوثية الذي كانت بدأته قبل أسابيع في صنعاء وإب، وسّعت الجماعة من حجم بطشها بصغار التجار وبائعي الأرصفة في أسواق محافظة ذمار وشوارعها، وفرضت عليهم دفع إتاوات تحت مسميات غير قانونية. وفق ما ذكرته مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط».

وأكدت المصادر أن الحملات التي شارك فيها مسلحون حوثيون مدعومون بعربات عسكرية وجرافات وشاحنات، جرفت المتاجر الصغيرة وصادرت 40 عربة لبائعين متجولين بما فيها من بضائع في مدينة ذمار وعلى طول الشارع العام الرابط بين صنعاء ومحافظتي إب وتعز.

جانب من حملة حوثية استهدفت السكان وممتلكاتهم في ذمار (فيسبوك)

وجاءت الحملة التعسفية بناءً على مخرجات اجتماع ضم قيادات حوثية تُدير شؤون محافظة ذمار، (100 كيلومتر جنوب صنعاء) نصت على قيام ما تسمى مكاتب الأشغال العامة والمرور وصندوق النظافة والتحسين وإدارة أمن ذمار باستهداف صغار الباعة في المدينة وضواحيها قبيل انتهاء العام الحالي.

وبرّرت الجماعة الانقلابية حملتها بأنها للحفاظ على ما تسميه المنظر العام للشوارع، وإزالة العشوائيات والاختناقات مع زعمها بوجود مخالفات.

واشتكى مُلاك متاجر صغيرة، طالهم التعسف الحوثي لـ«الشرق الأوسط»، من ابتزاز غير مسبوق على أيدي مشرفين ومسلحين يجمعون إتاوات بالقوة تحت مسميات عدة.

وذكروا أن مسلحي الجماعة دهموا شوارع وأسواق شعبية في مناطق عدة بذمار، وباشروا بجرف المتاجر ومصادرة عربات البائعين واعتقلوا العشرات منهم عقب رفضهم دفع مبالغ مالية «تأديبية».

وأجبر الوضع المتردي كثيراً من السكان في ذمار ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة على العمل بمختلف المهن، حيث يعجّ الشارع الرئيسي للمدينة وشوارع فرعية أخرى منذ سنوات عدة بآلاف العاملين بمختلف الحِرف جُلهم من الشباب والأطفال والنساء؛ أملاً في توفير لقمة العيش.

انتهاكات ممنهجة

ويصف عبد الله (30 عاماً) وهو مالك متجر صغير، ما يتعرض له صغار الباعة من حرب شعواء من قِبل الجماعة الحوثية بأنه «انتهاكات ممنهجة» بقصد التضييق عليهم ودفعهم إلى الالتحاق ببرامج التعبئة العسكرية.

ويشير مراد، وهو مالك عربة متجولة إلى أنه تمكن من استعادة عربته من بين أيدي عناصر حوثيين بعد مصادرتها مع عربات بائعين آخرين في سوق شعبية وسط المدينة، وأكد أن ذلك جاء بعد استجابته بدفع مبلغ مالي لمسلح يُشرف على تنفيذ الحملة الاستهدافية.

الحوثيون صادروا عربات باعة بزعم التهرب من دفع إتاوات (فيسبوك)

وليست هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها الجماعة صغار الباعة بذمار، فقد سبق لها أن نفذت منذ مطلع العام الحالي ما يزيد على 6 حملات للبطش والتنكيل بالمئات منهم؛ بغية إرغامهم على دفع إتاوات.

وكان الانقلابيون الحوثيون أطلقوا قبل نحو شهر حملة استهدفت بالتعسف والابتزاز تجاراً وبائعين في سوق «المثلث» بمدينة ذمار، أسفر عنها جرف متاجر صغيرة ومصادرة عربات وإتلاف بضائع.

وسبق للباعة الجائلين أن طالبوا مرات عدة سلطات الانقلاب في ذمار بتوفير أسواق بديلة لهم، بدلاً من الحملات التي تُشنّ عند كل مناسبة طائفية بهدف جمع أكبر قدر من المال.