خبراء يسعون للتحكم في فاعلية جهاز المناعة

بحث أميركي يفتح مساراً بيولوجياً لتطوير عقاقير جديدة

خبراء يسعون للتحكم في فاعلية جهاز المناعة
TT

خبراء يسعون للتحكم في فاعلية جهاز المناعة

خبراء يسعون للتحكم في فاعلية جهاز المناعة

حدد اختصاصيو المناعة في مستشفى «سانت جود» لبحوث الأطفال بأميركا، مساراً بيولوجياً يتحكم بشكل انتقائي في كيفية نضج الخلايا المناعية الرئيسية، المسماة بالخلايا المساعدة المسامية التائية «T follicular helper cells»، لتصبح مكونات وظيفية لجهاز المناعة.
ويقدم هذا الاكتشاف الذي تم الإعلان عنه في 7 يوليو (تموز) بدورية «نيتشر» وعداً بتطوير عقاقير لتنشيط المسار الأيضي لتعزيز فاعلية اللقاحات، بما في ذلك تلك التي تحمي من (كوفيد – 19)، ويمكن لمثل هذه الأدوية أن تحفز جهاز المناعة على الاستجابة بقوة أكبر بعد التحصين لإنتاج المزيد من الأجسام المضادة ضد الفيروسات أو البكتيريا.
ويضع العمل أيضاً الأساس للأدوية التي تسلك الطريق للتخفيف من أمراض المناعة الذاتية مثل الذئبة، حيث يكون الجهاز المناعي في مثل هذه الاضطرابات، مفرط النشاط في إنتاج أجسام مضادة تهاجم أنسجة الجسم. وخلال الدراسة حدد استشاري المناعة والباحث الرئيسي هونغبو تشي وزملاؤه، مساراً للتحكم في التمثيل الغذائي ينظم بشكل انتقائي تطور الخلايا المناعية المتخصصة في جهاز المناعة التكيفي، وهي «الخلايا المساعدة المسامية التائية».
وسُمي جهاز المناعة التكيفي بهذا الاسم، لأنه عندما يصاب الجسم بالفيروسات أو البكتيريا، فإنه يتعلم استهدافها ومهاجمتها، وتعمل الخلايا المساعدة المسامية التائية على تنشيط مكون الجهاز المناعي التكيفي المسمى «المناعة الخلطية». وبينما تهاجم المناعة الخلطية الغزاة المنتشرين خارج الخلايا إلى حد كبير عن طريق إنتاج الأجسام المضادة، فإن المكون المناعي التكيفي الآخر، المناعة الخلوية، يستهدف الغزاة داخل الخلايا المصابة.
وسعى الباحثون في تجاربهم إلى اكتشاف ما إذا كان هناك مسار للتحكم في التمثيل الغذائي يعدل الخلايا المساعدة المسامية التائية لتنشيطها، وعندما يتم تنشيط مثل هذه الخلايا، فإنها تساعد الخلايا المنتجة للأجسام المضادة، والتي تسمى الخلايا البائية، على النضج وتوليد أجسام مضادة لمكافحة العدوى.
ولاكتشاف مسار تحكم محتمل، استخدم تشي وزملاؤه تقنيات وراثية لحذف العديد من الإنزيمات الموجودة في الخلايا التائية المعروفة بأنها عناصر من مسارات التحكم في التمثيل الغذائي، وبعد ذلك، أدخل العلماء الخلايا التائية المعدلة هندسياً إلى الفئران متبوعة بعدوى بفيروس، واختبروا ما إذا كانت الخلايا التائية التي تفتقر إلى الإنزيم تعمل.
وكشفت تجاربهم أن مساراً واحداً للتحكم في التمثيل الغذائي، يسمى مسار(CDP - ethanolamine) ينظم بشكل انتقائي الخلايا المساعدة المسامية التائية. ويقول تشي في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لمستشفى «سانت جود» لبحوث الأطفال بأميركا، بالتزامن مع نشر الدراسة «كانت هذه النتيجة مفاجأة كبيرة، لأن هذا المسار كنا نظن أن له وظيفة إنتاج اللبنات الأساسية لغشاء الخلية، لكننا اكتشفنا أن له وظيفة إشارات رئيسية، كما أننا فوجئنا بأن هذا المسار كان الوحيد المشارك في تنظيم الخلايا المساعدة المسامية التائية».
وكطريقة تكميلية لتحديد ما إذا كان المسار ينظم بشكل انتقائي الخلايا المساعدة المسامية التائية، قام الباحثون بحذف كل من الإنزيمات الرئيسية التي حددوها في مسار (CDP - ethanolamine)، ووجدوا أن حذف هذه الإنزيمات، وليس تلك الخاصة بالمسارات التنظيمية الموازية الأخرى، يضعف بشكل انتقائي نمو الخلايا المساعدة المسامية التائية، ولكن ليس الوظيفة المناعية الشاملة. ويقول تشي إن الأهم من ذلك هو أن تلك الإنزيمات الرئيسية يمكن أن تكون أهدافاً للأدوية تعزز أو تثبط المسار، وبالتالي تتحكم في نشاط الخلايا التائية.
ويضيف: «نحن نستكشف الآن ما إذا كان بإمكاننا تعزيز فاعلية اللقاحات باستخدام الأدوية التي تنشط المسار، لمساعدة هذه الخلايا التائية على تعبئة جهاز المناعة لتوليد أجسام مضادة استجابة للقاح». ويشير إلى أنه من ناحية أخرى، يمكن استخدام هذا الاكتشاف لعلاج أمراض المناعة الذاتية، ويقول: «نحن مهتمون بتطوير طرق جديدة لكبح هذا المسار، وهذا النهج واعد لأننا نعلم أن مثل هذا التنشيط أو التثبيط انتقائي للغاية للخلايا المساعدة المسامية التائية ولن يؤثر على وظائف المناعة الأخرى».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».