القاهرة تنشد دعماً أوروبياً بمواجهة السد الإثيوبي قبل قرار مجلس الأمن

البرلمان المصري حذر من انزلاق المنطقة نحو «صراع مائي»

تتفاوض مصر والسودان مع إثيوبيا، منذ أكثر من 10 سنوات، بهدف عقد اتفاق قانوني ينظم عمليتي الملء والتشغيل للسد، الذي تبنيه الأخيرة على الرافد الرئيسي لنهر النيل (رويترز)
تتفاوض مصر والسودان مع إثيوبيا، منذ أكثر من 10 سنوات، بهدف عقد اتفاق قانوني ينظم عمليتي الملء والتشغيل للسد، الذي تبنيه الأخيرة على الرافد الرئيسي لنهر النيل (رويترز)
TT

القاهرة تنشد دعماً أوروبياً بمواجهة السد الإثيوبي قبل قرار مجلس الأمن

تتفاوض مصر والسودان مع إثيوبيا، منذ أكثر من 10 سنوات، بهدف عقد اتفاق قانوني ينظم عمليتي الملء والتشغيل للسد، الذي تبنيه الأخيرة على الرافد الرئيسي لنهر النيل (رويترز)
تتفاوض مصر والسودان مع إثيوبيا، منذ أكثر من 10 سنوات، بهدف عقد اتفاق قانوني ينظم عمليتي الملء والتشغيل للسد، الذي تبنيه الأخيرة على الرافد الرئيسي لنهر النيل (رويترز)

بدأ وزير الخارجية المصري سامح شكري، على رأس وفد، أمس، زيارة إلى العاصمة البلجيكية بروكسل، يبحث خلالها دعم التعاون واستعراض آخر التطورات خاصة ملف سد النهضة الإثيوبي، قبل موقف مرتقب لمجلس الأمن الدولي.
ووفق المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أحمد حافظ، فإن شكري سيقوم خلال الزيارة بتسليم رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى رئيس المجلس الأوروبي، كما سيعقد لقاءً مع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي واجتماعات ثنائية مع عدد من نظرائه الأوروبيين وكبار المسؤولين بالمفوضية الأوروبية لمناقشة العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك. وتأتي زيارة شكري إلى عاصمة الاتحاد الأوروبي، قبيل صدور موقف من مجلس الأمن الدولي حول النزاع، بعد أن عقد جلسة نهاية الأسبوع الماضي، ناقش فيها القضية، بطلب مصري – سوداني.
وتتفاوض مصر والسودان مع إثيوبيا، منذ أكثر من 10 سنوات، بهدف عقد اتفاق قانوني ينظم عمليتي الملء والتشغيل للسد، الذي تبنيه الأخيرة على الرافد الرئيسي لنهر النيل، لتوليد الطاقة الكهربائية، لكن لم يتم التوصل لاتفاق. وتلقت الحكومة المصرية، أمس، دعماً برلمانياً واسعاً، وأكد رئيس مجلس النواب المصري حنفي جبالي، «وقوف الجميع خلف القيادة السياسية ومؤسسات الدولة فيما يتعلق بأزمة سد النهضة الإثيوبي»، معبراً عن «الثقة التامة والدعم المطلق لخطواتها لحماية حقوق الشعب المصري التاريخية والأصيلة في مياه النيل باعتباره شريان الحياة»، على حد وصفه.
وقال جبالي، في كلمة خلال جلسة عامة، إن «كلمة وزير الخارجية سامح شكري أمام جلسة مجلس الأمن الدولي، الخميس الماضي، جاءت معبرة عن الموقف المصري تجاه القضية المصيرية». ونوه جبالي إلى أن التوصل لاتفاق عادل لقضية سد النهضة الإثيوبي يمنع انزلاق المنطقة نحو صراع، وأضاف أن «مصر لم تقف في وجه الأشقاء وترفض المساس بحقها المائي»، لافتاً إلى أن «السلوك الإثيوبي يحمل تعنتاً غير مبرر وترفضه الدولة المصرية جملة وتفصيلاً لتأثيره على الأمن المائي». ودعا البرلمان الأفريقي إلى التحلي بمسؤوليته الدبلوماسية والانخراط بكثافة في تلك القضية دعماً للوصول إلى تسوية عادلة تراعي مصالح الدول الثلاث وتمنع انزلاق المنطقة نحو التوتر والصراع الإقليمي وهو ما يحمل معه تداعيات خطيرة يتحمل مسؤوليتها السلوك الإثيوبي السلبي.، كما طالب المجتمع الدولي بضرورة اتخاذ مواقف أكثر إيجابية من أجل التوصل لاتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل السد الإثيوبي بما يضمن ويحافظ على حقوق مصر المائية وأمنها المائي. وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري، قد أكد أول من أمس، أن طرح قضية سد النهضة على مجلس الأمن كان أمراً مهماً من أجل «تحميله مسؤوليته باعتباره الجهاز الرئيسي في منظومة الأمم المتحدة المعني بالحفاظ على السلم والأمن». وأضاف خلال تصريحات لوسائل إعلام مصرية، أن مصر سوف تثير في اتصالاتها مع دول أعضاء بمجلس الأمن «عدم الارتياح» لتجنب تلك الدول الإشارة إلى الإجراءات الأحادية من جانب إثيوبيا.
وأوضح أن الأمر داخل مجلس الأمن معقد نظراً «للاعتبارات السياسية والمواءمات» والتفاعل بين الأعضاء الدائمين وغير الدائمين و«تشابك المصالح». وتابع «المجلس على التوالي لسنتين متتاليتين يعقد جلسة علنية؛ هذا الأمر في حد ذاته هو إنجاز»، معتبراً أن حجة إثيوبيا خلال جلسة مجلس الأمن كانت «ضعيفة ولم ترق إلى كلمتي مصر والسودان».
وشرح أن مجلس الأمن «كان يتجنب تماماً ويتذرع بأن هذه القضايا ليست قضايا ذات أهمية ترقى إلى تناول المجلس»، واصفاً الأمر داخل المجلس بأنه معقد «نظراً للاعتبارات السياسية والمواءمات والتفاعل بين الأعضاء الدائمين وغير الدائمين وتشابك المصالح». كما ذكر الوزير المصري أن القاهرة كررت في مناسبات عديدة أن الدولة لن تتهاون في الدفاع عن مصالحها وعن الشعب المصري «ولديها القدرة والإمكانيات». وتابع «نشجع أشقاءنا في إثيوبيا على تغيير مسارهم ونشجع المجتمع الدولي بما فيه مجلس الأمن أن يرسل الرسائل التي تعزز من ذلك».
في المقابل، توجه رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد إلى مواطنيه، مؤكداً أن «سد النهضة أكثر من مجرد مصدر للكهرباء بل هو مصدر لإعلان قوتنا ووحدتنا»، وذلك في تعليقه على فوز حزب الرخاء الحاكم في البلاد والمنتمي له بأغلبية المقاعد في الانتخابات البرلمانية في البلاد. وقال آبي أحمد في بيان شاركه عبر حساباته الرسمية على موقعي «فيسبوك» و«تويتر» إن «من بين القضايا التي تم الاهتمام بها خلال السنوات القليلة الماضية قضية أخرى تتعلق بسد النهضة، ومثلما كان نجاح انتخابنا مهماً لرفع مطلب الديمقراطية، فمن المعروف أن أحد مشاريعنا المهمة هو حل مشاكلنا والقيام بالعديد من التحركات الاقتصادية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.