الجزائر: احتجاجات كبيرة في «عاصمة النفط»

اتهامات للحكومة بـ«التمييز» في التوظيف بقطاع المحروقات

TT

الجزائر: احتجاجات كبيرة في «عاصمة النفط»

تعيش ولاية ورقلة «عاصمة النفط» في الجزائر، منذ الخميس الماضي، احتجاجات كبيرة ضد تردي أوضاع المعيشة والبطالة وسوء الخدمات، اتسعت أمس لتشمل مناطق من تقرت التي كانت تابعة لها وأصبحت منذ عام محافظة مستقلة.
ويشكو سكان المحافظتين منذ سنوات طويلة من «تمييز» بحقهم في مجال التشغيل، ويعتبرون أن الوظائف في قطاع المحروقات تخصصها السلطات المركزية للأشخاص الذين يتحدرون من مدن الشمال، وبخاصة العاصمة.
وقال صحافيون في ورقلة في اتصالات مع «الشرق الأوسط» إن شباناً غاضبين قطعوا، أمس، الطريق بين بلدة أنقوسة الصحراوية ووسط ورقلة بصخور كبيرة وعجلات مطاطية أشعلوا فيها النيران، وكانوا يرفعون شعارات تحتج على تفشي البطالة والانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي عن بيوتهم. علماً بأن درجات الحرارة تصل إلى 50 في يوليو (تموز) في هذه المناطق التي تحتضن على أطرافها مئات الفنيين الأجانب العاملين في حقول النفط.
وشهدت بلدة عين البيضاء عند مدخل ورقلة، أول من أمس، مشادات بين عشرات المحتجين الذين كانوا ملثمين وقوات الأمن، خلَفت إصابة 20 متظاهراً، نقلوا إلى المستشفى المحلي بحسب صور تداولها ناشطون في الحراك الشعبي عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وامتدت رقعة الاحتجاجات، أمس، إلى أحياء عدة في محافظتي تقرت وورقلة، بحسب صحافيين محليين، إذ تظاهر كثير من العاطلين عن العمل أمام مقار وكالات التشغيل، وصبّوا غضبهم على المسؤولين المحليين، واتهموا الحكومة بـ«التمييز» في التشغيل بقطاع المحروقات، خاصة المهن البسيطة كالسباكة والنجارة حتى الحراسة في مواقع النفط والغاز، واستقدام عاملين من الشمال.
كما شهدت مناطق أدرار والمنيعة والعالية والحجيرة بمحافظات صحراوية أخرى، أمس، احتجاجات على سوء الخدمات بها؛ خصوصاً انقطاع التيار الكهربائي ومياه الشرب وغياب المصحات للعلاج.
يشار إلى أن حقول حاسي مسعود بولاية ورقلة، تؤمّن 400 ألف برميل من النفط يومياً، وتضم 71 في المائة من احتياطي النفط الخام في البلاد.
وفي مارس (آذار) الماضي، نظم أكثر من 5 آلاف شخص مظاهرة في ورقلة للمطالبة باستحداث فرص عمل، ومكافحة الفساد في المؤسسات العامة. وشكا الناطق باسمهم كمال بوشول الذي تلا 19 مطلباً نيابة عن المتظاهرين المحتشدين في المكان، من «الفساد المتفشّي داخل الوكالة الوطنية للتشغيل».
ودعا رئيس «حركة البناء الوطني» المشاركة في الحكومة الجديدة التي عيَنت الأربعاء الماضي عبد القادر بن قرينة في بيان، أمس، السلطات إلى «التحرك العاجل بفتح حوار مع المحتجين والاستماع إليهم، من أجل التخفيف من التوترات المتصاعدة». كما طالب بفتح «تحقيق في التحايل والمضاربة بالتوظيف، عن طريق شركات مناولة (في قطاع النفط) تخالف التعليمات الوزارية المختلفة وكذا تعليمات الوزير الأول».
واعتبر أن شباب ورقلة «لهم الأحقية في فرص أكبر للعمل في الشركات الوطنية أو الخاصة والمؤسسات الاقتصادية الموجودة بالمنطقة، بما يسمح لهم بمكابدة الظروف الصعبة للحياة وتوفير أسباب العيش الكريم، ولكن بالوقت نفسه نؤكد أيضاً على ضرورة الحفاظ على سلمية هذه الوقفات الاحتجاجية، وانتهاج أسلوب الحوار الهادف، لتفادي انزلاقات لا تحمد عواقبها، وتفويت الفرصة على مخططات تريد ضرب استقرار البلد والمس بسيادته، بالنبش في التمييز الذي نرفضه، وندعو للتصدي له بمزيد من التماسك وتمتين الجبهة الداخلية».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).