تونس تدفع بتعزيزات أمنية إلى حدود ليبيا «تجنباً لأي طارئ»

«ائتلاف الكرامة» يطرد نائباً من صفوفه... وتكتم على الأسباب

حاجز أمني في العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
حاجز أمني في العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
TT

تونس تدفع بتعزيزات أمنية إلى حدود ليبيا «تجنباً لأي طارئ»

حاجز أمني في العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
حاجز أمني في العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)

دفعت السلطات التونسية بتعزيزات أمنية إلى معبر رأس جدير الحدودي مع ليبيا «تجنباً لأي طارئ»، وذلك إثر غلق المعبر من الجانب التونسي على رغم وجود أعداد كبيرة من الليبيين العالقين منذ يومين بعد رفض الجهات الليبية المسؤولة عن المعبر قبولهم تنفيذاً لقرار غلق المعبر من الجانب الليبي.
وأكد عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، في مكالمة هاتفية أجراها معه هشام المشيشي، رئيس الحكومة التونسية، أن قرار غلق الحدود البرية والجوية مع تونس هو قرار وقائي وصحي وجاء لحماية الأرواح من الجانبين، مضيفاً أنه سيتم رفعه في القريب العاجل. وجاءت هذه المكالمة إثر موجة الانتقادات التي خلفها هذا القرار ومدى تأثيره على أمن البلدين واستقرارهما.
وذكرت مصادر أمنية تونسية أن قرار الغلق خلف حالة من الاحتقان والهيجان في صفوف المسافرين الليبيين العالقين وهم أفراد عائلات ومرضى انتقلوا إلى تونس أساساً للعلاج وفوجئوا بالقرار بتقديم موعد الإغلاق دون سابق إنذار.
وأكدت المصادر ذاتها أن الجانب الليبي المكلف بتسيير معبر رأس الجدير اتخذ القرار بإيقاف العمل بالمعبر منذ الثانية من بعد الظهر بتقديم ساعات عدة عن المهلة التي مُنحت لليبيين للعودة والمحددة بمنتصف الليلة قبل الماضية، وهو ما أدى إلى الاضطراب الحاصل وحالة الاحتقان في صفوف الليبيين. وتابعت أن الطرف التونسي لم يتدخل في هذ الملف باستثناء مطالبته الجانب الليبي بالسماح بعبور عدد من التونسيين العائدين من ليبيا.
كانت الحكومة الليبية قد اتخذت قرار غلق المعبر لمدة أسبوع على خلفية تطورات الوضع الوبائي في تونس، غير أن هذا القرار جاء مفاجئاً لليبيين الموجودين بأعداد كبيرة في تونس، خصوصاً في الجنوب التونسي المتاخم للحدود الليبية، أو كذلك للتونسيين الذين يعملون في ليبيا وتعودوا قضاء فترة عيد الأضحى مع عائلاتهم في تونس.
وخلف هذا القرار توافد أعداد أخرى من التونسيين العائدين من ليبيا، وهو سيطرح إشكالات في ظل توقف أي نشاط بمعبر رأس الجدير من الجانب الليبي. ولقي القرار الليبي الفجائي انتقادات عدة بمواقع التواصل، إذ اعتبره بعضهم «إنكاراً من الحكومة الليبية التي كانت تونس أول مساند لها في كل الأزمات التي مرت بها عبر التاريخ وتخاذلاً أيضاً رغم متانة الروابط بين شعبي البلدين». لكن آخرين أيدوا القرار الليبي قائلين إنه يستند إلى المشروعية لأن هدفه حماية الشعب والتوقي من الجائحة.
على صعيد آخر، قدم النائب البرلماني ياسين العياري، عشر توصيات للرئيس التونسي قيس سعيد ودعاه إلى توبيخ أعضاء الحكومة والنقابة (اتحاد الشغل) على خلفية عقد مؤتمر انتخابي استثنائي يومي 8 و9 يوليو (تموز) الحالي في مدينة سوسة، كما دعاه إلى تخصيص جزء من موازنة الرئاسة المقدرة بنحو 169 مليون دينار تونسي لمعاضدة جهود مكافحة الوباء.
وحتى يعطي المثال ويشجع التونسيين على الإقبال على التلقيح، قال العياري إن على الرئيس استدعاء التلفزيون التونسي وتصويره وهو يتلقى التطعيم ضد «كورونا» حتى يعطي المثال للتونسيين، ثم إلقاء كلمة للتونسيين تكون حماسية وبعيدة عن التفرقة. كما دعاه إلى الاعتذار عن خرقه لحظر التجول بتوجهه إلى منطقة باجة (شمال غربي تونس).
ودعا العياري رئيس الجمهورية إلى استعمال صلاحياته الدستورية لتقديم مقترحات في قانون المالية حتى يساهم «أكثر المستفيدين» من الوضع، على غرار البنوك ومؤسسات التأمين وشركات الاتصالات والمصحات الخاصة، في مصاريف مجابهة الوباء. وقال العياري إنه على عكس الأزمات الدستورية، فإن الأزمات الصحية والاجتماعية والاقتصادية لا تُحل بـ«الديباجات وقصص (دبشليم وبيدبا) والعبارات الرنانة»، على حد تعبيره، مؤكداً أن هذه التوصيات يمكن أن تؤثر على المعنويات في مواجهة الوضع الوبائي، و«على عكس الكلام الهلامي» فإن نتائجها تكون أفضل.
في غضون ذلك، أعلن عبد اللطيف علوي، رئيس المكتب السياسي لـ«ائتلاف الكرامة» المقرب من حركة «النهضة»، طرد النائب عز الدين الفرجاني من الحزب ومن الكتلة البرلمانية (19 نائباً). وتحفظ الائتلاف عن ذكر تفاصيل وأسباب هذه الإقالة. وجاء في بيان لـ«ائتلاف الكرامة» أنه «حفظاً للمقامات وتجنباً للمشاحنات السياسية العقيمة في فترة حزينة من تاريخ البلاد، نتحفظ عن ذكر الأسباب أو الخوض في أي تفاصيل تخص هذا الموضوع، إلا إذا اضطررنا إلى ذلك».
كانت أطراف مقربة من «ائتلاف الكرامة» أرجعت هذا الطرد إلى تعامل النائب البرلماني مع أطراف سياسية «عدوة للثورة» التي أطاحت نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي عام 2011.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».