كارثة تجنيد «داعش» للأطفال

معظم من يقومون بالعمليات الانتحارية لصالح التنظيم تتراوح أعمارهم بين 14 و16 عاما

كارثة تجنيد «داعش» للأطفال
TT

كارثة تجنيد «داعش» للأطفال

كارثة تجنيد «داعش» للأطفال

انتشرت في الأشهر القليلة الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات تظهر مراهقين وأطفالا يتدربون على استخدام الأسلحة ويشاركون في حرب الشوارع والعصابات. هذه الصور التي غالبا ما تعمدت نشرها وسائل إعلام تابعة أو موالية لـ(داعش) إنما تشكل دليلا دامغا عن استغلال المنظمة الإرهابية للأطفال في الصراع المحتدم في سوريا والعراق.
فقد صب تنظيم داعش جل جهده في تجنيد الشباب كما الأطفال، بحيث أورد تقريرا نشر على موقع «سوريا مباشر» (Syria Direct)، في شهر مايو (أيار) الماضي، أن أطفالا ما دون 18 عاما شوهدوا على نقاط التفتيش، وأن شابا آخر لم يتعد عمره 17 سنة تورط في تفجير معبر باب السلام الحدودي. ووفقا لتقرير صادر عن اللجنة السورية لحقوق الإنسان نشر في شهر أغسطس (آب)، فإن ما لا يقل عن 800 طفل تحت سن الـ18 جندوا من قبل التنظيم.
وأضاف التقرير أن «داعش» اعتمد على أساليب تحريضية لجذب الأطفال حيث أمن لهم عددا من الأنشطة الترفيهية والأجواء الخاصة التي غالبا ما افتقدت في البلد بسبب النزاع الدائر. «فبهدف جذب مزيد من المراهقين يقوم (داعش) بتنظيم المؤتمرات في المدارس حول موضوع الحرب، ويفهم الأطفال أن باستطاعتهم القتال. خطاب اعتمده التنظيم أيضا في المساجد. وسواء في المدارس أو المساجد، يستهدف التنظيم الأطفال الذين يتعدى عمرهم 13 عاما»، وفق أحمد، الناشط العراقي من الموصل الذي تحدث إلى صحيفة «الشرق الأوسط»، شرط عدم الكشف عن هويته، مشيرا إلى أن ابن أخيه أجبره والداه على ترك المدرسة خشية من أن يقع ضحية تعاليم «داعش».
هذا وقد بثت أخيرا وسائل الإعلام التابعة لـ«داعش» شريط فيديو لحفل تخرج عدد من الأولاد يظهرون لاحقا في الشريط نفسه يحملون الأسلحة.
فضلا عن ذلك، أورد تقرير «Business Insider»، نقلا عن ناشط محلي، أن أكثر من 30 طفلا كانوا يقاتلون في صفوف «داعش»، لقوا حتفهم في المعارك الطاحنة التي استمرت طوال شهر ضد القوات الكردية في مدينة كوباني. وذكرت صحيفة الـ«إندبندنت» البريطانية، أن مواقع مناصرة لـ«داعش» نشرت في سبتمبر (أيلول) صورا لطفل زعم أنه أصغر مقاتل أجنبي يقتل في معركة، ولم يكن يتعدى العاشرة من العمر، وراح أنصار «داعش» يتناقلون صور الطفل متباهين بأنه أصغر شهيد. كما نشرت صحيفة الـ«Independent» مقابلة أخرى في شهر فبراير (شباط) الماضي، مع مراهق يبلغ 17 عاما من العمر، اعتقل قبل أن يتمكن من تنفيذ هجوم انتحاري في العراق. وقال الشاب الذي بدا نادما على تصرفاته أن كثيرا من المهاجمين الانتحاريين كانوا أصغر سنا منه وتراوحت أعمارهم بين 13 و15 سنة.
وفي شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن نشطاء في بلدة كوباني شمال سوريا، أنهم لاحظوا وجود أطفال يقاتلون إلى جانب مسلحي «داعش». وذكرت الوكالة أنه تم العثور على جثث 4 أولاد، اثنين منهم تقل أعمارهم عن 14 عاما شاركوا في هجمات انتحارية. كما تم رصد مقاتلين من الأطفال أيضا في محافظة حلب السورية، وفقا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
يشير أنطوني ماكدونالد، رئيس قسم حماية الأطفال في منظمة اليونيسيف، في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، إلى أن موقف المنظمة بالنسبة إلى أي مجموعة مسلحة هو الرفض التام لتوريط الأطفال بنشاطات ترتبط بالحرب، ويشمل ذلك استخدام أو تجنيد الأطفال، وكلمة «استخدام» لا يقصد بها فحسب إشراك الأطفال في المعارك، بل أيضا استعمالهم لنقل المياه وغيرها من الأمور فضلا عن تزويج الفتيات القاصرات والاستغلال الجنسي.
في الواقع، لم تقتصر فظائع «داعش» على استخدام الأطفال، لتنفيذ العمليات الانتحارية أو القتال فحسب، بل جعلهم التنظيم أيضا جلادين. فقد سلط تقرير للأمم المتحدة نشر في شهر نوفمبر الضوء على الاستخدام الممنهج من قبل «داعش» للأطفال ما دون الـ18 كجلادين، متحدثا عن المقاتل الذي يبلغ عمره 16 عاما الذي نفذ عملية قطع رأس جنديين، كان التنظيم قد اختطفهما من قاعدة طبقة الجوية في أواخر أغسطس عام 2014، في سلوك (الرقة)، كما أظهر شريط فيديو آخر طفلا لا يتعدى عمره 8 سنوات يقوم بإعدام رجلين اتهمهما التنظيم بأنهم جواسيس لروسيا.
يشير أحمد إلى أن «التحاق الأطفال بالجماعات الإرهابية ليس شيئا جديدا في العراق، فهذا التقليد كان سائدا في زمن أبو مصعب الزرقاوي، زعيم القاعدة في العراق المنظمة الأم التي انبثق منها (داعش)».
ووفقا لدراسة منظمة الأمم المتحدة، يستخدم تنظيم داعش المؤسسات التعليمية كمراكز لتلقين أفكاره وعقائده. بحيث أشار التقرير بأن «داعش» يستعمل منذ سبتمبر 2013، مدرسة البثري في الباب (حلب) كمنشأة تدريب عسكري للفتيان ما دون 18 عاما، وأن مخيم الشريعة الخاص باليافعين الواقع بالقرب من مدينة طبقة في الرقة يدرب نحو 350 طفلا ما بين 5 و16 سنة ليتولوا مهام قتالية. «ويتقصد التنظيم أن تستهدف البروباغندا التي ينشرها الأطفال بشكل خاص، ففي مدينة الرقة، يجري جمع الأطفال وتبث بشكل متكرر الأشرطة المصورة التي تظهر قطع رؤوس عناصر من الجيش النظامي، دافعا الأطفال بذلك إلى أقصى درجات العنف».
وأضافت الدراسة نفسها أن 153 طفلا كرديا ما بين 14 و16 سنة تم اختطافهم في 29 مايو 2014 واحتجزوا في مدرسة في مدينة منبج في حلب، وجرى تلقينهم بشكل يومي طوال 5 أشهر الفكر الجهادي العسكري، وكان يعاقب بالضرب المبرح كل من يعارض منهم هذه الأفكار.
يشرح الناشط المتحدر من الرقة أبو إبراهيم الذي كان وراء إنشاء موقع «الرقة تذبح بصمت» في حديث إلى «الشرق الوسط»، أن «داعش» يعتمد 3 أساليب مختلفة لتجنيد الأطفال، «ففي بعض الأحيان يتم تلقين الأطفال وتشريبهم الفكر الداعشي، وفي أحيان أخرى يتخلى الأهل عن أطفالهم مقابل مبلغ زهيد محاولين الخروج من يأسهم وفقرهم، وأخيرا عمليات الخطف التي ينفذها التنظيم».
يحرص تنظيم داعش في معسكرات التدريب على تأمين الملبس والمسكن ووجبات الطعام إلى الأطفال، وهو يعتبر الأطفال والشباب من أولوياته محاولا كسب ولائهم على المدى البعيد من خلال تلقينهم آيديولوجيته التي يحاول فرضها في المناطق الخاضعة لسيطرته. وفي الوقت الذي يصعب التحديد بشكل دقيق إلى أي مدى يصل استغلال «داعش» للأطفال في الأراضي التي يحكم سيطرته عليها، فإن هذه الممارسات بالتأكيد موجودة، وسيكون لها تأثير كارثي على المدى الطويل على الأجيال الصاعدة في العراق وسوريا.



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».