يؤسس انهيار القطاعات وتلاشي مؤسسات الدولة لفوضى عامة قد لا تتمكن الأجهزة الأمنية من استيعابها وحصرها. وقد بدأت المؤشرات الأخيرة تتراكم، ما يفاقم الهواجس من انفجار أمني قد يحصل في أي لحظة، لذلك ترى الأمنيين في حالة من الاستنفار غير المعلن.
وتشهد معظم المناطق عمليات سطو وسلب؛ بحيث سُجّل أكثر من حادثة توقيف صهاريج المحروقات بالقوة والاستيلاء عليها، والاعتداء على سائقين ينقلون حليباً للأطفال ومستلزمات طبية وزيتاً. كذلك جرى تداول إقدام عدد من الأشخاص على سلب مواطنين الأكياس التي كانت معهم عند خروجهم من سوبر ماركت كبير قبل فرارهم بعيداً، ما يجعل كثيراً من اللبنانيين يتفادون الخروج ليلاً وارتياد مناطق معينة.
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» الشهر الماضي، قال وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال، محمد فهمي، إنه كان قد نبّه منذ مارس (آذار) الماضي على تدهور الوضع الأمني المجتمعي، «وتعرضنا حينها لهجمات وحملات، وتبين أنني كنت محقاً... اليوم هناك خوف من الأسوأ ومن تدهور الأمن المجتمعي أكثر؛ لأن هناك كثيراً من الناس الجائعة وهم يستطيعون أن يتحملوا كل شيء إلا جوع أولادهم؛ لذلك ما دام الوضع على ما هو عليه؛ فستزداد الفوضى، لكنها لن تتحول إلى فوضى تامة». وأضاف فهمي: «سنعمل بكل ما أوتينا من قوة للمحافظة على القوانين والنظم المعتمدة، وسنحمي المواطنين والممتلكات العامة والخاصة».
وكان فهمي أعلن في مارس (آذار) الماضي أن الوضع الأمني في لبنان «تلاشى» وأن البلد بات «مكشوفاً على الاحتمالات كافة وليس فقط اغتيالات»، لافتاً إلى أنه لم يعد بمقدور القوى الأمنية تنفيذ 90 في المائة من مهامها.
ووفق «الشركة الدولية للمعلومات»؛ ازدادت عمليات القتل والسرقة منذ مطلع عام 2021، فارتفعت جرائم القتل بنسبة 45.5 في المائة، أما جرائم السرقة فارتفعت بنسبة 144 في المائة، في حين استقر عدد السيارات المسروقة على 115 سيارة خلال شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير.
وبحسب رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - أنيجما» رياض قهوجي، فإن «المجتمع الدولي يسعى جاهداً لمنع انهيار الوضع الأمني وانتشار الفوضى في لبنان، لما من ذلك من تداعيات خطيرة، منها تدفق اللاجئين نحو أوروبا». واعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الجهود الدولية لن تنجح من دون تحرك القوى السياسية للاتفاق على حلول جذرية لخلافاتهم السياسية وإجراء إصلاحات تمكن صندوق النقد الدولي وجهات خارجية لمساعدة لبنان على الخروج من أزمته المالية والاقتصادية».
وحسب قهوجي، فإن «شكل الانهيار الأمني إن حصل سيكون انتشار السلاح وظهور مجموعات مسلحة تسيطر على أحياء ومناطق بشكل مذهبي وطائفي، أي أمن ذاتي شبيه بفترة الحرب الأهلية»، وإنه في تلك المرحلة «ستواجه الأجهزة الأمنية خطر الانقسام، وقد نشهد دخول قوات أجنبية للبنان لحماية مصالحها، كما هو الحال في سوريا».
الأمن في عين العاصفة
الأمن في عين العاصفة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة