مصر والسودان يشددان على «الدبلوماسية الوقائية» في قضية سد النهضة

حذرا من «خطر وجودي» على 150 مليوناً من مواطني البلدين

سد النهضة الإثيوبي على النيل الأزرق (د.ب.أ)
سد النهضة الإثيوبي على النيل الأزرق (د.ب.أ)
TT

مصر والسودان يشددان على «الدبلوماسية الوقائية» في قضية سد النهضة

سد النهضة الإثيوبي على النيل الأزرق (د.ب.أ)
سد النهضة الإثيوبي على النيل الأزرق (د.ب.أ)

حض وزيرا الخارجية المصري سامح شكري والسودانية مريم الصادق المهدي أعضاء مجلس الأمن على القيام بعمل «وقائي» للحيلولة دون انفجار الأزمة المتعلقة بسد النهضة الإثيوبي الكبير الذي أكدا أنه يشكل «تهديداً وجودياً» لنحو 150 مليوناً من مواطنيهما. لكن وزير المياه والطاقة الإثيوبي سيليشي بيكيلي رفض تدخل أرفع الهيئات الدولية المكلفة بصون الأمن والسلم والدوليين مشدداً على تسوية الأزمة عبر الاتحاد الأفريقي حصراً. وشهدت نيويورك جهوداً دبلوماسية مكثفة لإعادة الأطراف الثلاثة إلى طاولة المفاوضات بوساطة أفريقية ولكن أيضاً بدعم دولي وأميركي واسع.
وخلال جلسة عقدها مجلس الأمن عصر الخميس (بتوقيت نيويورك) واستمرت لساعات، طالب وزيرا الخارجية المصري سامح شكري والسودانية مريم الصادق المهدي مجلس الأمن باتخاذ إجراء من خلال التصويت على مشروع قرار قدمته تونس، مؤكدين أن السنوات العشر من المفاوضات مع الجانب الإثيوبي باءت بالفشل وأن بدء الملء الثاني لخزان سد النهضة لا ينتهك اتفاق المبادئ لعام 2015 بين الدول الثلاث فحسب، بل يشكل «تهديداً وجودياً» لـ150 مليون شخص في دولتي المصب.
- مصر ستحمي حقها
وأكد شكري أن مصر «تواجه تهديداً لمائة مليون شخص»، مذكراً بأن «النهر يعتمد عليه بقاؤنا». وحذر من أنه «إذا تضررت حقوق مصر المائية أو تعرض بقاؤها للخطر فلا يوجد أمام مصر بديل إلا أن تحمي وتصون حقها الأصيل في الحياة»، مشيراً إلى أن بلاده تبنت مبادرة الاتحاد الأفريقي لإطلاق مفاوضات تحت رعايته لمدة عام كامل من دون جدوى. وأضاف: «لا نزال نمارس ضبط النفس تجاه سلوك إثيوبيا الفج (الذي) يعكس عدم المسؤولية وتجاوزها السافر»، في إشارة إلى مضي أديس أبابا في عملية ملء السد. واعتبر أن التصرفات الإثيوبية تعرض السلم والأمن في المنطقة للخطر، وأن القاهرة تسعى إلى اتفاق قانوني منصف يتضمن تدابير تراعي الظروف في دولتي المصب، خاصةً في فترات الجفاف. بجانب ضمانه عدم تعرض أمن مصر المائي للخطر. وقال إن «سبب أزمة سد النهضة سياسي بامتياز». وحض مجلس الأمن على التصويت لمصلحة مشروع القرار الذي صاغته تونس.
- تهديد لنصف السودانيين
وقالت الوزيرة المهدي إن «وجود سد ضخم على بعد بضعة كيلومترات من الحدود السودانية من دون تنسيق مع السودان يشكل خطورة على حياة ملايين البشر»، مؤكدة أن السد يشكل تهديداً لحياة نصف السودانيين وجميع المصريين، إضافة إلى تقليله الأراضي الزراعية بنسبة 50 في المائة في السودان. وأضافت الصادق أن توفر المعلومات عن ملء وتشغيل سد النهضة أمر حيوي ليتمكن السودان من التخطيط لمشاريعه وحماية مجتمعات ما بعد سد النهضة، لافتة في الوقت نفسه إلى تهديده سلامة سد الروصيرص السوداني. ودعت إلى حماية الأمن والسلم الإقليمي «بشكل وقائي» عن طريق إلزام إثيوبيا بعدم اتخاذ خطوات أحادية من دون اتفاق، واستئناف المفاوضات وفق إطار زمني محدد. وطالبت مجلس الأمن بالتصويت على مشروع القرار الذي يطالب الدول الثلاث بالتفاوض على اتفاق ملزم قانوناً في غضون ستة أشهر تحت رعاية الاتحاد الأفريقي ويدعو أديس أبابا إلى «الامتناع عن الاستمرار من جانب واحد في ملء خزان سد النهضة».
وأكدت المهدي بعد الاجتماع إن «ما سمعناه (خلال الجلسة) مشجع حقاً». وأضافت: «نحن متفائلون للغاية بأن مجلس الأمن سيتعامل مع هذا الأمر بطريقة مسؤولة، ولن يسقطه من جدول أعماله». بيد أنها أشارت إلى أن بعض أعضاء المجلس قلقون في شأن سابقة معالجة قضية مياه، موضحة أن معالجة سد النهضة ستكون «سابقة في الدبلوماسية الوقائية (…) من أجل عدم الاضطرار لاحقاً إلى التعامل مع عملية لحفظ سلام في وقت لاحق».
ولفت شكري إلى أن كل أعضاء المجلس أظهروا دعمهم لكل العناصر الواردة في مشروع القرار، لذلك تتطلع مصر إلى موافقته التي من شأنها «تعزيز وتمكين» جهود الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي بصفته رئيساً للاتحاد الأفريقي لبدء المفاوضات مع الأطراف الثلاثة والتفاوض في شأن اتفاق ملزم قانوناً. وأكد أن «هذه ليست قضية مياه» بل «قضية دبلوماسية وقائية، وقضية حل نزاع تتعلق بالسد والتهديد الوجودي الذي يشكله».
ورد وزير المياه والطاقة الإثيوبي سيليشي بيكيلي بأن ملء الخزان جزء من بناء السد ولا ينبغي لمجلس الأمن أن يتدخل في قضية مياه النيل، لأنها ليست ضمن تفويضه لضمان السلام والأمن الدوليين. وقال إن «الاتحاد الأفريقي ينظر في الأمر ويسهل باقتدار مفاوضاتنا»، مضيفاً: «تعتقد إثيوبيا أن التوصل إلى اتفاق في متناول اليد، بالنظر إلى الإرادة السياسية اللازمة والالتزام بالتفاوض بحسن نية». ورأى أن مجلس الأمن يجب أن يشجع مصر والسودان على التفاوض بجدية للتوصل إلى تسوية في شأن ملء السد وتشغيله.
دعم دولي للحل الأفريقي
وقالت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد إن الولايات المتحدة تعتقد أن قضية تقاسم مياه النيل «يمكن التوافق عليها»، ولكنها شددت على «الالتزام السياسي من كل الأطراف من أجل الاستئناف العاجل للمفاوضات تحت قيادة الاتحاد الأفريقي». ورأت أن «الاتحاد الأفريقي هو المكان الأنسب لمعالجة هذا النزاع، والولايات المتحدة ملتزمة تقديم الدعم السياسي والفني لتسهيل التوصل إلى نتيجة ناجحة». وعبر نظيرها الروسي فاسيلي نيبينزيا عن قلقه من «تصاعد خطاب المواجهة» بين الأطراف المعنية، رافضاً اللجوء إلى القوة لتسوية الأزمة.
ورأى المندوب الصيني تشنغ جون أن «سد النهضة يمكن أن يكون مشروعاً للتعاون مؤكداً أن «الموارد المائية العابرة للحدود تشمل مراعاة المصالح الوطنية». ودعا الدول الثلاث إلى «حل خلافاتها من خلال الحوار».
وأمل المندوب التونسي طارق الأدب في أن تساهم هذه الجلسة في إعطاء دفع جديد وحازم لمسار المفاوضات تحت إشراف الاتحاد الأفريقي لمساعدة الدول الثلاث على التوصل لاتفاق ملزم يراعي مصالح شعوبها الحيوية ويحفظ أمنها المائي وحقوقها في التنمية ويؤسس لآفاق جديدة للتعاون في المنطقة.
وأكد القائم بأعمال بعثة جمهورية الكونغو الديمقراطية (رئيسة الاتحاد الأفريقي لهذا العام)، أن الحل لا يزال ممكنا، لكن يجب كسر حاجز عدم الثقة وتوفير ضمانات بأن تؤخذ المصالح بعين الاعتبار كي تنتهي العملية التفاوضية بنجاح.
وكانت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة أنغر آندرسون لفتت إلى أنه في حين أن المياه المشتركة كانت محل خلاف، فإن «البنية التحتية الهيدروليكية يمكن أن تكون جيدة التخطيط على مسار نهر مشترك ومصدراً للتعاون المعزز، ولا يلزم أن تكون مباراة لا ينتصر فيها أحد».
ودعا المبعوث الخاص للأمين العام لمنطقة القرن الأفريقي بارفيه أونانغا - أنيانغا كل الأطراف إلى «التعامل مع الأمر بطريقة بناءة وتجنب أي تصريحات من شأنها أن تزيد التوتر في منطقة تخضع لسلسلة من التحديات، بما في تأثير كوفيد 19 والنزاعات العنيفة».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.