لقاء ثلاثي تونسي لبحث حل الأزمة السياسية

TT

لقاء ثلاثي تونسي لبحث حل الأزمة السياسية

كشف محمد القوماني، عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة، عن محتوى اللقاء الذي جمع كلاً من راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي ورئيس حركة «النهضة»، وهشام المشيشي رئيس الحكومة، ونبيل القروي رئيس حزب «قلب تونس»، مؤكداً أن اللقاء تمحور حول حل الأزمة السياسية في تونس، وتعطل المؤسسات الدستورية، وكيفية تشكيل الحكومة السياسية التي سيترأسها المشيشي.
وفسر القوماني تمسك حركة «النهضة» برئيس الحكومة الحالي بصعوبة إجراء مشاورات سياسية من جديد للاتفاق على رئيس جديد للحكومة في ظل الوضع الوبائي المتأزم لجائحة كورونا.
وكانت وسائل محلية قد تحدثت عن هذا اللقاء الذي انعقد في منزل الغنوشي، وأشارت إلى أن مسالة التعطيل التي طالت التغيير الوزاري الذي شمل11 وزيراً منذ يوم 26 يناير(كانون الثاني) الماضي، قد تكون أهم الملفات التي طرحت خلال هذا الاجتماع، إضافة إلى كيفية التعاطي مع مقترح الحكومة السياسية في ظل الانتقادات الكثيرة التي طالته من قبل الأحزاب المعارضة وبعض الأحزاب المشكلة للائتلاف الحاكم.
يذكر أن رئيس الجمهورية قيس سعيّد كلّف في شهر يوليو (تموز) 2020، هشام المشيشي، وزير الداخلية آنذاك، بتشكيل حكومة جديدة إثر استقالة رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، بسبب شبهات تضارب مصالح. وكان تكليف المشيشي مفاجئا للأحزاب والكتل البرلمانية، إذ إنّ اسمه لم يرد ضمن قائمة ترشيحاتها. وفي شهر سبتمبر (أيلول) حظيت هذه الحكومة بدعم حركة «النهضة» وحزب «قلب تونس» وحزب «ائتلاف الكرامة» وحزب «تحيا تونس»، وهو ما جعلها تتحول من حكومة الرئيس إلى حكومة مدعومة من قبل تحالف برلماني تتزعمه «النهضة»، وهذا ما أدى إلى اشتراط الرئيس التونسي إسقاط حكومة المشيشي للدخول في حوار سياسي لحل ملف الأزمة السياسية في تونس.
على صعيد متصل، كشف فتحي العيادي المتحدث باسم حركة «النهضة» عن ملامح الحكومة السياسية التي يراد تشكيلها، بقوله إن حركة النهضة تساند فكرة تشكيل حكومة سياسية برئاسة هشام المشيشي، وستعرض عليه فكرة تشكيلها بعد سلسلة من المشاورات التي ستجريها مع رئيس الحكومة ورئيس الدولة والأحزاب السياسية.
وبيّن العيادي أنّ حركة «النهضة» بصدد ترتيب مشاورات سياسية، وكان لها اتصالات سابقة، ومن المنتظر أن يعلن مكتبها التنفيذي قريباً عن انطلاق مشاورات رسميّة مع رئيس الحكومة ورئيس الدولة والأحزاب السياسية، لعرض فكرة حكومة سياسية يمكنها تحمل مسؤولية إنقاذ تونس من أزماتها، على حد تعبيره.
على صعيد آخر، خلفت مصادقة مجلس الوزراء التونسي على قانون الطوارئ الصحية جدلاً سياسياً واسعاً، وتعرض هذا القانون إلى انتقادات عدة، نتيجة منحه الحكومة التونسية صلاحيات كبرى في إطار ضبط الوضع الصحي واتخاذ الإجراءات الاستثنائية بهدف التصدي لانتشار الوباء وحماية صحة الأشخاص وسلامتهم.
وأعربت منظمات حقوقية عدة عن مخاوفها من استغلال هذا القانون للتضييق على الحريات، وأكدت أنه يبيح لرئيس الحكومة مراقبة إقامة الأشخاص المصابين والمشتبه بإصابتهم والحد من تنقلاتهم، بما في ذلك العزل في مكان إقامتهم، ووضع قيود على حرية تنقل الأشخاص والعربات ووسائل النقل، وغلق الأماكن والمحلات المفتوحة للعموم، ومنع تنظيم التجمعات والأنشطة والتظاهرات بمختلف أنواعها.
كما يجيز قانون الطوارئ الصحية المصادق عليه فرض عقوبات عند مخالفة التدابير الصحية الوقائية، وهي تتراوح بين العقوبات والغرامات المالية، والإكراه البدني، حسب القانون التونسي للإجراءات الجزائية.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».