بعد خمس سنوات من الهجوم الإرهابي الذي أودى بحياة 86 شخصاً في 14 يوليو (تموز) في مدينة نيس بجنوب فرنسا، لم تندمل الجروح بعد، إذ لم تُقدم تعويضات لجميع الضحايا ولن تُجرى أي محاكمة قبل خريف 2022، فيما لا يزال الناجون تحت صدمة الاعتداء. في 14 يوليو 2016، كان نحو 30 ألف شخص مجتمعين على الواجهة البحرية الشهيرة المطلة على المتوسط لحضور عرض الألعاب النارية التقليدي بمناسبة العيد الوطني، يومها اجتاح التونسي الثلاثيني محمد لحويج بوهلال المقيم في نيس هذه الجموع بواسطة شاحنة زنتها 19 طناً، حاصداً عشرات الأشخاص على مدى دقيقتين قبل أن ترديه الشرطة. وكانت الحصيلة رهيبة مع سقوط 86 قتيلاً تراوحت أعمارهم بين السنتين و92 سنة من عشرات الجنسيات المختلفة. وكان الهجوم لافتاً بعنفه. فقد قال أحد الشهود: «كان أشبه بكاسحة ثلوج تجعل الجثث تتطاير».
أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن الهجوم مع أن التحقيق لم يثبت أي صلة بينه وبين المنفذ.
ويحضر رئيس الوزراء جان كاستيكس، الأربعاء، مراسم تكريم مع رئيس بلدية نيس اليميني كريستيان استروزي. وسيكون هذا الأخير في فترة قبل الظهر في باريس لحضور العرض العسكري بمناسبة العيد الوطني الذي تشارك فيه شرطة بلدية مدينته في تكريم لتدخلها خلال الهجوم الذي نفذه تونسي بسكين في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في كاتدرائية، وأسفر عن سقوط ثلاثة قتلى ونكأ جراح المدينة. وستكون المراسم في نيس متأنقة بحسب رغبة عائلات الضحايا، وتقام في حدائق فيلا ماسينا وستُختم بإطلاق 86 طير حمام. وستقام حفلة موسيقية ستضاء في ختامها الواجهة البحرية عند الساعة 22.34 بالتحديد ساعة وقوع الهجوم، بواسطة 86 شعاعاً مضيئاً.
في هذه الحدائق التي يمكن الوصول إليها من الواجهة البحرية، لا تزال مسلة مؤقتة تقوم مكان نصب تذكاري للضحاياـ إذ لم يفضِ التنسيق بين السلطات وممثلي الضحايا إلى اتفاق بهذا الشأن بعد. ولم يتمكن الكثير من أقارب الضحايا من طي الصفحة بعد. ويسأل تييري فيمال الذي فقد ابنته البالغة 12 عاماً خلال الاعتداء «كيف عساني أتمكن من ذلك في حين لم تدفن ابنتي بعد؟». فعلى غرار أهل آخرين، لم يتسلم بعد من القضاء الأعضاء التي استخرجت من جثة ابنته لأغراض التشريح والمختومة بالشمع الأحمر. ويواصل فيمال قائلاً: «لم نتسلمها بعد، إذ لدينا شكوك حول الأعضاء التي ستعاد إلينا»، وهو لجأ إلى هيئة الدفاع عن الحقوق بعد رفض إجراء تحليل للحمض النووي (دي إن إيه). إضافة إلى هذه الحالات المؤلمة القاسية، لم يحصل الضحايا المباشرون وغير المباشرين على تعويضات.
في الخامس من يوليو، عرض اقتراح تعويض نهائي على 85 في المائة من 2429 متضرراً بقيمة إجمالية قدرها 83 مليون يورو. والشهر الماضي حدد القضاء موعد محاكمة المشتبه في مساعدتهم المنفذ. فيمثل من الخامس من سبتمبر (أيلول) 2022 إلى 15 نوفمبر (تشرين الثاني) في باريس ثمانية أشخاص من بينهم ثلاثة بتهمة المشاركة في عصابة إجرامية إرهابية.
ورحب المدعون بالحق العام الذين يزيد عددهم على 850 ومحاموهم بهذه الإحالة على محكمة الجنايات، إلا أنهم أسفوا للإفراج عن اثنين من المتهمين في نوفمبر بسبب عيب إجرائي. ويتساءل الضحايا أيضاً حول التحقيق القضائي الجاري في نيس بتهمة «القتل وإلحاق الإصابات بشكل غير متعمد»، والمتعلق بالإجراءات الأمنية المتخذة في تلك الليلة من قبل إدارة المنطقة والبلدية. وقالت آن موريس، رئيسة جمعية «نصب الملائكة» (ميموريال ديزانج): «أشجب بطء القضاء، هذا أمر شديد الوطأة على أهل الكثير من الضحايا. ومع مرور خمس سنوات على هذه المأساة، لا يزال 300 طفل يخضع لمتابعة نفسية ما بعد الصدمة في مستشفى لانفال في نيس. وأوضحت رئيسة قسم الطب النفساني للأطفال في المستشفى فلورانس اسكينازي: «بعد خمس سنوات لا تزال كوابيس متكررة حول الاعتداء تراود بعض المرضى». وأضافت: «أطفال في المرحلة الابتدائية شهدوا على تقطيع جثث وأمور فظيعة أخرى تتربص بهم، كوابيس تتخللها رؤوس مقطوعة وشاحنات تأتي من حيث لا يدرون».
اعتداء نيس جرح مفتوح بعد خمس سنوات على وقوعه
اعتداء نيس جرح مفتوح بعد خمس سنوات على وقوعه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة