إنجلترا على بُعد خطوة من كتابة تاريخ جديد... والجماهير تطالب بعودة كرة القدم لموطنها

تشكيلة ساوثغيت فكت عقدة نصف النهائي وتنتظر الاختبار الأكبر أمام إيطاليا من أجل التتويج بكأس أوروبا

لاعبو إنجلترا يحتفلون بهاري كين (على الأرض) مسجل هدف الانتصار على الدنمارك (أ.ب)
لاعبو إنجلترا يحتفلون بهاري كين (على الأرض) مسجل هدف الانتصار على الدنمارك (أ.ب)
TT

إنجلترا على بُعد خطوة من كتابة تاريخ جديد... والجماهير تطالب بعودة كرة القدم لموطنها

لاعبو إنجلترا يحتفلون بهاري كين (على الأرض) مسجل هدف الانتصار على الدنمارك (أ.ب)
لاعبو إنجلترا يحتفلون بهاري كين (على الأرض) مسجل هدف الانتصار على الدنمارك (أ.ب)

فكت إنجلترا العقدة التي لازمتها لعقود واقتربت من المجد القاري ببلوغ المباراة النهائية لكأس أوروبا للمرة الأولى في تاريخها حيث ستكون أمام «أكبر اختبار حقيقي» لها ضد إيطاليا الأحد.
وحجزت إنجلترا بطاقتها إلى المباراة النهائية للمرة الأولى في بطولة كبيرة منذ 55 عاماً بفوزها على الدنمارك 2 - 1 بعد وقت إضافي أمام 67 ألف متفرج في ملعب ويمبلي، وباتت أمامها عقبة واحدة فقط متمثلة بالمنتخب الإيطالي من أجل ترصيع سجلها بلقب ثانٍ بعد أول في كأس العالم عام 1966 على حساب ألمانيا الغربية.
وهي المرة الأولى التي تبلغ فيها إنجلترا مباراة نهائية لبطولة كبيرة منذ عام 1966 على أرضها، وتفادت بالتالي تكرار سيناريو استضافتها للعرس القاري عام 1996 عندما خرجت من نصف النهائي على يد ألمانيا بركلات الترجيح.
واعتبر غاريث ساوثغيت مدرب إنجلترا أن النهائي سيكون «أكبر اختبار يمكن أن تتخيله بلاده»، داعياً لاعبيه إلى «تقديم أداء أفضل ضد الفريق الأقوى حتى الآن بالبطولة».
وقال: «كان أداء إيطاليا هو الأفضل بين معظم الفرق المشاركة. إنه منتخب يقدم مستوى عالياً حقاً منذ عامين حتى الآن. تابعناهم وراقبناهم جيداً. إنهم فريق يلعب بالكثير من الطاقة والأناقة، ومن الصعب التسجيل ضدهم. إنهم يستحقون أن يكونوا في النهائي بعد تغلبهم على منتخبين كبيرين هما بلجيكا وإسبانيا». وتابع: «بالنسبة لنا، هذا هو أكبر اختبار يمكن أن نتخيله، ولكن علينا أن نستعد جيداً وستكون فرصة عظيمة لنا لمواجهتهم».
وأعرب ساوثغيت عن فخره بلاعبيه وأوضح: «كان العمل مع هؤلاء اللاعبين رائعاً، بفضل تعاونهم، ودعم زملائهم الذين ليسوا في التشكيلة الأساسية، الجميع يستحقون ما يحدث. نعرف حجم المهمة. ولكن يا لها من لحظة رائعة بالنسبة لنا. دعونا نستمتع بالتأهل للنهائي، ثم نفكر في مواجهة إيطاليا».
ولم تخسر إيطاليا في مبارياتها الـ33 الأخيرة، لكن إنجلترا ستكون مساندة بالغالبية العظمى من الـ60 ألف متفرج الذين سيكونون حاضرين بملعب ويمبلي الأحد في المباراة النهائية، وهو عامل قال ساوثغيت كان حاسماً في كسر مقاومة الدنمارك العنيدة، وأوضح: «كانت الميزة الكبيرة ضد الدنمارك وجود جماهيرنا في تلك اللحظات الصعبة من المباراة حيث كان علينا أن نقاتل ونمضي قدماً. لم أسمع أجواء ملعب ويمبلي بمثل هذا في أي وقت مضى. كان أمراً مميزاً».
وكانت مباراة الدنمارك، هي خامس مباراة كبيرة للمنتخب الإنجليزي في الدور قبل النهائي، منذ عام 1966، حيث فشل في جميع المحاولات السابقة: في يورو 1968 أمام يوغوسلافيا، وأمام ألمانيا بركلات الترجيح في كأس العالم 1990 وفي يورو 1996، وأمام كرواتيا في كأس العالم 2018. وقال ساوثغيت الذي كان شريكاً في الإخفاقات السابقة كلاعب حين أهدر ركلة جزاء في نصف نهائي 1996 بملعب ويمبلي القديم: «عندما تنتظر لوقت طويل لعبور الدور قبل النهائي، وبالنظر إلى الخبرة المحدودة للاعبينا الشباب، فإن ما تحقق عمل رائع».
وأشارت صحيفة «الغارديان» إلى أن المباراة النهائية تقدم الفرصة لتحقيق آخر شيء كانت الرياضة الإنجليزية تتلهف عليه. حيث تمكن فريق اتحاد الرجبي أن يكسر سوء حظه في 2003. ولاعبو الكريكيت للرجال في 2019. بينما في الوقت الحالي الطفل الذي شاهد المنتخب الإنجليزي يفوز بكأس العالم 1966 أصبح حالياً متقاعداً.
وتحول المدرب من الشرير في 1996 إلى بطل، حيث كان ما تحقق في كأس العالم 2018 هو المؤشر الأول لما يمكن للفريق، بقيادة كين ورحيم سترلينغ وهاري ماغواير، فعله. كما أصبح الفريق أقوى بإضافة لاعبين شباب أمثال ميسون ماونت وبوكايو ساكا وجادون سانشو، لذا ستكون مباراة الأحد تتويجاً لمهمة بدأها المدرب منذ اللحظة التي غادر فيها ملعب ويمبلي بعد إهداره ركلة الجزاء أمام ألمانيا في 1996». ويأمل الشعب الإنجليزي بأكمله يوم الأحد أن تعود كرة القدم إلى موطنها - في إشارة لأغنية يورو 1996 الشهيرة «كرة القدم تعود إلى موطنها»، وهو ما لم يحدث في ذلك التوقيت.
من جهته، قال هاري كين قائد إنجلترا ومهاجم توتنهام الذي سجل هدف التأهل في الشوط الإضافي الأول: «انتصار مختلف عن الانتصارات الأخرى، بذلنا جهداً كبيراً من أجل تحقيقه. أنجزنا المهمة. يا لها من فرصة للعب أول مباراة نهائية في كأس أوروبا! سنستمتع لكننا سنركز بسرعة على استعادة لياقتنا البدنية من أجل يوم الأحد واستغلال الفرصة». وأضاف: «ستكون المباراة النهائية لحظة خاصة. سيكون هناك فائز وخاسر، لكن يتعين علينا بذل كل ما في وسعنا حتى نكون أبطالاً».
وفازت الأندية الإنجليزية بـ31 لقباً قارياً، لكن على المستوى الدولي توقف الإنجاز على لقب واحد مر عليه 55 عاماً في كأس العالم 1966.
ويقول جوردن هندرسون لاعب خط الوسط والذي ساهم في تتويج ليفربول بطلا لأوروبا 2019 وينتظر لحظة مماثلة مع المنتخب: «كل التركيز منصب على يوم الأحد، أكبر مباراة في حياتنا. يجب أن نحاول وأن نجعل الجميع سعداء مرة أخرى في هذا الملعب، وفي هذا البلد. فرصة ضخمة لنا كمجموعة، وبكل تأكيد سنبذل أقصى ما في وسعنا».
وما ساعد المنتخب الإنجليزي في مسعاه، مع عودة الجماهير للملاعب، هو خوض خمس مباريات من أصل ست مباريات على ملعب ويمبلي في البطولة المقامة في 11 مدينة أوروبية.
وأخيراً أصبح المنتخب الإنجليزي محظوظاً بعدما تمكن من قلب تأخره عقب الهدف الذي سجله مايكل دامسجارد للدنمارك من ركلة حرة، وهو الهدف الأول الذي تتلقاه شباكها في البطولة. وتعادل المنتخب الإنجليزي بهدف من نيران صديقة من قبل قائد المنتخب الدنماركي سيمون كاير، قبل أن يضيف هاري كين، الهدف الثاني إثر ضربة جزاء تصدى الحارس الدنماركي كاسبر شمايكل أولاً ثم ارتدت لمهاجم إنجلترا ليسكنها الشباك في الشوط الإضافي الأول.
وقدّمت كأس أوروبا 2020 دراما أكثر مما كان يتخيله الفرنسي ميشال بلاتيني، رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم سابقاً، وصاحب فكرة أن تقام البطولة في جميع أنحاء القارة العجوز للاحتفال بالذكرى الستين لتأسيسها، رغم أن هذا النظام لا يزال يتعرض للانتقادات على أنه «أضحوكة» و«غير عادل».
ويرى المنتقدون أن نظام هذه البطولة صب في مصلحة أصحاب الأرض بوصول أربع من الدول التسع المضيفة المشاركة إلى الدور نصف النهائي.
ففي الوقت الذي لعبت منتخبات إنجلترا، وإيطاليا، وإسبانيا والدنمارك جميع مبارياتها الثلاث في دور المجموعات على أرضها، تحتّم على أخرى السفر لمئات وآلاف الكيلومترات لخوض مبارياتها. ولعبت ويلز على سبيل المثال أول مباراتين في باكو عاصمة أذربيجان الواقعة في أقصى شرق أوروبا، على بعد قرابة أربعة آلاف كيلومتر من العاصمة الإيطالية روما، حيث خاضت مباراتها الثالثة. المنتخب المرهق الذي حقق المفاجأة بوصوله إلى نصف النهائي في 2016. سُحق برباعية نظيفة في ثمن النهائي في أمستردام ضد الدنمارك التي خاضت كل مبارياتها في الدور الأول على أرضها في كوبنهاغن. وزاد من الأمر تعقيداً للفرق التي لم تلعب بأرضها القيود التي فرضت على جماهيرها في السفر بسبب جائحة كورونا فلم تتمكن جماهير ويلز مثلاً من حضور هذه المواجهة، في حين حصل الدنماركيون على تشجيع الآلاف.
وقال ظهير ويلز كريس غانتر: «كل منتخب حظي بدعم الجماهير أينما ذهب. كنا نستحق أكثر من هذا النظام الهزيل للبطولة، ولكن من قال إن الحياة عادلة؟».
ولم تلعب إنجلترا خارج أرضها سوى لقاء واحد في روما حققت فيه الفوز 4 - صفر على أوكرانيا في الدور ربع النهائي لتعود إلى ويمبلي لتنهي البطولة بخوضها ست من أصل سبع مباريات بملعبها.
وقال الإسباني روبرتو مارتينيز مدرب بلجيكا التي ودعت بالخسارة أمام إيطاليا: «إنجلترا بالنسبة لي، تبقى المرشحة الأكبر للفوز. لعبوا كل مباراة على أرضهم... والنهائي أيضاً».
ويستضيف عادة بلدٌ أو اثنان البطولات الكبرى، مما يمنحهما بطبيعة الحال أفضلية عن باقي المنتخبات، لكن المرة الأخيرة التي فاز فيها بلد مضيف بلقب البطولة الأوروبية كانت فرنسا في عام 1984. لكن الفارق هذه المرة، هو السفر الإضافي لبعض المنتخبات في ظل جائحة فيروس كورونا والقيود المتعلقة بها، حيث تحظى الفرق عادة بمقر تدريبي في البلد المضيف ويسافر المشجعون بالآلاف إليه. وقال مدرب كرواتيا زلاتكو داليتش الذي خاض رجاله غمار المجموعة الرابعة إلى جانب إنجلترا وتشيكيا وأسكوتلندا المضيفة أيضاً، إن جائحة كورونا جعلت الأمور غير عادلة بسبب القيود الصارمة على سفر المشجعين إلى بريطانيا. وأضاف: «نحن تأذينا لأننا نلعب من دون جماهيرنا. نكون أكثر قوة بوجودهم. هذا الواقع ليس عادلاً أبداً».
وبالطبع الفكرة المجنونة لبلاتيني لن ترى النور مجدداً وسيعود النظام إلى سابق عهده، حيث تحتضن ألمانيا النسخة المقبلة في 2024 للمرة الأولى منذ أن استضافتها ألمانيا الغربية في 1988.


مقالات ذات صلة

جاك كولز «كشاف» يستخدم لعبة «فوتبول مانجر» للعثور على لاعبين لمنتخب غينيا بيساو

رياضة عالمية منتخب غينيا بيساو المغمور يأمل الاستفادة من ابناء الجيل الثاني لمواطنيه المغتربين بأوروبا (غيتي)

جاك كولز «كشاف» يستخدم لعبة «فوتبول مانجر» للعثور على لاعبين لمنتخب غينيا بيساو

قاد جاك تشارلتون جمهورية آيرلندا للوصول إلى الدور ربع النهائي في كأس العالم. فعندما تم تعيينه مديرا فنيا للمنتخب في أواخر الثمانينات من القرن الماضي، بدأ يبحث

ريتشارد فوستر (لندن)
رياضة عالمية كين (يمين) يسجل هدفه الثاني من ثلاثية فوز أنجلترا على أيطاليا (ا ب)

9 منتخبات تضمن تأهلها لـ«يورو 2024» وإيطاليا تنتظر معركة مع أوكرانيا

مع ختام الجولة الثامنة لتصفيات كأس أوروبا (يورو 2024) المقررة الصيف المقبل في ألمانيا، تأكد تأهل 9 منتخبات إلى النهائيات هي إنجلترا والنمسا وبلجيكا وإسبانيا

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متسوق يدفع بورقة من فئة عشرة يوروات بسوق محلية في نيس بفرنسا (رويترز)

اليورو يسجّل أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ 20 عاماً

سجّل اليورو، اليوم (الثلاثاء)، أدنى مستوياته مقابل الدولار الأميركي منذ نحو 20 عاماً وبلغ 1.0306 دولار لليورو متأثراً بالتوترات المرتبطة بالطاقة في أوروبا وقوة العملة الأميركية التي تستفيد من السياسة النقدية المشددة للاحتياطي الفيدرالي. وارتفع الدولار قرابة الساعة 08.50 بتوقيت غرينتش بنسبة 1.03 في المائة مسجّلاً 1.0315 للدولار مقابل اليورو.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أشخاص يسيرون أمام مكتب صرافة في موسكو (إ.ب.أ)

الروبل الروسي يصعد أمام اليورو إلى أعلى مستوى في 7 سنوات

تواصل العملة الروسية ارتفاعها أمام العملتين الأميركية والأوروبية، وتم تداول الدولار اليوم دون 53 روبلاً، فيما جرى تداول اليورو عند مستوى 55 روبلاً وذلك للمرة الأولى في نحو سبع سنوات. وبحلول الساعة العاشرة و42 دقيقة بتوقيت موسكو، تراجع سعر صرف الدولار بنسبة 1.52% إلى مستوى 95.‏52 روبل، فيما انخفض سعر صرف اليورو بنسبة 1.92% إلى 18.‏55 روبل، وفقاً لموقع «آر تي عربية» الروسي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الرياضة اتحاد الكرة الإنجليزي وشرطة العاصمة مسؤولان عن فوضى المباراة النهائية ليورو 2020

اتحاد الكرة الإنجليزي وشرطة العاصمة مسؤولان عن فوضى المباراة النهائية ليورو 2020

قالت لويز كيسي «عضو مجلس اللوردات البريطاني» في تقريرها الشامل عن الأحداث التي وقعت خلال المباراة النهائية لكأس الأمم الأوروبية 2020 على ملعب ويمبلي في 11 يوليو (تموز): «أنا لست بصدد إلقاء اللوم على بعض الأفراد. لذا، إذا كان الناس يبحثون عن تقرير يحاول تحويل بعض الأفراد إلى كبش فداء، فلن تجدوا ذلك. كانت هناك إخفاقات جماعية حددتها وكانت واضحة. وهناك أيضاً عوامل مخففة أصفها في التقرير بأنها (عاصفة كاملة) جعلت من الصعب للغاية إدارة هذه المباراة النهائية». وبعد صدور التقرير الصادر من 129 صفحة، يبدو من غير المحتمل أن كلمات كيسي ستوقف الأشخاص الذين يتطلعون إلى تحميل فرد ما مسؤولية ما حدث.

بول ماكينيس (لندن)

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».