إسرائيل تهدم منزل أسير فلسطيني متجاهلة معارضة أميركية

واشنطن وصفت الإجراء بـ«العقاب الجماعي»

قريبة المعتقل منتصر شلبي غاضبة من هدم السلطات الإسرائيلية منزل العائلة أمس (أ.ف.ب)
قريبة المعتقل منتصر شلبي غاضبة من هدم السلطات الإسرائيلية منزل العائلة أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تهدم منزل أسير فلسطيني متجاهلة معارضة أميركية

قريبة المعتقل منتصر شلبي غاضبة من هدم السلطات الإسرائيلية منزل العائلة أمس (أ.ف.ب)
قريبة المعتقل منتصر شلبي غاضبة من هدم السلطات الإسرائيلية منزل العائلة أمس (أ.ف.ب)

أدانت السفارة الأميركية في إسرائيل، هدم الجيش الإسرائيلي منزل أسير فلسطيني نفذ عملية في مايو (أيار) الماضي، في الضفة، أدت إلى مقتل إسرائيلي، في موقف أميركي غير مسبوق.
وقالت السفارة الأميركية تعقيباً على هدم منزل الأسير منتصر شلبي فجر الخميس، في قرية ترمسعيا القريبة من رام الله: «نعتقد أنه ينبغي تجنب الإجراءات أحادية الجانب التي تؤدي إلى تفاقم التوترات وتقويض الجهود المبذولة لدفع حل تفاوضي مثل هدم منازل الفلسطينيين كعقاب».
وأضافت السفارة في تغريدة من حسابها على وسائل التواصل: «كما ذكرنا مرات عديدة، لا ينبغي هدم منزل عائلة بأكملها بسبب تصرفات شخص واحد».
والانتقاد الأميركي اللافت، جاء بسبب الغضب من تجاهل إسرائيل طلباً أميركياً خاصاً بعدم هدم منزل شلبي الذي يحمل عدداً من أفراد عائلته الجنسية الأميركية، علماً بأنها المرة الأولى التي تنتقد فيه السفارة الأميركية إجراء إسرائيلياً من هذا النوع.
وتستخدم إسرائيل سياسة هدم منازل الفلسطينيين المشاركين في عمليات، كإجراء تقول إنه رادع، رغم الانتقادات الإسرائيلية الداخلية والخارجية والحقوقية، حول أن الإجراء لا يشكل أي ردع ويعد عقاباً جماعياً. وقالت صحيفة «يديعوت أحرنوت»، إن البيان الأميركي يعد أول رد قاسٍ في وجه الحكومة الإسرائيلية الجديدة.
وكانت الإدارة الأميركية قد طلبت من إسرائيل، وقف أي إجراءات لهدم منزل شلبي. وقالت القناة الإسرائيلية (13)، الثلاثاء، إن وزارة الأمن الإسرائيلية قررت تأجيل عملية هدم منزل شلبي، بسبب المخاوف من أزمة في العلاقات مع الولايات المتحدة، بعدما توجهت الإدارة الأميركية إلى وزارة الأمن الإسرائيلية بطلب منع هدم المنزل، بسبب كونه لمواطن أميركي، لكنها فوجئت بأن المستوى السياسي أمر الجيش الإسرائيلي بهدم المنزل.
وحاصر الجيش فجراً منزل شلبي وأمر القاطنين فيه بإخلاء منازلهم قبل أن يهدموه. وقالت زوجة شلبي بعد هدم الجيش منزلها: «هذا عقاب جماعي ومرفوض في كل العالم، وسوف نظل صامدين ولن ينالوا من عزيمتنا، ولو هدموا البيت سوف نبني غيره».
يذكر أن شلبي هو رجل أعمال فلسطيني يحمل الجنسية الأميركية، ونفذ عملية قبل ثلاث أشهر على حاجز قرب نابلس شمال الضفة الغربية، أدت إلى مقتل إسرائيلي. وقبل نحو شهر، تم تقديم لائحة اتهام ضد شلبي، بسبب قتله إسرائيلياً وإصابة اثنين. كما اتهم شلبي بمحاولة التسبب بالموت عن قصد، وامتلاك السلاح وتشويش الإجراءات القضائية.
ورد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت، على الانتقاد الأميركي ببيان مقتضب، قائلاً إن «رئيس الوزراء يقدر ويحترم الإدارة الأميركية، وفي الوقت نفسه يتصرف فقط، وفق ما يتماشى مع الاعتبارات الأمنية لدولة إسرائيل وحماية أرواح المواطنين الإسرائيليين». أما اليمين الإسرائيلي المعارض، فاستغل الانتقاد الأميركي، وقال إنه دليل على ضعف الحكومة الحالية.
وقالت ميري ريغيف، عضو الكنيست عن «الليكود» ووزيرة النقل السابقة، إن الموقف الأميركي ينم عن ضعف الحكومة الحالية، مضيفة أنها «حكومة خطيرة يجب الإطاحة بها». وتابعت: «عندما تكون هناك حكومة ضعيفة في إسرائيل ويعرفون في واشنطن وطهران ذلك... تصبح هناك محاولات لإنتاج معادلات جديدة تضر بأمن الدولة... هذا الواقع لم يحدث من قبل في حكومتنا اليمينية القوية». كما قال عضو الكنيست اليميني المتطرف ايتمار بن غفير: «لا يجوز للسفارة الأميركية التدخل في السياسة الأمنية لدولة إسرائيل ذات السيادة وعليها ردع أعدائها، وأتوقع أن يوضح وزير الخارجية يائير لبيد الأمر للأميركيين بشكل حاسم».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».