اعتداء عنصري على «مسجد يافا الكبير»

صورة أرشيفية للعنف بالمدن المختلطة في إسرائيل: كسر نوافذ كنيس يهودي قريب من مسجد وكنيسة في اللد (أ.ب)
صورة أرشيفية للعنف بالمدن المختلطة في إسرائيل: كسر نوافذ كنيس يهودي قريب من مسجد وكنيسة في اللد (أ.ب)
TT

اعتداء عنصري على «مسجد يافا الكبير»

صورة أرشيفية للعنف بالمدن المختلطة في إسرائيل: كسر نوافذ كنيس يهودي قريب من مسجد وكنيسة في اللد (أ.ب)
صورة أرشيفية للعنف بالمدن المختلطة في إسرائيل: كسر نوافذ كنيس يهودي قريب من مسجد وكنيسة في اللد (أ.ب)

في الوقت الذي التأمت فيه المحكمة المركزية في اللد لمحاكمة خطيب المسجد الكبير بالمدينة بتهمة التحريض ضد اليهود، أقدم متطرفون يهود على تنفيذ اعتداء عنصري على «مسجد حسن بك الكبير»، في مدينة يافا، وخطّوا على جدرانه شعارات، مثل: «الموت للعرب»، وأخرى تدعو إلى الانتقام من العرب بسبب ما سموه «الاعتداء على اليهود». ولكي يدلّوا على هويتهم السياسية وقّعوا على الشعارات بعبارة: «كهانا صادق»، التي يستخدمها أنصار حزب اليمين الفاشي المحظور.
وحسب مصادر محلية؛ فإن المصلين الذين قدموا لأداء صلاة الفجر، أمس الخميس، اكتشفوا آثار الاعتداء؛ بينها تهشيم عدد من النوافذ وآثار إلقاء حجارة، وخطّ الشعارات المذكورة التي تؤكد أن المعتدين هم من عناصر اليمين الفاشي الذي يؤجج العداء في المدينة وغيرها من المدن المختلطة.
وقال إمام المسجد الشيخ أحمد أبو عجوة: «لم نتفاجأ بوقوع هذا الاعتداء على (مسجد حسن بك) الذي يمس حرمته أمام مرأى ومسمع من الشرطة وكل من يعنيه الأمر، فالعنوان كان على الجدار منذ انطلاق حملة التحريض على المسجد قبل سنوات، والتي تعاظمت في الأسابيع الأخيرة». وقال إن «جميع هذه الاعتداءات تقع في التوقيت نفسه؛ الأمر الذي يؤكد عدم جدية الشرطة في وقفها»، معبراً عن خشيته من أن تتصاعد وتيرة هذه الاعتداءات على «مسجد حسن بك»، لتطال المصلين فيه، داعياً المؤسسات الأهلية في المدينة إلى تحمل المسؤولية في منع تكرار الاعتداء، والمواطنين إلى أن يردوا بخطوات إيجابية وذلك بالتدفق على المسجد، «لنظهر للجميع أننا يد واحدة أمام الاعتداء على مقدساتنا، ونرد على مستوى الحدث».
وجاء في تعقيب من «مبادرات صندوق إبراهيم» أنه «في السنوات الأخيرة نشهد اعتداءات عديدة على أماكن العبادة التابعة للعرب؛ المساجد والكنائس، وفي معظم هذه الاعتداءات لا نسمع عن اعتقالات، وإن سمعنا فلا نجدهم يقدمون لائحة اتهام ضد أحد. في الوقت الذي فيه العلاقات بين اليهود والعرب في يافا والمدن المختلطة، متوترة، يأتي هذا العمل ليكون مثل الفتيل الذي قد يفجر القنبلة مرة أخرى. الشرطة ملزمة بالتعامل بجدية مع الموضوع، بالتحقيق ومحاسبة جميع المجرمين». وحملت الفعاليات والقوى الوطنية والإسلامية في يافا، الشرطة وأجهزة الأمن المختلفة المسؤولية كاملة عن الاعتداء. وقالت إن الشرطة «لم تقم بدورها بالقبض على المعتدين في الماضي، ما يعتبر تشجيعاً للآخرين للاستمرار في مسلسل الاعتداءات على المسجد»، متسائلة: «كيف كان سيتم التعامل مع الأمر لو وقع اعتداء على كنيس يهودي في البلاد أو خارجها؟».
من جهته؛ استنكر المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية خطيب المسجد الأقصى المبارك، الشيخ محمد حسين، الاعتداء، وقال في بيان أمس: «هذا المسجد تعرض لاعتداءات سابقة كغيره من المساجد في فلسطين؛ وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك، الذي يتعرض باستمرار للاعتداءات ومحاولات التدنيس والهدم والتخريب». وحمل سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن هذه الاعتداءات والانتهاكات. وكانت النيابة العامة الإسرائيلية قد قدمت إلى المحكمة المركزية في اللد، صباح أمس الخميس، لائحة اتهام ضد إمام «المسجد العمري (الكبير)» في مدينة اللد، الشيخ يوسف الباز (63 عاماً)، الذي اعتُقل قبل نحو 3 أسابيع بزعم «التحريض على العنف والإرهاب والتهديد».
ونسبت النيابة العامة في لائحة الاتهام إلى الباز «التحريض على العنف من خلال شبكة التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، ضد نائب رئيس بلدية اللد، يوسي هاروش».
وجاء في لائحة الاتهام أن «الإمام الباز يفعّل صفحة (فيسبوك) تحتوي على آلاف الأصدقاء والمتابعين. وقد كتب بوست (منشوراً) أضاف إليه مقطع فيديو صغيراً مأخوذاً من فيلم سينمائي أميركي، يظهر مقتل شرطيين بصورة وحشية، وأرفق مع الفيديو نصاً يشجّع من خلاله أعمال العنف ضد عناصر الشرطة وحصد هذا البوست الكثير من التعليقات المؤيدة والداعمة».
بالتوازي؛ تقدمت النيابة بطلب لوضع شروط مقيدة تمنع الإفراج عن الباز لغاية الانتهاء من الإجراءات. وفرضت المحكمة عليه عدم الارتباط بشبكة الإنترنت، ومنعته من مغادرة البلاد وفرضت عليه ضمانات مالية. وقد جاءت محاكمته بناء على شكوى قدمها رئيس حزب «عظمة لإسرائيل»، النائب إيتان بن غبير، الذي كان قد اعتقل هو ذات مرة بسبب مواقفه السياسية اليمينية المتطرفة لكنه يتمتع اليوم بالحصانة البرلمانية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».