تونس: تزايد الضغوط على الغنوشي

بإعلان ثلاث كتل برلمانية عن تحركات احتجاجية سلمية

TT

تونس: تزايد الضغوط على الغنوشي

هاجمت ثلاث كتل برلمانية تونسية رئيس البرلمان زعيم «حركة النهضة» راشد الغنوشي، معلنة عن برنامج تحركات احتجاجية في إطار «مقاومة دكتاتورية البرلمان».
وتتزعم كتلة المعارضة (38 مقعداً برلمانياً) هذه الحركات الاحتجاجية وقد تمكنت من ضمن تأييد كتلة «الإصلاح الوطني» التي يتزعمها حسونة الناصفي، وكتلة «تحيا تونس» التي يتزعمها يوسف الشاهد، وهاتان الكتلتان الأخيرتان منضمتان إلى الائتلاف الحاكم الذي تتزعمه «حركة النهضة» ودعمتا حكومة هشام المشيشي خلال الأشهر الماضية. وفي هذ الشأن، أكدت القيادية في حزب «التيار الديمقراطي» سامية عبو أن «المقاومة التي ستقودها هذه الكتل البرلمانية ستكون سلمية». وأضافت في تصريح أن «هذه التحركات تسعى إلى التخلص من ديكتاتورية راشد الغنوشي ورهنه البرلمان التونسي لحسابات خاصة، مما جعل العمل البرلماني يعتمد على المغالبة في تعامله مع المعارضة بدل الإقناع وفتح أبواب الحوار».
وكانت الكتل الثلاث قد اتهمت الغنوشي بـ«تمرير القوانين بالمغالبة والتعسف على دور المعارضة وكل الأصوات المخالفة» للتحالف البرلماني الذي تقوده «حركة النهضة».
وفي السياق ذاته، أعلنت «الكتلة الديمقراطية» التي تقود المعارضة في تونس عن مقاطعتها عمليات التصويت في الجلسات العامة وداخل اللجان البرلمانية علاوة على انسحابها من مكتب البرلمان إثر حرمان عبو من المداخلة في إحدى الجلسات البرلمانية.
واتخذت كتلة «الاصلاح الوطني» الموقف نفسه وقاطعت مكتب البرلمان واتهمت الأغلبية البرلمانية التي تقودها «حركة النهضة» بممارسات «غير قانونية»، بينها حرمان طارق الفتيتي من المشاركة في أشغال المكتب البرلماني، إضافة إلى تمرير قوانين خلافية «وهو ما يتناقض مع محتوى التدابير المتخذة خلال فترة الوباء والتي تنص على إرجاء تلك القوانين التي لم تتفق حولها الكتل البرلمانية، إلى مواعيد لاحقة أو تمريرها على خلية الأزمة» التي تضم في تركيبتها كل الأطراف الممثلة في البرلمان التونسي.
ويرى مراقبون أن خطوة الاحتجاج ضد رئاسة البرلمان ليست معزولة عما يدور في المشهد السياسي من تطورات أهمها إعلان «حركة النهضة» عبر مجلس الشورى عن تمسكها برئيس الحكومة هشام المشيشي وتشكيل حكومة سياسية للخروج من الأزمة وتفعيل مؤسسات الدولة.
وفي هذا السياق، انتقد رئيس كتلة «الاصلاح الوطني» البرلمانية في تصريح إذاعي مقترح تشكيل حكومة سياسية، قائلاً إن «هذه التجربة تم اعتمادها في السابق بعد انتخابات 2019. غير أنها باءت بالفشل لغياب الانسجام بين مكوناتها»، على حد تعبيره.
وأكد أن «الأغلبية البرلمانية بصيغها الماضية المختلفة، فشلت في توفير الاستقرار الحكومي وضمان الانسجام بين مكوناتها»، منتقداً في الوقت ذاته خيار «حركة النهضة» ومعتبراً أنه «مجرد ضمان لموقع قدم ثقيل جداً داخل رئاسة الحكومة وفي محيط رئيسها».
وكانت قيادات من «النهضة» قد لوحت بإمكانية التخلي عن كتلتي «الإصلاح الوطني» و«تحيا تونس» على خلفية عدم إبداء «تضامن حكومي كافٍ» خلال الفترة الماضية ونتيجة للانتقادات الكثيرة التي وجهتها قيادات هاتين الكتلتين إلى مواقف «النهضة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.