معركة تسمية «داعش» تعكس خلافًا حول التناول الإعلامي لخطاب الإرهاب

الأزهر يرفض «الدولة» و«الخلافة».. وكبار العلماء يفضلون «منشقو القاعدة»

معركة تسمية «داعش» تعكس خلافًا حول التناول الإعلامي لخطاب الإرهاب
TT

معركة تسمية «داعش» تعكس خلافًا حول التناول الإعلامي لخطاب الإرهاب

معركة تسمية «داعش» تعكس خلافًا حول التناول الإعلامي لخطاب الإرهاب

تدور معركة خفية في وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة حول تسمية تنظيم داعش، الذي برز على الساحة منذ يونيو (حزيران) الماضي، حينما بسط هيمنته على مناطق واسعة في العراق وسوريا. وتعكس هذه المعركة خلافا بشأن التناول الإعلامي لخطاب الإرهاب. وبينما حذر الأزهر من إطلاق اسم «الدولة» و«الخلافة الإسلامية» على التنظيم الإرهابي، أطلقت هيئة كبار العلماء في مصر على «داعش» اسم «دولة المنشقين عن (القاعدة)».
وجاء موقف الأزهر على خلفية حرصه على عدم إلصاق لفظ «الإسلام» بفكر تنظيم داعش الإرهابي، وهو موقف تبلور أيضا في موقف دار الإفتاء المصرية التي تبنت حملة دولية أطلقتها ضد التنظيم الذي سمته «انفصاليو القاعدة في العراق وسوريا». يأتي هذا في وقت ما زالت فيه وسائل الإعلام الغربية تستخدم تسمية «الدولة الإسلامية» أو «داعش».
ويرفض الأزهر نعت «داعش» بـ«الإسلامي»؛ قائلا إن هذه التسمية «تنفذ أجندة استعمارية تسعى لتفكيك الوطن العربي والإسلامي، وتحاول صنع صورة مغلوطة ومشوهة ومفزعة عن الإسلام والمسلمين الذين يستنكرون كل هذه الممارسات الوحشية والإجرامية».
وأعلنت هيئة كبار العلماء بمصر (التي تعد أعلى هيئة دينية في الأزهر ويرأسها شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب)، أن وصف تنظيم «داعش» بـ«الدولة» دعوى كاذبة، مشيرة إلى أنه «لا يصح للإعلام المصري والعربي ولا لغيره أن يطلق على هؤلاء وصف (الدولة الإسلامية)، كما يفعل الإعلام الغربي؛ لما في ذلك إساءة بالغة إلى الإسلام والمسلمين».
وقال الأمين العام للهيئة، عباس شومان، لـ«الشرق الأوسط»، إن مقاتلي «داعش» خارجون عن صحيح الدين وتعاليم الإسلام، مضيفا «هؤلاء نصبوا أنفسهم ممثلين للأمة الإسلامية، والخلافة الشرعية، زورا وبهتانا»، لافتا إلى أن «الدولة الإسلامية في ظروفنا الحاضرة هي الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة.. والعجيب أن من يقومون بذلك يسمون بأسماء إسلامية، ويختارون لجماعتهم أسماء تنتهي بالإسلام أو معلم من معالمه كالشريعة، أو بيت المقدس، أو جيش الإسلام، ويعتبرون أعمالهم الإجرامية جهادا، ولا أدري من أي مصدر شيطاني يأتي هؤلاء بأحكامهم الضالة المضلة هذه».
وأعلن تنظيم داعش على جماعته الخلافة، وسمى نفسه «الدولة»، وهو ما فسره خبراء بأنه يعكس طموحات عالمية أكثر في عقول زعماء المتطرفين بدءا من أسامة بن لادن إلى الظواهري ثم البغدادي زعيم «داعش». وحاول أبو بكر البغدادي توحيد ما سماه «دولة العراق الإسلامية» و«جبهة النصرة» في التاسع من أبريل (نيسان) عام 2013، وإنشاء كيان جديد سماه «الدولة الإسلامية في العراق والشام»؛ إلا أن «جبهة النصرة» رفضت الالتحاق بهذا الكيان الجديد، وأرسل أيمن الظواهري رسالة إلى البغدادي، طالبه فيها بإلغاء هذا الاندماج، إلا أن الأخير رفض، ومضى في مشروعه.
وسبق أن أطلقت دار الإفتاء المصرية على «داعش» اسم «دولة المنشقين عن القاعدة» أو «انفصاليو القاعدة في العراق وسوريا»، في حملة دولية أطلقتها منتصف أغسطس (آب) الماضي، وتواصلت مع وسائل الإعلام الأجنبية والشعوب الغربية لعدم استخدام مصطلح «الدولة». وقال شوقي علام، مفتي مصر، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مفهوم الخلافة من أكثر المفاهيم الإسلامية التي تعرضت للتشويه والابتذال في وقتنا الحاضر حتى أضحى المفهوم سيئ السمعة لدى أوساط غير المسلمين، بل وبين المسلمين أنفسهم وفي الدول ذات الأغلبية المسلمة».
ودعا مفتي مصر وسائل الإعلام المختلفة إلى «تبني المصطلحات الصحيحة في توصيف تلك الجماعات والحركات، وعدم الانجراف في تبني الأسماء التي تطلقها تلك الحركات على نفسها كمصطلح الدولة الإسلامية أو الخلافة الإسلامية، فهي من جانب تحاول أن تحصل على توصيف الدولة وهي ليست كذلك، كما أنها تحاول أن تلصق صفة الإسلامية بها على غير الواقع، فلا هي دولة ولا هي تمت إلى الإسلام بصلة».
وأوضح مفتي مصر في رده على وصف «داعش» أيضا بـ«الجهاد»، أن «الجهاد ضد المسلمين؛ لكن أن أجاهد كما هو الآن ليس جهادا.. لا يمكن أن يسمى هذا جهادا لاختلال المفهوم في هذه الحالة، فالمصطلح لم يحرر تحريرا دقيقا».
ووجدت وسائل الإعلام الغربية مشكلة في اسم التنظيم، فالبعض غير من استخدام «الدولة في العراق والشام» إلى «الدولة الإسلامية»، وأبقت وسائل أخرى على المصطلحين معا، فيما تستخدم بعض وسائل الإعلام الغربية اللفظ ذاته بقلب الحروف العربية إلى إنجليزية «Daesh»، وعلى غراره استخدام تعبير «ISIS»، اختصارا لترجمة الاسم إلى الإنجليزية «Islamic State of Iraq and Syria»، أو «ISIL» وترجمتها «Islamic State of Iraq and the Levant»، كاستخدام وسائل الإعلام التركية لـ«ISID».
في السياق ذاته، ظهرت أسماء أخرى لـ«داعش»، وكان الأمير تركي الفيصل أول من أطلق تسمية «فاحش» على التنظيم الإرهابي في مقال مطول بـ«الشرق الأوسط» في يناير (كانون الثاني) الماضي، وهو الاسم الذي طالب نائب البرلمان البريطاني رحمن تشيسيتي بإطلاقه على «داعش» الإرهابي.
بينما أكد وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس، في سبتمبر (أيلول) الماضي، أن بلاده ستستخدم كلمة «قاطعي الرقاب» بدلا من «الدولة» وذلك على المستويين الدبلوماسي والرسمي، أسوة بما أطلقه العرب على هذا التنظيم الإرهابي، وطبقا لوصفه بأنهم ليسوا دولة ولا يمثلون الإسلام، وبناء على ذلك جاءت هذه التسمية. وفي بريطانيا، تم تدشين ائتلاف بريطاني لإسقاط اسم «الدولة» عن التنظيم الإرهابي. وطالبت السلطات الأذربيجانية وسائل الإعلام بعدم إطلاق اسم «الدولة» على «داعش».



تساؤلات بشأن سياسات «ميتا» لحماية المستخدمين بعد حذف مليوني حساب

شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن سياسات «ميتا» لحماية المستخدمين بعد حذف مليوني حساب

شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)

أثار قرار شركة «ميتا» بحذف أكثر من مليونَي حساب على منصات «فيسبوك»، و«إنستغرام»، و«واتساب»، خلال الأشهر الماضية، تساؤلات بشأن سياسات الشركة حول حماية بيانات المستخدمين، لا سيما أن القائمين على القرار برّروا الخطوة بأنها جاءت بهدف «مواجهة عمليات الاحتيال الرقمي». ووفق خبراء تحدَّثوا مع «الشرق الأوسط» فإن «الخطوة تعد تطوراً في سياسات (ميتا) لحماية البيانات».

«ميتا» ذكرت، في تقرير صدر نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن السبب وراء حذف الحسابات هو «رصد عمليات احتيال رقمي كانت قد قامت بها تلك الحسابات». ويُعدّ هذا التقرير الأول الذي تكشف من خلاله «ميتا» عن تفاصيل استراتيجيتها للتصدي للأنشطة الاحتيالية العابرة للحدود. وعدّ مراقبون هذه الخطوة تعزيزاً لاتباع سياسة واضحة تجاه أي اختراق لحماية المستخدمين. وكتبت الشركة عبر مدونتها «لا مكان على (فيسبوك) أو (إنستغرام) أو (واتساب) للمجموعات أو الأفراد الذين يروّجون للعنف، والإرهاب، أو الجريمة المنظمة، أو الكراهية».

هيفاء البنا، الصحافية اللبنانية والمدرّبة في الإعلام ومواقع التواصل، رأت في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «ميتا» تعمل على تحديث أدواتها لحماية المستخدمين. وأضافت: «تركز سياسات (ميتا) على الحدِّ من الجريمة المنظمة عبر استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) المتطورة، وتعمل هذه التقنيات على تحليل النشاطات المُريبة على المنصات واكتشاف المحتويات المرتبطة بالجريمة المنظمة».

ووفق البنا فإن «(ميتا) تُراجع وتحدّث سياساتها بشكل دوري، كي تتفادى أي تهديدات تلاحق المستخدمين، وكانت الشركة قد أوضحت أن خوادمها الـ(Servers) المنتشرة في الدول يتم تحديثها بشكل دوري؛ لضمان مواكبة أي تغييرات، ولضمان بيئة أكثر أماناً لمستخدمي منصاتها حول العالم».

وأردفت: «التزاماً بلائحة حماية البيانات العامة، تتعامل (ميتا) مع الأشخاص الذين تُحلّل بياناتهم عبر رموز مشفّرة، وليس عبر أسمائهم الحقيقية، ما يضمن الحفاظ على خصوصياتهم»، مشيرة إلى أن حماية بيانات المستخدمين لا تتوقف على «ميتا» فقط.

إذ شدّدت الإعلامية والمدرّبة اللبنانية على تدابير يجب أن يتخذها المستخدم نفسه لحماية بياناته، إذ توصي مثلاً «بتفعيل خاصية (التحقق بخطوتين/ Two-Factor Authentication)؛ لضمان أمان الحسابات، ويمكن أيضاً استخدام تطبيقات مثل (Google Authentication)، التي تولّد رموزاً سرية تُستخدم للدخول والتحقق من هوية المستخدم، وكذا يمكن استخدام خاصية الإبلاغ التي توفّرها (ميتا) بسرية تامة، حيث يصار إلى التعامل مع هذه البلاغات من خلال فرق مختصة أو تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ لضمان بيئة آمنة للجميع».

معتز نادي، المدرّب المتخصص في الإعلام الرقمي، عدّ خلال حوار مع «الشرق الأوسط» تحرّكات «ميتا» الأخيرة انعكاساً لـ«تفاقم مشكلة الاحتيال عبر الإنترنت وزيادة التهديدات السيبرانية التي تواجه المستخدمين». ورأى أن «تحديات (ميتا)» تصطدم بتطور الاحتيال، وازدياد عدد المستخدمين بما يتجاوز نحو مليارَي مستخدم، وتشديد الرقابة الرقمية التي تضعها في مرمى نيران الانتقادات، خصوصاً مع انتقاد خوارزمياتها الكثير من الأحداث السياسية التي شهدها العالم أخيراً.

وحول جدية «ميتا» في حماية بيانات المستخدمين، قال معتز نادي: «بنظرة إلى المستقبل، سيكون الأمان الرقمي بحاجة إلى مجاراة التطور من حيث تقنيات الذكاء الاصطناعي، والعمل على تثقيف المستخدمين عبر وسائل الإعلام والمنصات الرقمية لمنع أي اختراق لخصوصياتهم».