إسرائيل للمانحين: استعادة جنودنا قبل إعمار غزة

إعادة تدوير القضبان المعدنية من تحت أنقاض مبنى في غزة دمرته الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)
إعادة تدوير القضبان المعدنية من تحت أنقاض مبنى في غزة دمرته الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل للمانحين: استعادة جنودنا قبل إعمار غزة

إعادة تدوير القضبان المعدنية من تحت أنقاض مبنى في غزة دمرته الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)
إعادة تدوير القضبان المعدنية من تحت أنقاض مبنى في غزة دمرته الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

أبلغت إسرائيل الدول المانحة أن إعادة 4 أسرى ومفقودين لدى حركة «حماس» في قطاع غزة، هو شرطها من أجل السماح بإعادة إعمار القطاع.
جاء ذلك خلال اجتماع افتراضي لـ«لجنة الاتصال المعنية بتنسيق المساعدات الدولية المقدمة إلى الشعب الفلسطيني (AHLC)»، بحسب بيان لوزارة الخارجية الإسرائيلية.
وانطلق الاجتماع بطلب من النرويج التي تترأس اللجنة، وبمشاركة وزير المالية الفلسطيني شكري بشارة، ونائب المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وعملية السلام بوزارة الخارجية الإسرائيلية، حاييم ريغيف، ومسؤولين أميركيين وممثلين للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وقال ريغيف للمجتمعين إن إعادة إعمار قطاع غزة مرتبطة بإطلاق حركة «حماس» 4 أسرى ومفقودين إسرائيليين محتجزين لديها. وطالب المسؤول الإسرائيلي المجتمع الدولي بالضغط على «حماس» للإفراج عن الإسرائيليين لديها.
ويوجد في قطاع غزة 4 إسرائيليين لدى «حماس»؛ هم: الجنديان شاؤول آرون وهادار غولدن، أسرتهما «حماس» في الحرب التي اندلعت في صيف 2014 (تقول إسرائيل إنهما قُتلا ولا تعطي «حماس» أي معلومات حول وضعهما)، وأبراهام منغستو وهاشم بدوي السيد، وهما مواطنان يحملان الجنسية الإسرائيلية، الأول إثيوبي والثاني عربي، ودخلا إلى غزة بمحض إرادتهما بعد حرب غزة عام 2014 في وقتين مختلفين. ومقابل ذلك يقبع في السجون الإسرائيلية اليوم 5 آلاف أسير.
وهذه ليست المرة الأولى التي تقول فيها إسرائيل إنها لن تسمح بإعادة الإعمار من دون عودة جنودها من القطاع، لكن «حماس» ردت مراراً بأنها لن تطلق سراح أسرى إلا مقابل أسرى، وترفض ربط الملف بأي ملفات أخرى.
وأجرت مصر مباحثات مكثفة مع الطرفين، في محاولة لدفع صفقة تبادل إلى الأمام، لكن لم يسجل أي اختراق مباشر.
وفي آخر مفاوضات، تمسك الطرفان بمواقفهما وطرح الإسرائيليون الحصول على معلومات، مقابل تسهيلات، واستعادة جنودها ومواطنيها قبل إطلاق عملية إعمار قطاع غزة وتمويل مشاريع. لكن «حماس» رفضت قطعياً ربط ملف تبادل الأسرى بأي ملف آخر، وأبلغت الوسيط المصري أن إطلاق أي أسرى سيكون مقابل أسرى فقط، أما التهدئة فلها مسار مواز.
وهددت «حماس»، أمس، بانفجار جديد إذا أصرت إسرائيل على موقفها وأبقت على الحصار المشدد للقطاع.
وقال الناطق باسم حركة «حماس»، عبد اللطيف القانوع، إن «تلكؤ الاحتلال في كسر الحصار وإعادة الإعمار وتأخر إدخال المنحة القطرية وفرض القيود على حركة المعابر، قد يدفع بالأمور إلى الانفجار من جديد». وتابع في حديث لإذاعة محلية تابعة لـ«الجهاد» في غزة، أنه «يتوجب على الاحتلال إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل معركة (سيف القدس)، ورفع الحصار نهائياً عن قطاع غزة»، مشدداً على أن «المطلوب الآن هو سرعة إعادة إعمار غزة، وعلى الوسطاء مضاعفة الجهود للضغط على الاحتلال وإزالة القيود على المعابر، وإدخال المنحة القطرية وإعادة الإعمار».
تصريح المسؤول أكد على أنه «لا يمكن العودة إلى نقطة الصفر أو المربع الأول من جديد»، وأنه لا مانع لدى الحركة من السير في خطين متوازيين؛ تثبيت التهدئة وانتزاع المطالب، والآخر يتعلق بصفقة تبادل الأسرى، ولا يمكن أن يلتقي المساران في خط واحد، وأنه جرى إبلاغ الوسطاء بذلك. ولفت الانتباه أيضاً إلى أن «الاحتلال يعلم أن حركة (حماس) جاهزة لعقد مفاوضات صفقة تبادل أسرى، ولكن الأزمة الداخلية الصهيونية تعوق ذلك، وحتى اللحظة لا يوجد أي جديد».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.