3 أسباب وراء ارتفاع إصابات «كورونا» في شرق المتوسط

«الصحة العالمية» تخشى تحوّر «دلتا» وتشكو «تسييس» اللقاحات

جانب من المؤتمر الصحافي أمس (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الصحافي أمس (الشرق الأوسط)
TT

3 أسباب وراء ارتفاع إصابات «كورونا» في شرق المتوسط

جانب من المؤتمر الصحافي أمس (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الصحافي أمس (الشرق الأوسط)

عزا المكتب الإقليمي لشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية تسجيل زيادة في عدد حالات الإصابة بمرض «كوفيد - 19» بعد شهرين من الانخفاض، إلى أسباب عدة، في مقدمتها ظهور تحور «دلتا» المثير للقلق في 13 بلداً.
وقال الدكتور أحمد المنظري، المدير الإقليمي للمنظمة في مؤتمر صحافي افتراضي، أمس، إن «حالات الإصابة بـ(كوفيد – 19) شهدت تزايداً في إقليم شرق المتوسط عقب مرور شهرين من الانخفاض المطرد، وعدنا نشهد مرة أخرى بلداناً تكافح من أجل احتواء العدوى وحماية سكانها، مع رغبتها في الوقت نفسه في إبقاء حدودها مفتوحة واقتصاداتها نشطة».
وأعرب عن قلق المنظمة من أن أشهر الصيف الحالي قد تؤدي إلى حدوث ارتفاع حاد آخر في حالات الإصابة بسبب التحورات المثيرة للقلق وزيادة السفر الدولي، إلى جانب انخفاض مستوى حماية الأشخاص نتيجة الإقبال المحدود على التلقيح وعدم الالتزام بتدابير الوقاية بالقدر الكافي.
وتابع «رغم جميع الجهود المبذولة، فإننا نشهد ارتفاعاً في المتوسط الأسبوعي لحالات الإصابة والوفيات الجديدة في جميع أنحاء الإقليم، مقارنة بالوقت نفسه من العام الماضي، لأسباب عدة، في مقدمتها اكتشاف تحوُّر (دلتا) في 98 بلداً على الأقل على مستوى العالم، منها 13 بلداً في إقليمنا».
وأوضح، أن الانتشار السريع لتحور «دلتا» يساعد على زيادة سريان المرض على الصعيد العالمي وفي إقليمنا على حد سواء، وينبغي أن تستعد البلدان من خلال تعزيز الترصد والكشف، والتدابير الاجتماعية، وضمان قدرة النظم الصحية على التعامل مع الأعداد المتزايدة من حالات الإصابة ذات الأعراض المتوسطة والوخيمة.
وأضاف، أن «المنظمة تعمل على الوصول إلى فهم أفضل لتحورات (كوفيد – 19)، إلا أنه لا يمكن القيام بذلك دون توفر القدر الكافي من المعلومات المتعمقة حول كيفية انتشار الفيروس. لذلك؛ نحثّ جميع البلدان على تعزيز القدرة على تحديد التسلسل الجيني للفيروس وتبادل البيانات؛ لأنه كلما عرفنا المزيد عن الفيروس وتأثير سلالاته المختلفة، تمكنا، بشكل أفضل، من تكييف استجابتنا لهزيمته والقضاء عليه».
وأشار المنظري إلى أن هذا التحور ينتشر بوتيرة سريعة بغض النظر عن التغطية باللقاحات؛ مما يؤجج الارتفاعات الحالية في حالات الإصابة والوفيات، وهو السبب الثاني لارتفاع حالات الإصابة. وقال، إنه «لا تزال اللقاحات لا تُوزَّع توزيعاً عادلاً ومنصفاً حتى الآن؛ مما يتيح لفيروس (كوفيد – 19) الفرصة لمواصلة الانتشار والتحور، ولا تزال هناك حاجة إلى أكثر من 500 مليون جرعة لتلقيح 40 في المائة على الأقل من سكان كل بلد من بلدان إقليم شرق المتوسط بحلول نهاية هذا العام، غير أننا لا نزال شديدي البُعد عن بلوغ هذا الهدف».
وبالإضافة إلى قلة اللقاحات وانتشار تحور «دلتا»، فإن بلدان الإقليم لا تُطبِّق تدابير الصحة العامة والتدابير الاجتماعية تطبيقاً صارماً، وهذا هو السبب الثالث لزيادة الأعداد.
وقال، إن الأشخاص الذين تم تلقيحهم يحتاجون إلى مواصلة الالتزام بارتداء الكمامة، والتباعد البدني، وغير ذلك من التدابير، كما ينبغي للذين لم يتم تلقيحهم بعد أن يأخذوا اللقاح في أقرب وقت ممكن من أجل إضافة طبقة أخرى من الحماية ضد فيروس «كوفيد - 19» وتحوراته، ومنها تحور «دلتا».
وانتقد المنظري ما وصفه بـ«التحول المثير للقلق» في مسار توزيع اللقاحات، وقال «على الرغم من الدروس المستفادة طوال فترة الجائحة، التي تتمثل في أن فيروس (كوفيد – 19) لا يمكن التغلب عليه إلا من خلال التعاون والتضامن والتنسيق بين البلدان والمجتمعات على حدٍ سواء، فإن (تسييس) عمليات طرح اللقاحات بات أكثر وضوحاً مما كان عليه من قبل». وأضاف «حان الوقت لتنحية السياسة جانباً لصالح البشرية، فلن ننجح حتى تتوفر الحماية للجميع، بغض النظر عن العمر أو الجنس أو العرق أو الموقع الجغرافي أو الانتماء السياسي».
من جانبه، قال ايفان هوتن، مدير قسم مكافحة الأمراض السارية بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، إن تحور «دلتا» رغم أنه يتميز بقدرة كبيرة على الانتشار، فلا تزال كل الدراسات تؤكد أن اللقاحات المعتمدة من المنظمة فعالة معه. وشدد هوتن على رفض المنظمة وضع الحصول على اللقاح، شرطاً من أجل السفر، وقال إنه في ظل عدم العدالة في توزيع اللقاحات، فلا يجب أن يكون ذلك شرطاً للسفر. وأشار إلى أنه يمكن فقط أن يساعد الحصول على اللقاح أو الإصابة السابقة بالفيروس، في استثناء المسافر من إجراءات العزل والحجر واختبارات الـ«بي سي آر» التي تطلبها الدول.
وأعرب هوتن أيضاً عن رفض المنظمة لبعض التوصيات التي تتعلق بالحصول على جرعة ثالثة معززة من اللقاحات، وقال «لا يمكن القبول بذلك في وقت لا تزال دول تعاني لتوفير جرعة واحدة لمواطنيها».
ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، حول مدى خطورة تحور «ابسيلون» الذي ظهر في كاليفورنيا بالولايات المتحدة، قال الدكتور بير نبيث، مدير برنامج إدارة المعلومات ببرنامج الطوارئ بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، إن «هذا التحور غير مقلق؛ لأنه لم يظهر إلا في الولايات المتحدة، ولم يتم تسجيله حتى الآن في أي دولة من دول المنطقة، ولا نتوقع انتشاره في منطقتنا».


مقالات ذات صلة

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)
صحتك طفل يخضع لاختبار الكشف عن فيروس كورونا (أرشيفية - أ.ب)

دراسة: «كورونا» يزيد من خطر إصابة الأطفال والمراهقين بالسكري

كشفت دراسة جديدة عن أن عدوى فيروس كورونا تزيد من خطر إصابة الأطفال والمراهقين بمرض السكري من النوع الثاني مقارنة بعدوى أمراض الجهاز التنفسي الأخرى.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك جرعة من لقاح «كورونا» (رويترز)

رجل يتهم لقاح «فايزر» المضاد لـ«كورونا» بـ«تدمير حياته»

قال مواطن من آيرلندا الشمالية إن لقاح «فايزر» المضاد لفيروس كورونا دمر حياته، مشيراً إلى أنه كان لائقاً صحياً ونادراً ما يمرض قبل تلقي جرعة معززة من اللقاح.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك طبيب يفحص أشعة على المخ لأحد المرضى (أرشيف - رويترز)

عدوى «كورونا» الشديدة قد تؤدي لالتهاب في «مركز التحكم» بالدماغ

كشفت دراسة جديدة عن أن عدوى «كورونا» الشديدة يمكن أن تتسبب في التهاب في «مركز التحكم» في الدماغ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الممثل الأميركي الشهير آل باتشينو (أ.ف.ب)

آل باتشينو: نبضي توقف دقائق إثر إصابتي بـ«كورونا» والجميع اعتقد أنني مت

كشف الممثل الأميركي الشهير آل باتشينو أنه كاد يموت في عام 2020، إثر إصابته بفيروس «كورونا»، قائلاً إنه «لم يكن لديه نبض» عدة دقائق.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

تصعيد صومالي جديد ضد إثيوبيا يُعمق التوتر في «القرن الأفريقي»

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود معلناً أمام برلمان بلاده رفض اتفاق إثيوبيا مع «أرض الصومال» (أرشيفية- الرئاسة الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود معلناً أمام برلمان بلاده رفض اتفاق إثيوبيا مع «أرض الصومال» (أرشيفية- الرئاسة الصومالية)
TT

تصعيد صومالي جديد ضد إثيوبيا يُعمق التوتر في «القرن الأفريقي»

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود معلناً أمام برلمان بلاده رفض اتفاق إثيوبيا مع «أرض الصومال» (أرشيفية- الرئاسة الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود معلناً أمام برلمان بلاده رفض اتفاق إثيوبيا مع «أرض الصومال» (أرشيفية- الرئاسة الصومالية)

في تصعيد جديد للخلاف بين مقديشو وأديس أبابا، قررت الحكومة الصومالية «طرد» دبلوماسي بالسفارة الإثيوبية لدى الصومال، بداعي «القيام بأنشطة لا تتفق مع دوره الدبلوماسي»، في خطوة رأى مراقبون أنها «تعمِّق التوتر في منطقة القرن الأفريقي».

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم (أرض الصومال) الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، وسط رفض من الحكومة الصومالية ودول الجامعة العربية.

وفي مواجهة تلك التحركات، حشد الصومال، دعماً دولياً وإقليمياً، لمواقفه، ضد المساعي الإثيوبية، وأبرم بروتوكول تعاون عسكري مع مصر، في أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة مساعدات عسكرية إلى مقديشو.

ومساء الثلاثاء، طلبت الخارجية الصومالية من المستشار الثاني في سفارة إثيوبيا لدى الصومال، علي محمد آدم، مغادرة البلاد في غضون 72 ساعة، واتهمته بممارسة «أنشطة لا تتفق مع دوره الدبلوماسي، وتشكل خرقاً لاتفاقية (فيينا) للعلاقات الدبلوماسية الصادرة عام 1961»، وفق إفادة للخارجية الصومالية.

وأكدت وزارة الخارجية الصومالية «التزام الصومال حماية سيادته، والحفاظ على البروتوكولات الدبلوماسية الدولية، والقانون الدولي».

خلافات أعمق

ورجَّح أستاذ العلاقات الدولية في المعهد العالي للدراسات الأمنية بالصومال، حسن شيخ علي، ارتكاب الدبلوماسي الإثيوبي «أعمالاً عدائية تمس السيادة الصومالية»، وقال إن «المستشار بالسفارة الإثيوبية هو في الأساس ضابط بالجيش الإثيوبي»، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الإجراءات الصومالية تستهدف حماية سيادته الوطنية».

وفي اعتقاد شيخ علي، فإن التوتر في العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، أعمق من مسألة طرد دبلوماسي تابع لأديس أبابا، ويقول إن «الخلاف بين البلدين أكبر من هذا الإجراء، ذلك أنه يرتبط باستهداف إثيوبيا كيان الدولة الصومالية وسيادتها، ويدعم انقسام جزء من أراضيها».

وسبق أن قال وزير الخارجية الصومالي، أحمد معلم فقي، إن إثيوبيا «لا تسعى للحصول على موانئ بحرية فقط، عبر (إقليم أرض الصومال)، وإنما تريد السيطرة على الأراضي الصومالية وضمها إلى سيادتها»، وطالب في تصريحات صحفية في مارس (آذار) الماضي، بـ«ضرورة مغادرة القوات الإثيوبية المشاركة في قوات حفظ السلام الأفريقية، الأراضي الصومالية، بنهاية تفويضها هذا العام»، وقال إن «بقاءها سيكون احتلالاً عسكرياً سنتعامل معه بكل الإمكانات المتاحة».

طابع تصعيدي

ويعد طرد الصومال دبلوماسياً إثيوبياً «تطوراً طبيعياً للتصعيد المستمر بين مسؤولي البلدين في الفترة الأخيرة» وفق تقييم الخبير المصري في الشؤون الأفريقية رامي زهدي، الذي أشار إلى أن «تصاعد لهجة الانتقادات وتبادل الاتهامات، يهدد قنوات الاتصال بين البلدين»، وقد ينتج عنه «تجاوز من أحد مسؤولي البعثات الدبلوماسية، وصولاً إلى خيار قطع العلاقات الدبلوماسية».

ويعتقد زهدي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن التحركات الصومالية الأخيرة التي تحمل طابعاً تصعيدياً، «قد تكون وسيلة لحل خلافاتها مع أديس أبابا»، مشيراً إلى أن «حشد مقديشو تحالفات إقليمية باتفاقيات تعاون أمني وعسكري مع دول مثل مصر وتركيا، وتعزيز تعاونها مع دول الجوار المباشر، مثل أوغندا وكينيا وجيبوتي، يبعثان برسائل مباشرة لإثيوبيا أنها لن تكون صامتة أمام أي عدائيات على أراضيها».

ورأى الخبير أن تعزيز الصومال تحالفاته الإقليمية «تأكيد على رفض مقديشو أيَّ حل يخالف القانون الدولي، وينتقص من سيادة الصومال»، إلى جانب «توفير الغطاء السياسي لأي إجراء ستتخذه الحكومة الصومالية، سواء عسكرياً أو سياسياً، خصوصاً مع عدم وجود أي إشارات إلى تراجع أديس أبابا عن اتفاقها مع أرض الصومال».