«إيفر غيفين» تطوي «الصفحة المُرّة» بعد دراما 100 يوم

قناة السويس أعلنت عن «تسوية كبرى» مع «سرية التفاصيل»

ناقلة الحاويات الضخمة «إيفر غيفن» خلال بدء تحركها من مقر احتجازها عقب اتفاق التسوية مع قناة السويس أمس (أ.ف.ب)
ناقلة الحاويات الضخمة «إيفر غيفن» خلال بدء تحركها من مقر احتجازها عقب اتفاق التسوية مع قناة السويس أمس (أ.ف.ب)
TT

«إيفر غيفين» تطوي «الصفحة المُرّة» بعد دراما 100 يوم

ناقلة الحاويات الضخمة «إيفر غيفن» خلال بدء تحركها من مقر احتجازها عقب اتفاق التسوية مع قناة السويس أمس (أ.ف.ب)
ناقلة الحاويات الضخمة «إيفر غيفن» خلال بدء تحركها من مقر احتجازها عقب اتفاق التسوية مع قناة السويس أمس (أ.ف.ب)

غادرت ناقلة الحاويات «إيفر غيفن» المجرى الملاحي لقناة السويس الأربعاء في طريقها لميناء روتردام بهولندا بعد احتجازها لمدة 107 أيام، وذلك بعد توقيع اتفاق تسوية بشأن التعويضات بين هيئة قناة السويس والشركة المالكة للناقلة، والذي جرى في مؤتمر صحافي نظمته هيئة قناة السويس في الإسماعيلية احتفالا بمغادرة الناقلة.
وقال مسؤول في هيئة قناة السويس إن السفينة التي كانت محتجزة في منطقة البحيرات المرة، في طريقها حاليا (ظهر أمس) إلى البحر المتوسط لاستئناف رحلتها. وأضاف أن «السفينة ستعبر قناة السويس في نهاية قافلة الجنوب القادمة من البحر الأحمر».
وقالت الشركة المالكة للسفينة إنها ستخضع لعملية مسح تحت الماء في ميناء بورسعيد المصري، عند المدخل الشمالي لقناة السويس، قبل الانطلاق إلى الميناء التالي، حيث سيتم الإفراج عن شحنتها. موضحة في بيان: «نأسف لتأثير تأخر الرحلة على كل من كانت له شحنة على متن (السفينة)، لكننا نؤكد لكل أصحاب الشحنات بأنه تم خلال هذه المسألة بذل كل الجهود لتقليل فترة التأخير وتأمين الإفراج عن السفينة بأسرع وقت ممكن».
ووقع رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع والشركة اليابانية مالكة سفينة الحاويات «إيفر غيفن» اتفاقا يشمل تعويض مصر عن جنوح السفينة بالمجرى الملاحي وإغلاقه لمدة ستة أيام، مشددا على أن اتفاق التسوية ينص على ألا تكون هناك أي مطالب أخرى من أي من الطرفين.
وكانت السلطات المصرية أعلنت الأحد أنّها توصّلت إلى «اتفاقية تسوية» مع شركة «شوي كيسن» اليابانية المالكة لـ«إيفر غيفن» ينصّ على الإفراج عن السفينة مقابل حصول القاهرة على تعويض عن الخسائر والأضرار التي تكبّدتها من جرّاء إغلاق القناة، من دون أن يعلن أيّ من الطرفين عن قيمة التعويضات التي اتّفقا عليها.
وقبيل توقيع التسوية، قال محامي هيئة القناة خالد أبو بكر في تصريحات بثّها التلفزيون: «ملتزمون ببنود السرية فيما بيننا فيما تم من مفاوضات وما وصلنا إليه من نتائج»، وأضاف «لكن أستطيع أن أؤكد بكل ثقة أننا حافظنا على حقوق الهيئة كاملة»، في إشارة إلى هيئة قناة السويس.
ورفضت مصادر بالهيئة إعلان تفاصيل التسوية، لكنها قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها تعد «أعلى قيمة تعويض في العالم عن حادث بحري»، فيما أشار مراقبون وتقارير إلى أن الاتفاق يشمل سدادا فوريا لجانب كبير من مبلغ التسوية، إلى جانب سداد مبلغ آخر على دفعات في غضون عام... لكن ربيع أكد لاحقا عدم دقة هذه المعلومة، وأن هيئة قناة السويس حصلت بالفعل «على الجزء الأكبر من التعويض»، على أن تحصل على الجزء المتبقي خلال هذا الشهر الجاري.
وقال ربيع عقب مراسم التوقيع التي نقل التلفزيون الرسمي وقائعها «أعلن للعالم كله التوصل إلى اتفاق»، في إشارة إلى اتفاق التسوية، مشيرا إلى أن «صعوبة المفاوضات كانت في تقريب وجهات النظر لأن كل طرف كان متمسكا برأيه».
ويوم الأحد قال ربيع في مقابلة تلفزيونية إنّ مصر ستتلقّى من الشركة اليابانية المالكة للسفينة، بالإضافة إلى التعويض المالي، قاطرة بحرية بقوة شدّ تبلغ 75 طناً. ولفت رئيس هيئة القناة إلى أنّه سيتّم أيضاً تعويض أسرة أحد عمال الهيئة الذي توفي أثناء عملية تعويم السفينة، مؤكدا: «لقد حافظنا على حقوقنا وحافظنا على علاقات جيّدة مع عملائنا».
فيما قال يوكيتو هيجاكي المسؤول في إيماباري لبناء السفن التابعة لها شوي كيسن اليابانية المالكة لسفينة الحاويات، في رسالة مسجلة، إن شركته ستظل عميلا لقناة السويس بانتظام.
وقال المسؤول الياباني إن السفينة جنحت منذ ما يزيد على ثلاثة أشهر، وبفضل خبرة قناة السويس تم تعويم السفينة في غضون سبعة أيام. وأشار إلى أهمية قناة السويس التي تعد محورا مهما وعلامة مميزة بين الشرق والغرب، مؤكدا أن شركته تمتلك أسطولا كبيرا من السفن ستمر جميعها من قناة السويس.
ورفعت المحكمة الاقتصادية بالإسماعيلية يوم الثلاثاء الحجز التحفظي عن الناقلة. وكانت الناقلة، وهي من أكبر الناقلات حول العالم، قد ظلت جانحة لنحو أسبوع في قناة السويس خلال مارس (آذار) الماضي ما عرقل الملاحة عبر الممر الملاحي الحيوي للتجارة العالمية. ويبلغ طول السفينة 400 متر، وعرضها 59 مترا، فيما تبلغ حمولتها الإجمالية 224 ألف طن. وقدّرت هيئة القناة الخسائر التي تكبّدتها مصر من جراء الحادث بما بين 12 و15 مليون دولار في اليوم الواحد.
وشاركت في عمليات تعويم السفينة أكثر من عشر قاطرات إضافة إلى جرّافات لحفر قاع القناة، في عملية بالغة التعقيد بسبب الطبيعة الصخرية للمجرى المائي. وأشار تقرير لشركة أليانز للتأمين إلى أن تعطّل نقل البضائع، نتيجة توقف الملاحة بالقناة، «يكلّف التجارة العالمية من 6 إلى 10 مليارات دولار» يومياً. وأدّى تعطل الملاحة إلى ازدحام مروري في القناة وتشكّل طابور انتظار طويل زاد على 420 سفينة محمّلة بـ26 مليون طنّ من البضائع.
وطالبت قناة السويس في البداية بتعويض يتجاوز 900 مليون دولار، قبل أن تخفضه إلى نحو 550 مليونا. وعرضت في المقابل الشركة المالكة للناقلة وشركات التأمين على السفينة 150 مليون دولار. ولم يتم الكشف عن قيمة التسوية النهائية.
وفي 2020 بلغ عدد السفن التي عبرت هذا الممرّ المائي الذي يربط البحرين الأحمر والمتوسط نحو 19 ألف سفينة، في حركة عادت على مصر بإيرادات تخطّت 5,6 مليار دولار.
وفي 11 مايو (أيار) الفائت، وافق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على مشروع لتطوير قناة السويس يشمل توسعة وتعميق الجزء الجنوبي للقناة حيث جنحت السفينة العملاقة. وكان السيسي تعهّد إثر جنوح «إيفر غيفن» شراء كلّ المعدّات التي تحتاج إليها قناة السويس لمواجهة مثل هذه الأزمات الطارئة.


مقالات ذات صلة

انكماش القطاع الخاص في مصر خلال ديسمبر بسبب ضعف الجنيه

الاقتصاد مبانٍ تحت الإنشاء بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

انكماش القطاع الخاص في مصر خلال ديسمبر بسبب ضعف الجنيه

واصل القطاع الخاص غير النفطي بمصر انكماشه خلال ديسمبر في الوقت الذي تدهورت فيه ظروف التشغيل مع انخفاض الإنتاج والطلبيات الجديدة بأسرع معدل بثمانية أشهر

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مدبولي مترئساً اجتماعاً لمتابعة إجراءات طرح شركتَي «صافي» و«وطنية» (رئاسة الحكومة)

مدبولي: الحكومة المصرية ستتابع إجراءات طرح 10 شركات خلال 2025

أعلن رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن الحكومة ستتابع إجراءات طرح 10 شركات خلال عام 2025، وتحديد البرنامج الزمني للطرح.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وسط القاهرة من بناية مرتفعة بوسط البلد (تصوير: عبد الفتاح فرج)

معدل نمو الاقتصاد المصري يرتفع إلى 3.5% في 3 أشهر

سجل الناتج المحلي الإجمالي في مصر نمواً 3.5 % في الربع الأول من السنة المالية 2024-2025، بارتفاع 0.8%، مقابل 2.7% في نفس الربع المقارن من العام السابق

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أرشيفية لمواطن داخل أحد محلات الصرافة في القاهرة يستبدل الجنيه بالدولار (رويترز)

 «صندوق النقد» يتوصل لاتفاق مع مصر بشأن المراجعة الرابعة

توصل صندوق النقد الدولي إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن المراجعة الرابعة بموجب اتفاق تسهيل ممدد مع مصر، وهو ما قد يتيح صرف 1.2 مليار دولار بموجب البرنامج.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد حصَّادة تحصد القمح في حقل زراعي (رويترز)

روسيا تسعى لخفض التكاليف المتعلقة بمدفوعات القمح لمصر

قال رئيس اتحاد منتجي ومصدري الحبوب في روسيا إدوارد زرنين، إن مصدّري الحبوب الروس سيقترحون سبلاً لخفض تكاليف المعاملات المتعلقة بسداد أسعار تصدير القمح لمصر.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«ستاندرد آند بورز»: نمو قوي للإقراض في الإمارات بدعم من السياسة النقدية

منظر عام لبرج خليفة وأفق مدينة دبي (رويترز)
منظر عام لبرج خليفة وأفق مدينة دبي (رويترز)
TT

«ستاندرد آند بورز»: نمو قوي للإقراض في الإمارات بدعم من السياسة النقدية

منظر عام لبرج خليفة وأفق مدينة دبي (رويترز)
منظر عام لبرج خليفة وأفق مدينة دبي (رويترز)

توقعت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال رايتنغز» في تقريرها عن توقعات القطاع المصرفي لدولة الإمارات العربية المتحدة لعام 2025 تحت عنوان «توازن النمو والمخاطر في ظل التوسع الاقتصادي»، أن يستمر النمو القوي للإقراض في عام 2025، بدعم من استمرار تيسير السياسة النقدية والبيئة الاقتصادية الداعمة، مشيرة إلى أن البنوك شهدت زيادة ملحوظة في الودائع خلال الأعوام الثلاثة الماضية، مما سيدعم زخم نموها القوي. ومع ذلك، فإن بعض الودائع خارجية وقد تكون عرضة للتقلبات بسبب جوانب الضعف الاقتصادية.

كما توقعت أن يظل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للإمارات قوياً في الفترة من 2025 إلى 2027 مع زيادة إنتاج النفط والغاز، بدعم من النشاط القوي في القطاع غير النفطي. وتعتقد أنه على الرغم من احتمال التعرض لتصعيد مفاجئ في التوترات الجيوسياسية الإقليمية ولانخفاضات كبيرة في أسعار النفط، فإن المخاطر الاقتصادية ستظل قابلة للإدارة بدعم من المرونة التي أظهرتها المنطقة خلال فترات انخفاض أسعار النفط وتفاقم عدم الاستقرار الجيوسياسي في الماضي.

استمرار تحسن جودة الأصول

بحسب الوكالة، من المتوقع أن تظل القروض المتعثرة وخسائر الائتمان في البنوك الإماراتية منخفضة، وذلك لأن الأداء القوي للقطاعات غير النفطية والخفض المتوقع الأسعار الفائدة سيساعدان في تحسين جودة الأصول الأساسية.

وعلى مدى العامين الماضيين، استخدمت البنوك ربحيتها العالية للاحتفاظ بمخصصات للقروض القديمة وقامت بشطبها، مما أدى إلى انخفاض قروض المرحلة الثالثة لأكبر 10 بنوك إلى 4 في المائة من إجمالي القروض كما في 30 سبتمبر (أيلول) منخفضة من أعلى مستوى لها في عام 2021 حين بلغ 6.1 في المائة.

بالإضافة إلى ذلك، أدى تحسن البيئة الاقتصادية إلى ارتفاع معدلات التحصيل من القروض المشطوبة، مما أسهم في خفض الخسائر الائتمانية الصافية.

كما تحسنت ربحية البنوك مع تشديد السياسة النقدية، حيث ساعد ارتفاع أسعار الفائدة في زيادة هوامش الأرباح. وتوقعت الوكالة أن تظل تكلفة المخاطر منخفضة، وبالتالي من المتوقع أن تظل ربحية البنوك مرتفعة، وإن بمستويات أقل من الذروة التي وصلت إليها في عام 2023.

الرسملة تظل عامل دعم

دَعَّمَ رأس المال القوي البنوك الإماراتية في السنوات الماضية، مع تعزيز هوامش رأس المال من خلال توليد رأس مال داخلي مدفوع بالربحية العالية ودعم المساهمين. كما تمتلك البنوك الإماراتية مركز أصول خارجية قوي، مما يخفف تأثير تقلبات أسواق رأس المال. وتمثل الودائع الأجنبية 29 في المائة من المطلوبات، فيما يشكل الاقتراض بين البنوك وتمويل السوق 20 في المائة. وعلى الرغم من المخاطر الجيوسياسية، تقدر الوكالة قدرة البنوك على تحمل الضغوط.

كما شهدت الإمارات ظهور البنوك الرقمية والتكنولوجيا المالية، مع زيادة في المنتجات الرقمية من البنوك التقليدية. وتمهد الموافقة على خطة تسجيل العملات المستقرة لإصدار العملات المدعومة بالدرهم الإماراتي. ومن المتوقع أن تكمل البنوك الجديدة وشركات التكنولوجيا المالية البنوك التقليدية، بينما يواصل مصرف الإمارات المركزي الحفاظ على استقرار النظام المصرفي وتشجيع التحول الرقمي.

ويمكن إدارة الإقراض المباشر من البنوك المحلية للقطاعات المعرضة لتحول الطاقة، حيث يمثل نحو 11 في المائة من إجمالي الإقراض في 2023، رغم التركيز العالي على النفط والغاز. كما أن التنويع الاقتصادي، والثروة العالية، والأصول السائلة الضخمة، وزيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة، ستسهم في تقليل مخاطر الانتقال من المصادر الملوثة للكربون.

كما ارتفعت أسعار العقارات في الإمارات خلال الأربع سنوات الماضية، مع تسليم عدد كبير من الوحدات في الأشهر الـ12-24 المقبلة، مما قد يزيد من مخاطر فائض العرض. ومع ذلك، تظل المخاطر للبنوك محدودة لأن معظم المعاملات تتم نقداً، ويتم تمويل 30-40 في المائة من المبيعات الجاهزة عبر الرهن العقاري. كما انخفض انكشاف القطاع المصرفي على العقارات والبناء إلى 15 في المائة من إجمالي الإقراض في يونيو (حزيران) 2024، مقارنة بـ20 في المائة عام 2021.

التقييم لمخاطر القطاع المصرفي

ترى الوكالة اتجاهاً إيجابياً للمخاطر الاقتصادية في الإمارات بفضل الأداء القوي للاقتصاد غير النفطي، مما حسّن جودة الأصول المصرفية وقلل الخسائر الائتمانية. ويشير تصنيف الوكالة الائتماني للبنوك إلى استقرارها حتى عام 2025، مدعومة بنمو الإقراض والربحية المرتفعة، لكن هناك مخاطر من التوترات الجيوسياسية وتقلبات أسعار النفط.