معارك البيضاء تقترب من مركزها وتقطع أنفاس الحوثيين

قادة الجماعة يبدأون إجلاء عائلاتهم من المدينة وينهبون بنوكها

قوات يمنية على الخطوط الأمامية لمواجهة الميليشيات في مأرب الشهر الماضي (أ.ب)
قوات يمنية على الخطوط الأمامية لمواجهة الميليشيات في مأرب الشهر الماضي (أ.ب)
TT

معارك البيضاء تقترب من مركزها وتقطع أنفاس الحوثيين

قوات يمنية على الخطوط الأمامية لمواجهة الميليشيات في مأرب الشهر الماضي (أ.ب)
قوات يمنية على الخطوط الأمامية لمواجهة الميليشيات في مأرب الشهر الماضي (أ.ب)

بعد أيام فقط من استئناف معركة تحرير محافظة البيضاء اليمنية (جنوب شرقي صنعاء)، أدت العمليات الخاطفة التي تقودها المقاومة القبلية ووحدات الجيش اليمني إلى قطع أنفاس الميليشيات الحوثية ومحاصرتها في أكثر من منطقة مع تضييق القوات الخناق على مركز المحافظة (مدينة البيضاء) وقطع إمدادات الميليشيات المتجهة إلى مديرية مكيراس المتاخمة لمحافظة أبين (جنوب).
وبحسب ما أفادت به مصادر رسمية، لجأ قادة الجماعة على وقع هذه الانهيارات في صفوفهم إلى إجلاء عائلاتهم من مركز المحافظة والقيام بنهب الأموال في بنوك المدينة التي تقترب المقاومة والجيش من تطويقها.
وبحسب ما تظهره خرائط السيطرة على الأرض، باتت مديريات نعمان ومسورة وناطع والزاهر والصومعة في قبضة الشرعية ورجال القبائل، في حين تواصل القوات عملياتها للسيطرة على مديريات مكيراس وذي ناعم وصولاً إلى مدينة البيضاء نفسها، وبقية المديريات، وذلك بعد أن تم قطع طرق الإمداد عن الخطوط المتقدمة للميليشيات في الجبهة الجنوبية.
وأفادت المصادر العسكرية بأن مقاتلي القبائل ووحدات الجيش من «ألوية العمالقة» (حكومية) سيطروا، أمس (الثلاثاء)، على خط البيضاء - مكيراس من مفرق المسحر، ما يعني انقطاع طريق الإمداد الوحيد للحوثيين في مكيراس وعقبة ثرة الاستراتيجية.
وفي الوقت الذي باغتت فيه هذه المعركة التي أطلق عليها «النجم الثاقب» الميليشيات الحوثية، ظهر الارتباك جلياً على قادتها الذين سارعوا إلى اتهام أميركا بالوقوف وراء تصعيد المعارك مع الزعم أن هذا التصعيد يتعارض مع دعوات السلام.
وفي هذا السياق، قال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني في تصريحات رسمية، إن الميليشيات بدأت صباح الثلاثاء بنهب عشرات المليارات من فروع البنك المركزي اليمني وبنك التسليف التعاوني (حكومي) والمكاتب التنفيذية والإيرادية في مدينة البيضاء العاصمة الإدارية للمحافظة، على متن عربات إلى مناطق غير معروفة.
وأضاف الإرياني أن المعلومات الواردة أفادت بقيام قادة الميليشيات ببيع عدد من العقارات ونقل عائلاتهم والفرار من مدينة البيضاء باتجاه مدينة رداع المجاورة بالتزامن مع ضغوط يمارسونها على المشايخ والقبائل في المديريات الخاضعة لسيطرتهم لحشد المقاتلين وتعزيز جبهاتهم المنهارة.
وفيما يخص التفاصيل الميدانية، أكد المتحدث باسم الجيش اليمني العميد عبده مجلي في إيجاز للصحافيين، أمس، أن قوات الجيش والمقاومة الشعبية، حققت في محافظة البيضاء «انتصارات كبيرة في محاور قتالية عدة»، بدءاً من مديرية الزاهر؛ حيث اقتربت القوات من المناطق المحيطة بعاصمة المحافظة.
وأفاد مجلي بأن قوات الجيش والمقاومة «تمكنت من التحرير والسيطرة والتأمين لمركز مديرية الزاهر، ومناطق الخلوة والروضة وتقترب لتحرير مدينة البيضاء، وتأمينها، وسط حالة من الذعر أصابت الميليشيات ما دفع قادتها وعناصرها للفرار من أرض المعركة، إلى مدينة ذمار والعاصمة صنعاء».
وأسفرت المعارك في جبهة الزاهر، بحسب مجلي، عن «سقوط العشرات من عناصر الميليشيات بين قتيل وجريح، فيما تمكنت دفاعات الجيش من إسقاط طائرة مسيرة متفجرة كان هدفها قتل المدنيين في تلك المناطق».
وعلاوة على خسائر الميليشيات غرب مدينة البيضاء، أفاد مجلي بأن «قوات الجيش والمقاومة الشعبية حققت انتصارات أخرى في جبهة الحازمية بمديرية الصومعة المحاذية لمديرية البيضاء (من جهة الشرق) حيث نفذت هجمات مباغتة على مواقع الميليشيا، وتمكنت من تحرير عدد من المواقع الاستراتيجية في المديرية، وأهمها مواقع جبل الجماجم الاستراتيجي، ومواقع وفاء والسوس وشبكة ذي مضاحي والشاردة وجبال شوكان ومواقع الشجرة وشباعة وقرية المضاحي وآل دومان».
وأضاف: «تمكنت وحدات من الجيش والمقاومة من تحرير مواقع أخرى في جبهة الحازمية وهي موقع برم، والسد ومدرسة المسحر، وسط تقدم مستمر في اتجاه الضحاكي».
وأشار متحدث الجيش اليمني إلى قيام طيران تحالف دعم الشرعية بشنّ غارات مركزة على مواقع وتجمعات ميليشيا الحوثي، في مديرية الملاجم، بالتزامن مع مهاجمة الجيش لمواقع الجماعة في جبهة ناطع.
وفي محافظة مأرب المجاورة، قال مجلي إن عناصر الجيش الوطني والمقاومة «يواصلون تنفيذ العمليات الدفاعية والهجومية، والتكتيكات العسكرية من الأعمال التعرضية والالتفاف والتطويق والكمائن وتحقيق السيطرة على الأرض وتحرير المواقع والتصدي للتسللات والهجمات العدائية للميليشيات الانقلابية الحوثية في جميع جبهات المحافظة»، مؤكداً تدمير 80 في المائة من قدرات الميليشيات التي حشدتها، سواء من خلال ضربات الطيران أو مدفعية الجيش.
وفي محافظة الجوف المجاورة، أفاد مجلي بأن العمليات العسكرية مستمرة وذلك في جبهات الخنجر والنضود والجدافر؛ حيث نفذت قوات الجيش هجمات مضادة تمكنت خلالها من تدمير قدرات الميليشيات الحوثية، بالتزامن من ضربات لتحالف دعم الشرعية استهدفت تعزيزات الميليشيات وآلياتها.
وكانت قوات المقاومة الشعبية و«ألوية العمالقة» في محافظة البيضاء، تقدمت الأحد في مديرية الزاهر، واستعادت مناطق ذي مخشب وجاحور والسوادنة وظهر آل عبيد المظفر وقربة ومسكين وغرارة وكثيراً من المواقع قرب تقاطع الطرق في منطقة الجماجم التابعة للمديرية.
وبحسب مراقبين، فإن استمرار القوات في عملية «النجم الثاقب» من شأنه أن يقرب من إنهاء الوجود الحوثي في البيضاء؛ خصوصاً إذا ما تحركت الجبهات الأخرى لاستكمال تحرير المحافظة التي تمتلك حدوداً إدارية مع 8 محافظات، هي شبوة وأبين والضالع وإب وصنعاء وذمار ولحج ومأرب.
وشوهد، بحسب ما أظهرته مقاطع فيديو متداولة، أهالي المناطق المحررة وهم يستقبلون قوات المقاومة والجيش بالأهازيج ابتهاجاً بخلاصهم من قبضة الميليشيات الحوثية التي اجتاحت المحافظة في 2015.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.