إدانات حقوقية وفصائلية لقمع السلطة متظاهرين في رام الله

دعوات للتحقيق في وفاة موقوف في سجون غزة

رجال أمن في رام الله في مواجهة متظاهرين محتجين على مقتل ناشط في التوقيف (أ.ف.ب)
رجال أمن في رام الله في مواجهة متظاهرين محتجين على مقتل ناشط في التوقيف (أ.ف.ب)
TT

إدانات حقوقية وفصائلية لقمع السلطة متظاهرين في رام الله

رجال أمن في رام الله في مواجهة متظاهرين محتجين على مقتل ناشط في التوقيف (أ.ف.ب)
رجال أمن في رام الله في مواجهة متظاهرين محتجين على مقتل ناشط في التوقيف (أ.ف.ب)

أدانت فصائل ومؤسسات حقوقية ونقابات، قمع السلطة الفلسطينية لمتظاهرين واعتقالهم في رام الله في الضفة الغربية، على خلفية «إبداء الرأي»، كما طالبوا بالتحقيق في حادثة وفاة موقوف في سجون الأجهزة التابعة لحركة «حماس» في قطاع غزة.
وقالت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان «ديوان المظالم»، إنها تابعت، الثلاثاء، حادثة وفاة المواطن شادي حيدر نوفل (41 عاماً)، من النصيرات في المحافظة الوسطى بقطاع غزة، المحتجز في مركز إصلاح وتأهيل الوسطى في دير البلح، والموقوف منذ 9-3-2020، من قبل مركز شرطة النصيرات.
وأكدت الهيئة، أنها أرسلت طبيباً منتدباً من طرف العائلة لعملية تشريح الجثة، وستصدر بياناً تفصيلياً لاحقاً. وجاء بيان الهيئة في وقت نفت فيه الشرطة في قطاع غزة، اتهامات لها بأن نوفل توفي بسبب التعذيب، وقالت إنه «توفي بعد أن نُقل للمستشفى وأجريت له عملية جراحية بفعل معاناته من أمراض عدة». وأثارت وفاة نوفل الكثير من الجدل على صفحات التواصل الاجتماعي، واتهم نشطاء، حركة «حماس»، باستخدام التعذيب في سجونها، وانتقدوا ما قالوا إنه «صمت» المهاجمين للسلطة في الضفة بسبب الحريات، تجاه ما يحدث في غزة.
وجاءت حادثة نوفل بعد إدانات واسعة وانتقادات غير مسبوقة لاستخدام السلطة، العنف، في فض مظاهرات سلمية في رام الله. واعتقلت الأجهزة الأمنية، مساء الاثنين، متظاهرين وسط مدينة رام الله محتجين على قمع الحريات وعلى خلفية مقتل المعارض نزار بنات. وطالت الاعتقالات شخصيات معروفة وأسرى محررين وناشطات وصحافيين. وقال مدير مؤسسة الحق شعوان جبارين، إن «القمع كان بقرار قيادي وليس قراراً ميدانياً من قائد شرطة ميداني». وأضاف جبارين، أنه حاول التواصل مع رئيس الوزراء محمد اشتيه الذي «أبدى استغرابه مما يحدث، ثم أغلق هاتفه تماماً». وتابع «ما جرى شيء مرعب».
الشرطة من جهتها ردت بقولها، إنها أوقفت عدداً من الأشخاص الذين تجمعوا في الشارع العام وسط مدينة رام الله، من دون الحصول على تصريح لهذا التجمع وفقاً للقانون. وأفاد المتحدث باسم الشرطة العقيد لؤي ارزيقات، بأنه ستتم إحالة الموقوفين كافة للنيابة العامة لاتخاذ المقتضى القانوني بحقهم، لكن الناطق باسم الحكومة إبراهيم ملحم، أعلن لاحقاً أن أشتية أوعز للشرطة بالإفراج عن جميع الأشخاص الذين أوقفتهم في رام الله.
وتشهد الضفة الغربية انقساماً حاداً بين مؤيدين للسلطة ومعارضين، على خلفية وفاة الناشط السياسي نزار بنات أثناء اعتقاله على يد قوات أمنية فلسطينية، وهو ما قاد إلى مظاهرات متكررة طالبت برحيل الرئيس الفلسطيني محمود عباس وإسقاط النظام، ردت عليها حركة «فتح» بمظاهرات أوسع تأييداً لعباس وحماية السلطة.
وأدانت فصائل فلسطينية معارضة، أمس، ما وصفته «قمع» الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية المظاهرات الشعبية في الضفة الغربية. وتحدثت مصادر فلسطينية عن عمليات اعتداء وقمع مارستها أجهزة أمنية فلسطينية، الثلاثاء، ضد مشاركين في مظاهرة برام الله تطالب بمحاسبة المسؤولين عن مقتل بنات، واعتقال عدد منهم. وأعربت حركة «حماس» في بيان نقلته وكالة الأنباء الألمانية، عن إدانتها «قمع أجهزة السلطة الأمنية للمتظاهرين واعتقال عدد كبير من الناشطين والناشطات، بينهم أسرى محررون وأساتذة جامعيون وصحافيون».
من جهتها، قالت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، في بيان، إن استمرار قمع المظاهرات من السلطة الفلسطينية «ما هو إلا استمرار للنهج ذاته الذي يدير الظهر للقانون ولمطالب الجماهير». كما أدانت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، اعتقال أجهزة السلطة الفلسطينية مساء الاثنين، النشطاء والقادة السياسيين، في «محاولة لتكميم الأفواه وحظر حرية التظاهر والتعبير بالقوة».
بدورها، نددت الجهاد الإسلامي، على لسان الناطق باسمها طارق سلمي، بمواصلة السلطة وأجهزتها الأمنية «الاعتداء على المظاهرات الشعبية والملاحقات البوليسية للنشطاء». كما دعا الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني (فدا)، إلى وقف استخدام الأجهزة الأمنية الفلسطينية «الوسائل القمعية» لفض المظاهرات في الضفة الغربية، وتحريم الاعتقال السياسي؛ كونه «يخلق أجواء قاتمة تلقي بظلالها السلبية على السلم الأهلي الفلسطيني».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».