قدم أعضاء مجلس الأمن مطالعات يعتقد أنها الأخيرة في شأن تمديد الآلية الأممية الخاصة بتمرير المساعدات الإنسانية عبر الحدود من تركيا، مع تجديدها من العراق أيضاً إلى ملايين السوريين في شمال غربي سوريا، في ظل معارضة معلنة من روسيا التي تريد حصر هذه المعونات بما تسمح السلطات السورية بتمريره عبر الجبهات إلى هذه المنطقة التي تقع تحت سيطرة قوى المعارضة.
وعقد أعضاء مجلس الأمن جلسة مشاورات مغلقة أمس (الثلاثاء)، استمعوا خلالها إلى إحاطة من القائم بأعمال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة راميش راجاسينغام، فيما يعتقد أنه الاجتماع الأخير حول الوضع الإنساني في سوريا قبل التصويت المرتقب غداً أو بعد غد، أي بعد ساعات، على تجديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود قبل انتهاء صلاحيتها في 10 يوليو (تموز) الجاري طبقاً للقرار الأممي الرقم 2533.
وعلمت «الشرق الأوسط» من دبلوماسي شارك في الجلسة المغلقة، بأن راجاسينغام عرض لمجموعة من القضايا المتعلقة بالأزمة الإنسانية السورية، مركزاً على الانتهاء الوشيك للتفويض الممنوح بموجب القرار 2533 في 10 يوليو (تموز) لتمرير آلية إرسال المساعدات عبر معبر باب الهوى على الحدود بين سوريا وتركيا. وكرر الدعوات التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أجل توافق أعضاء المجلس على تمديد هذه الآلية وتوسيعها منعاً لتدهور الوضع الإنساني المزري أصلاً في سوريا.
ولا تزال المفاوضات جارية بين أعضاء مجلس الأمن على مشروع قرار قدمته آيرلندا والنرويج، وهما الدولتان اللتان تحملان القلم الخاص بالملف الإنساني في سوريا، في محاولة لتمديد العمل بالقرار 2533. ولكن المسودة تدعو إلى السماح باستخدام معبرين بدلاً من واحد: معبر باب الهوى على الحدود السورية - التركية، ومعبر اليعربية على الحدود السورية - العراقية.
وكان غوتيريش اعتبر أن «فشل المجلس في تمديد تفويض المجلس ستكون له عواقب وخيمة»، لنحو 3.4 مليون شخص بحاجة ماسة في شمال غربي سوريا. وسلط الضوء على أهمية الحفاظ على إيصال المساعدات وتوسيعها، بما في ذلك العمليات عبر الحدود وعبر الجبهات. ولفت إلى أن الدول الأعضاء «يجب أن تدرك أن عمليات التسليم عبر الجبهات لن تكون قادرة أبداً على استبدال المساعدة الحدودية على المستويات الحالية». وأخبر راجاسينغام المجلس أن نحو ألف شاحنة تحمل مساعدات إنسانية، ومنها اللقاحات ضد فيروس «كورونا»، تستخدم معبر باب الهوى كل شهر، مذكّراً الأعضاء كذلك بأن «العملية لا تزال واحدة من أكثر عمليات الإغاثة التي تخضع للتدقيق والمراقبة في العالم».
وكرر أعضاء المجلس المواقف الداعية إلى مواصلة الآلية عبر الحدود. وتشمل المجموعة المؤيدة كلاً من فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وإستونيا وآيرلندا وكينيا والمكسيك والنرويج وسانت فنسنت وغرينادين، فيما أكدت إستونيا أن هناك حاجة لتوسيع الآلية من خلال إعادة الترخيص لمعبري اليعربية وباب السلام. ويخشى الدبلوماسيون الغربيون أن تستخدم روسيا حق النقض (الفيتو) لتعطيل هذه الآلية.
في المقابل، أصرت روسيا على أن عمليات التسليم عبر خطوط القتال كافية، إذ كرر المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، أن «الادعاءات القائلة إن عمليات التسليم عبر الخطوط (غير فعالة) مستحيلة تماماً هي ادعاءات سخيفة». وقال نيبينزيا إن «إعادة فتح النقاط العابرة للحدود المغلقة في الحقيقة ليست من المقبلات»، معتبراً أنه «علينا ضمان تسليم مستقر من الخط العابر من داخل سوريا».
وجرى التعبير عن هذه المواقف الروسية في كثير من المحافل الدولية الأخرى، ما سلط الضوء على وجهات النظر المتباينة الموجودة بين بعض أعضاء مجلس الأمن حول الحاجة إلى المساعدة الإنسانية عبر الحدود لسوريا. وبرز ذلك واضحاً خلال اجتماع على مستوى وزراء الخارجية في 28 يونيو (حزيران) في روما كجزء من التحالف العالمي لهزيمة «داعش»، إذ شدد وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن على «أهمية إعادة تفويض وتوسيع» المساعدة عبر الحدود.
ورد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعد اجتماع مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو أن المسودة المقترحة من آيرلندا والنرويج «تتجاهل تماماً» عدداً من القضايا.
وأكد المندوب الفرنسي نيكولا دو ريفيير الذي تتولى بلاده رئاسة مجلس الأمن خلال الشهر الجاري، أن «جميع الأعضاء يرغبون في رؤية الآلية عبر الجبهات تعمل، لكنها تظل غير كافية».
«استعراض إنساني» روسي ـ غربي في مجلس الأمن حول سوريا
«استعراض إنساني» روسي ـ غربي في مجلس الأمن حول سوريا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة