واشنطن تحقق في اتصال أحد المفرج عنهم من غوانتانامو بطالبان

مخاوف من انضمام المفرج عنهم من معسكر كوبا إلى المنظمات الإرهابية

مدخل معسكر «دلتا» الذي يحتجز فيه أسرى «القاعدة» وطالبان في غوانتانامو («الشرق الأوسط»)
مدخل معسكر «دلتا» الذي يحتجز فيه أسرى «القاعدة» وطالبان في غوانتانامو («الشرق الأوسط»)
TT

واشنطن تحقق في اتصال أحد المفرج عنهم من غوانتانامو بطالبان

مدخل معسكر «دلتا» الذي يحتجز فيه أسرى «القاعدة» وطالبان في غوانتانامو («الشرق الأوسط»)
مدخل معسكر «دلتا» الذي يحتجز فيه أسرى «القاعدة» وطالبان في غوانتانامو («الشرق الأوسط»)

تحقق وكالات مخابرات أميركية بتقارير تفيد بأن أحد القادة الخمسة في حركة طالبان الذين أفرج عنهم من معتقل غوانتانامو، وأرسلوا إلى قطر في إطار صفقة لإطلاق سراح الجندي الأميركي بوي بيرغدال العام الماضي، ربما اتصل من جديد بالحركة المتشددة.
وقال مسؤولان أميركيان لوكالة «رويترز» إن «وكالة واحدة فقط من بين 17 وكالة مخابرات أميركية توصلت رسميا إلى وجود اشتباه بأن القيادي في حركة طالبان تواصل من جديد مع الحركة».
وأضاف المسؤولان، اللذان طلبا عدم نشر اسميهما، أن «وكالات أخرى ستراقبه عن كثب أكبر لتأكيد المعلومة».
وكان تقرير نشره مكتب مدير المخابرات القومية هذا الأسبوع ذكر أن وكالة واحدة من بين 17 وكالة مخابرات قالت: إن «أحد المفرج عنهم من غوانتانامو العام الماضي اتصل من جديد بطالبان».
وكان القادة الخمسة في طالبان نقلوا إلى قطر في مايو (أيار) من العام الماضي مقابل إطلاق سراح بيرغدال، الذي خطفه متشددون أفغان في 2009، قرب موقع ناء للجيش الأميركي، واحتجزوه لمدة 5 سنوات.
وأشار مسؤولون إلى أن القيادي الذي يشتبه بأنه تواصل مجددا مع متشددين آخرين، لم يغادر قطر، حسب ما نقلت «رويترز».
ويطالب الجمهوريون الذين يسيطرون على الكونغرس الرئيس الأميركي باراك أوباما بالكف عن إخراج المزيد من الأشخاص من سجن غوانتانامو الذي أقامته الولايات المتحدة في كوبا للمشتبه بأنهم إرهابيون بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول). ويقول الجمهوريون إن هناك خطرا كبيرا بأن ينضم المفرج عنهم من جديد إلى قتال الولايات المتحدة. وكان تقرير نشره مكتب مدير المخابرات القومية هذا الأسبوع ذكر أن وكالة واحدة من بين 17 وكالة مخابرات قالت إن «أحد المفرج عنهم من غوانتانامو العام الماضي اتصل من جديد بطالبان».
من جهة أخرى، أعلن مسؤولون أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ألغت قرارا ينص على بقاء القضاة العسكريين الأميركيين الذين يشرفون على المحاكم في غوانتانامو في القاعدة الأميركية في كوبا.
وكان القرار الذي صدر الشهر الماضي يهدف إلى تسريع محاكمات المعتقلين في غوانتانامو الذين يواجهون تهما بالإرهاب. إلا أن محامي 5 معتقلين متهمين بتدبير اعتداءات 11 سبتمبر 2001 رأوا أن القرار يؤكد تدخل الحكومة في قضاياهم.
وكان قاض في غوانتانامو علق نهاية الشهر الماضي مؤقتا كل جلسات محاكمة المتهمين في اعتداءات 11 سبتمبر بعد أن أمرت وزارة الدفاع بأن يستقر القضاة العسكريون بشكل دائم في غوانتانامو لتسريع جلسات المحاكم الخاصة.
وقال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي الجمعة إن «المسؤول الثاني في وزارة الدفاع مساعد الوزير بوب وورك ألغى هذا القرار». وأضاف أنه «ربما كان هناك فهم غير مناسب للقرار»، لذلك قرر إلغاءه لحماية استقلالية اللجان العسكرية
وكتب وورك في مذكرته الجمعة إن «قرارا من هذا النوع يجب أن يحفظ استقلالية اللجنة القضائية العسكرية في الشكل والفعل». وهذا الأسبوع، أكد المحامي جيمس كونيل أن «المحاكم العسكرية الاستثنائية مخترقة من جانب (إف بي آي مكتب التحقيقات الفيدرالي) و(سي آي إيه وكالة الاستخبارات المركزية) والآن من جانب مسؤولين كبار في البنتاغون».
وكان الكولونيل جيمس بول أحد قضاة المحاكم الاستثنائية قرر الأربعاء «تعليق» الجلسات التمهيدية لمحاكمة المتهمين باعتداءات 11 سبتمبر في انتظار مراجعة القرار بتعيين قضاة في غوانتانامو.
وتتعرض المحاكم العسكرية في غوانتانامو للانتقاد على خلفية بطئها الشديد وكلفتها الباهظة بمعدل 7600 دولار لكل دقيقة ولم يحدد أي موعد للبدء بمحاكمة المتهمين باعتداءات 11 سبتمبر .
وأقر كيربي بأن المحاكم العسكرية الاستثنائية قد لا تكون تعمل «بالسرعة وربما بالفاعلية التي يريدها البعض»، لكنه أكد أن البنتاغون يعتبر أن آلية عملها «عادلة» و«منفتحة» و«شفافة».



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.