الدبيبة يغازل شرق ليبيا قبل جلسة البرلمان لإقرار الموازنة

استقالات من حزب «الإخوان»... وصهر القذافي يشكو تعرضه لانتهاكات في سجنه

الدبيبة يسعى لإقناع البرلمان الليبي بإقرار موازنة حكومته (رويترز)
الدبيبة يسعى لإقناع البرلمان الليبي بإقرار موازنة حكومته (رويترز)
TT

الدبيبة يغازل شرق ليبيا قبل جلسة البرلمان لإقرار الموازنة

الدبيبة يسعى لإقناع البرلمان الليبي بإقرار موازنة حكومته (رويترز)
الدبيبة يسعى لإقناع البرلمان الليبي بإقرار موازنة حكومته (رويترز)

للمرة الرابعة على التوالي، لم يحسم مجلس النواب الليبي، أمس، مصير موازنة الدولة للعام الحالي التي اقترحتها حكومة الوحدة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بعد تعرضها للتأجيل 3 مرات متتالية، منذ توليها السلطة في مارس (آذار) الماضي.
وعلى الرغم من إعلان عبد الله بليحق، المتحدث باسم المجلس، عن أن جلسته الرسمية التي عقدت أمس، بمقره في مدينة طبرق (أقصى شرق البلاد)، كانت مخصصة لمشروع قانون الموازنة العامة للدولة، وفقاً لاستدعاء مجلس النواب، أكد عقيلة صالح رئيس المجلس أن الجلسة التي كانت منقولة على الهواء مباشرة لم تناقش الموازنة، وأنها اقتصرت فقط على مساءلة الحكومة، مشيراً إلى أن الموازنة ستخضع لدراسة لجنتين مختصتين من المجلس والحكومة، و«سنأخذ قرارنا بناء على ذلك»، موضحاً أن لجنة المالية والتخطيط بمجلس النواب ستجتمع اليوم مع لجنة المالية بالحكومة لرفع التقرير النهائي للمجلس حول الموازنة.
وقال رئيس لجنة المالية بمجلس النواب إن أغلبية أعضائه لا يرفضون إقرار الموازنة، لافتاً إلى وجود مخاوف وشروط لتمريرها، خصوصاً في باب التنمية. وفي المقابل، استمر الدبيبة في تجاهل توفير موازنة للجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر، في شرق البلاد وجنوبها، ولم يعلن تعيين وزير للدفاع، لكنه تعهد مجدداً بأن تشهد وزارة الدفاع تغييرات، موضحاً أنه ناقش هذا الموضوع مع اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، وقال إنه سيتم قريباً جداً تعيين وزير للدفاع، وإنه يجري العمل على اختيار وكيلين لوزارة الدفاع من أعضاء هذه اللجنة التي قال إنه وفر لها ما يلزم من أموال، بما في ذلك تسديد ديونها السابقة، وتخصيص مبالغ أخرى لدعم اللجنة لتحقيق مهامها لوقف إطلاق النار وتوحيد الجيش الليبي.
وطمأن الدبيبة أعضاء المجلس بأن «الأجهزة الرقابية هي المسؤولة عن مراقبة الموازنة، ونحن جاهزون للمراقبة»، وخاطبهم قائلاً: «نناشدكم أن تضعوا معاناة المواطن أمام أعينكم، وأن تضطلعوا بمسؤولياتكم»، وأعلن عن تخصيص مبلغ 50 مليون دينار لمفوضية الانتخابات، يصلها بعد إقرار الموازنة، لافتاً إلى أن حكومته ستعمل على تقديم جدول مرتبات واحد قبل نهاية العام.
وأوضح أنه تم تشكيل عدد من اللجان لتعويض الأضرار جراء موسم الجفاف وأضرار الحر، مشيراً إلى أن لجنة ستتولى منح التعويضات للمتضررين جراء الحروب في مناطق بنغازي ودرنة ومرزق وجنوب طرابلس، من خلال الصناديق التي تم إنشاؤها لهذا الغرض.
وفي رده على ملاحظات لجنة الصحة بمجلس النواب، قال دبيبة إن المرضى يعانون، والمستشفيات تفتقر إلى كثير من المستلزمات بسبب غياب الميزانية، مشيراً إلى اتخاذ عدد من الإجراءات لمعالجة التسريب إلى السوق الموازية فيما يتم استيراده من أدوية من الخارج.
وحذر من أن محطة طبرق قد تتوقف في أي لحظة بسبب غياب الموازنة الأسبوع المقبل، وعد أن مشكلة الكهرباء مزمنة، وأنه تم صرف مبالغ طيلة السنوات العشر الماضية، ولكن لم تجر أي عمليات صيانة.
وكان الدبيبة قد أعرب قبل انعقاد جلسة مجلس النواب عن أمله في أن يغادرها وقد تم اعتماد الموازنة التي اقترحتها حكومته، بهدف إظهار تقدمها نحو إنهاء سنوات من الانقسام بين الفصائل المتناحرة. كما تعهد الدبيبة الذي وصل مساء أول من أمس على رأس وفد وزاري إلى طبرق، وتفقد مركز طبرق الطبي ومحطتين للكهرباء ومحطة بخارية لتحلية المياه، بدعم البلدية ومساعدتها في حل تحدياتها العاجلة.
واختير الدبيبة في مارس (آذار) الماضي لقيادة حكومة الوحدة. وعلى الرغم من أن مجلس النواب أقر الحكومة الجديدة التي تسلمت مقاليد الأمور من حكومتي طرابلس وبنغازي السابقتين، فإنه عارض خطط الموازنة التي طرحها الدبيبة.
ولم يجتمع الدبيبة حتى الآن مع المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني بمعقله في مدينة بنغازي. كما أعلن الأخير عدم اعترافه بتولي الدبيبة حقيبة الدفاع.
ولا تزال الجماعات المسلحة منتشرة في أنحاء البلاد. كما تستمر نزاعات بشأن توزيع إيرادات النفط، بينما لا يزال الطريق الرئيسي الفاصل بين خطوط الجبهة مغلقاً.
وبدورها، هنأت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا المفوضية العليا للانتخابات على إطلاق عملية تحديث سجل الناخبين، وعدتها خطوة مهمة نحو تحقيق المطلب الذي ترنو إليه الأغلبية الساحقة من الشعب الليبي، المتمثل في إجراء انتخابات وطنية بتاريخ 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وحثت البعثة الأممية، في بيان لها أمس، ملتقى الحوار السياسي الليبي على الإسراع في مداولاته بغية التوصل إلى حلول وسط، ووضع اللمسات الأخيرة على مقترح القاعدة الدستورية للانتخابات. كما طلبت من مجلس النواب الاضطلاع بدوره، واعتماد إطار قانوني يمكن من اتخاذ خطوات ملموسة تعنى بالتنفيذ وفسح المجال أمام الشعب الليبي لممارسة حقوقه الديمقراطية.
إلى ذلك، تقدم قياديون بحزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، باستقالات مفاجئة متزامنة، شملت إلى جانب الناطقة باسمه، مسؤولي إدارته السياسية والإعلامية والشباب والشؤون الإدارية والمالية. وجاءت الاستقالات بعد سيطرة تيار متشدد على رئاسة الحزب في مؤتمره الأخير، وتبنيه توجهات جماعة الإخوان.
ومن جهة أخرى، قال مقربون من عبد الله السنوسي، صهر العقيد الراحل معمر القذافي أحد رموز حكمه بصفته رئيس جهاز المخابرات الليبية الأسبق، إنه تعرض لانتهاكات داخل سجنه الحالي في طرابلس. ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر تعرض السنوسي لما وصفته بعملية قتل بطيء، بمنع العلاج والدواء عنه، بينما ناشدت أسرته المنظمات الحقوقية التدخل السريع بعد رفض إدارة السجن إدخال الدواء والفريق الطبي المشرف عليه إثر تدهور حالته الصحية، على حد زعمها.
وتسلمت ليبيا السنوسي بعد هروبه إلى موريتانيا عام 2012، فيما أسقطت محكمة استئناف طرابلس قبل عامين تهم القتل والتعذيب بحقه في قضية سجن أبو سليم لانقضاء مدة الخصومة، لكن قوة الردع التابعة لوزارة الداخلية نجحت إثر اقتحام سجن كانت تسيطر عليه كتيبة ثوار طرابلس في اقتياد السنوسي وعدد من السجناء إلى سجن يخضع لسيطرتها.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.