السودان: ذهبنا إلى مجلس الأمن لوقف الملء الأحادي لـ«سد النهضة»

حمدوك يجري اتصالات لحشد الدعم الدولي لموقف بلاده من الأزمة مع إثيوبيا

TT

السودان: ذهبنا إلى مجلس الأمن لوقف الملء الأحادي لـ«سد النهضة»

استبق السودان جلسة مجلس الأمن الدولي التي ستبحث تطورات النزاع حول «سد النهضة» الإثيوبي (الخميس)، بإجراء اتصالات مع فرنسا؛ الرئيس الحالي للمجلس والعضو الدائم فيه، وعدد من الدول الأفريقية، لحشد الدعم لموقفه، داعياً المجلس إلى استشعار أهمية الملف وخطورة تأثيره على الأمن والسلم في القارة السمراء.
وقال وزير الري السوداني، ياسر عباس، في مؤتمر صحافي بالخرطوم، أمس، إن السودان يذهب إلى مجلس الأمن لإلزام إثيوبيا بوقف أي إجراء أحادي بالملء الثاني لـ«سد النهضة» دون اتفاق قانوني وملزم. وجاء كلامه فيما توجهت وزيرة الخارجية السودانية، مريم المهدي، إلى الولايات المتحدة أمس للتحضير لجلسة مجلس الأمن، على أن يلحق بها وزير الري خلال الساعات المقبلة.
وأضاف الوزير عباس أن «اللجنة السودانية العليا لمتابعة ملف (سد النهضة)» استبقت جلسة مجلس الأمن بعقد اجتماع أكملت فيه الاستعدادات والتحضيرات الجيدة لعرض موقف السودان. وكشف عن إجراء رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، اتصالات بفرنسا ودول أفريقية عدة (النيجر، وتونس، وكينيا)، ودول أخرى لم يكشف عنها، لحشد الدعم الإقليمي والدولي لإيجاد حل لقضية السد.
وأوضح عباس أن مطالب السودان في مجلس الأمن تتعلق بدعوة الدول للامتناع عن الإجراءات الأحادية وإلزام إثيوبيا بوقف عملية الملء الثاني للسد، بالإضافة إلى تعزيز منهجية التفاوض ودعم الوساطة الرباعية ممثلة في الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وقال وزير الري السوداني: «نأمل أن يستجيب مجلس الأمن الدولي لمطالبنا؛ لأن استمرار الإجراءات الأحادية من الجانب الإثيوبي يهدد ملايين السودانيين، كما يهدد الأمن والسلم في المنطقة الأفريقية».
وأكد عباس أن السودان «يتحسب لكل السيناريوهات»، و«يستعد لها بعدد من الخيارات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية، وسيتم التعامل مع كل موقف بحسب رؤية الفريق المفاوض». ونفى أن تكون إثيوبيا مدت السودان بأي معلومات أو بيانات بشأن عملية ملء «سد النهضة»، موضحاً أن «هناك معلومات ووثائق مهمة لم نتحصل عليها، ومن بينها المعلومات المتعلقة بأمن السد».
من جانبه؛ قال المتحدث باسم وزراتي الخارجية والري في ملف مفاوضات «سد النهضة»، عمر الفاروق، إن بلاده لجأت إلى طرح قضية ملف «سد النهضة» في مجلس الأمن بعد أن استنفدت كل جولات المفاوضات السابقة دون التوصل إلى نتائج. وحث المجلسَ على اتخاذ تدابير تعزز من عملية التفاوض بين الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا)، وإلزام أديس أبابا بعدم اتخاذ إجراء أحادي. وأضاف: «نريد من مجلس الأمن الدولي إحياء عملية التفاوض، وهذا المطلب لا يعني دعوتنا إلى افتراع مسار ثان لمفاوضات (سد النهضة)». وأكد تمسك السودان برعاية الاتحاد الأفريقي المفاوضات، لكنه عبّر عن أمله في أن يدعم المجلس مقترح تعزيز المفاوضات بالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وشدد الفاروق على أهمية وضع ملف «سد النهضة» تحت مراقبة مجلس الأمن ورفع تقارير دورية كل 6 أشهر، منوهاً بأن لدى السودان كثيراً من الخيارات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية التي سيعلن عنها في الوقت المناسب.
وطلب السودان، في خطابه لمجلس الأمن بتاريخ 21 يونيو (حزيران) الماضي، ممارسة الضغوط على إثيوبيا للامتناع عن ملء «سد النهضة» من جانب واحد، وإيجاد تسوية فعالة للنزاعات وصولاً لإبرام اتفاقية ملزمة ومنصفة مقبولة للسودان ومصر وإثيوبيا.
وستعقد «اللجنة السودانية العليا لمتابعة ملف (سد النهضة)»، التي يرأسها رئيس الوزراء، وتضم وزراء الخارجية والري والدفاع والداخلية ومدير المخابرات، الأسبوع المقبل اجتماعاً في سد «الرصيرص» بولاية النيل الأزرق، الذي يبعد نحو 20 كيلومتراً من «سد النهضة». ويتوقف تشغيل سد «الرصيرص» إلى حد كبير على كمية المياه المتدفقة من الهضبة الإثيوبية، ولذلك يشدد السودان على ضرورة وجود اتفاق قانوني وملزم حتى لا تتأثر منشآته المائية؛ الأمر الذي يهدد نحو 20 مليون مواطن يقطنون على ضفاف النيل الأزرق.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.