بعد تقديمهما مشواراً مشرّفاً حتى الآن في النهائيات القارية، يصطدم المنتخبان الإسباني والإيطالي اليوم على ملعب ويمبلي في لندن، من أجل بطاقة التأهل إلى نهائي كأس أوروبا (يورو 2020) لكرة القدم.
وتخوض إيطاليا المواجهة منتشية من 13 انتصاراً متتالياً، ومن دون خسارة في آخر 32 مباراة (27 فوزاً و5 تعادلات)، محطمة أرقاماً قياسية وطنية عدة في طريقها إلى نصف النهائي.
وحققت إيطاليا مشواراً باهراً حتى الآن، فتغلبت على تركيا وسويسرا 3 – صفر، وويلز 1 - صفر، لتتصدر مجموعتها، ثم أقصت النمسا 2 - 1 بعد وقت إضافي في ثمن النهائي، وحققت نتيجة لافتة بإقصاء بلجيكا المصنّفة أولى عالمياً 2 - 1 في ربع النهائي.
أما إسبانيا، فقد حققت بداية بطيئة، وواجهت خطر الخروج من دور المجموعات بعد تعادلين مع السويد سلباً وبولندا 1 – 1، لكن رجال المدرب لويس إنريكي حققوا فوزاً صارخاً على سلوفاكيا 5 - صفر منحهم وصافة المجموعة. وضربوا مجدداً بانتصار كبير في ثمن النهائي على كرواتيا 5 - 3 بعد وقت إضافي، ثم احتاجوا إلى ركلات الترجيح للتفوق على سويسرا (3 - 1) بعد التعادل 1 - 1.
ويلتقي الفائز من هذه المواجهة المتأهل بين إنجلترا والدنمارك غداً في ويمبلي أيضاً. ولعل أبرز مواجهات المنتخبين في نهائي كأس أوروبا 2012، عندما ضربت إسبانيا بقوة مسجلة رباعية في مرمى إيطاليا، لتحرز لقبها الثالث. لكن إيطاليا ردّت في النسخة التالية، عندما أقصت إسبانيا من ثمن النهائي بثنائية، منهية سيطرتها على البطولة القارية بعد لقبي 2008 و2012.
والتقى المنتخبان 37 مرة، ففاز كل منهما 11 مرة وتعادلا في 15 مباراة. وفي كأس أوروبا، فازت إيطاليا مرتين وإسبانيا مرة وتعادلا 3 مرات.
وسيلتقي المنتخبان مجدداً في نصف نهائي دوري الأمم الأوروبية على ملعب سان سيرو في ميلانو في 6 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وتخوض إسبانيا نصف النهائي الخامس في البطولة القارية المتوجة بلقبها في 1964 و2008 و2012، وهي تملك رصيداً ناصعاً في نصف النهائي؛ إذ تغلبت في 1964 على المجر 2 - 1، وفي 1984 على الدنمارك بركلات الترجيح، وفي 2008 على روسيا بثلاثية نظيفة، و2012 على البرتغال بركلات الترجيح.
وعلى غرار إسبانيا، خاضت إيطاليا نصف النهائي أربع مرات، لكن بمحصلة مختلفة. تخطت في 1968 الاتحاد السوفياتي بالقرعة بعد تعادلهما، ثم أحرزت لقبها الوحيد في المسابقة. وخسرت في 1988 أمام الاتحاد السوفياتي بثنائية، وفازت على هولندا بركلات الترجيح عام 2000، ثم فازت على ألمانيا 2 - 1 في 2012.
وستكون مباراة اليوم مناسبة لمدرب إسبانيا لويس إنريكي في تصفية حساب قديم مع نظيره الإيطالي عندما كان لاعباً، حيث تلقى ضربة على أنفه من مدافع إيطاليا ماورو تاسوتي في مونديال الولايات المتحدة عام 1994، فسال الدم منه ملطخاً قميص بلاده الأبيض.
ولدى تسلم إنريكي دفة الجهاز الفني للمنتخب الإسباني، كان مستوى الأخير في تراجع، حتى أنه فشل في بلوغ الدور ربع النهائي في آخر ثلاث بطولات كبرى شارك فيها (في مونديالي 2014 و2018 وكأس أوروبا 2016). وأدى قرار لويس إنريكي الجريء في استبعاد قطب الدفاع سيرجيو راموس إلى إنهاء أي صلة بتشكيلة عام 2008، كما أن قراره بعدم استدعاء أي لاعب من نادي ريال مدريد جعله عرضة للانتقادات واعتبرت وسائل الإعلام المحلية بأن الفريق يفتقد إلى القادة في صفوفه.
وردّ انريكي بالقول «أنا أحد القادة كما هي الحال بالنسبة إلى سائر المدربين. إذا لم تكن الحال كذلك، ستكون إشارة سيئة».
ولم تكن الطريق إلى نصف النهائي مفروشة بالورد للمنتخب الإسباني، فقد أصيب لاعب الوسط المؤثر سيرجيو بوسكيتس بفيروس كورونا قبل أيام من انطلاق البطولة؛ ولأن المدرب لم يشأ استقدام 26 لاعباً كما تسمح له القوانين الجديدة بذلك واكتفى بـ23 لاعباً، تعرض لمزيد من الانتقادات ليجبر على توسيع تشكيلته.
وتواصلت انتقادات المدرب لإصراره على إشراك مهاجم يوفنتوس ألفارو موراتا الذي أضاع كماً هائلاً من الأهداف السهلة في دور المجموعات، بالإضافة إلى ركلة جزاء، قبل أن يلعب دور المنقذ في الدور ثمن النهائي بتسجيله هدف التقدم 4 - 3 في الوقت الإضافي في شباك كرواتيا ليمهد فوز فريقه 5 - 3.
كما أدى الخطأ الكوميدي لحارس مرمى المنتخب الإسباني أوناي سيمون إلى فتح الجدال حول هوية الحارس رقم واحد في الفريق، لكن الأخير كان بطل فريقه في ربع النهائي، حيث نجح في التصدي لركلتي ترجيح ضد سويسرا ليقوده إلى المربع الذهبي.
أما قلب الدفاع ايميريك لابورت (الفرنسي الأصل) والذي حصل على الجنسية الإسبانية قبل أسابيع قليلة من انطلاق كأس أوروبا، فكانت مساهمته فعالة إلى جانب المخضرم سيزار أسبيليكويتا العائد إلى صفوف المنتخب بعد غياب ثلاثة أعوام.
في المقابل، أثبت جناح باريس سان جيرمان الفرنسي بابلو سارابيا بأنه يستحق مكانه في التشكيلة بعد تسجيله هدفين في مرمى سلوفاكيا وكرواتيا، في حين لعب البدلاء فيران توريس، داني أولمو وميكل أويارسابال دوراً أيضاً لدى مشاركتهم.
وقال إنريكي «لطالما قلت بأننا من بين المنتخبات الثمانية المرشحة لإحراز اللقب، والآن نحن من بين أفضل أربعة منتخبات، أما وقد بلغنا الدور نصف النهائي، من السخافة عدم التفكير بالخطوة التالية. هذا هو الهدف».
ودفع إنريكي بتشكيلة شابة مطعّمة ببعض وجوه الخبرة على غرار بوسكيتس، وبرز في صفوفه حتى الآن، لاعب الوسط الشاب بيدري (18 عاماً) والمهاجم فيران توريس (21) والمدافع باو توريس (24)، في حين نفض رأس الحربة ألفارو موراتا غبار الانتقاد عنه مسجلاً هدفين حتى الآن. وقال إنريكي «نحن فخورون جداً بما حققناه، لكن سيكون سخيفاً الاعتقاد أن الوصول إلى نصف النهائي كافٍ لأي من المنتخبات الأربعة».
ورأى حارس المنتخب الإسباني أوناي سيمون الذي تألق في ركلات الترجيح ضد سويسرا «يجب أن نفوز بكأس أوروبا. يجب أن ننسى أخطاءنا بسرعة؛ لأن هناك خِصماً صعباً جداً ينتظرنا».
أما المدرب الإيطالي روبرتو مانشيني، فيفتقد لأحد أفضل لاعبي هذه البطولة، الظهير ليوناردو سبيناتسولا المصاب بقطع في وتر أخيل سيبعده لأشهر طويلة عن الملاعب.
وقال مانشيني «سجلنا مرتين ضد بلجيكا، وكان بمقدورنا تسجيل المزيد. أعتقد أن الفوز كان مستحقاً. إسبانيا هدفنا التالي، لكن مع تقدمك في البطولة تصبح المباريات أكثر صعوبة».
وبعد الفوز على بلجيكا، بدا التأثر واضحاً على قلب دفاع إيطاليا ليوناردو بونوتشي الذي قال «مرة جديدة، أثبتنا قيمنا، ونكران الذات، وتجاوز المعاناة، نلعب بتواضع وبقلب إيطاليا. كل هذا ظهر أمام بلجيكا. هو الرضا الأهم، هذا يعني أننا نكبر».
ويعول مانشيني على دفاع مخضرم بقيادة بونوتشي وجورجو كييليني، وخط وسط خبير مع جورجينيو وماركو فيراتي والموهوب نيكولو باريلا، بالإضافة إلى هجوم حاضر بقوة مع فيديريكو كييزا، تشيرو إيموبيلي ولورنتسو إنسينيي.
ولطالما كانت تعول إيطاليا على صلابتها الدفاعية، لكن موهبة باريلا ودومينيكو بيراردي، ومانويل لوكاتيلي وكييزا، أضافت نكهة هجومية لافتة لتشكيلة تبحث عن العودة إلى النهائي بعد خيبة 2012.
وتحت قيادة مانشيني، حقق المنتخب الإيطالي رقماً قياسياً بعدم الخسارة في 32 مباراة متتالية قبل مواجهة إسبانيا اليوم. وتبدو المعنويات مرتفعة في المعسكر الإيطالي، ويعلمون أنه لا تفرقهم سوى مباراتين عن الاحتفال المحتمل بالفوز بكأس البطولة.
وقال إنسيني، الذي سجل الهدف الثاني الرائع في مرمى بلجيكا بربع النهائي «نحن نثبت أننا فريق عظيم. ولكن يجب أن نستمر في التقدم، لم نحقق أي شيء بعد». وأضاف «لم ألعب من قبل وعلى وجهي مثل هذه الابتسامة الكبيرة. الأمر يشبه اللعب مع أصدقائك خلال عطلة الأسبوع. المدرب سمح لنا بلعب أفضل كرة قدم. يجب أن نبذل جهداً مضاعفاً في اللحظات المتبقية الأخيرة وألا يتملكنا الغرور».
وصنع مانشيني الذي تولى المهمة بعد فشل المنتخب في التأهل لنهائيات كأس العالم 2018، فريقاً يمكنه لعب كرة هجومية مثيرة مع الإبقاء على التقليد الإيطالي المتمثل في الدفاع بصلابة معتمداً على لاعبين أمثال القائد جيورجيو كيليني وليوناردو بونوتشي.
وقال مانشيني «كنا نتحدث عن إيطاليا بعبارات إيجابية لفترة. الكل يستحق التحية. فخور للغاية بتدريبهم وأن أكون مسؤولاً عنهم». وأضاف «سنذهب إلى ويمبلي كفريق ما زال بإمكانه تقديم الكثير. المنتخب الإسباني فريق صعب للغاية مثل بلجيكا. سنعد أنفسنا بشكل جيد لهذه المواجهة».
إسبانيا بشبابها الموهوبين في مواجهة إيطاليا المتألقة بسجل قياسي اليوم
المنتخبان قدّما مسيرة مشرفة في «يورو 2020»... فمن سيخطف بطاقة التأهل إلى النهائي؟
إسبانيا بشبابها الموهوبين في مواجهة إيطاليا المتألقة بسجل قياسي اليوم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة