هجوم على معسكر للجيش اليمني في أبين يحمل بصمات الحوثيين

الميليشيات تنهار في البيضاء... والمقاومة تقترب من مركز المحافظة

جانب من عمليات الدفاع التي ينفذها الجيش اليمني في مأرب (أ.ف.ب)
جانب من عمليات الدفاع التي ينفذها الجيش اليمني في مأرب (أ.ف.ب)
TT

هجوم على معسكر للجيش اليمني في أبين يحمل بصمات الحوثيين

جانب من عمليات الدفاع التي ينفذها الجيش اليمني في مأرب (أ.ف.ب)
جانب من عمليات الدفاع التي ينفذها الجيش اليمني في مأرب (أ.ف.ب)

بالتزامن مع الانهيار المتسارع للميليشيات الحوثية في محافظة البيضاء (جنوب شرقي صنعاء) حيث مديرية الزاهر، هزّ انفجار ضخم، أمس (الأحد)، معسكراً للجيش اليمني في مديرية مودية التابعة لمحافظة أبين، أدى في حصيلة أولية إلى مقتل وإصابة 20 جندياً على الأقل وسط ترجيحات لمراقبين بمسؤولية الميليشيات الحوثية عن الهجوم.
في هذا السياق، أفادت مصادر طبية وعسكرية لـ«الشرق الأوسط» بأن الانفجار الذي يرجح أنه ناجم عن هجوم صاروخي أو بطائرة مسيرة مفخخة استهدف المسجد التابع لمعسكر اللواء الخامس في أطراف بلدة مودية (جنوب شرقي أبين) وقت صلاة الظهر، وذكرت أن 5 جنود على الأقل قضوا جراء الانفجار الذي دمر مبنى المسجد، في حين أصيب 15 آخرون بعضهم إصابته خطرة.
وقال مراقبون عسكريون إن الميليشيات الحوثية هي المستفيد الأول من هذا الهجوم، إذ تحاول إرباك قوات الجيش اليمني والمقاومة مستغلة حالة التوتر بين القوات الموالية للحكومة الشرعية والأخرى الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي في بعض مناطق محافظة أبين.
وفيما يرتقب أن يصدر الجيش اليمني بياناً بخصوص التحقيقات الأولية عن الهجوم، واصلت قوات المقاومة الشعبية في محافظة البيضاء، بإسناد من ألوية العمالقة، التقدم في مديرية الزاهر، مقتربة من مركز المحافظة (مدينة البيضاء)، وفق ما أفادت به مصادر رسمية.
وذكرت المصادر أن قوات المقاومة المؤلفة من رجال القبائل ووحدات من ألوية العمالقة تمكنت من استعادة مواقع حيوية في مناطق ذي مخشب وجاحور والسوادنة وظهر آل عبيد المظفر وقربة ومسكين وغرارة وكثير من المواقع قرب تقاطع الطرق في منطقة الجماجم التابعة لمديرية الزاهر.
ومع هذا التقدم، باتت القوات المحسوبة على الحكومة الشرعية تطوق مركز مديرية الزاهر، في حين صارت على بعد كيلومترات قليلة من الوصول إلى مدينة البيضاء، بعدما قطعت طرق إمداد رئيسة على الميليشيات.
وبحسب مراقبين، فإن استمرار القوات في هذه العملية التي أطلق عليها «النجم الثاقب» من شأنه أن يقرب من إنهاء الوجود الحوثي في محافظة البيضاء، بخاصة إذا ما تحركت الجبهات الأخرى لاستكمال تحرير المحافظة التي تمتلك حدوداً إدارية مع 8 محافظات، هي شبوة وأبين والضالع وإب وصنعاء وذمار ولحج ومأرب.
وتقول المصادر العسكرية إن المعارك كبدت الميليشيات الحوثية في اليومين الماضيين عشرات القتلى والجرحى، إلى جانب استعادة المقاومة آليات وذخائر، في حين بدأ قادة حوثيون في إجلاء عائلاتهم من مدينة البيضاء.
وشوهد، بحسب ما أظهرته مقاطع فيديو متداولة، أهالي المناطق المحررة وهو يستقبلون قوات المقاومة والجيش بالأهازيج تعبيراً عن خلاصهم من قبضة الميليشيات الحوثية منذ اجتياحها للمحافظة في 2015.
وفي أول تعليق على هذا التقدم، قال وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني، في تغريدات على «تويتر»: «إن عناصر الجيش والمقاومة الشعبية يحققون انتصارات كبيرة في جبهة مديرية الزاهر بمحافظة البيضاء، وتمكنوا من استعادة عشرات المواقع الاستراتيجية، أهمها جبل شبكة ومنطقة قربة وأمسوادنة وذا مخشب وجاحور ومواقع في منطقة آل عبيد وأجزاء واسعة من مثلث الجماجم، وسط احتفاء وترحيب شعبي كبير».
وأضاف الإرياني: «تقدم الجيش الوطني والمقاومة الشعبية مستمر وسط تقهقر وانكسار كبير لميليشيا الحوثي ومصرع وجرح العشرات من عناصرها بينهم قيادات، واستعادة عدد من الآليات والأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة ومستودعات ذخيرة متنوعة، وإعطاب عدد من العربات».
وأوضح الوزير اليمني أن الجيش والمقاومة بإسناد من تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية تمكنوا من قطع خطوط إمداد ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران فيما تبقى من مناطق الناصفة، والزاهر، والجماجم، وأن المعارك على أشدها فيما تبقى من مواقع الجماجم وكيدان والغيلمة.
وأثنى الإرياني على ما وصفه بـ«الدور الكبير» لمشايخ وأبناء القبائل في مساندة الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في العملية العسكرية الواسعة لتحرير محافظة البيضاء التي قال إنها تمثل «قلب اليمن النابض».
جاءت هذه التطورات في محافظة البيضاء، في وقت تواصل فيه الميليشيات الحوثية هجماتها على مواقع القوات الحكومية في غرب مأرب وجنوبها وشمالها الغربي، بحسب ما أفاد به الإعلام العسكري.
ويوم السبت الماضي، ذكر الموقع الرسمي للجيش أن الميليشيات تكبدت خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، بنيران الجيش، وغارات تحالف دعم الشرعية، في الأطراف الشمالية الغربية لمحافظة مأرب.
واندلعت مواجهات عنيفة - بحسب الموقع - إثر هجوم للميليشيات، في أطراف مديرية رغوان؛ حيث أفشل الجيش الهجوم وكبّد الميليشيا قتلى وعشرات الجرحى، كما استهدفت مدفعية الجيش، تجمعات للميليشيا الحوثية، في الأطراف الغربية للمديرية نفسها، بالتزامن مع ضربات لمقاتلات تحالف دعم الشرعية، استهدفت تعزيزات الميليشيا في المنطقة ذاتها، ما أدى إلى تدميرها، ومصرع من كان على متنها من عناصر.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.