منع لم شمل الفلسطينيين يهدد بأزمة في الحكومة الإسرائيلية الجديدة

دردشة في الكنيست بين منصور عباس وبنيت عضوي الائتلاف الحكومي المهدد في جلسة اليوم
دردشة في الكنيست بين منصور عباس وبنيت عضوي الائتلاف الحكومي المهدد في جلسة اليوم
TT
20

منع لم شمل الفلسطينيين يهدد بأزمة في الحكومة الإسرائيلية الجديدة

دردشة في الكنيست بين منصور عباس وبنيت عضوي الائتلاف الحكومي المهدد في جلسة اليوم
دردشة في الكنيست بين منصور عباس وبنيت عضوي الائتلاف الحكومي المهدد في جلسة اليوم

يشهد الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، اليوم الاثنين، معركة لي أذرع بين الحكومة والمعارضة، تتعلق بالقانون الذي يمنع لم شمل ألوف العائلات الفلسطينية.
ومع أن المعارضة (بقيادة بنيامين نتنياهو) هي التي جلبت المشروع إلى الكنيست، فإنها قررت التصويت ضده، حتى تربك الحكومة وتسهم في تقويضها. وتشير مصادر سياسية مقربة من رئيس الوزراء، نفتالي بنيت، ورئيس الوزراء البديل وزير الخارجية، يائير لبيد، إلى أن الخلافات داخل الحكومة بهذا الشأن تهدد بأول أشد أزمة تنتابها منذ تأسيسها قبل ثلاثة أسابيع.
وقالت هذه المصادر إن المشكلة لن تؤدي إلى فرط الائتلاف وسقوط الحكومة، حتى لو سقط القانون بأصوات اليمين المعارض واليسار المشارك، إلا أنه يحدث في الائتلاف شرخاً يقصر في عمر الحكومة.
والحديث يجري عن قانون قديم يتعلق بالمواطنين غير اليهود في إسرائيل، والقصد بذلك أولئك المواطنين الذين قدموا من الضفة الغربية وقطاع غزة، أو من الأردن ومصر ولبنان وسوريا والمغرب وغيرها، وتزوجوا من مواطنات أو مواطنين من سكان إسرائيل العرب (فلسطينيي 48)، ويطلبون الحصول على إقامة رسمية. ففي سنة 2003، وبدعوى كثرة العمليات المسلحة ضد أهداف إسرائيلية نفذها بعض من هؤلاء، تمت إضافة بند ثانوي إلى القانون يمنع منح الإقامة بشكل جارف لأمثالهم. وأدى هذا القانون، إلى مشكلة مأساوية لأكثر من 17 ألف عائلة، أصبحت ممزقة، الأب لا يرى زوجته وأولاده والأولاد محرومون من الأب أو الأم، والأجداد لا يستطيعون احتضان أحفادهم. وقد رفضت محكمة العدل العليا الإسرائيلية، في حينه، المصادقة على هذا البند في القانون، لأنه غير إنساني، ولكنها أجازت للكنيست التعامل معه كإجراء مؤقت، يتم تجديده في كل سنة، إلى حين يتوفر بديل آخر أو تتبدل الظروف الأمنية.
وحان وقت التجديد السنوي للقانون، هذا الشهر، إذ في حال لم يصادق عليه، حتى السابع من يوم بعد غد الأربعاء، فإن البند يسقط. وقد جلبته في حينها للإقرار في الكنيست قبل شهر، حكومة بنيامين نتنياهو، ولكن حين بدا بوضوح أن عهد نتنياهو ينتهي وحكومة جديدة تتشكل، قررت بخبث تأجيل الموضوع لأسبوعين. وطيلة الأسبوعين الماضيين، كانت حكومة بنيت تتخبط، إذ تبين أن حزبين من الائتلاف، هما حزب ميرتس اليساري والحركة الإسلامية، يعارضان القانون وسيصوتان ضده.
وقد دخلت وزيرة الداخلية، إييلت شكيد، في مفاوضات مع قادة الحزبين حتى يؤيدوا القانون أو على الأقل يمتنعون عن التصويت عليه، وبالمقابل عرضت عليهم إجراء تسهيلات على العائلات. ومن بين هذه التسهيلات اقترحت السماح للزوجين، بالحصول على رخصة قيادة وترتيب تسهيلات في الخدمات الطبية وحرية التنقل وغيرها. وكاد الطرفان يتفقان على ذلك، لكن المعارضة الداخلية في الحركة الإسلامية ومهاجمتها من طرف الأحزاب العربية في القائمة المشتركة، جعلتها تتراجع، فأعلنت أنها ستصوت ضد القانون. وقال حزب ميرتس إنه لا يستطيع أن يؤيد قانوناً كهذا «يمنع الحب ويعاقب على الزواج».
من جهتها أعلنت الوزيرة شاكيد، أنها ستطرح القانون على الكنيست مهما تكن النتيجة. وقالت إن اليمين المعارض يفضل مصالحه الحزبية على أمن إسرائيل، وأنها تريد أن ترى «نواب الليكود يصوتون ضد هذا القانون». ولكن مثل هذا الإجراء يحدث شرخاً داخل الائتلاف، أيضاً، ويكشف كم هو تحالف هش وقابل للكسر.
في السياق، طرح موضوع آخر متفجر على طاولة الحكومة الجديدة، وهو موضوع الاستيطان. فقد أعلنت مصادر مقربة من الوزيرة شاكيد، بأنها توصلت إلى اتفاق مع وزير الأمن، بني غانتس، بشأن البناء في المستوطنات. وقالت إن الاتفاق ينص على عقد جلسة لمجلس البناء والتخطيط في الإدارة المدنية الإسرائيلية للبت في توسيع المستوطنات، لكن غانتس نفى ذلك، وقال إنه لم يكن هناك اتفاق في مفاوضات تشكيل الائتلاف حول هذا الموضوع، وإن قضية البناء في المستوطنات والاستيطان يتعلق بعمل وزارته لوحدها.



كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
TT
20

كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)

غداة التهديد الحوثي الأخير بعودة الهجمات الحوثية المزعومة ضد إسرائيل، تصاعدت التساؤلات اليمنية عن الطريقة التي ستتخذها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد الجماعة المدعومة من إيران.

ويرى سياسيون يمنيون أن الولايات المتحدة سترد بطريقة أشد ردعاً على هجمات الحوثيين، إذا ما نفَّذت الجماعة تهديدها بالعودة إلى قصف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن؛ حيث تزعم أنها في موقف الدفاع عن الفلسطينيين في غزة.

ويبدو أن زعيم الجماعة المدعومة من إيران، عبد الملك الحوثي، يسعى لاختبار ردة الإدارة الأميركية الجديدة؛ إذ هدد، مساء الجمعة، بأن جماعته ستعود لمهاجمة السفن بعد 4 أيام، إذا لم تسمح إسرائيل بإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، ضمن ما نصّت عليه المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار.

وكانت إسرائيل وحركة «حماس» توصلتا، بوساطة قطرية ومصرية وأميركية، إلى اتفاق لوقف النار وتبادل الأسرى بدأ سريانه مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي. ومنذ ذلك الحين، توقف الحوثيون عن هجماتهم ضد السفن وباتجاه إسرائيل، مع تهديدهم بالعودة إليها في حال فشل الاتفاق.

وتقول الحكومة اليمنية إن هجمات الحوثيين البحرية، وباتجاه إسرائيل، تأتي تنفيذاً لتوجيهات إيرانية، وإنها لم تساعد الفلسطينيين في شيء، أكثر من استدعائها لعسكرة البحر الأحمر وإتاحة الفرصة لإسرائيل لتدمير البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)
مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)

ومع توقُّع أن تكون إدارة ترمب أكثر حزماً من سابقتها في التعاطي مع التهديدات الحوثية، كان قد أعاد تصنيف الجماعة «منظمة إرهابية أجنبية» ضمن أولى قراراته، إذ بدأ سريان القرار قبل أيام بالتوازي مع إدراج 7 من كبار قادة الجماعة على لائحة العقوبات التي تفرضها وزارة الخزانة.

السيناريوهات المتوقعة

مع تهديد زعيم الجماعة الحوثية بالعودة إلى مهاجمة السفن، يتوقع سياسيون يمنيون أن ردة الفعل الأميركية ستكون أقوى. وقد تصل إلى الدعم العسكري للقوات اليمنية على الأرض. وهذا يعني نهاية المسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة بناء على خريطة الطريق التي كانت توسطت فيها السعودية وعمان في نهاية 2023، وتعذر تنفيذها بسبب التصعيد الحوثي البحري والإقليمي.

ويتوقع البراء شيبان، وهو زميل في المعهد الملكي البريطاني لدراسات الدفاع، أن واشنطن سترد هذه المرة، وقد تكون بوتيرة ضربات أعلى، كما ستشدد الرقابة على كل الأفراد والكيانات الذين لا يزالون يقومون بأي تعاملات مالية أو لوجستية مع الحوثيين، بما في ذلك دخول النفط الذي يُعتبَر أحد أبرز الموارد الذي استخدمته الجماعة خلال الفترة الماضية.

صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)
صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)

وفي حال حدوث ذلك، يرى شيبان أن ذلك قد يدفع الحوثيين إلى التصعيد العسكري، وهو ما سيكون له تبعات على خريطة الطريق والمشاورات الذي كانت قد دشنتها الرياض مع الحوثيين منذ عام 2022.

من جهته، يتوقع المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر، رداً أميركياً على أكثر من مسار، ومن ذلك أن يكون هناك رد عسكري جوي وبحري على الأهداف الحوثية، إلى جانب استهداف البنية التحتية للجماعة، مثل الموانئ والمنشآت العسكرية.

ويضيف: «ربما قد نرى المزيد من العقوبات الاقتصادية على الحوثيين، مثل تجميد الأصول وتحديد التجارة، بهدف تقليل قدرتهم على الحصول على الأسلحة والموارد. إلى جانب اللجوء إلى البحث عن شريك عسكري في اليمن، بهدف دعمه عسكرياً وتعزيز قدرته على مواجهة الجماعة».

ويخلص الطاهر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى القول إن «رد واشنطن سيكون معتمداً على سياق الحادثة ونتائجها، بالإضافة إلى التطورات السياسية والاستراتيجية في المنطقة».

وفي سياق التوقعات نفسها، لا يستبعد الباحث السياسي والأكاديمي اليمني فارس البيل أن يقود أي هجوم حوثي ضد السفن الإدارة الأميركية إلى خلق تحالف جديد يضم إسرائيل لتوجيه ضربات أكثر فاعلية ضد الجماعة وقادتها، وربما بالتزامن مع استهداف القدرات النووية لطهران.

مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

ويجزم البيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بأن أميركا تبدو الآن أكثر تصميماً على توجيه ضربات قوية ضد الحوثي في حال أعاد هجماته.

وفي اتجاه آخر، يرى الباحث السياسي اليمني رماح الجبري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تبحث عن أي قصف إسرائيلي أو غربي لمناطق سيطرتها؛ كون ذلك يحقق لها أهدافاً كثيرة. من بينها التصوير لأتباعها أن أي تحرك عسكري يمني أو حرب اقتصادية ضدها انتقام إسرائيلي، وأن الصف الوطني الذي يقوده مجلس القيادة الرئاسي يخدم مصالح تل أبيب.

ويبدو أن الجماعة (بحسب الجبري) تريد أن تستعجل اختبارها لرد الإدارة الأميركية الجديدة، مستغلةً الظروف الحالية التي تتجاذب تنفيذ بقية خطوات اتفاق الهدنة في غزة بين حركة حماس وإسرائيل، دون أن تكترث للرد الأميركي المتوقَّع؛ كونها لا تأبه لأي أضرار يتعرض لها السكان في مناطق سيطرتها.

وعيد أميركي

في أحدث التصريحات الأميركية بشأن الموقف من الجماعة الحوثية، كانت القائمة المؤقتة بأعمال الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، السفيرة دوروثي شيا، توعدت الحوثيين، خلال إيجاز في مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن.

وقالت إنه تماشياً مع الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترمب بشأن إعادة إدراج الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، تتخذ الولايات المتحدة خطوات ملموسة للقضاء على قدرات الحوثيين.

وأضافت أن بلادها ستتخذ خطوات لوقف الدعم الإيراني لأنشطة الحوثيين الإرهابية، وذلك بموجب المذكرة الرئاسية الخاصة بالأمن القومي التي أصدرها الرئيس ترمب، وأعاد من خلالها فرض القدر الأقصى من الضغط على إيران.

ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)
ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)

وتوعدت السفيرة شيا باتخاذ إجراءات ضد الحوثيين، في حال استأنفوا هجماتهم المتهورة في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة وضد إسرائيل.

وقالت إن كل دولة عضو في مجلس الأمن تتحمل مسؤولية الوفاء بالتزاماتها بموجب القرارات الصادرة عن المجلس، بما في ذلك القرارات التي تتعلق بالحظر المفروض على إمداد الحوثيين بالأسلحة والمواد والتدريبات ذات الصلة أو بالمساعدات المالية.

ودعت القائمة المؤقتة بأعمال المندوب الأميركي في الأمم المتحدة إلى التحرك باتجاه تعزيز آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش الخاصة باليمن، وحضت الدول الأعضاء على القيام بدورها وزيادة التمويل للتخطيط طويل الأمد الخاص بالآلية وتوظيفها للأفراد وبنيتها التحتية الحيوية والضرورية لتعزيز القدرة على تفتيش جميع الحاويات غير المكشوفة، وبنسبة مائة في المائة.

ووصفت الحوثيين بأنهم يواصلون سعيهم إلى أخذ مضيق باب المندب والتجارة الدولية كرهينة، ولم يبدوا أي رغبة أو قدرة على التمييز بين أهدافهم، وشددت بالقول: «حري بنا ألا نقبل بأي شكل من الأشكال مزاعمهم بشأن أي أساس مشروع لهجماتهم».

الهجمات والضربات السابقة

يُشار إلى أن الجماعة الحوثية تبنَّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة في البحرين الأحمر والعربي، منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة واحتجاز طاقمها لأكثر من عام ومقتل 4 بحارة.

وتلقت الجماعة نحو ألف غارة نفذتها واشنطن بمشاركة بريطانيا في بعض المرات للحد من قدراتها، في حين شنت إسرائيل 5 موجات انتقامية جوية على موانئ الحديدة ومطار صنعاء، ومحطات كهرباء، رداً على إطلاق الجماعة نحو 200 صاروخ وطائرة مسيرة باتجاه إسرائيل خلال 14 شهراً.

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)
السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)

وباستثناء إسرائيلي واحد قُتِل جراء انفجار مسيرة حوثية في شقة بتل أبيب في يونيو (حزيران) الماضي، لم تكن لهذه الهجمات أي تأثير قتالي باستثناء بعض الإصابات، والتسبُّب في الضغط على الدفاعات الجوية الإسرائيلية.

غير أن الضرر الأكبر لهذه الهجمات الحوثية كان على الصعيد الاقتصادي مع تجنُّب كبرى شركات الملاحة المرور عبر باب المندب وسلوكها مساراً أطول عبر طريق الرجاء الصالح، وهو ما أدى إلى تراجع حركة السفن في البحر الأحمر إلى أكثر من 50 في المائة، وأصبحت مصر أكبر الخاسرين لفقدها نحو 7 مليارات دولار من عائدات قنوات السويس.

ومع عدم نجاح هذه الضربات الغربية والإسرائيلية في الحد من قدرات الجماعة الحوثية على شن الهجمات، كان الموقف الرسمي لمجلس القيادة الرئاسي اليمني والحكومة التابعة له معارضة هذه الضربات، لجهة أنها غير فاعلة في إنهاء التهديد الحوثي، وأن البديل الأنجع دعم القوات اليمنية الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها ومؤسسات الدولة المختطفة، باعتبار ذلك هو الحل العملي.