إسرائيل تقيم نصباً لـ{جيش لحد» في محاذاة الحدود اللبنانية

اتهمت قيادياً في «حزب الله» بتهريب أسلحة ومخدرات

النصب التذكاري لجنود جيش حد في بلدة المطلة قرب الحدود اللبنانية
النصب التذكاري لجنود جيش حد في بلدة المطلة قرب الحدود اللبنانية
TT

إسرائيل تقيم نصباً لـ{جيش لحد» في محاذاة الحدود اللبنانية

النصب التذكاري لجنود جيش حد في بلدة المطلة قرب الحدود اللبنانية
النصب التذكاري لجنود جيش حد في بلدة المطلة قرب الحدود اللبنانية

في الوقت الذي افتتح فيه وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، موقع نصب تذكاري أقيم احتفاء بجيش لبنان الجنوبي وقائديه المتعاونين مع الدولة العبرية، سعد حداد وأنطوان لحد، في بلدة المطلة قرب الحدود اللبنانية، أصدر الجيش الإسرائيلي بياناً رسمياً يتهم فيه أحد قياديي «حزب الله» بإدارة شبكة للاتجار بالمخدرات والأسلحة.
وجيش لبنان الجنوبي كان قد تأسس عان 1976. بمبادرة من الرائد سعد حداد، المنشق عن الجيش اللبناني، وتولى قيادته لاحقاً منشق آخر هو اللواء أنطوان لحد، تعاون مع الجيش الإسرائيلي لدى احتلاله الجزء الجنوبي من لبنان.
كانت تلك ميليشيات في البداية، تعمل في خدمة المخابرات الإسرائيلية العسكرية، وفي عام 1983. تعاونت مع الاحتلال الإسرائيلي للجنوب اللبناني، ثم تحولت إلى جيش خاض حرباً مشتركة مع إسرائيل ضد قوات المقاومة الفلسطينية واللبنانية المشتركة، وأقاما معتقلاً مشتركاً في بلدة الخيام. وبقي هذا الجيش حتى عام 2000، قبل أن تقرر إسرائيل الانسحاب من دون إبلاغ هذا الجيش الحليف، وتركته يعاني التشتت والتمزق. وقد هرب من استطاع منهم ذلك إلى إسرائيل مع عائلاتهم (نحو 6 آلاف شخص).
وحسب الإحصائيات الرسمية في إسرائيل، بلغ عدد أفراد هذا الجيش 2500 عنصر، كان 60 في المائة منهم مسيحيين، و20 في المائة من الشيعة، و15 في المائة من الدروز، والبقية من السنّة. وقد قتل منهم 660 عنصراً، إضافة إلى 200 مدني. وترك القرار الإسرائيلي بالانسحاب من لبنان من دون الاكتراث بهم، جرحاً عميقاً لدى جنود هذا الجيش، واختار كثيرون منهم العودة إلى لبنان وتحمل السجن والعقوبات على البقاء في إسرائيل. وهاجر قسم منهم إلى دول الغرب وبقي منهم في إسرائيل اليوم نحو 2000 نسمة. وحتى هؤلاء، ليسوا مرتاحين تماماً، ولكن قسماً منهم طالَب بأن يتم التعامل معهم كمواطنين إسرائيليين. ومن ضمن مطالبهم إعادة بناء النصب التذكاري، الذي كان قد أُقيم في الماضي قرب بلدة مرج عيون، ولكن «حزب الله» حطمه.
وتم يوم أمس افتتاح هذا النصب رسمياً في بلدة المطلة، وهو يقوم على مساحة 2800 متر مربع ويضم حديقة في مركزها شجرة زيتون كبرى، وجدار ذكرى كتب عليه: «لذكرى شهداء جيش لبنان الجنوبي الذين سقطوا أثناء قيامهم بواجبهم، دفاعاً عن بلدات جنوب لبنان وبلدات شمال إسرائيل». ووعد وزير الأمن، بيني غانتس، بألا يقتصر عمل الحكومة على الشؤون الرمزية، بل أن يحل بقية المشاكل الإنسانية التي تعانيها عائلات هؤلاء الجنود من جراء التقصير والإهمال الإسرائيلي لهم، بحسب تعبيره.
في هذه الأثناء، قال بيان للجيش الإسرائيلي، إن «الحاج خليل حرب الذي يُعد من قادة (حزب الله) البارزين لتوليه مناصب عدة، كقيادة وحدات خاصة في الحزب، ويُعتبر أحد القياديين المهمين في إدارة أذرع الإرهاب، يشرف اليوم على عمليات تهريب مخدرات وأسلحة عبر الحدود اللبنانية، ويبدو أنه متورط رئيسي في عملية التهريب التي أحبطت على يد قوات جيش الدفاع وشرطة إسرائيل في 2.06.21؛ فقد تم ضبط 15 مسدساً و36 كيلوغراماً من الحشيش وعشرات مخازن رصاص (باغات) تقدر قيمتها بنحو مليوني شيكل (615 ألف دولار)».
وأشار بيان الجيش الإسرائيلي إلى أن «الحدود اللبنانية شهدت في الماضي عمليات تهريب أسلحة من لبنان إلى الأراضي الإسرائيلية، استخدمت لأهداف إرهابية معادية داخل أراضي دولة إسرائيل، جزء منها كان على علاقة بمنظمة (حزب الله)»، وأن «قوات الجيش ترصد كل ما يحدث على الجانب الآخر من الحدود وتعمل على إحباط نيات الحاج خليل حرب وآخرين يخططون للإضرار بدولة إسرائيل وسيادتها». وكتب الناطق باسم الجيش، المقدم أبيحاي أدرعي: «هذا نوع جديد من (الجهاد) يمارسه (حزب الله). إنه جهاد المخدرات، ليبقى السؤال: كيف وصل مسؤول رفيع المستوى في (حزب الله) إلى تاجر مخدرات؟».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.