الجزائر: نواب يطالبون الحكومة بسحب مشروع يجرم ممارسة العنف ضد النساء

المعارضة الإسلامية قالت إنه يخالف الشريعة الإسلامية

الجزائر: نواب يطالبون الحكومة بسحب مشروع يجرم ممارسة العنف ضد النساء
TT

الجزائر: نواب يطالبون الحكومة بسحب مشروع يجرم ممارسة العنف ضد النساء

الجزائر: نواب يطالبون الحكومة بسحب مشروع يجرم ممارسة العنف ضد النساء

احتج نواب التيار الإسلامي في البرلمان الجزائري بشدة على مشروع الحكومة، القاضي بإدخال فصول صارمة على قانون العقوبات، تجرم ممارسة العنف ضد المرأة إذا صدر عن الرجل، خصوصا ما يتعلق بمضايقة النساء في الشوارع. وفيما قالت الأغلبية إن «الأمر يعكس تعهدات رئيس الجمهورية بخصوص ترقية المرأة»، أوضحت المعارضة الإسلامية أن المشروع مخالف للشريعة الإسلامية.
وكان «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى) قد صادق مساء أول من أمس، على التعديلات التي اقترحها وزير العدل الطيب لوح، الذي دافع باستماتة على المسعى، رغم احتجاج الإسلاميين، الذين غادروا قاعة الجلسات تعبيرا عن رفضهم المشاركة في التصويت على المشروع.
ومن أهم ما جاء في المشروع سجن الزوج لمدة سنة في حال ضرب زوجته، دون أن يخلف عجزا عن العمل. أما إذا أفضى الضرب إلى عجز عن العمل لمدة تزيد عن 15 يوما، فإن عقوبة السجن قد تصل إلى ثلاث سنوات. كما يقضي القانون أيضا بأن «يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات كل من ارتكب ضد زوجته أي شكل من أشكال التعدي، أو العنف اللفظي أو النفسي المتكرر، الذي يجعل الضحية في حالة تمس بكرامتها، أو تؤثر على سلامتها البدنية أو النفسية».
وتتناول العقوبات أيضا التحرش الجنسي، و«العنف الاقتصادي»، الذي يتعلق بأخذ أموال المرأة بالإكراه والضغط، و«مضايقة المرأة بما يخدش حياءها».
يشار إلى أن نواب حزبي «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي»، المواليين للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، يشكلون ثلثي أعضاء البرلمان، ولذلك كان من السهل على وزير العدل الحصول على موافقة البرلمان لمشروعه. غير أن المعارضة الإسلامية تقول إن التصويت على النسخة الجديدة من قانون العقوبات، لم يحز النصاب القانوني. وفي هذا الشأن قال قيادي «حركة النهضة» محمد حديبي لـ«الشرق الأوسط»، إن 170 برلمانيا فقط حضروا التصويت بعد انسحاب الإسلاميين وغياب قطاع من نواب «الموالاة»، في حين أن النصاب هو 232 نائبا، حسب رأيه. وذكر أن موظفين إداريين من البرلمان «تم إقحامهم في جلسة التصويت لتعويض النواب المنسحبين، وهذا أمر خطير للغاية، تتحمله الحكومة ورئيس البرلمان الذي ينتمي لحزب الأغلبية جبهة التحرير».
وطالب نواب «تكتل الجزائر الخضراء»، الذي يضم الأحزاب الإسلامية «حركة مجتمع السلم» و«حركة النهضة» و«حركة الإصلاح الوطني»، بسحب مشروع الحكومة بحجة أنه «يعارض الدستور الذي ينص على أن الإسلام دين الدولة، ويمنع التمييز على أساس الجنس، فالنساء شقائق الرجال والدستور يشرع للمرأة دون الرجل».
وقال ناصر حمدادوش، برلماني «مجتمع السلم»، للصحافة التي حضرت بكثافة جلسة التصويت، إن مشروع الحكومة «يكرس الصراع بين الزوجين، وينتهك حرمة البيوت عند إثبات هذه الأفعال والأقوال، ويهدد تماسك الأسرة الجزائرية، والسكينة العامة في المجتمع، مع أن الأصل في العلاقة الزوجية هو أن تكون مبنية على التكامل وعلى قوله تعالى: (لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)، وليس على العقلية الغربية بالندية والصدام والمساواة المطلقة، رغم طبيعة كل جنس وخصوصياته».
وأوضح حمدادوش أن المواد التي تشدد على العقوبة في القانون «ستفتح الباب واسعا لزعزعة الثقة بين الزوجين، والانتقام المتبادل بينهما عند أبسط أنواع الخلاف العادي والطبيعي في حياة كل أسرة». وعد مشروع الحكومة «التفافا على قانون الأسرة (الأحوال الشخصية)، وإرادة في تفتيته وتجزئته بقوانين فرعية، مثل هذا المشروع وقانون النفقة للمطلقة وقانون الطفل».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم