لبنان يتوقع وصول نحو 800 ألف مغترب خلال شهرين

مدير المطار لـ«الشرق الأوسط»: حل المشكلات التي تؤخر خروج الوافدين

حشود في مطار بيروت قبل الإجراءات الأخيرة (تويتر)
حشود في مطار بيروت قبل الإجراءات الأخيرة (تويتر)
TT

لبنان يتوقع وصول نحو 800 ألف مغترب خلال شهرين

حشود في مطار بيروت قبل الإجراءات الأخيرة (تويتر)
حشود في مطار بيروت قبل الإجراءات الأخيرة (تويتر)

على الرغم من كل التحديات التي يعيشها اللبنانيون، خاصة لجهة أزمتي المحروقات والكهرباء، يتواصل توافد المغتربين وعدد محدود من السياح إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت بشكل مكثف منذ مطلع الشهر الحالي. وبحسب رئيس المطار المدير العام للطيران المدني بالتكليف فادي الحسن، فقد يصل عدد الوافدين خلال شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، إذا بقيت الوتيرة على ما هي عليه، إلى نحو 800 ألف تعول القطاعات الاقتصادية عليهم للتعويض عن خسائرها الكبيرة، ومحاولة النهوض من جديد.
ولعل أبرز ما يشجع المغتربين على زيارة لبنان حالياً عدم قدرتهم على زيارة بلدهم وعائلاتهم في الصيف الماضي نتيجة الإجراءات المشددة التي كانت تفرضها معظم البلدان للحد من انتشار فيروس «كورونا»، إضافة إلى انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار، ما يتيح لهم صرف القليل من العملات الأجنبية مقابل كثير من الخدمات والسلع.
وبعد سلسلة من الانتقادات التي طالت الإجراءات والتدابير المتخذة في المطار، ما أدى إلى تأخير خروج كثير من الوافدين، أكد مدير المطار لـ«الشرق الأوسط» أنه تم حل كل المشكلات، وأبرزها التأخير في الحصول على الحقائب، موضحاً أنه «في عام 2019، تم تركيب نظام جديد لمصلحة جمارك المطار لفحص حقائب الركاب القادمين على 5 جرارات. وكما جرت العادة، كان يتم استهداف رحلات محددة، لكن بعدما ازدادت إخبارات التهريب مؤخراً، تم التشدد من قبل الجمارك في عمليات التفتيش. وفي ظل الحركة الكبيرة التي يشهدها المطار، وقعت المشكلة. لذلك أبلغنا المعنيين بعدم إمكانية الاستمرار بالإجراءات الجديدة، من دون أن يعني ذلك على الإطلاق التهاون بالتفتيش، إنما اعتماد الآلية السابقة. وقد عاد الوضع إلى طبيعته منذ مطلع الشهر الحالي». وأشار الحسن إلى أنه بخصوص موضوع فحوصات «كورونا»، ونتيجة ارتفاع عدد الركاب القادمين «طلبنا من مختبر الجامعة اللبنانية زيادة عدد العاملين، وقد تمت تلبية طلبنا، إذ يعمل اليوم على فحوصات الـ(PCR) أربعة أضعاف العدد السابق»، مضيفاً أنه «يبقى موضوع التجمعات غير المقبولة أمام المطار. فبعدما أقفلنا الصالات أمام المستقبلين والمودعين التزاماً بإجراءات التصدي لـ(كورونا)، أصبح هؤلاء يتجمهرون بالخارج. وقد أصدرنا تعميماً، طلبنا فيه منهم ملازمة منازلهم، ونأمل في الاستجابة لنداءاتنا».
ولفت الحسن إلى أنه «خلال شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب) 2019، كان يصل بشكل يومي إلى لبنان ما بين 18 و20 ألف زائر؛ أي ما بين 500 و600 ألف شهرياً. وبحسب الوتيرة الحالية، فقد نصل خلال الشهرين الحالي والمقبل إلى 400 ألف كل شهر، وهو عدد مقدور تماماً على استيعابه».
ووفق الأرقام الرسمية، تجاوز عدد الركاب في الأول من يوليو (تموز) الحالي العشرين ألفاً، من بينهم 13606 ركاب من الوافدين إلى لبنان.
وكان عدد الركاب في المطار قد سجل خلال شهر يونيو (حزيران) الفائت 394 ألفاً و220 راكباً، رافعاً بذلك مجموع الركاب الذين استخدموا المطار خلال النصف الأول من عام 2021 إلى مليون و444 ألفاً و500 راكب، بزيادة 441 ألفاً و590 راكباً عن الفترة ذاتها من العام الماضي 2020؛ أي بزيادة نسبتها 44 في المائة.
وتعول الهيئات الاقتصادية على هؤلاء الوافدين كي يشكلوا خشبة خلاصها بعد التراجع المدوي في المبيعات نتيجة الأزمتين الاقتصادية والمالية المستفحلتين. وفي هذا الإطار، توقع أمين عام الهيئات الاقتصادية نقولا شماس وصول نحو 500 ألف زائر بين مغترب وسائح خلال شهرين، باعتبار أن لبنان يطبق شروطاً أقل قساوة من معظم البلدان السياحية في المنطقة، إضافة إلى أن تدني بنية الأكلاف يزيد من قدرته التنافسية، من دون أن ننسى الروابط العائلية والأسرية التي تجعل المغتربين لا يترددون في زيارة بلدهم.
وشدد شماس في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على وجوب ألا يكون بعض اللبنانيين عامل طرد للمغتربين، معتبراً أن «التحضيرات في المطار، سواء لجهة التأخير بفحوصات الـ(PCR) أو إخراج الحقائب، لم تكن جيدة، ويجب استدراك ذلك سريعاً». وأضاف: «أما القطاع الخاص، فنؤكد جهوزيته بكل مكوناته، خاصة القطاع التجاري الذي على الرغم من نكبته، جدد المواسم وعرض سلعاً لكل الميزانيات... ويبقى أملنا في ألا تخذلنا الدولة، خاصة في مجال تأمين الكهرباء والمحروقات، وعدم تجدد أزمة النفايات، كي لا ينفجر الموسم بوجهنا، إذ نعول صراحة على أن يشكل شهرا يوليو (تموز) وأغسطس (آب) ما بين 35 و40 في المائة من مجمل مبيعاتنا السنوية، ما يعني أن المسألة بالنسبة لنا مسألة حياة أو موت».
وتبدو الحماسة لمجيء المغتربين في صفوف الأطباء والمعنيين بالقطاع الصحي أقل بكثير مما هي لدى الهيئات الاقتصادية، خاصة بعد الإعلان قبل أيام عن وصول المتحور «دلتا» من فيروس كورونا الذي حمله عدد من الوافدين. وتستنفر وزارة الصحة لاحتواء هذه الإصابات منعاً لانتشار هذا المتحور في لبنان، بالتزامن مع زيادة الدعوات لتلقي اللقاحات للوصول إلى المناعة المجتمعية التي بلغت مؤخراً، بحسب وزير الصحة اللبناني، 70 في المائة.



ضحايا بينهم قتيل في الحرس الرئاسي الفلسطيني في «مواجهات جنين»

ضباط أمن فلسطينيون يتخذون مواقعهم خلال مواجهات مع مسلحين في مخيم جنين بالضفة الغربية (د.ب.أ)
ضباط أمن فلسطينيون يتخذون مواقعهم خلال مواجهات مع مسلحين في مخيم جنين بالضفة الغربية (د.ب.أ)
TT

ضحايا بينهم قتيل في الحرس الرئاسي الفلسطيني في «مواجهات جنين»

ضباط أمن فلسطينيون يتخذون مواقعهم خلال مواجهات مع مسلحين في مخيم جنين بالضفة الغربية (د.ب.أ)
ضباط أمن فلسطينيون يتخذون مواقعهم خلال مواجهات مع مسلحين في مخيم جنين بالضفة الغربية (د.ب.أ)

أخذت الاشتباكات الداخلية الفلسطينية في مخيم جنين بمدينة جنين شمال الضفة الغربية، منحى خطيراً، بعدما قتل مسلحون عنصراً في الحرس الرئاسي الفلسطيني، وأصابوا ضحايا آخرين في هجوم داخل المخيم، ما يذكّر بفترة الاقتتال الداخلي في قطاع غزة الذي راح ضحيته مئات الفلسطينيين برصاص فلسطيني.

وقتل مسلحون في المخيم في اشتباكات ضارية، الأحد، مساعد أول، ساهر فاروق جمعة أرحيل، أحد عناصر الحرس الرئاسي، وأصابوا 2 آخرين، في ذروة المواجهات التي تشتد يوماً بعد يوم، كلما تعمّقت السلطة داخل المخيم الذي تحول منذ سنوات الانتفاضة الثانية إلى مركز للمسلحين الفلسطينيين، ورمزاً للمقاومة والصمود.

وتستخدم السلطة قوات مدربة وآليات مجهزة ومدرعات مسلحة برشاشات وأسلحة حديثة وكلاباً بوليسية لكشف المتفجرات وقناصة، بينما يستخدم المسلحون أسلحة رشاشة وعبوات ناسفة وسيارات مفخخة، في مشهد لا يحبّذه الفلسطينيون، ويُشعرهم بالأسوأ.

 

آثار طلقات نار على برج مراقبة تابع للسلطة الفلسطينية بعد الاشتباكات بين قوات الأمن الفلسطينية ومسلحين في مخيم جنين (د.ب.أ)

«رفض الانفلات»

شدد مسؤولون في حركة «فتح» على أهمية الوحدة الوطنية، وتجنُّب الفتن وضرب السلم الأهلي. وقال رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح إن الوحدة الوطنية والتماسك الشعبي ضروريان لمواجهة مخططات الاحتلال وكل الأجندات الخارجية، داعياً الفلسطينيين إلى الابتعاد عن الفتن، وحماية المشروع الوطني الفلسطيني من التهديد الوجودي لشعبنا فوق أرض وطنه. ودعا عضو مجلس ثوري «فتح» عبد الله كميل «الجميع إلى اتخاذ موقف وطني مشرِّف في رفض الانفلات». وحذر عضو مجلس ثوري «فتح» تيسير نصر الله من استمرار الجهات الخارجة على القانون في ضرب السلم الأهلي، واتهم آخرون الجماعات المسلحة بمحاولة تنفيذ انقلاب في مناطق السلطة.

وبدأت السلطة قبل أكثر من أسبوعين عملية واسعة في جنين ضد مسلحين في المخيم الشهير، في بداية تحرُّك هو الأقوى والأوسع من سنوات طويلة، ويُفترض أن يطول مناطق أخرى، في محاولة لاستعادة المبادرة وفرض السيادة. وأكد الناطق الرسمي لقوى الأمن الفلسطيني العميد أنور رجب، الأحد، أن الأجهزة الأمنية ستُطبِّق القانون في مختلف أنحاء المحافظات الشمالية (الضفة الغربية)، وستلاحق الخارجين على القانون، لفرض النظام والأمن. ونعى رجب، خلال لقاء مفتوح مع عدد من الإعلاميين والصحافيين، في جنين المساعد أول أرحيل الذي قُتل في جنين، وقال إن قتله لن يزيد السلطة إلا إصراراً على على ملاحقة الخارجين على القانون. ووصف رجب قتلة عنصر الأمن بأنهم فئة ضالة، يتبعون جهات لم تجلب لفلسطين إلا الدمار والخراب والقتل، حيث وظفتهم لخدمة مصالحها وأجندتها الحزبية. وأضاف: «نحن مستمرون، ولا نلتفت إلى إسرائيل وأميركا والمحاور ولا للشائعات. ماضون ودون هواة حتى فرض السيادة على كل سنتيمتر تحت ولاية السلطة».

وجاءت تصريحات رجب لتأكيد خطاب بدأته السلطة قبل العملية، باعتبار المسلحين داخل المخيم وكثير منهم يتبع حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» «متطرفين وداعشيين يتبعون أجندات خارجية»، لكن المسلحين ينفون ذلك، ويقولون إنهم «مقاتلون ضد إسرائيل»، ولذلك تريد السلطة كبح جماحهم باعتبارها «متعاونة مع إسرائيل». وقتلت السلطة خلال العملية مسلحين، واعتقلت آخرين، بينما تواجه سيلاً من الاتهامات «بالاستقواء على المسلحين، بدلاً من إسرائيل ومستوطنيها».

وتجري الاشتباكات في حارات وشوارع المخيم وعبر القناصة على أسطح المنازل، ما حوّل المخيم إلى ساحة قتال حقيقي.

وأطلقت السلطة حملتها على قاعدة أن ثمة مخططاً لنشر الفوضى في الضفة الغربية وصولاً إلى تقويض السلطة، وإعادة احتلال المنطقة. وخلال عام الحرب على غزة، هاجمت الرئاسة وحركة «فتح»، إيران أكثر من مرة، واتهمتها بالتدخل في الشأن الفلسطيني، ومحاولة جلب حروب وفتن وفوضى.

تأثير التطورات في سوريا

بدأت الحملة الفلسطينية في جنين بعد أيام من تحذيرات إسرائيلية من احتمال تدهور الأوضاع في الضفة الغربية، تحت تأثير التطورات الحاصلة في سوريا (انهيار نظام الأسد) ضمن وضع تعرفه الأجهزة بأنه «تدحرج حجارة الدومينو». وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) أمر شخصياً بتنفيذ العملية الواسعة، بعد سقوط النظام في سوريا. وبحسب «تايمز أوف إسرائيل»، أدركت السلطة الفلسطينية أن مشهد سيارات التندر وبنادق «الكلاشينكوف» التي خرجت من إدلب ودخلت دمشق بعد أيام يمكن أن ينعكس بشكل خطير على الوضع في الضفة الغربية.

وتعد إسرائيل ما يحدث في جنين «اختباراً مهماً لعباس»، ويقولون إنه يعكس كذلك قدرة السلطة على حكم قطاع غزة المعقّد في وقت لاحق. وقال مسؤول أمني إسرائيلي: «كل دول المنطقة والمنظمات الإرهابية تنظر إلى جنين. إذا لم يتمكن أبو مازن من التغلب على 50 مسلحاً في جنين، فسيكون هناك من سيقول دعونا نقم بانقلاب. الوضع خطير الآن».

ونشر الجيش الإسرائيلي قبل أيام قليلة، قوات قائلاً إنه يدعم توصيات سياسية بتقوية السلطة. وقال مسؤولون إن الجيش الإسرائيلي يدعم الجهود الرامية إلى زيادة التنسيق والتعاون مع السلطة الفلسطينية، ويأمل الجيش في تشجيع السلطة الفلسطينية على مواصلة تنفيذ عمليتها في جنين وفي مناطق أخرى في الضفة، لكن السلطة الفلسطينية ترفض ربط العملية في جنين، بأي توجيهات إسرائيلية أو أميركية، أو أي مصالح مشتركة.

«حملة فلسطينية خالصة»

قال رجب إن الطلبات الأميركية بدعم السلطة قديمة، وهو حق مشروع وليس مرتبطا أبداً بما يجري في جنين. وأضاف أن حملة «حماية وطن» التي تقوم بها الأجهزة الأمنية في جنين ومخيمها، هي فلسطينية خالصة، وتستند إلى رؤية أمنية وسياسية فلسطينية، لحماية مصالح شعبنا وقضيتنا الوطنية. وتابع: «ندرك التحولات في المنطقة وما يشهده قطاع غزة من حرب إبادة إسرائيلية، ومحاولة إعادة رسم الوضع الجغرافي والديموغرافي في القطاع بما يخدم الاحتلال، ومن هنا كانت رؤية القيادة لعدم الوصول إلى ما يريده الاحتلال من جرِّنا لمربع المواجهة الشاملة، وهو ما يستدعي فرض النظام والقانون، وبسط السيادة الفلسطينية».