الأحزاب الداعمة للحكومة التونسية تطالب بمناصب في الدولة

اشترطت أن تكون مشاركتها متناسبة مع حجمها البرلماني

TT

الأحزاب الداعمة للحكومة التونسية تطالب بمناصب في الدولة

طالبت أحزاب الائتلاف الحكومي الداعم لحكومة هشام المشيشي المكونة بالأساس من حركة النهضة وحزب قلب تونس وائتلاف الكرامة وكتلة الإصلاح الوطني وحركة «تحيا تونس»، بنصيبها من التعيينات والتسميات في المناصب العليا للدولة مقابل مواصلة دعم الحكومة، واشترطت أن تكون مشاركتها متناسبة مع حجمها البرلماني.
وفي السياق ذاته، طالبت مجموعة من الأحزاب غير الممثلة في البرلمان كذلك بقسط من تلك التعيينات حتى تواصل دعمها السياسي للحكومة والتصويت لفائدة القوانين والقرارات التي تحتاجها الحكومة لتنفيذ مختلف برامجها. وفي كواليس البرلمان التونسي ومن خلال مواقف عدد من الأحزاب السياسية التي طالبت بحكومة سياسية عوضاً عن حكومة الكفاءات التي انطلق منها المشيشي، تضغط الأحزاب السياسية الداعمة لحكومة المشيشي من أجل الحصول على نصيب من التعيينات الحكومية في عدد من المناصب والخطط في الجهات على غرار الولاة (ممثلي الحكومة في الجهات) والمعتمدين (ممثلي السلطة المحلية) والإدارات الجهوية الممثلة للحكومة علاوة على التحويرات المنتظرة في المناصب الأمنية على مستوى الجهات، وهي خطوات ضرورية بالنسبة للحكومة خاصة إثر اتهام الكثير من المسؤولين بالفشل في إدارة الملفات الاجتماعية والاقتصادية في الجهات. وتكون هذه التحويرات من خلال تكليف وجوه جديدة بتلك المناصب أو المحافظة عليها ونقلها بنفس المهام إلى مناطق أخرى.
ومن المنتظر أن تتمخض خلافات جديدة بين الرئيس قيس سعيد ورئيس الحكومة هشام المشيشي على مستوى التعيينات الأمنية إذ إن رئيس الجمهورية يطالب باستشارته عند تعيين القيادات الأمنية باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمنية، في حين أن المشيشي قد يجري تلك التعيينات دون الرجوع إلى الرئيس التونسي استناداً إلى أن الدستور التونسي مكنه بصفة مطلقة من إجراء التعيينات والإعفاءات في الوظائف العليا للدولة.
وفي هذا الشأن، قال أشرف الرياحي المحلل السياسي التونسي إن أعين معظم الأحزاب السياسية متجهة نحو المحطات الانتخابية أبرزها الانتخابات الجهوية والبلدية المقررة خلال سنة 2023، وكذلك الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المنتظرة خلال سنة 2024، مع احتمال اللجوء إلى انتخابات سابقة لأوانها في حال تواصل الانسداد السياسي بين الرؤساء الثلاثة وتعطل مؤسسات الدولة. واعتبر الرياحي أن الخزان الانتخابي في الجهات سيغري الكثير من الأحزاب السياسية لمحاولة التموقع على الوجه الأفضل حتى لا تحصل للكثير منهم مفاجآت انتخابية كما حصل لعدد من الأحزاب الفاعلة خلال انتخابات 2019.
على صعيد غير متصل، أكد مجلس القضاء العدلي، السلطة المنظمة للجهاز القضائي، تأخير البت في الملف التأديبي للقاضي التونسي البشير العكرمي إلى جلسة يوم 12 يوليو (تموز) الحالي، كما أعلنت عن تأخير الملف التأديبي للقاضي الطيب راشد إلى جلسة يوم 16 يوليو الحالي لإعادة استدعائه.
وأرجعت مليكة المزاري رئيسة مجلس القضاء العدلي في بلاغ حمل توقيعها سبب الإرجاء إلى مراسلة وجهت إلى المتفقد العام بوزارة العدل التونسية، ومطالبته بالمعطيات والمؤيدات التي أسس عليها تقريره على ضوء الردود والدفوعات المقدّمة من القاضي البشير العكرمي. وأشارت المزاري إلى وجود شبهات جرائم تتعلق بقضايا اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي سنة 2013، وشبهات جرائم تتعلق بقضايا إرهابية وقضايا فساد مالي، وأكدت على مراسلة التفقدية العامة بوزارة العدل لمدها بمآل الأبحاث في جميع الشكاوى المرفوعة ضد القاضيين المذكورين.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.