الخارجية الإسرائيلية... منصة قفز ونقطة انطلاق لقادة المستقبل

باراك - بيريس - ليفني
باراك - بيريس - ليفني
TT

الخارجية الإسرائيلية... منصة قفز ونقطة انطلاق لقادة المستقبل

باراك - بيريس - ليفني
باراك - بيريس - ليفني

إذا أصبح وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لبيد، رئيس حكومة في يوم من الأيام، فإنه عن دون سابقيه لن يصل إلى كرسي الرئاسة لأنه انطلق من «خشبة القفز» التي يوفرها له منصب وزير الخارجية. فهو، كما يتضح من مسيرته، جاء من قلب حملة الاحتجاج الشعبي على الأوضاع الاقتصادية، ومن موجة المقت والغضب على الفساد المستشري في الحكم، ومن الشعور بأن إسرائيل باتت أداة لخدمة شخص واحد هو نتنياهو، الذي يستخدمها في حربه الضروس لإجهاض المحكمة قبل أن ترسله إلى السجن.
مع ذلك، فإن وزارة الخارجية الإسرائيلية كانت «خشبة قفز» لعديدين. فمن مجموع 19 وزير خارجية عرفتهم إسرائيل في تاريخها، وصل ستة منهم إلى منصب رئيس الحكومة: أولهم موشيه شاريت الذي خدم في هذه الوزارة من سنة 1948 حتى 1956، تليه غولدا مئير التي خدمت في الوزارة من 1956 إلى 1966، وشمعون بيريس الذي خدم في الوزارة عدة مرات بين 1986 و1988 ثم بين 1992 و1995 وبين 2001 و2002، ثم إيهود باراك (1995 - 1996)، ثم أرئيل شارون (1998 – 1999)، وتسيبي ليفني (2006 - 2009).
ثم إنه احتفظ عدد من رؤساء الحكومات الإسرائيلية لأنفسهم بمنصب وزير الخارجية، مثل مناحيم بيغن ويتسحاق شامير وبنيامين نتنياهو وإيهود باراك وأرئيل شارون. ولذا فهذا المنصب يعد أهم ثالث منصب بعد رئيس الحكومة ووزير الدفاع. ويزدهر هذا المنصب كلما دخلت إسرائيل في أزمة سياسية مع دول العالم والأمم المتحدة، أو كلما حققت إنجازاً سياسياً كبيراً.
أبرز وزراء الخارجية كان أبا إيبان، الأكاديمي الذي يتقن سبع لغات (بينها العربية الفصحى)، وقد تميز بالقدرة على إظهار إسرائيل ضحية واستدرار العطف معها. وبرزت غولدا مئير بكونها امرأة أولاً، لكنها حظيت بلقب «المرأة الحديدية» قبل رئيسة وزراء بريطانيا، مارغريت تاتشر، بسنوات عديدة... وتميزت بمشروعها «مشوف»، الذي قدمت من خلاله مساعدات في التقنيات الزراعية لدول فقيرة لقاء التصويت لصالح إسرائيل في الأمم المتحدة. وبرز أيضاً موشيه ديان، الجنرال ذو التاريخ العسكري الكبير الذي ينتمي لحزب العمل، ولكن مناحيم بيغن، رئيس الحكومة اليميني عن حزب الليكود، عيّنه وزير خارجية حتى يخفّف من مخاوف الغرب من سياسته. ولقد نجح ديان في تجميل صورة بيغن وحكومته، خصوصاً بعد «اتفاقيات كامب ديفيد» مع مصر عام 1978.
لكنّ وزير الخارجية الأبرز كان شمعون بيريس، الذي عُرف بالتفاف عدد من الأدباء من حوله، والذي كان يحرص على إجراء لقاء أسبوعي معهم... فيتبادلون الآراء والإبداعات، وكان مشهوراً بترجمتها إلى لغة دبلوماسية وسياسية. وعُرف بيريس بطروحات شدّت كثيرين من قادة الغرب، مثل فكرته «بناء شرق أوسط جديد» و«السلام الاقتصادي» ودوره في الاعتراف الإسرائيلي بمنظمة التحرير الفلسطينية والتمهيد لـ«اتفاقات أوسلو»، التي وافقت فيها إسرائيل لأول مرة على «حل الدولتين».
أما لبيد فإن هذا المنصب يشكل تحدياً خاصاً له. إذ إنه يأتي بعد فترة طويلة كانت هذه الوزارة فيها مشلولة بسبب تولي نتنياهو مهامها إضافة إلى منصبه كرئيس حكومة. وقد استغرق الأمر شهوراً طويلة حتى وافق على منح المنصب للجنرال غابي أشكنازي ليبدأ في عملية ترميم لم تكتمل بعد. ومع أن لبيد يعد وزارة الخارجية ممراً إلى رئاسة الحكومة، فإنه ينوي إعطاء المنصب زخماً خاصاً، ويجعله حلبة تدريب تنتهي بتولي منصب رئيس الحكومة وهو يراكم تجربة غنية من اللقاءات مع قادة دول العالم.


مقالات ذات صلة

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

حصاد الأسبوع Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في

فتحية الدخاخني ( القاهرة)
رياضة سعودية السعودية تستمر في تشكيل خريطة مختلف الرياضات العالمية بتنظيم واستضافات غير مسبوقة (الشرق الأوسط)

السعودية ستُشكل خريطة الرياضة العالمية في 2025

شارف عام حافل بالأحداث الرياضية بما في ذلك الألعاب الأولمبية التي حظيت بإشادة واسعة وأربع بطولات قارية لكرة القدم على الانتهاء ومن المتوقع أن يكون عام 2025 أقل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
حصاد الأسبوع فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية بقيادة ميشال بارنييه في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)،

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع خافيير ميلي (أ.ب)

خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

في المشهد الشعبوي واليميني المتطرف، المتنامي منذ سنوات، يشكّل الصعود الصاعق لخافيير ميلي إلى سدّة الرئاسة في الأرجنتين، حالة مميّزة، لا بل فريدة، من حيث الأفكار

شوقي الريّس (مدريد)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»