واشنطن: سئمنا من هجمات الحوثيين وعدم التزامهم وقف إطلاق النار

تقرير أميركي ينتقد استغلال الأطفال والمهاجرين في القتال

أطفال يحملون السلاح مع عناصر موالين للحوثي في صنعاء (رويترز)
أطفال يحملون السلاح مع عناصر موالين للحوثي في صنعاء (رويترز)
TT

واشنطن: سئمنا من هجمات الحوثيين وعدم التزامهم وقف إطلاق النار

أطفال يحملون السلاح مع عناصر موالين للحوثي في صنعاء (رويترز)
أطفال يحملون السلاح مع عناصر موالين للحوثي في صنعاء (رويترز)

أكدت الولايات المتحدة استياءها من التعنت الحوثي وعدم التزامهم بالمبادرات الرامية إلى وقف إطلاق النار، داعية إلى ضرورة وقف إطلاق النار، والشروع في محادثات سياسية شاملة، من أجل إقرار السلام، وإنهاء الأزمة.
وخلال المؤتمر الصحافي لوزارة الخارجية، قال نيد برايس المتحدث الرسمي للخارجية: «لقد سئمنا من هجمات الحوثيين، ونشعر بالرعب من الحالة الإنسانية هناك والهجمات المتكررة على مأرب»، مذكراً بإدانة الإدارة الأميركية «بشدة» الهجمات الصاروخية الحوثية على الأحياء السكنية في مأرب، والهجوم الأخير في 29 يونيو (حزيران) الأسبوع الماضي، الذي أودى بحياة المدنيين في مأرب، بمن في ذلك الأطفال.
وشدد برايس على أن الولايات المتحدة تعتقد أن «الوقت قد حان لإنهاء الصراع في اليمن»، وتقديم الإغاثة الفورية للشعب اليمني، مؤكداً أن هجوم الحوثيين في مأرب يفاقم الأزمة الإنسانية، التي يواجهها الشعب اليمني.
وأضاف «حسب الكثير من الروايات، فإن اليمن أصبحت موطنًا لأسوأ كارثة إنسانية في العالم، ويواصل الحوثيون هذا الهجوم الوحشي، بينما هناك اقتراح جاد أمامهم، وهو اقتراح من شأنه أن يلبي مطالبهم المعلنة منذ فترة طويلة، لخطة ذات خطوات عملية لتسهيل تدفق البضائع إلى اليمن وداخله، وتنفيذ وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني، والشروع في محادثات سياسية شاملة».
واعتبر برايس أن هذا ما يفصل الحوثيين عن اليمنيين الآخرين، الذين يعملون بنشاط من أجل السلام، «والذين يثيرون إعجابنا بأنهم جادون بشأن السلام»، فيما يخالف ذلك الحوثيون، مضيفاً «ما يقلقنا هو خسارة الأرواح، وما يثير قلقنا حقيقة أن هذا الهجوم يستمر في إعاقة عملية التوصل إلى حل سياسي دائم، وإنهاء هذا الصراع الطويل الأمد».
وأدانت وزارة الخارجية الأميركية في تقريرها الأخير 2021 الصادر عن مكتب مكافحة «الاتجار بالبشر»، استخدام الأطفال والمهاجرين الأفارقة بالزج بهم في مناطق الصراع والحرب، وكذلك استخدام المهاجرين القادمين من أفريقيا في الاتجار بهم على الجبهات القتالية، والاستخدام القسري في ممارسة الدعارة.
وأفصح التقرير أن الفئات السكانية الضعيفة معرضة بشكل متزايد لخطر الاتجار بالبشر، بسبب النزاع المسلح الذي طال أمده، والاضطرابات المدنية، وانعدام القانون، وتدهور الأوضاع الاقتصادية، منوهة إلى أنه «ربما يكون العمال المهاجرون من القرن الأفريقي الذين بقوا أو وصلوا إلى البلاد خلال الفترة المشمولة بالتقرير قد تعرضوا لعنف مكثف».
وأضاف «أدت القيود المفروضة على الحركة المرتبطة بالوباء وإغلاق الحدود إلى انخفاض معدل وصول المهاجرين إلى اليمن؛ حيث وصل إجمالي 37535 شخصًا في عام 2020، معظمهم من إثيوبيا والصومال، نظراً لأن اليمن بشكل عام نقطة عبور للمهاجرين المسافرين إلى الخليج بحثًا عن الفرص الاقتصادية، إلا أن القيود وإغلاق الحدود وحظر الرحلات الجوية الدولية أدت إلى تقطع السبل بآلاف المهاجرين لعدة أشهر في ظروف معيشية مزرية، مع محدودية خيارات البقاء على قيد الحياة، علاوة على ذلك لوحظت زيادة في التقارير عن تعرض المهاجرين للاتجار بالجنس، والعمل القسري، والاعتداء الجسدي والجنسي، والاختطاف من أجل الحصول على فدية».
ونقل التقرير الأميركي عن منظمات دولية أنه منذ مايو (أيار) 2020، شق 7652 مهاجراً طريقهم من اليمن إلى جيبوتي، مسافرين على قوارب التهريب أو سيراً على الأقدام، رغم أن العدد قد يكون أعلى لأن بعض الوافدين ربما لم يتم القبض عليهم رسمياً، بسبب وصولهم إلى المواقع الساحلية.
وأبانت حكومة جيبوتي، بالتنسيق مع منظمة دولية والسفارة الإثيوبية في جيبوتي، أنها عملت على تسهيل العودة الطوعية لـ537 مهاجرًا في عام 2020، غالبيتهم العظمى من الإثيوبيين، إلا أنه منذ تصاعد النزاع المسلح في مارس (آذار) 2015، أفادت منظمات حقوق الإنسان بأن أطراف النزاع واصلوا تجنيدهم واستخدامهم بشكل غير قانوني للجنود الأطفال، ومع ذلك، ظل التحقق من هذه الحالات يمثل تحدياً خلال الفترة المشمولة بالتقرير، بسبب التهديدات الأمنية المكثفة ضد المراقبين والمجتمعات المعنية، بالإضافة إلى تقييد وصول المساعدات الإنسانية.
فيما قيّمت منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام أن الاتجار بالأطفال اليمنيين ازداد تدريجياً منذ بدء الحرب الأهلية، وتأثر الأطفال بشكل غير متناسب بالتصعيد الذي طال أمده في البلاد، وفقاً للتقرير الذي إلى أن اليمن يظل حالة خاصة للسنة السادسة على التوالي، مع استمرار الصراع الأهلي والأزمة الإنسانية، في حين أدّت جائحة «كورونا» إلى تفاقم الأزمة وزيادة إعاقة عمل كل من الحكومة والمنظمات غير الحكومية، أصبح الحصول على معلومات عن الاتجار بالبشر في البلاد صعبًا بشكل متزايد منذ مارس 2015، أدّى الصراع المستمر، وانعدام سيادة القانون، والتدهور الاقتصادي، والفساد المستشري، والسيطرة الجزئية على الأراضي، إلى تعطيل بعض أنماط الاتجار وتفاقم أنماط أخرى مروعة.
وأضاف «عندما لجأ جزء كبير من حكومة الجمهورية اليمنية إلى الرياض، بعد استيلاء المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران على صنعاء، وفقدت السيطرة أجزاء من البلاد ازدادت الأمور أكثر تعقيداً، ورغم أن اتفاقية تقاسم السلطة بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي في العاصمة المؤقتة عدن في ديسمبر (كانون الأول) 2020، فإنها ظلت غير قادرة على مكافحة الاتجار بشكل كاف أو جمع البيانات الدقيقة».
وركزت المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية المتبقية في البلاد في المقام الأول على تقديم المساعدة الإنسانية للسكان المحليين، وكانت تفتقر إلى الموارد الكافية والقدرة على جمع بيانات موثوقة حول الاتجار بالبشر، واحتاجت الغالبية العظمى من اليمنيين إلى جميع أنواع المساعدة والخدمات الاجتماعية الأساسية، حيث انهارت البنية التحتية الوطنية، كما ورد على مدى الأعوام الخمسة الماضية، استغلال تجار البشر الضحايا المحليين والأجانب في اليمن، واستغلال المتاجرين الضحايا من اليمن المقيمين في الخارج.


مقالات ذات صلة

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.