سلسلة بشرية في شمال غربي سوريا تطالب بتمديد إدخال المساعدات عبر الحدود

مشاركون في السلسلة البشرية المطالبة بإدخال المساعدات الإنسانية قرب معبر باب الهوى في إدلب أمس (أ.ف.ب)
مشاركون في السلسلة البشرية المطالبة بإدخال المساعدات الإنسانية قرب معبر باب الهوى في إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

سلسلة بشرية في شمال غربي سوريا تطالب بتمديد إدخال المساعدات عبر الحدود

مشاركون في السلسلة البشرية المطالبة بإدخال المساعدات الإنسانية قرب معبر باب الهوى في إدلب أمس (أ.ف.ب)
مشاركون في السلسلة البشرية المطالبة بإدخال المساعدات الإنسانية قرب معبر باب الهوى في إدلب أمس (أ.ف.ب)

شكل أعضاء أكثر من 50 منظمة إغاثة سورية ودولية، أمس الجمعة، سلسلة بشرية قرب معبر باب الهوى على الحدود السورية - التركية، وحذروا من إغلاق المنفذ الوحيد الذي تمر من خلاله المساعدات بأمان إلى شمال غربي سوريا.
وتنتهي الفترة المتفق عليها لإبقاء المعبر مفتوحاً في العاشر من الشهر الحالي. ويستعد مجلس الأمن قبلها للتصويت على قرار لتمديد إدخال المساعدات وسط خشية من فيتو روسي، بعدما أبدت موسكو مراراً رغبتها في إغلاقه، لتصبح بذلك كل معابر المساعدات إلى سوريا مقفلة، باستثناء تلك التي تمر عبر دمشق.
ولفتت وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن المشاركين في السلسلة البشرية التي امتدت على طول أكثر من كيلومترين على طريق دولية قرب معبر باب الهوى، رفعوا لافتات حملت شعارات عدة، بينها «الفيتو الروسي يقتلنا» و«باب الهوى ليس معبراً إنسانياً بل شريان حياة». وارتدى معظمهم سترات تحمل أسماء المنظمات التي يعملون في صفوفها. وقال المنسق الطبي في منظمة بنفسج المحلية وسيم باكير للوكالة الفرنسية، «نسعى عبر هذه الوقفة إلى حملة مناصرة لتمديد هذا القرار لأن النتائج ستكون كارثية» في حال وقف العمل به.
ويقطن في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في شمال غربي سوريا نحو 4.5 ملايين شخص، قرابة ثلاثة ملايين منهم، غالبيتهم من النازحين، في مناطق تحت سيطرة «هيئة تحرير الشام» (النصرة سابقاً) في إدلب، بينما يقيم 1.5 مليون في مناطق تسيطر عليها القوات التركية وفصائل موالية لها في شمال حلب.
وحذرت منظمة الصحة العالمية، فضلاً عن منظمات دولية وغير حكومية أخرى، من «كارثة إنسانية»، خصوصاً في إدلب، التي تضيق بآلاف مخيمات النازحين، في حال توقفت المساعدات العابرة للحدود. وشددت على أن باب الهوى يُشكل معبراً «حيوياً لعمليات الاستجابة لفيروس كورونا».
وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في بيان الخميس من «تأثير مدمر» على 1.7 مليون طفل سوري في حال فشل مجلس الأمن في تمديد التفويض.
وتقدمت آيرلندا والنرويج، العضوان غير الدائمين في مجلس الأمن والمسؤولتان عن الملف في الأمم المتحدة، بمشروع قرار الجمعة يتضمن تمديد التفويض لعام واحد عبر معبر باب الهوى. كذلك، يطالب المشروع بإعادة العمل بمعبر اليعربية مع العراق، الذي أغلق العام الماضي وكان مخصصاً لإيصال المساعدات إلى مناطق سيطرة «الإدارة الذاتية الكردية» في شمال شرقي سوريا.
ولفتت الوكالة الفرنسية إلى أن مجلس الأمن سمح في عام 2014 بعبور المساعدات إلى سوريا عبر أربع نقاط حدودية، لكنه ما لبث أن قلصها مطلع العام الماضي، بضغوط من روسيا والصين، لتقتصر على معبر باب الهوى بين تركيا ومحافظة إدلب. ويدخل عبره شهرياً حوالي عشرة آلاف شاحنة. وتنطلق موسكو في مساعيها من اعتبارها أن تفويض الأمم المتحدة في موضوع الحدود ينتهك سيادة سوريا.
إلى ذلك، ذكرت وكالة الأنباء الألمانية، أن ساحة المسجد العمري بمدينة درعا جنوب سوريا شهدت، أمس، مظاهرة شارك بها المئات، كما خرجت مظاهرات في بلدة طفس شمال المدينة احتجاجاً على محاصرة حي درعا البلد من قبل القوات الحكومية. وقال محمد الحوراني أحد قادة المعارضة في حي درعا البلد للوكالة الألمانية، «خرجنا اليوم بمظاهرة جالت شوارع حي درعا البلد، وتجمعت في ساحة المسجد العمري ضد حصار حي درعا البلد تحت شعار (صامدون هنا) احتجاجاً على الحصار الذي تفرضه القوات الحكومية السورية على حي درعا البلد منذ أكثر من شهر، والمطالبة بتسليم السلاح، وإجراء مصالحة وتهجير من يرفض المصالحة إلى الشمال السوري».
وأكد الحوراني أن «القوات الحكومية أغلقت الحواجز التي كانت تربط حي درعا البلد مع أحياء مدينة درعا، خصوصاً حاجز السرايا بهدف الضغط علينا لقبول بشروطهم».
وانتقد القيادي في المعارضة السورية، روسيا، باعتبارها الضامن لتفاهمات جرت بين فصائل المعارضة في درعا وجنوب سوريا والقوات الحكومية.
وتسيطر فصائل معارضة على عدد من المدن والبلدات في محافظة درعا بعد تفاهمات بين روسيا وتلك الفصائل منتصف عام 2018.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.