خلافات بين «فصائل إيران» حول الرد على الضربات الأميركية

TT
20

خلافات بين «فصائل إيران» حول الرد على الضربات الأميركية

أخفقت فصائل «الحشد الشعبي» العراقي الموالية لإيران في التوصل إلى إجماع بشأن الرد العسكري على الغارة الأميركية الجوية التي استهدفت مقراً تابعاً لفصيل على الحدود العراقية - السورية، الأسبوع الماضي.
وعقد زعماء تلك الفصائل اجتماعات متتالية، عقب الغارة، لبحث توقيت كيفية الرد باستهداف المصالح الأميركية، لكنهم لم يتوصلوا إلى اتفاق، بينما ظهرت مواقف جديدة تشير إلى «حسابات دقيقة وصعبة» قد تفتح الباب أمام ضربات أميركية جديدة «أكثر شدة». لكن مصادر رفيعة أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن الاجتماعات شهدت خلافات حادة بين قادة كانوا يريدون ضربة سريعة وقوية، وبين آخرين طالبوا بحساب التداعيات الخطيرة لاستمرار المواجهة، مشيرة إلى أن «الضربة الأميركية زادت من انقسام قادة الفصائل وحيرتهم».
وقال قيادي في «تحالف الفتح»، رفض الكشف عن اسمه، إن «انقسام قادة (الحشد) يتركز على نقطتين أساسيتين؛ التغاضي عن الغارة الأميركية سيؤدي إلى إضعاف (الحشد)، وتراجع نفوذه أمام الحكومة العراقية (...)، أما الرد على الأميركيين فيعني أن ضربة إدارة (الرئيس الأميركي) بايدن القادمة ستكون قاصمة لا محالة».
ويزعم القيادي أن عدداً من قادة الفصائل «يمتلكون معطيات أمنية جديدة بشأن طبيعة التحركات الأميركية، تمنح الانطباع بأن تنازلات واشنطن مع إيران لا تعني توقف الضربات العسكرية ضد مصالحها في العراق، لا سيما معسكرات (الحشد الشعبي)». وقالت وزارة الدفاع الأميركية، الاثنين الماضي، إن الضربات التي نفذتها «ضرورية ومدروسة» ضد فصائل «مدعومة من إيران»، رداً على هجمات بالطائرات المسيرة، مشيرة إلى «المعسكرات المستهدفة كانت تستخدم من قبل (كتائب حزب الله)، و(سيد الشهداء)». وقال القيادي في «الفتح»، إن الفصائل التي تريد إعادة ضبط الهدنة «لأسباب أمنية» تواجه انتقادات حادة واتهامات بـ«التخاذل تصل إلى الخيانة»، مشيراً إلى أن «الموقف حرج للغاية داخل منظومة (الحشد)».
وقال هادي العامري، زعيم تحالف «فتح»، خلال احتفال بمناسبة «ثورة العشرين»، إن «العراق لن يشهد الاستقرار والإعمار ما دام الوجود الأجنبي مستمراً فيه»، داعياً حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، «تنفيذ المسؤولية التاريخية بإخراجه».
في غضون ذلك، حصلت «الشرق الأوسط» على معلومات ميدانية تفيد بنقل عدد من الفصائل كميات من الأسلحة والمعدات العسكرية من مناطق متفرقة في الموصل والأنبار باتجاه المناطق المحاذية للحدود السورية. وحسب مصادر متطابقة، فإن تحركات تلك الفصائل تجري ليلاً، وهي مستمرة منذ اليوم التالي للغارة الأميركية الأخيرة. وتمتلك نحو 6 فصائل معسكرات ثابتة في محافظة نينوى يبدأ انتشارها من بلدة سنجار شمالاً حتى الجهات الجنوبية، شرقاً وغرباً.
وسط هذه التطورات، كشفت مصادر ميدانية، أن فصيل «سرايا السلام» التابع لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، رصد تحركات جديدة لعدد من الفصائل بإنشاء معسكرات «بديلة» في المناطق المحاذية لسامراء، التي تسيطر عليها «السرايا» منذ عام 2006. وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن تحركات الفصائل الأخيرة باتجاه سامراء «أزعجت الفصيل التابع للصدر»، وأن شجاراً حاداً وقع بين «السرايا» وقوات تابعة لـ«عصائب أهل الحق» التابعة لقيس الخزعلي، في الليلة التي أعقبت الغارة الأميركية.
ولا يبدو أن «سرايا السلام» تريد الآن فتح جبهة مع القوات الأميركية، على الأقل حتى تجري الانتخابات البرلمانية العراقية، لا سيما بعد الإشارة التي أطلقها الصدر، الأسبوع المنصرم، بأن «رئيس الوزراء الصدري قادر على إخراج القوات الأميركية من البلاد».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.