خلافات بين «فصائل إيران» حول الرد على الضربات الأميركية

TT

خلافات بين «فصائل إيران» حول الرد على الضربات الأميركية

أخفقت فصائل «الحشد الشعبي» العراقي الموالية لإيران في التوصل إلى إجماع بشأن الرد العسكري على الغارة الأميركية الجوية التي استهدفت مقراً تابعاً لفصيل على الحدود العراقية - السورية، الأسبوع الماضي.
وعقد زعماء تلك الفصائل اجتماعات متتالية، عقب الغارة، لبحث توقيت كيفية الرد باستهداف المصالح الأميركية، لكنهم لم يتوصلوا إلى اتفاق، بينما ظهرت مواقف جديدة تشير إلى «حسابات دقيقة وصعبة» قد تفتح الباب أمام ضربات أميركية جديدة «أكثر شدة». لكن مصادر رفيعة أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن الاجتماعات شهدت خلافات حادة بين قادة كانوا يريدون ضربة سريعة وقوية، وبين آخرين طالبوا بحساب التداعيات الخطيرة لاستمرار المواجهة، مشيرة إلى أن «الضربة الأميركية زادت من انقسام قادة الفصائل وحيرتهم».
وقال قيادي في «تحالف الفتح»، رفض الكشف عن اسمه، إن «انقسام قادة (الحشد) يتركز على نقطتين أساسيتين؛ التغاضي عن الغارة الأميركية سيؤدي إلى إضعاف (الحشد)، وتراجع نفوذه أمام الحكومة العراقية (...)، أما الرد على الأميركيين فيعني أن ضربة إدارة (الرئيس الأميركي) بايدن القادمة ستكون قاصمة لا محالة».
ويزعم القيادي أن عدداً من قادة الفصائل «يمتلكون معطيات أمنية جديدة بشأن طبيعة التحركات الأميركية، تمنح الانطباع بأن تنازلات واشنطن مع إيران لا تعني توقف الضربات العسكرية ضد مصالحها في العراق، لا سيما معسكرات (الحشد الشعبي)». وقالت وزارة الدفاع الأميركية، الاثنين الماضي، إن الضربات التي نفذتها «ضرورية ومدروسة» ضد فصائل «مدعومة من إيران»، رداً على هجمات بالطائرات المسيرة، مشيرة إلى «المعسكرات المستهدفة كانت تستخدم من قبل (كتائب حزب الله)، و(سيد الشهداء)». وقال القيادي في «الفتح»، إن الفصائل التي تريد إعادة ضبط الهدنة «لأسباب أمنية» تواجه انتقادات حادة واتهامات بـ«التخاذل تصل إلى الخيانة»، مشيراً إلى أن «الموقف حرج للغاية داخل منظومة (الحشد)».
وقال هادي العامري، زعيم تحالف «فتح»، خلال احتفال بمناسبة «ثورة العشرين»، إن «العراق لن يشهد الاستقرار والإعمار ما دام الوجود الأجنبي مستمراً فيه»، داعياً حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، «تنفيذ المسؤولية التاريخية بإخراجه».
في غضون ذلك، حصلت «الشرق الأوسط» على معلومات ميدانية تفيد بنقل عدد من الفصائل كميات من الأسلحة والمعدات العسكرية من مناطق متفرقة في الموصل والأنبار باتجاه المناطق المحاذية للحدود السورية. وحسب مصادر متطابقة، فإن تحركات تلك الفصائل تجري ليلاً، وهي مستمرة منذ اليوم التالي للغارة الأميركية الأخيرة. وتمتلك نحو 6 فصائل معسكرات ثابتة في محافظة نينوى يبدأ انتشارها من بلدة سنجار شمالاً حتى الجهات الجنوبية، شرقاً وغرباً.
وسط هذه التطورات، كشفت مصادر ميدانية، أن فصيل «سرايا السلام» التابع لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، رصد تحركات جديدة لعدد من الفصائل بإنشاء معسكرات «بديلة» في المناطق المحاذية لسامراء، التي تسيطر عليها «السرايا» منذ عام 2006. وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن تحركات الفصائل الأخيرة باتجاه سامراء «أزعجت الفصيل التابع للصدر»، وأن شجاراً حاداً وقع بين «السرايا» وقوات تابعة لـ«عصائب أهل الحق» التابعة لقيس الخزعلي، في الليلة التي أعقبت الغارة الأميركية.
ولا يبدو أن «سرايا السلام» تريد الآن فتح جبهة مع القوات الأميركية، على الأقل حتى تجري الانتخابات البرلمانية العراقية، لا سيما بعد الإشارة التي أطلقها الصدر، الأسبوع المنصرم، بأن «رئيس الوزراء الصدري قادر على إخراج القوات الأميركية من البلاد».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».