باريس ممتعضة بسبب تفضيل برلين شراء طائرات أميركية

صفقة ألمانية بـ1.43 مليار يورو ذهبت لصالح «بوينغ»

TT

باريس ممتعضة بسبب تفضيل برلين شراء طائرات أميركية

بعكس ما يمكن أن توحي به المؤشرات الخارجية عن علاقة عميقة، ثابتة ومتينة بين باريس وبرلين كما ظهر بمناسبة القمة الأوروبية الأخيرة يومي 24 و25 يونيو (حزيران)، حيث دافع الرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية عن مواقف موحدة وخاضا معاً معركة الترويج للقاء قمة بين الأوروبيين والرئيس الروسي، الأمر الذي أجهضه قادة آخرون من وسط وشرق أوروبا، فإن بين العاصمتين ملفات خلافية يسعى الطرفان لعدم تضخيمها وأحياناً للتغطية عليها. إلا أنها، في نهاية الأمر، تبرز للعلن وتعكس وجود شروخ بين الطرفين.
آخر ما استجد بين الجانبين قرار ألمانيا شراء طائرات للاستطلاع والرقابة البحرية أميركية الصنع بدل الاستثمار في المشروع الثنائي المشترك لإنتاج هذا النوع من الطائرات الذي أطلقه إيمانويل ماكرون وأنغيلا ميركل في عام 2017 من بين أربعة مشاريع أساسية أريد لها أن تمثل ركناً رئيسياً للصناعات الحربية الأوروبية وتمكين الاتحاد الأوروبي من الاعتماد على نفسه فيما هو يسعى لبناء استقلاليته الاستراتيجية. ورغم الطابع الدبلوماسي الذي تجلى في تصريح وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي أمس، في تعليقها على قرار برلين، فإنها لم تستطع أن تخفي حنق باريس. قالت بارلي ما حرفيته: «يتعين علينا أن تكون لنا مناقشة معمقة مع ألمانيا لنتأكد من أن النوايا الألمانية لن تطيح مشروعنا (المشترك) الذي نتمسك به كثيراً». وأضافت الوزيرة الفرنسية: «أعتقد، من جهة، أن هناك رغبة (ألمانية) باستمرار الشراكة، كما تم التعبير عنها في عام 2017. ولكن، من جهة أخرى، هناك رؤية ألمانية لا نحبذها تماماً بخصوص الاستجابة لحاجات متوسطة المدى».
يعود الخلاف بين الدولتين الشريكتين إلى رغبة برلين بتجديد طائراتها المتخصصة بالاستطلاع البحري وملاحقة الغواصات من طراز «أورويون بي 3» بحلول عام 2025. والحال أن مشروع الطائرة المشتركة لم يحرز كثيراً من التقدم منذ إطلاقه بعكس المشروع الآخر الرئيسي، وهو تصنيع طائرة المستقبل المقاتلة المشتركة الذي رصدت له الميزانية من الجانبين. واقترحت باريس إعارة سلاح البحرية الألماني 4 طائرات رقابة واستطلاع من طراز «أتلانتيك 2» بانتظار أن يتوفر إنتاج الطائرة المشتركة، وهو العرض الذي رفضته برلين وفضلت عليه شراء 5 طائرات «بوزيدون 8» تصنعها شركة «بوينغ» الأميركية بقيمة إجمالية تصل إلى 1.43 مليار يورو.
وعمد البوندستاغ الألماني (مجلس النواب) إلى إعطاء الضوء الأخضر للحكومة للسير في هذا المشروع والحجة الألمانية الرئيسية أن المشروع المشترك مع فرنسا لن يصبح منتجاً إلا بعد 14 عاماً، وبالتالي فإنها بحاجة لاستبدال طائراتها العاملة حالياً في عام 2025 على أبعد تقدير. وتنفي برلين تخليها عن مشروع إنتاج الطائرة المشتركة وتؤكد أن خيارها الحالي ليس سوى «حل مؤقت». لكنّ لوزارة الخارجية الأميركية رأياً آخر، إذ جاء في بيان لها، عند الموافقة على عملية البيع أن الصفقة «ستوفر لألمانيا المحافظة على قدراتها للرقابة البحرية وتحديثها للسنوات الثلاثين المقبلة»، أي لأبعد من إنتاج الطائرة بزمن طويل. ما يغيظ باريس أنها ليست المرة الأولى التي تقوض ألمانيا برنامجاً دفاعياً مشتركاً، إذ سبق لها أن أجهضت مشروع تصنيع صاروخ تكتيكي لطوافات البلدين العسكرية من طراز «تايغر». وفي الحالة الأخيرة، فإن الجانب الألماني أخفى عن شريكه الفرنسي خطته لشراء الطائرات أميركية الصنع. ورغم غبطة باريس بوصول الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض، فإن تقارير إعلامية نشرت في الأسابيع الأخيرة تناولت «مخاوف» باريس من أن تدير ألمانيا ظهرها للتعاون العسكري والاستراتيجي في إطار الاتحاد الأوروبي وتفضل عليه التعاون مع واشنطن. وكانت لافتة جملة وزير الخارجية أنطوني بلينكن عندما وصف ألمانيا بأنها «أقرب حليف لواشنطن» داخل أوروبا. ولذا، فإن التفاصيل الفنية المرتبطة بالعقد الألماني - الأميركي الأخير لا تهم باريس بقدر ما تهمها معانيه السياسية. يضاف إلى ذلك أن المستشارة ميركل ستترك السلطة في الخريف المقبل، ما يعني فتح صفحة جديدة بين العاصمتين اللتين تعدان «محرك» الاتحاد الأوروبي. وقالت مصادر وزارة الدفاع الفرنسية لصحيفة «لا تريبون» الاقتصادية إن ما بدر من ألمانيا «ليس إشارة طيبة»، وإن الرد الفرنسي «سيأتي في الأسابيع المقبلة».


مقالات ذات صلة

إخلاء طارئ لطائرة بعد اشتعال النيران في هاتف أحد الركاب واحتراق مقعد

يوميات الشرق طائرة تابعة لشركة «ساوث ويست» الأميركية (أ.ب)

إخلاء طارئ لطائرة بعد اشتعال النيران في هاتف أحد الركاب واحتراق مقعد

تمكن طاقم طائرة من إجلاء أكثر من 100 راكب بعد أن اشتعلت النيران في هاتف أحد المسافرين على متن طائرة تابعة لشركة «ساوث ويست» الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الشيخ الدكتور عبد الله بن أحمد آل خليفة خلال جولته في معرض البحرين الدولي للطيران (بنا)

وزير المواصلات لـ«الشرق الأوسط»: البحرين تتجه للاستثمار في الطائرات الكهربائية

تتخذ البحرين خطوات مستمرة للاستثمار في التكنولوجيا الحديثة، والاعتماد على الحلول البيئية المستدامة؛ مثل الطائرات الكهربائية والطاقة المتجددة في تشغيل المطارات.

عبد الهادي حبتور (المنامة)
الاقتصاد تستمر أعمال معرض البحرين الدولي للطيران حتى الجمعة (الموقع الرسمي)

شركات طيران: المنطقة بحاجة إلى السلام والهدوء

على هامش معرض البحرين الدولي للطيران، أجرت «الشرق الأوسط» مقابلات مع عدد من مسؤولي شركات الطيران الذين شددوا على حاجة المنطقة إلى السلام.

عبد الهادي حبتور (المنامة)
الاقتصاد الأمير سلمان بن حمد مع أطقم الصقور السعودية المشاركة (الموقع الرسمي للمعرض)

ارتفاع نسبة المشاركة بأكثر من 30 % في معرض البحرين الدولي للطيران

افتتح ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد، معرض البحرين الدولي للطيران 2024 بقاعدة الصخير الجوية، وسط حضور إقليمي ودولي واسع لشركات الطيران، وصناع القرار.

عبد الهادي حبتور (المنامة)
يوميات الشرق الفريق استلهم التقنية الجديدة من أجنحة الطيور (جامعة برينستون)

أجنحة الطيور تلهم باحثين لتحسين أداء الطائرات

استلهم مهندسون بجامعة «برينستون» الأميركية تصميماً مبتكراً لجناح طائرة صغيرة مستوحى من أجنحة الطيور؛ وذلك بغرض تحسين أداء الطائرات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
TT

ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)

أعربت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عن «حزنها» لعودة دونالد ترمب إلى السلطة وتذكرت أن كل اجتماع معه كان بمثابة «منافسة: أنت أو أنا».

وفي مقابلة مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية الأسبوعية، نشرتها اليوم الجمعة، قالت ميركل إن ترمب «تحد للعالم، خاصة للتعددية».

وقالت: «في الحقيقة، الذي ينتظرنا الآن ليس سهلا»، لأن «أقوى اقتصاد في العالم يقف خلف هذا الرئيس»، حيث إن الدولار عملة مهيمنة، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وعملت ميركل مع أربعة رؤساء أميركيين عندما كانت تشغل منصب مستشار ألمانيا. وكانت في السلطة طوال ولاية ترمب الأولى، والتي كانت بسهولة أكثر فترة متوترة للعلاقات الألمانية الأمريكية خلال 16 عاما، قضتها في المنصب، والتي انتهت أواخر 2021.

وتذكرت ميركل لحظة «غريبة» عندما التقت ترمب للمرة الأولى، في البيت الأبيض خلال شهر مارس (آذار) 2017، وردد المصورون: «مصافحة»، وسألت ميركل ترمب بهدوء: «هل تريد أن نتصافح؟» ولكنه لم يرد وكان ينظر إلى الأمام وهو مشبك اليدين.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والمستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل يحضران حلقة نقاشية في اليوم الثاني من قمة مجموعة العشرين في هامبورغ بألمانيا... 8 يوليو 2017 (أ.ف.ب)

ونقلت المجلة عن ميركل القول: «حاولت إقناعه بالمصافحة بناء على طلب من المصورين لأنني اعتقدت أنه ربما لم يلحظ أنهم يريدون التقاط مثل تلك الصورة... بالطبع، رفضه كان محسوبا».

ولكن الاثنان تصافحا في لقاءات أخرى خلال الزيارة.

ولدى سؤالها ما الذي يجب أن يعرفه أي مستشار ألماني بشأن التعامل مع ترمب، قالت ميركل إنه كان فضوليا للغاية وأراد معرفة التفاصيل، «ولكن فقط لقراءتها وإيجاد الحجج التي تقويه وتضعف الآخرين».

وأضافت: «كلما كان هناك أشخاص في الغرفة، زاد دافعه في أن يكون الفائز... لا يمكنك الدردشة معه. كان كل اجتماع بمثابة منافسة: أنت أو أنا».

وقالت ميركل إنها «حزينة» لفوز ترمب على كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني). وقالت: «لقد كانت خيبة أمل لي بالفعل لعدم فوز هيلاري كلينتون في 2016. كنت سأفضل نتيجة مختلفة».