مصر تنفي اعتراضها على بناء أي سد إثيوبي

أديس أبابا تتحدث عن «تحركات خارجية» لعرقلة الملء الثاني

تبني أديس أبابا «سد النهضة» على النيل الأزرق (الرافد الرئيسي لنهر النيل)، منذ عام 2011، ووصلت العمليات الإنشائية به لنحو 80 % (رويترز)
تبني أديس أبابا «سد النهضة» على النيل الأزرق (الرافد الرئيسي لنهر النيل)، منذ عام 2011، ووصلت العمليات الإنشائية به لنحو 80 % (رويترز)
TT

مصر تنفي اعتراضها على بناء أي سد إثيوبي

تبني أديس أبابا «سد النهضة» على النيل الأزرق (الرافد الرئيسي لنهر النيل)، منذ عام 2011، ووصلت العمليات الإنشائية به لنحو 80 % (رويترز)
تبني أديس أبابا «سد النهضة» على النيل الأزرق (الرافد الرئيسي لنهر النيل)، منذ عام 2011، ووصلت العمليات الإنشائية به لنحو 80 % (رويترز)

نفت مصر عرقلتها محاولات التنمية في إثيوبيا أو أي من دول حوض النيل، مشددة على عدم اعتراضها على بناء أي سد على النهر الدولي، لكنها طالبت في الوقت ذاته بـ«اتفاق قانوني عادل يؤمن حقوقها المائية». وتبني أديس أبابا «سد النهضة» على النيل الأزرق (الرافد الرئيسي لنهر النيل)، منذ عام 2011. ووصلت العمليات الإنشائية به لنحو 80 في المائة، في حين تستعد خلال أسابيع، لتنفيذ المرحلة الثانية من ملء خزان السد، مع بدء موسم الأمطار. ويثير السد مخاوف في مصر والسودان من تأثيره على حصتيهما المائية. وطالبت البلدان، قبل أسبوعين، مجلس الأمن الدولي بعقد جلسة طارئة، لإيجاد مخرج للنزاع، بعد توقف المفاوضات، التي جرت برعاية الاتحاد الأفريقي. وقال محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية المصري، إن بلاده «لم تعترض على أي سد في إثيوبيا وتدعم التنمية بها، لكنها تريد تحقيق التعاون باتفاق قانوني عادل وملزم لملء وتشغيل السد، بما يحقق المصلحة للجميع، وهو ما ترفضه إثيوبيا. وجاءت تصريحات عبد العاطي، خلال احتفالية نظمتها الوزارة المصرية، مساء أول من أمس، لشباب من دول حوض النيل، تخرجوا من الدورة التدريبية الواحدة والأربعين في مجال «هيدرولوجيا البيئة في المناطق الجافة وشبه الجافة». شملت الدورة 20 مهندساً من دول (السودان وجنوب السودان وأوغندا وتنزانيا والكونغو وكينيا ورواندا)، وحضر الحفل ممثلو سفارات دولهم. وتهدف الدورة التدريبية، بحسب عبد العاطي، إلى بناء وتنمية قدرات الباحثين والمتخصصين من أبناء دول حوض نهر النيل في مجال هيدرولوجيا المياه السطحية والجوفية والإدارة المتكاملة للموارد المائية والحفاظ على نوعية وجودة المياه، بالإضافة إلى التطبيقات المعملية والتدريب الحقلي. وأكد عبد العاطي أن مصر «تدعم التنمية في دول حوض النيل وأفريقيا بالأفعال لا بالأقوال»، ودلل على ذلك بمساهمة مصر في بناء السدود بدول حوض النيل (مثل خزان جبل الأولياء في السودان، وسد واو بجنوب السودان، وخزان أوين بأوغندا، وسد روفينجي بتنزانيا)، بالإضافة إلى الممر الملاحي المزمع الانتهاء من دراساته لربط بحيرة فيكتوريا بالبحر المتوسط لتحويل نهر النيل إلى ممر للتنمية بدول حوض النيل، بما يفيد الجميع ويساهم في تحقيق التكامل السياحي والتجاري والزراعي والتنموي. وأوضح الدكتور عبد العاطي أن التعاون الثنائي وتنمية دول حوض النيل والدول الأفريقية يُعد أحد المحاور الرئيسية لمصر، في ظل ما تمتلكه مصر من إمكانات بشرية وخبرات فنية ومؤسسية متنوعة في مجال الموارد المائية، ويتم من خلال هذا التعاون تنفيذ كثير من المشروعات التنموية التي تعود بالنفع المباشر على مواطني تلك الدول، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة. وأضاف أنه يتم تنفيذ كثير من الدورات التدريبية للكوادر الفنية من الدول الأفريقية ودول حوض النيل في مجالات أنظمة الري الحديث وكفاءة استخدام المياه واستخدام الموارد المائية غير التقليدية وأمان السدود؛ حيث يتم تدريب عدد «100» متدرب سنوياً من دول السودان وجنوب السودان وإثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندا وبورندي والكونغو الديمقراطية وأرتيريا وغانا وزامبيا وملاوي والكاميرون وبوركينا فاسو، بالإضافة إلى توفير منح دراسية للدكتوراه والماجستير للطلاب الأفارقة. وتتهم إثيوبيا مصر بالسعي إلى تقويض جهودها في التنمية والحصول على الكهرباء عبر السد، وقال المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، دينا مفتي، إن «هناك تحركات خارجية (لم يوضحها) لعرقلة الملء الثاني لسد النهضة».
وأضاف مفتي خلال مؤتمر صحافي أمس: «الحكومة الإثيوبية قررت صبّ كل الجهود نحو تأمين سد النهضة وسد الثغرات الأخرى».
وتنفي أديس أبابا أن تكون لعملية الملء الثاني أي أضرار محتملة على دولتي المصب، وسط تمسك بالوساطة الأفريقية فقط في المفاوضات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».