أعادت استقالة سهير الأتاسي، عضو الائتلاف السوري المعارض ورئيسة وحدة تنسيق الدعم، التي أنشأها الائتلاف قبل عامين كذراع لجهوده الإنسانية، من منصبها الثاني، فتح ملف توزيع المهام بين أجهزة المعارضة السورية والتي توليه الهيئة الرئاسية الجديدة للائتلاف أهمية قصوى. إذ يصر خالد خوجة رئيس الائتلاف على الفصل بين الأمور السياسية والعسكرية وتلك التنفيذية من خلال تسليم كل جهاز مهامه المحددة.
وقد بدأ خوجة فعليا بتطبيق سياسته هذه بعدما آثر على أن يرافقه وزير الدفاع في الحكومة المؤقتة اللواء سليم إدريس في جولته الإقليمية والأوروبية والتي يسعى من خلالها للحصول على الدعم السياسي والعسكري المطلوب.
وجاء إعلان الأتاسي عن استقالتها بعد 4 أشهر من وضع الوحدة تحت إشراف الحكومة المؤقتة. وقالت الأتاسي في بيان الاستقالة: «قدّمتُ كلّ ما أستطيع تقديمه خلال العامين الماضيين، ولذلك قرّرتُ الاستقالة اليوم، وترك الوحدة وهي في مرحلة من القوة، والعودة للاهتمام بالعمل السياسي أكثر، فما زالت الثورة السورية بحاجة إلى الكثير من النشاط السياسي، والدعم في المحافل العربية والدولية».
وتُعتبر وحدة تنسيق الدعم مؤسسة قائمة بحد ذاتها تعتمد في تمويلها على المساعدات الدولية التي تصلها من 3 دول رئيسية، المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا والولايات المتحدة الأميركية.
وأشار عبد الرزاق إسماعيل، مدير المكتب الإعلامي في وحدة تنسيق الدعم إلى أن حجم أعمال الوحدة بلغ في القطاعات التي خدمتها نحو 260 مليون دولار منذ تأسيسها، وقال إسماعيل لـ«الشرق الأوسط»: «تقوم وحدة تنسيق الدعم بالتعاون مع الحكومة السورية المؤقتة، بأدوار واضحة وتعتمد أعمالها على المجالس المحلية التابعة للحكومة والمديريات التابعة لها أيضا كما على منظمات المجتمع المدني الفاعلة في الداخل»، مشددا على أن الوحدة تبقى في الوقت عينه «مؤسسة إنسانية غير حكومية مستقلّة عملاتيًا، وهذه الاستقلالية الإنسانية تُكسبها الانسيابية في التعامل مع المانحين».
بدوره، أوضح المعارض السوري محمد سرميني، وهو مستشار رئيس الحكومة المؤقتة أنّه تمت المباشرة بتطبيق قرار اتخذه الائتلاف بوضع الوحدة تحت إشراف الحكومة منذ 4 أشهر، مؤكدا وجود تنسيق تام في كل المشاريع بين الحكومة والوحدة وعمل مشترك ومتواصل. وقال سرميني لـ«الشرق الأوسط»: «حاليا الوحدة تتولى التنسيق والتواصل مع الجهات المانحة، فيما تتولى المؤسسات التنفيذية التابعة للحكومة الخطوات العملية».
وجزم سرميني بعدم وجود أي إثبات حول بعض تهم الفساد الموجهة للأتاسي، مشددا على أن ما قدمته للوحدة طوال المرحلة الماضية «يستحق الاحترام والتقدير». وقال: «الاستقالة لن تؤثر على عمل الوحدة التي تُعتبر من أهم مؤسسات المعارضة والموضوع أصبح لدى الائتلاف لاختيار رئيس جديد للوحدة يكون بمثابة الواجهة السياسية لها».
وقالت مصادر الائتلاف لـ«الشرق الأوسط» إن هناك «مخططا لوضع الوحدة تحت إشراف الحكومة المؤقتة لتصبح أشبه بمديرية تابعة لهذه الحكومة وبالتحديد لوزارة الإغاثة كي يتم التنسيق بينهما ولعدم تضارب الصلاحيات».
وأشارت المصادر إلى أن رئيس الائتلاف يركز اهتمامه حاليا على «توزيع المهام على أجهزة المعارضة المختلفة بشكل صحيح، من خلال توكيل كل مؤسسة بمهام محددة». وأضافت: «كل الأمور العسكرية تم توكيلها للمجلس العسكري الأعلى وقيادة الأركان، فيما تتولى الحكومة المؤقتة الأمور التنفيذية من إغاثة وصحة وغيرها من الأمور الحياتية، على أن يتسلم الائتلاف كل الاهتمامات السياسية ويكون عليه أيضا تأمين التمويل اللازم لكل هذه المؤسسات».
وفيما أكدت الأتاسي ومصادر الائتلاف أن استقالتها تمت بقرار منها ولأسباب شخصية بحتة، يربط متابعون لمسار الوحدة بين الاستقالة وما أشيع في مرحلة من المراحل عن فساد داخل جسم المؤسسة خاصة بعد إعلان شركة «ديلويت» للمحاسبة، وهي شركة عالمية تعاقدت معها وحدة التنسيق للتدقيق بالشؤون المالية، في سبتمبر (أيلول) 2014 في تقرير لمراجعة حسابات عام 2013، أنها لم تتمكن من رصد وتتبع نحو 800 ألف دولار من نفقات وحدة تنسيق الدعم بالإضافة إلى أكثر من 265 ألف دولار من المدفوعات النقدية.
وكشفت مصادر الائتلاف عن أن الأتاسي كانت تتقاضى عن مهامها كرئيسة وحدة تنسيق الدعم راتبا شهريا قدره 8 آلاف دولار أميركي، كما كانت تتلقى راتب 3500 دولار أميركي حين كانت تشغل منصب نائب رئيس الائتلاف في عهد أحمد معاذ الخطيب وفي الفترة الرئاسية الأولى لأحمد الجربا.
وقد أصدر أمين عام الائتلاف السابق نصر الحريري في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي قرارا بإقالة الأتاسي وعدد آخر من المسؤولين في وحدة تنسيق الدعم، ووزير الصحة في الحكومة المؤقتة، على خلفية وفاة أطفال في حملة للتلقيح ضد مرض الحصبة بريف إدلب. لكن لم يتم تطبيق القرار باعتبار أن الموضوع لم يكن من صلاحية الحريري.
يُذكر أن الأتاسي وهي ناشطة حقوقية معارضة من حمص، اعتقلت في مارس (آذار) 2011 مع 40 شخصًا آخر لخروجها في مظاهرة صامتة تطالب بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، بمن فيهم أطفال درعا. وكانت التهمة التي وجهها إليها النظام هي «إذكاء روح الفرقة».
استقالة الأتاسي من رئاسة وحدة تنسيق الدعم تفتح ملف توزيع المهام بين أجهزة المعارضة السورية
خوجة يعمل على فصل الأمور السياسية عن العسكرية والتنفيذية
استقالة الأتاسي من رئاسة وحدة تنسيق الدعم تفتح ملف توزيع المهام بين أجهزة المعارضة السورية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة