أعضاء سابقون في حكم الانقلاب الحوثي ينتقدون فساد الجماعة

منظر عام لجانب من المدينة القديمة في صنعاء (إ.ب.أ)
منظر عام لجانب من المدينة القديمة في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

أعضاء سابقون في حكم الانقلاب الحوثي ينتقدون فساد الجماعة

منظر عام لجانب من المدينة القديمة في صنعاء (إ.ب.أ)
منظر عام لجانب من المدينة القديمة في صنعاء (إ.ب.أ)

وجّه أعضاء سابقون في حكم الانقلاب الحوثي انتقادات حادة للفساد الذي تمارسه الجماعة في مناطق سيطرتها، بما في ذلك الاستيلاء على الممتلكات ومصادرتها وتلفيق تهم التعاون مع الشرعية والتحالف الداعم لها، لتبرير عمليات السطو، كما انتقدوا استبعاد الميليشيات لحلفائها من الحكم بمن فيهم مجموعة من السياسيين المتحدرين من الجنوب.
وبينما وصف قيادي سابق فيما تسمى «اللجنة الثورية العليا» سلطة الميليشيات الحوثية بأنها غارقة في الفساد، تعالت الأصوات حتى من داخل الدائرة الضيقة القريبة من زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي، منذرة بسقوط وشيك للجماعة بسبب فساد المسؤولين فيها.
ناصر باقزقوز، وزير السياحة السابق في حكومة ميليشيات الحوثي، هاجم مهدي المشاط رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى الذي يحكم شكلياً في مناطق سيطرة الجماعة، ووصفه بأنه «غلام دفع بالقادة السياسيين المعارضين إلى الابتعاد عن الظهور»، كما اتهم هذه الميليشيات بإقصاء المتحدرين من محافظات البلاد الجنوبية، وقال إن «مَن يريد التعرف على الانفصاليين الحقيقيين عليه أن يذهب إلى المجلس السياسي».
وأضاف باقزقوز - وهو المتحدر من محافظة حضرموت والقيادي في حزب التجمع الوحدوي، ذي التوجه اليساري - بالقول «إن صنعاء عاصمة اليمن السياسية ماتت أحزابها المعارضة وفضل الكثير من القادة السياسيين الابتعاد بدل أن يقودهم غلام فيما يسمى المكتب السياسي لحضور فعاليات وطنية تقام على خجل في قاعات مغلقة».
وتابع: «حضورهم كضيوف عند حضرته (المشاط) وبدل أن تكون مقرات هذه الأحزاب والقوى مفتوحة ونشطة لجماهيرها وضعت أمامها العراقيل لينفرد المجلس السياسي بالحركة ويفوز بمقاولة إدارة الحياة السياسية الميتة، وطبعاً مع أحزابه التي فرخها وحراكه الذي يثق به».
وأشار باقزقوز إلى شراكة هذا المجلس الحوثي مع جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء وطلب الاستماع لخطابات صادق أبوراس للتأكد من هذه الشراكة، في إشارة منه إلى تهميش الجماعة لحليفها في الانقلاب، وقال: «يحسب للمؤتمر الشعبي محافظته على أبنائه الجنوبيين وإشراكهم بالتساوي في هيكله التنظيمي وفي مؤسسات الدولة، أما المكتب السياسي للحركة فقد نكل بمعظم شركائه السياسيين، خصوصاً الجنوبيين ومن يريد أن يتعرف على الانفصاليين الحقيقيين يذهب لمكتب المجلس السياسي للحركة سيجدهم يعترفون بالجنوب أرضاً وثروة فقط».
وأضاف: «المصيبة أن بعضاً من أعضاء مجلسهم يتغنى ليل نهار بالوحدة وحل القضية الجنوبية، والواقع عكس ذلك». وخاطب باقزقوز الميليشيات قائلاً: «طبّقوا الوحدة أولاً داخل صنعاء وفي صفوفكم».
وكان باقزقوز أبعد من منصب وزير السياحة في الحكومة غير المعترف بها، بعد أن شن هجوماً لاذعاً على القيادي النافذ أحمد حامد (أبو محفوظ) مدير مكتب رئاسة حكم الانقلاب، بعد أن كتب منشورات انتقد فيها ممارسات الرجل ونصح في أحدها «مَن يريد الاحتفاظ بكرامته وسمعته ووظيفته ألا يتحدث عن الفساد والفاسدين في صنعاء».
وقال إن الحديث عن الفساد والفاسدين في العاصمة «يحتاج إلى إنسان دون عائلة ولا أطفال ولا كرامة، إنسان وحيد لا يخاف على شيء ولا يوجد ما يحزن عليه».
من جهته، انتقد النائب البرلماني والوزير السابق في حكومة الحوثيين عبده بشر، استيلاء قادة الميليشيات على منزل رجل الأعمال محمد الحيفي، وقال: «نحن لا نتكلم من فراغ والقضية ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، وما هي إلا قطرة من بحر الظلم الذي يرتكب ليل نهار على الناس».
واستعرض بشر، كيف أقدمت ميليشيات الحوثي على تفجير عمارة خالد عبد النبي في الحديدة بحجة أنها مرتفعة وسوف تتمترس فيه القناصة، وقال إن منزله هو في مدينة 7 يوليو (تموز) في الحديدة نهبه الحوثيون «بحجة أن الأشجار المحيطة به أكبر من البيت ويمثل غطاء من الطيران».
وأضاف: «ينهب منزل الحيفي لأنه أعجب أحدهم فهذا ما لم نسمع به في آبائنا الأولين». وتساءل: «هل هي بداية النهاية لمن دخلوا باسم مناصرة المظلومين والمستضعفين وتحولوا إلى سباع تأكل الناس»، بحسب قوله.
هذه الانتقادات العلنية النادرة لممارسة الميليشيات انضم إليها محمد المقالح عضو ما تسمى «اللجنة الثورية العليا» التي تولّت السلطة الشكلية عقب الانقلاب مباشرة، حيث قال: «ثمة سلطة لم يسبق لها مثيل في التاريخ تتحدث عن النزاهة كل يوم وهي ملطخة بالفساد من رأسها إلى أخمص قدميها، وتتحدث عن المستضعفين كل يوم وهي تولي المستكبرين، وفي كل منعطف وزاوية فيها بطش أو إذلال».
وأضاف المقالح أن «الحوثيين قد هزموا فعلاً في وعي الناس، ولم يتبقَّ سوى هزيمتهم في واقع الناس، وستأتي قريباً على أيدي واحد من الثلاثة المخلفين»، في إشارة إلى صراع الأجنحة المتصاعد داخل الجماعة.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».