قلق في سوريا من زيادة الحكومة لأسعار مواد حيوية

بعد قرارات طالت السكر والرز وسط ارتفاع معدلات الفقر

جانب من معرض لوازم البناء في العاصمة السورية دمشق (إ.ب.أ)
جانب من معرض لوازم البناء في العاصمة السورية دمشق (إ.ب.أ)
TT

قلق في سوريا من زيادة الحكومة لأسعار مواد حيوية

جانب من معرض لوازم البناء في العاصمة السورية دمشق (إ.ب.أ)
جانب من معرض لوازم البناء في العاصمة السورية دمشق (إ.ب.أ)

أدى قرار الحكومة السورية رفع أسعار مادتي السكر والرز المدعومتين بنسبة كبيرة إلى حصول استياء لدى معظم أوساط الأهالي في دمشق ومحيطها، وسط مؤشرات على نيتها رفع أسعار كثير من المواد الأساسية، منها الغاز المنزلي والمازوت. وعد بعضهم أن القرار يعني «ذبح الناس الميتة أصلاً»، ويدل على عدم اهتمام الحكومة بأحوالهم.
وأعلنت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قبل بضعة أيام قراراً تضمن تحديد سعر الكيلوغرام الواحد من مادتي السكر والرز (صيني وسط) المدعومتين اللتين يتم بيعهما للمواطنين عبر «البطاقة الذكية» بشكل شهري بألف ليرة سورية، وذلك بعدما كان سعر الكيلو من الأولى 500 ليرة، والثانية 600 ليرة؛ أي أن نسبة الزيادة فاقت الـ66 في المائة.
وأكد مسؤول عن عائلة مؤلفة من 6 أشخاص، لـ«الشرق الأوسط»، أن القرار «متوقع لأن الناس اعتادت خلال الحرب على مسلسل فقدان الزيت والسكر والخبز والغاز والبنزين والمازوت... ثم توفيرها، ولكن مع رفع أسعارها»، وأضاف: «يقولون إن المواطن وتحسين معيشته أولوية لديهم، ولكن استمرار هذا المسلسل يؤكد أن أولويتهم إرضاء التجار وملء خزائن الحكومة. أما الناس، فهي على الهامش؛ هذا إن كانوا يفكرون بهم، فهم بهذه القرارات يذبحون الناس الميتة أصلاً».
موظف حكومي، بدوره، سخر من القرار، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفعوا وما زالوا يرفعون (أسعار) كل شيء: الخبز والخضراوات واللحوم والمعجنات والدواء والبنزين والغاز، ويتحججون بارتفاع تكاليف الإنتاج والاستيراد، لكنهم لا يرفعون الرواتب!»، وأضاف: «يعرفون أن رواتبهم لا تكفي سوى لعدة أيام، وسفرة (مائدة) أغلبية العائلات صارت في معظم الأيام خبز فقط، ومعظمها تأكل وجبة واحدة! والآن، مشكورين حرموا الناس من طبختين رز بالشهر».
ولفت إلى أن كثيراً من الناس قد لا تشتري تلك المواد وتنسقها لأن ثمنها أصبح مرهق، وأضاف: «الغاز (المنزلي) حالياً مقطوع، والعائلة نادراً ما تحصل على الجرة (أسطوانة) إلا بعد مرور 100 يوم، ومازوت التدفئة لم تحصل عليه أغلبية العائلات في الشتاء، ويبدو أن رفع سعريهما على الطريق».
وقبل الإعلان عن القرار بيومين، تولت وسائل إعلام محلية مقربة من الحكومة التمهيد له وتبريره، وذكرت أن «المؤسسة السورية للتجارة»، التابعة لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، تعاني من صعوبات واضحة في تأمين المواد المدعومة لما يكفي مخصصات المستحقين.
وأضافت أن «عدم استقرار بورصات الأسعار العالمية للمواد الغذائية، خاصة مع وجود تخوفات عالمية من إمكانية بدء أزمة عالمية غذائية، خلق عجزاً إضافياً على المؤسسة، ما يهدد إمكانية استمرارها في التدخل الإيجابي لدعم طبقة محدودي الدخل، والتدخل الإيجابي في الأسواق».
وأشارت إلى أنه بسبب ارتفاع تكاليف تأمين هذه المواد عالمياً، وزيادة أجور الشحن والتغليف، تواجه الحكومة خيارين: الأول توقف دعم المواد بسبب العجز عن تمويلها، وهو أمر لن تفعله، والثاني زيادة «طفيفة» في أسعار المواد، لـ«تخفيف العجز عن الحكومة»، مقابل أن يتحمل المواطن «جزءاً بسيطاً» من الزيادة يمكنه من الاستمرار بالحصول على مخصصاته من هذه المواد.
وذكرت الوزارة في قرارها أن الدورة المقبلة لتوزيع السكر والأرز عبر «البطاقة الذكية» ستبدأ من الرابع من يوليو (تموز) الحالي، دون تعديل للكميات المخصصة للعائلة، وذلك بعدما شهدت عملية البيع خلال الشهرين الماضيين بطئاً شديداً، ومن ثم توقفت نهائياً. وتؤكد كثير من العائلات أنها لم تشترِ مخصصات أشهر فبراير (شباط) ومارس (آذار) وأبريل (نيسان) لأنها لم تتلقَّ رسائل تسلم، فيما جرى بيعها لمن تسلم رسائل تسلم دفعة واحدة عن الأشهر الثلاثة.
ومع توقف «المؤسسة» عن تسليم مادتي السكر والرز المدعومتين، ارتفع سعر الكيلوغرام الواحد من الرز من النوعية ذاتها في الأسواق إلى نحو 3 آلاف، بعدما كان يقارب ألفين، وكيلو السكر من 1400 إلى أكثر من ألفين.
وبدأ بيع السكر والرز والشاي عبر «البطاقة الذكية» في صالات «المؤسسة» مطلع فبراير (شباط) 2020، ثم أضيف الزيت النباتي مطلع مارس (آذار) 2020، قبل أن يتوقف بيع الزيت والشاي بنهاية أبريل (نيسان) من العام ذاته لعدم توافرهما.
وأُعيد بيع الزيت في 20 ديسمبر (كانون الأول) 2020، بمعدل ليترين لكل عائلة عن شهرين، وبسعر 2.900 ليرة لكل ليتر، فيما أُعيد بيع الشاي في (فبراير) شباط 2021، بسعر 18 ألف ليرة للكيلوغرام.
وجرى تخصيص كيلو سكر وكيلو رز شهرياً لكل فرد ضمن العائلة، على ألا تتجاوز مخصصاتها 6 كيلوات سكر و5 كيلوات رز شهرياً، مهما بلغ عدد أفرادها.
وتبلغ مخصصات الشاي 400 غرام للعائلة المكونة من 1 إلى 3 أفراد، و600 غرام للعائلة من 3 إلى 5 أفراد، وكيلوغراماً واحداً للعائلة التي يفوق عدد أفرادها الخمسة.
وذكر مركز «السياسات وبحوث العمليات» (OPC) السوري الخاص في يونيو (حزيران) الماضي، في دراسة استقصائية حول الحياة اليومية للسكان في 3 أحياء من مدينة دمشق، أن 94 في المائة من عائلات المستجيبين للدراسة تعيش تحت خط الفقر الدولي الذي يقدر بـ1.9 دولار يومياً للفرد الواحد.
وتزداد مشكلة الجوع في مناطق سيطرة الحكومة مع تواصل فقدان مداخيل العائلات الشهرية جزءاً كبيراً من قيمتها بسبب الانهيار القياسي لسعر صرف الليرة أمام الدولار الذي يسجل حالياً ما بين 3100 و3150، بعدما كان بين 45 و50 ليرة في عام 2010.
وباتت أغلبية المواطنين في مناطق سيطرة الحكومة تعيش أوضاعاً معيشية مزرية للغاية بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار، خصوصاً المواد الغذائية، حيث ارتفعت أكثر 40 مرة، بينما لا يتعدى متوسط الراتب الشهري لموظفي القطاع العام 20 دولاراً، ولموظفي القطاع الخاص 50 دولاراً، بعدما كان راتب الموظف الحكومي قبل سنوات الحرب نحو 600 دولار.
ويؤكد خبراء اقتصاديون أن العائلة المكونة من 5 أفراد في ظل هذه الأوضاع تحتاج إلى مليون ليرة لتعيش بشكل متوسط.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.