مصادر دبلوماسية أوروبية: معسكرات إيرانية في سوريا لتدريب الحوثيين

«حزب الله» يدير في سوريا مناطق أكبر من مساحة لبنان.. ولن يتخلى عنها للفوضى

مصادر دبلوماسية أوروبية: معسكرات إيرانية في سوريا لتدريب الحوثيين
TT

مصادر دبلوماسية أوروبية: معسكرات إيرانية في سوريا لتدريب الحوثيين

مصادر دبلوماسية أوروبية: معسكرات إيرانية في سوريا لتدريب الحوثيين

كشفت مصادر دبلوماسية أوروبية أن الحرس الثوري الإيراني يقوم بتدريب مجموعات من المقاتلين الحوثيين في مراكز تدريب بجنوب سوريا. وقالت المصادر التي نقلت تصريحاتها وكالة الأنباء الإيطالية «آكي» أمس، إن هؤلاء المقاتلين الحوثيين يخضعون لـ«دورات تدريب عملية من خلال المشاركة في المعارك» قبل أن يعودوا إلى اليمن.
وأكدت المصادر أن «الحرس الثوري الإيراني يقوم بتحضير دفعات من المقاتلين الحوثيين من اليمن، تصل كل دفعة إلى نحو مائة مقاتل، يتدربون في معسكرات في جنوب سوريا، وتحديدا في بصرى وإزرع، ويشاركون في المعارك الدائرة هناك، ليكتسبوا خبرة ومهارات قتالية، قبل أن يعودوا إلى اليمن لتأتي دفعة أخرى بديلة»، وفق توصيف الوكالة.
وأضافت: «يُشرف ضباط وصف ضباط من الحرس الثوري الإيراني على هؤلاء اليمنيين وعلى تدريبهم، ويكتسبون في سوريا مهارات يفتقدونها ويحتاجون إليها، وليس للنظام السوري ولا لحزب الله اللبناني أي دور أو نفوذ على هؤلاء المقاتلين الحوثيين»، حسب تأكيدها.
وشددت المصادر الغربية على أن دولا أوروبية والولايات المتحدة باتت على علم بهذا الأمر، وقالت: «لدينا معلومات مؤكدة من تفاصيل هذا التدريب وهذه المعسكرات، فلقد باتت سوريا بفضل إيران معسكرا لتدريب الحوثيين ميدانيا، ومركزا لإكسابهم مهارات استخدام الأسلحة بتجارب حيّة وميدانية من الصعب أن يحصلوا عليها في أي مكان آخر»، وفق تعبيرها.
وأضافت: «الجهات التي تراقب تحركاتهم تؤكد على أن تجميعهم يتم في إيران ويُنقلون جوا إلى سوريا، وأحيانا يتجمعون في بيروت وينقلون برا إلى سوريا، وتم على الأقل نقل ما يقارب الثلاثة آلاف مقاتل على دفعات، يقضون مهمتهم التدريبية ويعودون بالتناوب، ويبقى دائما في سوريا ما يعادل 3 أو 4 دفعات، أي ما يقارب 400 مقاتل حوثي»، حسب تأكيدها.
من جهة اخرى, قال مصدر سوري معارض لـ«الشرق الأوسط» إن حزب الله يدير عدة معسكرات تدريب في أكثر من منطقة سورية، مشيرا إلى أن الحزب اقتطع مساحة توازي أكثر من 10 آلاف متر مربع من الأراضي السورية تخضع لسيطرته المباشرة، وتحديدا في القصير في محافظة حمص، وفي ريف دمشق وفي المناطق التي تجري فيها العمليات العسكرية الحالية قرب الجولان.
وأشار مصدر في قوى «8 آذار» المتحالفة مع النظام السوري إلى أن «حزب الله» بات يسيطر في سوريا على منطقة تفوق مساحة لبنان (10452 كيلومترا مربعا) ووجوده فيها أصبح بحكم الأمر الواقع، مشيرا إلى أن أي انهيار للوضع في سوريا سيكون معناه احتفاظ الحزب بهذه المناطق، في حال سادت الفوضى في سوريا.
ويرتبط وجود «حزب الله» في منطقة القصير التي تقع بمحاذاة الحدود اللبنانية، وخاض فيها الحزب معارك قاسية مع مسلحي المعارضة صيف عام 2013، وكان تدخله فيها نقطة تحول في المعارك الدائرة هناك. ومنذ ذلك الحين، تقول مصادر المعارضة السورية، أقام الحزب رقعة نفوذ تمتد نحو 4 آلاف كيلومتر مربع، أقام عليها مراكز تدريب وثكنات، ويسير فيها دوريات بالتعاون مع أبناء قرى سورية من الشيعة اللبنانيين كانوا يقيمون فيها منذ ما قبل الأزمة السورية. وقد نظم الحزب وجود هؤلاء الذين باتوا جزءا من منظومة الحزب. وتشير المصادر إلى أن «ولاية حزب الله» هذه ترتبط بمعبر يسيطر عليه حزب الله عند الحدود مع لبنان بمعرفة القوى الأمنية اللبنانية التي لم تتدخل منعا لحوادث لا تحمد عقباها، كما أفاد مرجع لبناني سابق في جلسة خاصة أواخر الأسبوع الماضي.
وتوضح مصادر المعارضة أن الحزب أقام معسكرات تدريب في سوريا، بدلا من معسكرات التدريب التي كان يقيمها في لبنان، وهي مخصصة بمجملها للمقاتلين الأجانب (غير اللبنانيين) ومن بينهم سوريون وباكستانيون وأفغان، ومن جنسيات أخرى. وأشارت إلى أن معسكرات مماثلة موجودة في الجنوب السوري يتم فيها تدريب سوريين يتوقع لهم أن يصبحوا «سرايا مقاومة سورية»، في إشارة إلى تجربة سرايا المقاومة اللبنانية التي أنشأها «حزب الله» في لبنان لتدريب مقاتلين موالين له من طوائف لبنانية أخرى غير الشيعة الذين يشكلون عماد قوة «حزب الله».
وقالت المصادر السورية إن تدريب المقاتلين لم يعد يقتصر على المشاركين في الحرب السورية، بل امتد ليشمل مقاتلين من دول الخليج العربي والعراق واليمن.
وكانت وكالة «آكي» الإيطالية نقلت أمس عن مصادر دبلوماسية أوروبية رفيعة المستوى تأكيدها «وجود مراكز لتدريب مقاتلين من الحوثيين اليمنيين ميدانيا في جنوب سوريا يُشرف عليها إيرانيون»، وقالت إن هؤلاء يخضعون لـ«دورات تدريب عملية من خلال المشاركة في المعارك» قبل أن يعودوا إلى اليمن. وأكّدت المصادر أن «الحرس الثوري الإيراني يُحضر دفعات من المقاتلين الحوثيين من اليمن، تصل كل دفعة إلى نحو مائة مقاتل، يتدربون في معسكرات في جنوب سوريا، وتحديدا في بصرى وإزرع، ويشاركون في المعارك الدائرة هناك، ليكتسبوا خبرة ومهارات قتالية، ثم يعودون إلى اليمن لتأتي دفعة أخرى بديلة». وأضافت: «يُشرف ضباط وصف ضباط من الحرس الثوري الإيراني على هؤلاء اليمنيين وعلى تدريبهم، ويكتسبون في سوريا مهارات يفتقدونها ويحتاجون إليها، وليس للنظام السوري ولا لحزب الله اللبناني أي دور أو نفوذ على هؤلاء المقاتلين الحوثيين»، حسب تأكيدها.
وشددت على أن دولا أوروبية والولايات المتحدة باتت على علم بهذا الأمر، وقالت: «لدينا معلومات مؤكدة عن تفاصيل هذا التدريب وهذه المعسكرات، فلقد باتت سوريا بفضل إيران معسكرا لتدريب الحوثيين ميدانيا، ومركزا لإكسابهم مهارات استخدام الأسلحة بتجارب حيّة وميدانية من الصعب أن يحصلوا عليها في أي مكان آخر»، وفق تعبيرها.
وأضافت: «الجهات التي تراقب تحركاتهم تؤكد على أن تجميعهم يتم في إيران ويُنقلون جوا إلى سوريا، وأحيانا يتجمعون في بيروت وينقلون برا إلى سوريا، وتم على الأقل نقل ما يقارب 3 آلاف مقاتل على دفعات، يقضون مهمتهم التدريبية ويعودون بالتناوب، ويبقى دائما في سوريا ما يعادل 3 أو 4 دفعات، أي ما يقارب 400 مقاتل حوثي».



«دواء مر»... مخاوف عميقة وشراكة قلقة تجمع مصريين بـ«النقد الدولي»

السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

«دواء مر»... مخاوف عميقة وشراكة قلقة تجمع مصريين بـ«النقد الدولي»

السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)

رغم قناعتهم بأنه الملجأ وقت الأزمات، وأنه الطريق الذي «لا بديل عنه» عندما تعصف التحديات الاقتصادية بالدولة، تجمع شراكة «قلقة» مصريين بـ«صندوق النقد الدولي»، وسط مخاوف عميقة من تبعات الالتزام بشروطه وتأثيرها في قدرتهم على تلبية احتياجاتهم اليومية، حتى باتت صورة الصندوق لدى كثيرين أشبه بـ«الدواء المر»، يحتاجون إليه للشفاء لكنهم يعانون تجرعه.

على قارعة الطريق جلست سيدة محمود، امرأة خمسينية، تبيع بعض الخضراوات في أحد شوارع حي العجوزة، لا تعلم كثيراً عن صندوق النقد وشروطه لكنها تدرك أن القروض عادةً ما ترتبط بارتفاع في الأسعار، وقالت لـ«الشرق الأوسط» ببساطة: «ديون يعني مزيداً من الغلاء، المواصلات ستزيد والخضار الذي أبيعه سيرتفع سعره».

وتنخرط مصر حالياً في تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي مع صندوق النقد الدولي تم الاتفاق عليه في نهاية 2022، بقيمة ثلاثة مليارات دولار، قبل أن تزيد قيمته في مارس (آذار) الماضي إلى ثمانية مليارات دولار، عقب تحرير القاهرة لسعر الصرف ليقترب الدولار من حاجز الـ50 جنيهاً. وتلتزم مصر في إطار البرنامج بخفض دعم الوقود والكهرباء وسلع أولية أخرى، مما دفع إلى موجة غلاء يشكو منها مصريون.

«دواء مر»، هكذا وصف الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة، قروض صندوق النقد الدولي، مشيراً إلى ما يثيره «الصندوق»، في نفوس المصريين من «قلق»، ارتباطاً بما تولِّده «الديون والقروض» في نفوسهم من «أعباء ومخاوف».

يقول بدرة لـ«الشرق الأوسط» إن «المصريين دائماً ما يتحفزون ضد الصندوق نظراً لمتطلباته التي عادةً ما تؤثر في حياتهم وتزيد من أعبائهم المالية». وفي الوقت نفسه يؤكد بدرة أنه «لم يكن هناك باب آخر أمام الدولة المصرية إلا الصندوق في ظل أزمة اقتصادية بدأت عام 2011، وتفاقمت حدتها تباعاً».

كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد أكد خلال لقائه ومديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، الأحد، في القاهرة أن «أولوية الدولة هي تخفيف الضغوط والأعباء عن كاهل المواطنين».

وتأتي زيارة غورغييفا للقاهرة عقب دعوة السيسي، نهاية الشهر الماضي، لمراجعة قرض صندوق النقد مع مصر «حتى لا يشكل عبئاً على المواطن» في ظل التحديات الجيوسياسية التي تعاني منها البلاد، وأعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن «المراجعة الرابعة للقرض ستبدأ الثلاثاء»، وهي واحدة من أصل ثماني مراجعات في البرنامج.

الوصفة الاقتصادية القياسية التي يقدمها صندوق النقد عادةً ما ترتبط بالسياسة النقدية والمالية، لكنها «لا تشكل سوى ثلث المطلوب لتحقيق الإصلاح الاقتصادي والهيكلي»، حسب الخبير الاقتصادي هاني توفيق الذي أشار إلى أنه «لا ينبغي ربط كل الأعباء والتداعيات الاقتصادية بقرض صندوق النقد».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «اشتراطات صندوق النقد أو متطلباته أمور منطقية لكن لا بد أن تمتزج بخطوات إصلاح هيكلي اقتصادي لتحفيز الاستثمار والنظر في الأولويات».

بدوره، قال الخبير الاقتصادي المصري، مدحت نافع لـ«الشرق الأوسط» إن «صندوق النقد كأي مؤسسة مالية أخرى هو جهة مقرضة، لديها شروط مرتبطة بحجم مخاطر الدين وبأجندتها التي قد لا تتوافق دائماً مع أجندة الدولة وأولوياتها الوطنية».

ولفت نافع إلى أن «دراسات عدة أشارت إلى أن برامج صندوق النقد عادةً ما تحقق أهدافاً جيدة على المدى القصير من حيث كبح جماح التضخم وتحرير سعر الصرف، لكنها على المدى الطويل قد تؤدي إلى تداعيات سلبية على مستويات النمو الاقتصادي ونسب عجز الموازنة والبطالة».

لكن رغم ذلك يؤكد نافع أن «مصر كانت بحاجة إلى قرض صندوق النقد»، فهو على حد وصفه «شهادة دولية تتيح لمصر الحصول على تمويلات أخرى كانت في أمسّ الحاجة إليها في ظل أزمة اقتصادية طاحنة».

علاقة مصر مع صندوق النقد تاريخية ومعقدة، ويرتبط في مخيلة كثيرين بوصفات صعبة، تدفع نحو اضطرابات سياسية وأزمات اقتصادية، وربما كان ذلك ما حفَّزهم أخيراً لتداول مقاطع فيديو للرئيس الراحل حسني مبارك يتحدث فيها عن رفضه الانصياع لشروط الصندوق، حتى لا تزيد أعباء المواطنين، احتفى بها رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

وهنا يرى بدرة أن «الظروف السياسية والاقتصادية في عهد مبارك كانت مغايرة، والأوضاع كانت مستقرة»، مشيراً إلى أن «مبارك استجاب لمتطلبات الصندوق وحرَّك سعر الصرف لتصل قيمة الدولار إلى 3.8 جنيه بدلاً من 2.8 جنيه».

واتفق معه توفيق، مؤكداً أن «الوضع الاقتصادي في عهد مبارك كان مختلفاً، ولم تكن البلاد في حالة القلق والأزمة الحالية».

ووفقاً لموقع صندوق النقد الدولي، نفّذت مصر في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي أربعة برامج اقتصادية بدعم مالي من الصندوق، بقيمة 1.850 مليار دولار، لكنها لم تصرف سوى خمس المبلغ فقط، ما يعادل 421.3 مليون دولار. حيث تم إلغاء وعدم استكمال بعضها، بعد أن مكَّن الاتفاق مع الصندوق مصر من إلغاء 50 في المائة من دينها الرسمي في «نادي باريس».

ولتلافي التداعيات السلبية لقرض «صندوق النقد» أو على الأقل الحد منها، شدد نافع على «ضرورة الموازنة بين متطلبات (صندوق النقد) وبين أجندة الدولة الإصلاحية».

وقال: «تعديل شروط الصندوق أو تأجيل تنفيذ بعضها ليس صعباً في ظل أن الهدف الأساسي من الخطة، وهو كبح التضخم، لم يتحقق»، مشيراً في السياق نفسه إلى أن «الصندوق أيضاً متورط ويرى أن عدم نجاح برنامجه مع مصر قد يؤثر سلباً في سمعته، مما يتيح إمكانية للتفاوض والتوافق من أجل تحقيق أهداف مشتركة».

وانضمت مصر لعضوية صندوق النقد الدولي في ديسمبر (كانون الأول) 1945، وتبلغ حصتها فيه نحو 1.5 مليار دولار، وفقاً لموقع الهيئة العامة للاستعلامات، الذي يذكر أن «تاريخ مصر مع الاقتراض الخارجي ليس طويلاً، وأن أول تعاملاتها مع الصندوق كان في عهد الرئيس الراحل أنور السادات عامَي 1977 و1978 بهدف حل مشكلة المدفوعات الخارجية وزيادة التضخم».

وعقب أحداث 2011 طالبت مصر بالحصول على قرض من الصندوق مرة في عهد «المجلس العسكري» ومرتين في عهد الرئيس السابق محمد مرسي، لكنها لم تحصل عليه. وعام 2016 وقَّعت مصر اتفاقاً مع الصندوق مدته ثلاث سنوات بقيمة 12 مليار دولار. وعام 2020 حصلت مصر على 2.77 مليار دولار مساعدات عاجلة للمساهمة في مواجهة تداعيات الجائحة، وفقاً لهيئة الاستعلامات.