الجزائر: تكنوقراطي لقيادة حكومة محاطة بالأزمات

«حركة مجتمع السلم» ترفض الانضمام إلى الطاقم التنفيذي الجديد

عبد الرزاق مقري (وسط) يتحدث إلى الصحافيين في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
عبد الرزاق مقري (وسط) يتحدث إلى الصحافيين في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
TT

الجزائر: تكنوقراطي لقيادة حكومة محاطة بالأزمات

عبد الرزاق مقري (وسط) يتحدث إلى الصحافيين في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
عبد الرزاق مقري (وسط) يتحدث إلى الصحافيين في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)

بدأ أيمن بن عبد الرحمن، الوزير الأول الجديد بالجزائر، أمس، اتصالاته بالأحزاب والجمعيات، مباشرة بعد تسلمه مهمته الجديدة في اليوم نفسه، لاختيار أعضاء طاقمه، وذلك بعد أسبوع من استقالة عبد العزيز جراد من المنصب. وأعلنت حركة مجتمع السلم الإسلامية، رفضها المشاركة في الحكومة، وأنها اختارت البقاء في صف المعارضة.
ونشرت رئاسة الجمهورية بياناً جاء فيه أن الرئيس عبد المجيد تبون «عيّن أيمن بن عبد الرحمن، وزيراً أول، وكلفه بمواصلة المشاورات مع الأحزاب السياسية، والمجتمع المدني لتشكيل الحكومة، في أقرب وقت ممكن». وكان بن عبد الرحمن وزيراً للمالية في الحكومة المستقيلة، وهو نائب محافظ البنك المركزي سابقاً.
واللافت، من خلال هذا التعيين، أن تبون فضّل البقاء ضمن التوجه التكنوقراطي لحكومته منذ وصوله إلى الرئاسة نهاية 2019، فيما توقع ملاحظون أن يختار حكومة سياسية تعهد رئاستها لشخصية من الأحزاب أو من كتلة المستقلين، الذين تصدروا انتخابات البرلمان الأخيرة، خاصة جبهة التحرير الوطني (98 مقعداً) والنواب المستقلين (84 مقعداً).
وقالت مصادر سياسية متابعة للشأن الحكومي، لـ«الشرق الأوسط»، إن أحزاب جبهة التحرير والتجمع الوطني الديمقراطي وجبهة المستقبل وحركة البناء الوطني، ستدخل الحكومة الجديدة التي سيعلن عنها في غضون أيام قليلة. وأبرزت المصادر أن أقل من نصف تعداد الطاقم الحكومي سيتكوّن من كوادر هذه الأحزاب، مع حقيبتين كأقصى حد للمستقلين، فيما ستمنح بقية الحقائب لكفاءات من قطاعات الاقتصاد والمالية والرقمنة.
وكان تبون استقبل قادة الأحزاب والمستقلين الفائزين في الاستحقاق السياسي، الأسبوع الماضي، لاستشارتهم بخصوص الوزير الأول الذي يقود الحكومة، وانضمامهم إليها.
وتنتظر بن عبد الرحمن تحديات كبيرة، أخطرها شح الموارد المالية ومخلفات أزمة «كوفيد 19» وأزمة مياه الشرب التي تضرب كامل البلاد بحدة، وتراجع القدرة الشرائية بشكل كبير. وتراكم هذه المشاكل، سيخلف، حسب التوقعات، احتجاجات شعبية كبيرة.
وأعلن عبد الرزاق مقري، رئيس «مجتمع السلم»، أمس، خلال مؤتمر صحافي بالعاصمة، رفض مجلس الشورى (أعلى هيئة في الحزب)، عرضاً من تبون بالانضمام إلى حكومته بـ4 إلى 5 حقائب. وقال إن الرئاسة طلبت من الحزب موافاتها بـ27 اسماً من كوادره، على أن تختار هي منهم ما تريد. وأكد مقري أنه «لم تكن لنا الفرصة أصلاً أن نناقشهم حول الوزارات التي نريد، كأنه طلب منا أن نسلمهم وثيقة تتضمن رغباتنا وفي النهاية هم من يحددون السقف... لم يتغير أي شيء قياساً إلى ما كان عليه سابقاً»، في إشارة إلى طريقة تعيين الحكومات وتكليف الوزراء في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019). وكرر اتهامات أطلقها سابقاً بحصول تزوير في الانتخابات الأخيرة.
يشار إلى أن الحزب الإسلامي شارك في حكومات عيَّنها الرئيس اليمين زروال من منتصف تسعينات القرن الماضي حتى وصول بوتفليقة إلى الحكم. وحافظ على موقعه في السلطة، إلى غاية 2012 عندما وقع الطلاق بينهما بوصول مقري إلى قيادة الحزب، وأسهمت ثورات الربيع العربي في إقناع الحزب بالخروج من الحكومة.
وأفاد مقري بأن حركة مجتمع السلم تعتبر الالتحاق بالحكومة «تضحية منها في هذه الظروف الصعبة»، مبرزاً أنه كان سيقبل بالعرض «لو أعطيت لنا فرصة المشاركة في الحكم حقيقة». وأضاف: «الوزارات محزبة والولاة محزبون وأغلبهم من جبهة التحرير، والسفراء أيضاً أغلبهم من جبهة التحرير والتجمع الوطني الديمقراطي. كل شيء محزب... ويقولون لنا بإمكانكم الحصول على وزارات!! لم نجد مع مَن نتحدث حول دور الحركة في الدولة وحول شراكة حقيقية».
وتابع مقري: «سندخل في فصل جديد من المعارضة وفق الدستور، لكن سنستمر في دعم الرئيس بشأن قضايا محددة، مثل التنمية حتى لو لم نكن في الحكومة. منطلقنا وطني يتجاوز الحزبية. نحن مشفقون على الجزائريين». وتعهد لمناضلي الحزب وأنصاره بـ«الوصول إلى الحكم... إني أرى ذلك رأي العين، سواء عن طريق الانتخابات أو التحولات الاجتماعية. لقد أردنا النضال كفدائيين في الحكومة، لكن لم تعط لنا الفرصة. سندعم الرئيس فيما يخص مواجهة التهديدات الخارجية، وسنكون أيضاً معه فيما يخص الوحدة والحفاظ على الوطنية».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.