التقنية والفن الخليجي من موضوعات منتدى الفن العالمي في دورته التاسعة

يطلق أول جلساته في الكويت ثم يتجه لدبي.. القاسمي: كثير من فناني الخليج يبيعون أعمالهم عبر موقع «إنستغرام»

الفنان التونسي إلسيد في أحد لقاءات منتدى الفن العالمي في العام الماضي
الفنان التونسي إلسيد في أحد لقاءات منتدى الفن العالمي في العام الماضي
TT

التقنية والفن الخليجي من موضوعات منتدى الفن العالمي في دورته التاسعة

الفنان التونسي إلسيد في أحد لقاءات منتدى الفن العالمي في العام الماضي
الفنان التونسي إلسيد في أحد لقاءات منتدى الفن العالمي في العام الماضي

يحتفل منتدى الفن العالمي السنوي بعامه التاسع في مارس (آذار) الحالي، وهو من الأحداث التي تقام سنويا على هامش معرض «آرت دبي» الفني. ودأب المنتدى خلال أعوامه التسعة على مناقشة قضية محددة تحمل المتحدثين والجمهور بعيدا عن الجو العام المحيط بهم، نحو آفاق ثقافية واجتماعية، وأحيانا سياسية ووجودية. ويترأس المنتدى ويضع تصوره العام الكاتب والمفكر شومون بسار، الذي يختار سنويا اثنين من الضيوف للمشاركة في إدارة القضية محل الاهتمام ومتابعتها.
هذا العام وقبل توجهه لموطنه في دبي، سيعقد المنتدى جلساته الأولى في الكويت، حيث سيفتح باب النقاش في القضية التي وقع عليها الاختيار لعام 2015 وتدور حول التقنية وتأثيرها على الحياة اليومية، مع التركيز بصورة خاصة على الثقافة الخليجية.
ويحمل المنتدى عنوان «تحميل: تحديث؟»، ويشارك في إدارته الصحافي والخبير بالشؤون الفنية سلطان القاسمي، بمعاونة المستشار المعني بالتقنيات الإعلامية توري مونتي. ويدير الثنائي القضية التي من المقرر أن يثار حولها نقاش شامل على امتداد أسبوع كامل.
يتساءل مونتي في طرحه حول ما تقدمه التقنية للعالم. وعن ذلك قال: «هناك فكرة تدور برأسي منذ فترة بعيدة: الأمور التي نتخيلها لا يمكننا بناؤها. الآن يبدو أن الأمر انقلب للعكس، حيث يبدو أن الأشياء القائمة بالفعل نجد صعوبة في تخيلها. ويعني ذلك أن التقنيات المتوافرة لنا اليوم تعد بالفعل أكثر تقدما عنا».
في المقابل، يصر القاسمي على أن منطقة الخليج تحديدا استفادت كثيرا من التقنية. وأكد في هذا الصدد أن «العرب بمنطقة الخليج تمكنوا من عولمة ثقافتهم باستخدام تقنيات حديثة. وبينما كنا ذات يوم أبعد الناس عن التواصل مع باقي شعوب الأرض، أصبحنا اليوم لا ننشر صوتنا فحسب، وإنما نساعد الآخرين أيضا على نشر أصواتهم».
يذكر أن المنتدى تجري استضافته في الكويت داخل دار الآثار الإسلامية وفي دبي في مدينة الجميرة بين 14 و20 مارس، وسيناقش عددا من القضايا مثل التراث والإعلام والنشر والأرشيف. وستتناول الموضوعات والأسئلة المطروحة دور النشر مقابل دور الآلة، وإعادة الربط رقميا بين مجتمعات الشتات، وماهية العلاقة بين دول المراقبة والمدن الذكية.
من جهته، أوضح مونتي: «لقد اعتدنا التقنية بدرجة أكبر قليلا. وفي غضون العامين الماضيين، في ظل ما يتعلق بوكالة الأمن الوطني وما حدث مع سنودون والتعاون بين الحكومة والشركات ونشاطات المراقبة وما إلى غير ذلك، أشعر أن أسلوب عمل التقنيات الحديثة شكل عاملا محوريا».
جدير بالذكر أن مونتي يعبر عن جانب من المشاركين بالمنتدى يدعون إلى تناول هذه القضية بصورة نقدية أكبر وعلى نطاق عالمي أوسع.
أما القاسمي فسيسعى لطرح رؤية محلية بخصوص عقود من الإعلام داخل المنطقة، بدأت بإطلاق أول محطة إذاعية وظهور أول مقدمي برامج تلفزيونية وبدايات الكتابات التاريخية عن السينما وأول منشور عربي. وفي هذا الشأن، أوضح القاسمي أن «من بين الجلسات التي أتولى إدارتها واحدة برفقة الرائد د. سليمان العسكري، الذي تولى نشر مجلة (العربي) عام 1957، حيث سيطرح خبرته منذ العدد الأول للمجلة. لقد كانت تلك المجلة بمثابة الرد الخليجي الأول تجاه باقي العالم، وجاءت المجلة مطبوعة بالألوان. وضمت كثيرا من الكتاب المهتمين بالشأن الخليجي وكتابا كويتيين، بجانب أفضل الكتاب من سوريا وفلسطين ومصر والمغرب».
وفيما وراء التاريخ، يعرب القاسمي عن شعوره بالإثارة حيال الصيحات المعاصرة التي تجتاح صفوف الشباب الخليجي. داخل السعودية، تحديدا، تتعرض البيروقراطية والرقابة لتحديات مستمرة من جانب الإمكانات التي تتيحها شبكات التواصل الاجتماعي. وأوضح القاسمي أن «الرياض اليوم من بين أكبر 10 مدن عالميا من حيث استخدام (تويتر). وقد تحول الموقع لمنتدى للمناقشات، بجانب كونه أداة تحمل إمكانات اقتصادية. وفي الرياض وحدها، هناك قرابة 4 آلاف شركة تعتمد على إنستغرام. وأوضح القاسمي أن «الكثير من الفنانين في الخليج يستخدمون إنستغرام في بيع أعمالهم، فليست لديهم قاعات عرض، ومع ذلك يبيعون أعمالهم على الصعيد الدولي، وأعتقد أن هذا الأمر أكثر شيوعا داخل الخليج عن أي منطقة أخرى بالعالم. وقد بدأ الكثير من الفنانين الكوميديين السعوديين مشوارهم عبر إنتاج وتحميل مقاطع مصورة قصيرة لا تتجاوز 20 ثانية على موقع (يوتيوب). والآن، يجني الكثيرون منهم كثيرا من المال عبر ذلك».
وبالعودة مجددا لعنوان منتدى عام 2015: «تحميل: تحديث؟»، نجد أن القائمين على إدارة الحدث يقدمون إجابتين توجزان ما يمكننا توقعه من المنتدى. في هذا الشأن، قال القاسمي: «يدور التساؤل الوارد بالعنوان حول ما تجنيه عندما تقوم بتشغيل جهاز الحاسب الآلي الخاص بك وتجد تحديثا جديدا. هنا يظهر السؤال: هل تود تحميل التحديث؟». أما مونتي فيدفع بالعنوان لما هو أبعد عبر طرحه سلسلة من الاستفسارات الفلسفية حيال التساؤل الذي يحمله العنوان، وتساءل: «هل نحاول فقط فهم التقنيات؟ أم نحاول فهم ما إذا كانت التقنيات قد طغت علينا؟ وما هو مدى استعدادنا للتعامل مع التقنيات من حولنا؟».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».