السودان ينضم لمبادرة البلدان المثقلة بالديون

تداعيات الدولار الجمركي تربك حركة الأسواق

وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على ضم السودان لمبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون (أ.ف.ب)
وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على ضم السودان لمبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون (أ.ف.ب)
TT

السودان ينضم لمبادرة البلدان المثقلة بالديون

وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على ضم السودان لمبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون (أ.ف.ب)
وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على ضم السودان لمبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون (أ.ف.ب)

قال مسؤول بوزارة المالية السودانية، مساء الاثنين، إن المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي قرر أن السودان بلغ نقطة أخذ القرار المطلوبة وفقاً لمبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون، ما يعني أن بوسعه البدء بتلقي مساعدات بشأن ديونه التي تتجاوز 50 مليار دولار.
وقال مسؤول بالصندوق، الشهر الماضي، إنه بعد ربع قرن من إطلاق صندوق النقد والبنك الدولي المبادرة، أصبح السودان الاقتصاد قبل الأخير الذي يجتاز هذه العملية، وهو «الحالة الأكبر على الإطلاق بفارق كبير».
وفي إطار ما يسمى نقطة أخذ القرار، من المتوقع أن يعلن الصندوق عن تسهيل ائتماني ممدد للسودان، وهو من أكبر الدول الأفريقية من حيث المساحة وتعداد السكان، يحصل بموجبه على تمويل جديد في صورة منح وقروض بأسعار فائدة منخفضة.
وكتب مجدي أمين، المستشار البارز لوزارة المالية، على «تويتر»: «سنتفاوض مع الدائنين في يوليو (تموز) المقبل... كان هذا ممكناً فقط لأن الناس حملوا العبء الثقيل للإصلاح بقوة وصبر»، بحسب «رويترز».
ويقول محللون إن القرار اُتخذ بوتيرة سريعة غير مسبوقة، وهو نتيجة إبداء دولي لحسن النوايا تجاه القادة المدنيين في البلاد، وإصلاحات اقتصادية سريعة مؤلمة.
وقال إيان كلارك، الشريك بمكتب الاستشارات القانونية «وايت آند كيس» الذي يقدم الاستشارات للحكومة بشأن إعادة هيكلة الدين من خلال المبادرة مع المستشار المالي «لازارد»: «كانت الرحلة طويلة للسودان؛ لم تنتهِ بعد، لكنه تقدم مهم حقاً على طريق الذهاب نحو مستقبل أكثر رخاء».
وعانى السودان من العزلة والعقوبات على مدار عقود، وشهد خلال الأزمة الاقتصادية اقتراب معدل التضخم من 400 في المائة، ونقصاً في السلع الأساسية والخدمات، وتراجعاً للأمن الغذائي.
ويمهد تأكيد نقطة القرار الطريق لإعفاء مؤقت فوري من بعض ديون السودان. ولكي يحصل السودان على خفض شامل لا يمكن العدول عنه للدين، ينبغي أن يفي بشروط «نقطة الاستكمال» التي يتوقع بعضهم أن يبلغها في غضون 3 أعوام.
وقال أمين لـ«رويترز»، قبل القرار، إن السودان يحتاج الآن إلى أن يبين للصندوق أنه حقق استقراراً على مستوى الاقتصاد الكلي، وأنه مستمر في تحسين مؤسساته، وسيستغل الأموال التي تتاح له نتيجة تخفيف عبء الدين في خفض الفقر. وأضاف أن الخرطوم لا يسعها التخلف عن سداد الديون المتبقية خلال تلك الفترة.
وفي غضون ذلك، أدى إلغاء الحكومة السودانية للدولار الجمركي، وتسعيره بسعر الصرف الرسمي، إلى ضعف الإقبال وما يشبه حالة الركود في الأسواق، بعد أن أوقف كثير من التجار في الأنشطة المختلقة عمليات البيع مؤقتاً، تحسبا لأي زيادات كبيرة يمكن أن تطرأ على الأسعار، خاصة السلع المستوردة، حال دخول القرار حيز التنفيذ الفعلي.
وفي موازاة ذلك، شهدت قيمة الجنيه السوداني تحسناً طفيفاً في السوق الموازية (السوداء)، إذ تراجع سعر الدولار من 470 إلى 465 جنيهاً. وفي المقابل، خفض البنك المركزي قيمة الجنيه في المنافذ الرسمية إلى 450 مقابل الدولار، بدلاً عن 445 في الأيام الماضية، وهي خطوة يسعى من خلالها إلى تقليص الفارق الكبير بين السوق الرسمية والموازية.
وعزا متعامل في السوق (السوداء) تراجع الأسعار أمس بواقع 5 جنيهات إلى زيادة العرض وقلة الطلب، مشيراً إلى أن التراجع مؤقت، إذ لا تزال السوق توفر العملات الحرة لكثير من القطاعات التجارية.
وقال التاجر الذي فضل حجب اسمه خوفاً من الملاحقة الأمنية لـ«الشرق الأوسط» إن تراجع الأسعار في السوق «السوداء» مرتبط بحركة البيع والشراء في الأسواق التي تشهد ضعفاً ملموساً هذه الأيام، متوقعاً أن تعاود الأسعار الارتفاع عند نهاية الأسبوع الحالي.
وتمكنت السلطات السودانية من القبض على 72 من التجار والمتعاملين في السوق السوداء للعملات الأجنبية، بموجب القانون الذي يجرم أي معاملات خارج منافذ الجهاز المصرفي الرسمي، وبلغت جملة المبالغ المتداولة التي تم تحريزها في حسابات المتهمين أكثر من تريليون جنيه سوداني. وتشن الأجهزة الأمنية حملات متواصلة لوقف المضاربات التي تسببت في خفض قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية، والتي تورط فيها بعض الموظفين في البنوك السودانية.
وقال التاجر إن هناك ضعفاً ملحوظاً في حركة الشراء والبيع، وأرجع ذلك إلى ارتفاع الأسعار فوق طاقة المواطنين وقدرتهم الشرائية، في ظل تدني قيمة العملة الوطنية. وأضاف أن الأسواق تتأثر بالإشاعات والمعلومات المضللة المتداولة عن تأثير إلغاء الدولار الجمركي على كل الأسعار، وهو ما يدفع كثيراً من التجار إلى خفض البيع إلى الحد الأدنى، خوفاً من تكبد خسائر كبيرة في رؤوس الأموال.
وعلى الرغم من أن قرار إلغاء الدولار الجمركي أتبعته الحكومة السودانية بتخفيض الجمارك والرسوم الإضافية على كثير من السلع الأساسية المستوردة إلى الفئة الصفرية، عدا رسوم ضريبة أرباح الأعمال (3 في المائة)، مع تعهدات بضبط الأسعار، فإن كثيراً من السلع الضرورية التي يحتاج إليها المواطن في معاشه تشهد زيادة يومية.
وفي غضون ذلك، أعلنت وزارة التجارة عن انطلاق الحملة القومية للرقابة وضبط الأسواق في الأول من يوليو (تموز) المقبل، بعد تكاثر شكاوى المواطنين من ارتفاع وتعدد الأسعار للسلع الواحدة. وتشارك في هذه الحملة الأجهزة النظامية والجهاز القومي لحماية المستهلك.
وفي مطلع يونيو (حزيران) الحالي، أعلنت السلطات السودانية عن رفع الدعم كلياً عن الوقود (البنزين والجازولين) تطبيقاً لخطة الإصلاح الاقتصادي، وتنفيذاً لشروط صندوق النقد الدولي لشطب الديون الخارجية وجذب التمويل الدولي للاستثمار في السودان.



«المركزي الصيني» يضيف المزيد من الذهب إلى احتياطياته

منظر جوي لمجمعات سكنية عملاقة في جزيرة هونغ كونغ الصينية (رويترز)
منظر جوي لمجمعات سكنية عملاقة في جزيرة هونغ كونغ الصينية (رويترز)
TT

«المركزي الصيني» يضيف المزيد من الذهب إلى احتياطياته

منظر جوي لمجمعات سكنية عملاقة في جزيرة هونغ كونغ الصينية (رويترز)
منظر جوي لمجمعات سكنية عملاقة في جزيرة هونغ كونغ الصينية (رويترز)

أظهرت بيانات رسمية صادرة عن بنك الشعب الصيني يوم الثلاثاء أن البنك المركزي الصيني أضاف الذهب إلى احتياطياته في ديسمبر (كانون الأول) للشهر الثاني على التوالي، مستأنفاً تحركه في نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد توقف دام ستة أشهر.

وبلغت احتياطيات الصين من الذهب 73.29 مليون أوقية في نهاية ديسمبر، من 72.96 مليون أوقية في الشهر السابق. ورغم الزيادة في الكمية، انخفضت قيمة احتياطيات الصين من الذهب إلى 191.34 مليار دولار في نهاية الشهر الماضي، من 193.43 مليار دولار في نهاية نوفمبر.

وأوقف بنك الشعب الصيني حملة شراء الذهب التي استمرت 18 شهراً في مايو (أيار) 2024، والتي أثرت سلباً على طلب المستثمرين الصينيين. وقد يعزز قرار البنك باستئناف عمليات الشراء طلب المستثمرين الصينيين.

وقال أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع الأساسية في «ساكسو بنك»: «نظراً لضعف الذهب في نهاية العام بسبب قوة الدولار على نطاق واسع، وارتفاع العائدات، فإن الشراء الإضافي من بنك الشعب الصيني في ديسمبر من شأنه أن يرسل رسالة مريحة إلى السوق، مفادها بأن الطلب من المشترين غير الحساسين للدولار مستمر بغض النظر عن الرياح المعاكسة للدولار والعائدات».

وفي عام 2024، دفعت دورة تخفيف أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي، وعمليات الشراء القوية من جانب البنوك المركزية والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة، السبائك إلى مستويات قياسية متوالية، ومكسب سنوي بنسبة 27 في المائة، وهو الأكبر منذ عام 2010.

وقال يوان دا، المسؤول عن التخطيط الحكومي في الصين، في مؤتمر صحافي يوم الجمعة، إن اقتصاد الصين سيواجه العديد من الصعوبات والتحديات الجديدة في عام 2025، وهناك مجال واسع للسياسات الاقتصادية الكلية.

وفي مقابل زيادة الاحتياطيات من الذهب، أظهرت بيانات رسمية يوم الثلاثاء أن احتياطيات النقد الأجنبي الصينية هبطت أكثر من المتوقع في ديسمبر (كانون الأول) بفعل قوة الدولار المستمرة.

وانخفضت احتياطيات النقد الأجنبي للبلاد - وهي الأكبر في العالم - بمقدار 64 مليار دولار الشهر الماضي إلى 3.202 تريليون دولار، وهو ما يقل عن توقعات «رويترز» البالغة 3.247 تريليون دولار، وانخفاضاً من 3.266 تريليون دولار في نوفمبر.

وانخفض اليوان 0.7 في المائة مقابل الدولار في ديسمبر، بينما ارتفع الدولار الشهر الماضي 2.6 في المائة مقابل سلة من العملات الرئيسية الأخرى.

وفي سياق منفصل، أصدرت الهيئة الوطنية للتنمية والإصلاح، وهي أعلى سلطة للتخطيط في الصين، يوم الثلاثاء، توجيهاً لبناء سوق موحدة صينية.

وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن هذه الخطوة جزء من جهود تستهدف تنفيذ مهام محددة تم عرضها في مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي الصيني في ديسمبر الماضي، الذي ركز على أهمية صياغة توجيه لإقامة سوق وطنية موحدة.

ويستهدف التوجيه تشجيع كل السلطات المحلية والإدارات الحكومية على تسريع تكاملها في سوق وطنية موحدة مع دعم تنميتها بنشاط، بحسب الهيئة الوطنية للتنمية والإصلاح.

وحدد التوجيه إجراءات أساسية مطلوبة، ومنها توحيد المؤسسات والقواعد الأساسية للسوق، وتحسين اتصال البنية التحتية للسوق عالية المستوى، وبناء سوق موحدة للعناصر والموارد، وتعزيز التكامل عالي المستوى لأسواق السلع والخدمات، وتحسين التنظيم العادل والموحد، والحد من المنافسة غير العادلة في السوق والتدخلات غير المناسبة.