انقطاع الكهرباء يُغضب الليبيين

الدبيبة يعقد اجتماعاً لمناقشة «أسباب تردي الخدمات»... والأوقاف تطالب بـ«الصبر على المصائب»

الدبيبة خلال الاجتماع بقيادات شركة الكهرباء أمس (الحكومة الليبية)
الدبيبة خلال الاجتماع بقيادات شركة الكهرباء أمس (الحكومة الليبية)
TT
20

انقطاع الكهرباء يُغضب الليبيين

الدبيبة خلال الاجتماع بقيادات شركة الكهرباء أمس (الحكومة الليبية)
الدبيبة خلال الاجتماع بقيادات شركة الكهرباء أمس (الحكومة الليبية)

عبّر مواطنون في مدن غرب ليبيا وشرقها وجنوبها عن غضبهم بسبب عودة التيار الكهربائي للانقطاع لمدد طويلة بسبب زيادة طرح الأحمال، في ظل ارتفاع درجات حرارة الطقس. وفيما دخلت الهيئة العامة للأوقاف في طرابلس على خط الأزمة، وعدّت عدم التذمر من الأوضاع الحالية بمثابة «الصبر على المصائب»، أصدر النائب العام أوامر بضبط وإحضار كل من يعمل على إتلاف ممتلكات الشركة أو يعرقل عملها برفض طرح الأحمال.
وأمام تصاعد الغضب من انقطاع الكهرباء، بحث رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة مع مسؤولي الشركة العامة للكهرباء، أمس، «أسباب تردي الخدمات» خلال الفترة الماضية، وقال إن الحكومة وديوان عام المحاسبة ومصرف ليبيا المركزي قدموا كل التسهيلات اللازمة للشركة، لدعم خطة الحكومة العاجلة بشأن إصلاح الكهرباء.
وفيما أكد الدبيبة في بيان أصدره مكتبه، أمس، على ضرورة «المتابعة اليومية للخطة العاجلة المعتمدة من الحكومة»، تحدث رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء وئام العبدلي عن وجود تحسن في الخدمات التي ستقدمها الشركة خلال الأشهر المقبلة، متوقعاً حدوث طفرة في وضع الشبكة الكهربائية خلال الأسبوع المقبل بالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة.
وسبق للعبدلي القول، أول من أمس، إن ليبيا وصلت إلى أعلى مستوى لها في استهلاك التيار خلال الأسبوع الماضي، لكن المواطنين والتجار في العاصمة ومدينة بني وليد ومدن عدة في الجنوب عبروا عن غضبهم من «مأساة طرح الأحمال» التي تتسبب بتعرضهم لخسائر فادحة.
وتتراوح مدد طرح الأحمال كل مرة من 4 ساعات في مناطق غرب ليبيا وجنوبها، بينما وصولاً إلى 6 ساعات في شرقها. ولدفع المواطنين لتحمل معاناة انقطاع التيار، دخلت الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية في طرابلس على خط الأزمة، وحثت في بيان رسمي، مساء أول من أمس، على ضرورة «الصبر على هذه الأزمة، لأنها من المصائب»، وهو التصريح الذي استقبله المواطنون بالاندهاش والاستغراب معاً.
وزادت الهيئة من نصائحها للمواطنين الغاضبين بأن «الصبر من أعظم خصال الخير التي حث الله عليها في كتابه العظيم وأمر بها الرسول عليه السلام في سنته، فنوصي من انقطعت عنه الكهرباء ساعات طويلة بالصبر والاحتساب، وألا يضجر ولا يغضب، بل يصبر ويحتسب، ويجعل ذلك من المصائب التي يؤجر عليها».
وقال النائب العام الصديق الصور، أمس، إن النيابة العامة تواصل متابعة الإجراءات الأمنية والإدارية التي اقتضتها التحقيقات الجارية للحد من الآثار المترتبة على «الأفعال الإجرامية» التي طالت قطاع الكهرباء وحجبت عن المواطن حقه في الحصول على الإمدادات الكهربائية وألحقت الضرر بالمصلحة العامة.
واستدعى النائب العام في مكتبه، أمس، قيادات في الشركة العامة للكهرباء لمعرفة أسباب انقطاع التيار بعد عملية استقرار نسبية للشبكة خلال الأيام الماضية، وأكدوا أن هناك «جملة من العوائق الفنية والأمنية حالت دون القضاء على العجز القائم في عملية توليد الطاقة الكهربائية»، وأن مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء وإداراتها التنفيذية «تسعى إلى تطوير العمل بما يرفع من قدرة الإنتاج الذي يغيب العجز في التوليد نهائياً».
وأكد النائب العام أن النيابة «أصدرت أوامرها بضبط وإحضار كل من تدخل في عرقلة برنامج عمل الشركة خلال شهر يونيو (حزيران) الحالي، تحت باعث رفضه لبرنامج طرح الأحمال، وكذلك ضبط وإحضار كل من تعدى على العاملين بشركة الكهرباء وكل من أسهم في الاستيلاء على منقولاتها أو عمل على إتلافها».
وأشار الصور إلى أن «النيابة العامة بما لها من صلاحيات خاطبت الجهات الأمنية والعسكرية المختصة بشأن مد يد العون لإدارة حماية الطاقة الكهربائية عبر وضع مخطط تطبيقي فعال غرضه حماية منشآت الشركة وحراسة فرق الصيانة العاملة بمختلف المواقع التابعة لها التي يؤمل من خلالها رفع المعاناة على المواطن ويزيد من فاعلية ملاحقة من يرتكب أي أفعال إجرامية تمس بهذا المرفق».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.