خامنئي لا يعد «الأصوات الباطلة» معارضة للنظام

المرشد الإيراني وصف الانتخابات الرئاسية بـ«الحماسية»

المرشد الإيراني علي خامنئي يلقي كلمة أمام كبار المسؤولين في الجهاز القضائي يتقدمهم في الجهتين الرئيس إبراهيم رئيسي ونائبه غلام حسين محسني أجئي (موقع خامنئي)
المرشد الإيراني علي خامنئي يلقي كلمة أمام كبار المسؤولين في الجهاز القضائي يتقدمهم في الجهتين الرئيس إبراهيم رئيسي ونائبه غلام حسين محسني أجئي (موقع خامنئي)
TT

خامنئي لا يعد «الأصوات الباطلة» معارضة للنظام

المرشد الإيراني علي خامنئي يلقي كلمة أمام كبار المسؤولين في الجهاز القضائي يتقدمهم في الجهتين الرئيس إبراهيم رئيسي ونائبه غلام حسين محسني أجئي (موقع خامنئي)
المرشد الإيراني علي خامنئي يلقي كلمة أمام كبار المسؤولين في الجهاز القضائي يتقدمهم في الجهتين الرئيس إبراهيم رئيسي ونائبه غلام حسين محسني أجئي (موقع خامنئي)

قلل صاحب كلمة الفصل في إيران، «المرشد» علي خامنئي، من أن تكون الأصوات الباطلة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة دليلاً على معارضة النظام، في أول لقاء جمعه (أمس) برئيس القضاء الرئيس المنتخب إبراهيم رئيسي.
ووصف خامنئي الانتخابات الرئاسية التي جرت في 18 يونيو (حزيران) الحالي بأنها «حماسية»، وقال إن «آمال الأعداء» في المشكلات المعيشية، وعدم التحقق من أهلية المرشحين، وجائحة كورونا، لم تتحقق.
وسجلت الانتخابات مشاركة 48 في المائة من نسبة الناخبين، في أدني إقبال على الاستحقاقات الرئاسية منذ 42 عاماً، فيما بلغت نسبة المشاركة في طهران العاصمة 26 في المائة، حسب الإحصائية الرسمية.
وفاز رئيسي بنسبة 62 في المائة من الأصوات، وسط غياب لمنافس حقيقي، بعد رفض أهلية غالبية المرشحين البارزين من بين مسؤولي النظام السابقين والحاليين.
وسجلت الانتخابات رقماً قياسياً للأصوات الباطلة، بنسبة 3.7 مليون، ما يعادل 13 في المائة من مجموع الأصوات، وهي أعلى من النسب التي حصل عليها كل من منافسي رئيسي في الانتخابات.
وتوقف خامنئي عند العدد القياسي للأصوات الباطلة، وطعن في صحة التحليلات، في إشارة غير مباشر للجدل حول العدد الكبير من الأصوات الباطلة، على الرغم من أن السلطات عدتها جزءاً من نسبة الإقبال على الانتخابات. وقال خامنئي: «هذه الأصوات لا تعني إطلاقاً الانفصال عن النظام، وإنما العكس، لأن الشخص الذي توجه إلى مراكز الاقتراع لم يقاطع الصندوق؛ إنه يريد التصويت لكنه لم يجد الشخص المقبول له في قائمة المرشحين، وكتب اسم يخطر في باله أو أدلى بصوت أبيض»، وأضاف: «في الواقع، أظهر اهتمامه بصندوق الاقتراع والنظام».
ورأى كثيرون، أمس، أن موقف خامنئي هذا يعد تراجعاً عن فتوى أصدرها قبل الانتخابات بنحو أسبوعين. وفي 6 يونيو (حزيران) الحالي، كانت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية قد تناقلت فتوى من المرشد الإيراني بشأن رأيه في الأصوات البيضاء. وحينها، قال خامنئي إنه «إذا تسبب الصوت الأبيض في ضعف النظام الإسلامي، فهو حرام».
وفي اليوم الأخير من الحملة الانتخابية، حذر خامنئي في خطاب تلفزيوني من عدم مشاركة الناس في الانتخابات، وقال إنها «مؤشر على ابتعاد الناس عن النظام».
وقال خامنئي أمس: «الناس في شروط كورونا، والصعوبات الاقتصادية، وبعض القضايا الأخرى، عطلوا خطط نظام الهيمنة منذ شهور، وكانوا الفائز الأساسي في الانتخابات، وهزيمة وخيبة أعداء إيران والعناصر التابعة لهم». وأكد أنهم «يبذلون جهوداً ويكتبون رسائل ويتحدثون في المجال الافتراضي (الإنترنت) لكي ينكروا عظمة هذه الانتخابات، لكن لا جدوى، فهذا جهد سيذهب سدى».
وجاء خطاب خامنئي خلال لقائه بحشد من كبار المسؤولين في السلطة القضائية، على رأسهم رئيس القضاء إبراهيم رئيسي الذي سيؤدي القسم الدستورية أمام البرلمان في 5 أغسطس (آب) لتولي رئاسة البلاد.
وفي الوقت نفسه، أشاد خامنئي بأداء رئيس القضاء إبراهيم رئيسي الذي فاز في الانتخابات الرئاسية، وقال إن «آمال المواطنين وثقتهم قد تجددت بهذه السلطة، في ظل مسؤولية السيد إبراهيم رئيسي»، وفق ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.
ونقل موقع خامنئي الرسمي أن «مكافحة الفساد داخل السلطة القضائية أمر جيد للغاية»، ولكنه عاد وقال في نبرة لا تخلو من التحذير إنه «في بعض الأوقات، الجدل حول وجود الفساد في السلطة القضائية يشتد إلى درجة تسيء للقضاة الشرفاء النزيهين المخلصين».
وبعد تولي رئيسي السلطة القضائية، اعتقل عدد من كبار المسؤولين المقربين من رئيس السلطة القضائية السابق صادق لاريجاني، وكان من أبرز المعتقلين بتهم الفساد واستغلال المنصب أكبر طبري، نائب رئيس القضاء السابق، الذي أصدرت المحكمة ـعقوبة سجن بحقه تصل إلى 31 عاماً بعد إدانته بتأسيس شبكة لأخذ الرشى وغسل الأموال.
وقال طبري الذي كان مسؤولاً عن الشؤون المالية في زمن الرئيس الأسبق للقضاء محمود هاشمي شاهرودي إنه كان في منزل لاريجاني لحظة اعتقاله.
وكانت اللحظة الأكثر إثارة للجدل ملاحقة القاضي علي رضا منصوري الذي عثر على جثته في منتصف يونيو (حزيران) العام الماضي أدنى فندق إقامته بالعاصمة الرومانية بوخارست، وذلك بعد أيام من إعلان نيته العودة إلى طهران للمثول أمام المحكمة، والرد على التهم الموجهة إليه.
ويتوقع أن يسمي خامنئي رئيساً جديداً للقضاء بعدما ينتقل رئيسي لتولي المهام الرئاسية.
ويواجه رئيسي انتقادات بسبب دوره في «لجنة الموت» المسؤولة عن تنفيذ فتوى للمرشد الإيراني الأول بإعدام آلاف المعارضين في صيف 1988. وتنقل رئيسي على مدى 3 عقود بين مختلف المناصب في القضاء، أهمها منصب المدعي العام، ونائب رئيس السلطة القضائية.
وهو على قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي منذ 2011، ضمن قائمة تضم عشرات المسؤولين الذين عاقبتهم الكتلة الأوروبية على أثر قمع احتجاجات الحركة الخضراء، ووفاة محتجين في سجن كهريزك بعد نقلهم بأحكام من القضاء الإيراني. وكذلك فرضت عليه الولايات المتحدة، العام الماضي، عقوبات ضمن قائمة استهدفت كبار المسؤولين المقربين من المرشد الإيراني.
وأثارت صورة نشرها موقع خامنئي، تظهر تقدم غلام حسين محسني أجئي بمستوى تقدم إبراهيم رئيسي نفسه على المسؤولين الآخرين، اهتمام المراقبين.



قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
TT

قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

تخشى الولايات المتحدة من محاولات إيران لاستعادة حضورها العسكري في سوريا، بما في ذلك خط إمداد «حزب الله»، رغم سحبها الكبير لقواتها من الأراضي السورية بعد انهيار نظام الأسد، الشهر الماضي، في ضربة لاستراتيجيتها الإقليمية، وفقاً لمسؤولين غربيين وإقليميين.

وقال مسؤول أميركي رفيع لصحيفة «وول ستريت جورنال» إن الانسحاب الإيراني من سوريا يمثل نهاية لجهود طهران الإقليمية لنشر النفوذ وشن حروب بالوكالة ضد أميركا وإسرائيل، حيث فر أعضاء في «فيلق القدس»، وتم تفكيك الميليشيات.

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب، وأرسلت قوات من «الحرس الثوري» إلى سوريا؛ لمساعدة حليفها على البقاء في السلطة.

بدأت إيران بسحب قواتها بعد انهيار الجيش السوري في أواخر العام الماضي، في ظل ضربات إسرائيلية متواصلة، وكانت غاضبة من الأسد الذي ظل غائباً خلال صراعها مع إسرائيل.

وامتدت شبكة إيران في سوريا من الشرق لنقل الأسلحة والمقاتلين إلى حدود لبنان لتسليح «حزب الله».

وقال مسؤولون غربيون وعرب إن معظم المقاتلين المدعومين من إيران في شرق سوريا، بينهم ضباط من «الحرس الثوري»، فروا إلى القائم بالعراق، بينما هرب بعض الإيرانيين المقيمين في دمشق إلى طهران، ومقاتلو «حزب الله» عبروا إلى لبنان.

وقالت باربرا ليف، المسؤولة عن شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية، عن مغادرة القوات الإيرانية من سوريا: «إلى حد كبير، نعم... إنه أمر استثنائي».

الرئيس السوري بشار الأسد في لقاء مع وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته لسوريا في 2 ديسمبر 2024 (د.ب.أ)

وقالت ليف إن سوريا أصبحت الآن أرضاً معادية لإيران، وأضافت: «هذا لا يعني أنهم لن يحاولوا العودة، لكن الأوضاع هناك معادية للغاية».

وهاجم المرشد الإيراني، علي خامنئي، الأسبوع الماضي، الانتقادات لحضور إيران الإقليمي، قائلاً: «بعض الأشخاص بسبب افتقارهم للفهم وقلة الوعي والتحليل الصحيح للقضايا يقولون إن الدماء التي أريقت في سبيل الدفاع عن الأضرحة قد ذهبت هدراً». وأضاف: «هذا التصور خطأ كبير؛ لأنه لولا قتال الجنرال سليماني ومدافعي الأضرحة لما بقي أثر من المراقد المقدسة، سواء السيدة زينب أو حتى كربلاء والنجف».

وقال دبلوماسيون غربيون إن العسكريين الإيرانيين وحلفاءهم أُجبروا على ترك كمية كبيرة من المعدات والذخائر العسكرية في أثناء هروبهم، وجرى تدميرها لاحقاً بواسطة إسرائيل، أو تم الاستيلاء عليها من قبل «هيئة تحرير الشام» وجماعات أخرى.

وقال مسؤول سابق في «البنتاغون» إن انهيار نظام الأسد قلل من تأثير إيران في المنطقة، وقدرتها على دعم الجماعات المسلحة لتحقيق أهدافها الإقليمية.

في الأيام الأخيرة، أفادت تقارير بأن إيران حاولت زيادة شحنات النقود إلى «حزب الله» في لبنان، وتم تأخير وتفتيش رحلة دبلوماسية إيرانية لدى وصولها إلى بيروت.

صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني من سلامي خلال جلسة مغلقة حول سوريا ديسمبر الماضي

ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن إيران ستسعى لإعادة الجسر البري، ولكن من غير المحتمل أن تسمح الحكومة السورية الجديدة لـ«الحرس الثوري» الإيراني بتجديد وجوده العسكري بسبب دعمه للأسد.

وفي نهاية ديسمبر (كانون الأول)، توقع خامنئي ظهور «قوة شريفة في سوريا»، قائلاً إن «الشباب الشجعان والغيارى في سوريا سيقومون بطرد إسرائيل».

ویخشی المسؤولون الأمیركيون من أن إيران قد تحاول إعادة نفوذها في سوريا على المدى الطويل، عبر تفعيل الشبكات القديمة، واستغلال عدم الاستقرار في البلد.

قال أندرو تابيلر، المدير السابق لسوريا في مجلس الأمن القومي: «هذا فشل كارثي لإيران. حجم الكارثة سيعتمد على ما إذا كانت سوريا ستظل موحدة»، وأضاف: «قد تجد إيران طريقاٌ للعودة بفضل الانقسامات الطائفية التي لا تزال غير محلولة في ظل النظام الجديد».