مقتل 4 قياديين من «النصرة» في ضربة استهدفت مقر اجتماعهم بريف إدلب

جثث متفحمة ببرميل متفجر على حلب.. ومعارك حول مبنى المخابرات الجوية

رجال إطفاء بإحدى مناطق المعارضة يطفئون حريقا شب في حي شعبي استهدف ببرميل متفجر امس (إ.ف.ب)
رجال إطفاء بإحدى مناطق المعارضة يطفئون حريقا شب في حي شعبي استهدف ببرميل متفجر امس (إ.ف.ب)
TT

مقتل 4 قياديين من «النصرة» في ضربة استهدفت مقر اجتماعهم بريف إدلب

رجال إطفاء بإحدى مناطق المعارضة يطفئون حريقا شب في حي شعبي استهدف ببرميل متفجر امس (إ.ف.ب)
رجال إطفاء بإحدى مناطق المعارضة يطفئون حريقا شب في حي شعبي استهدف ببرميل متفجر امس (إ.ف.ب)

أعلنت مصادر من الجماعات المتشددة المناهضة للنظام السوري، مساء أمس أن انفجارا استهدف أعضاء في «جبهة النصرة» (فرع تنظيم القاعدة في سوريا) في محافظة إدلب أمس الخميس، مؤكدة مقتل القائد العسكري العام للجماعة أبو همام الشامي. وفيما اتهم مقربون من «النصرة» طائرات التحالف الدولي بتنفيذ الضربة، نفى متحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات ذلك، ونقلت وكالة «رويترز» عنه قوله إن «التحالف لم ينفذ ضربات جوية في محافظة إدلب السورية خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة».
وأكدت صفحات قياديين وشرعيين في «جبهة النصرة» مقتل القائد العسكري العام للجبهة في سوريا أبو همام الشامي، إلى جانب أبو عمر الكردي (أحد مؤسسي جبهة النصرة)، وأبو البراء الأنصاري، وأبو مصعب الفلسطيني، في ضربة نفذتها طائرات التحالف لاجتماع قيادات «جبهة النصرة» في إدلب، مشيرة إلى أن ذلك «خير دليل على أن (النصرة) مخترقة من قبل المخابرات، وأن الاختراق على مستوى القيادات الذي يعلمون بالاجتماع».
وفيما تداولت مواقع إلكترونية معلومات عن «احتمالات وجود زعيم (النصرة) أبو محمد الجولاني، في المقر أثناء استهدافه، ضمن مجموعة من القياديين»، أعلنت مواقع متشددة في «تويتر»، أن الجولاني «بخير ولا صحة لخبر» مقتله. وجاءت الضربة بالتزامن مع تكثيف الاجتماعات بين قادة المعارضة السورية وقياديين في (النصرة)، في محاولة لحث قيادات الجبهة على القبول بإعلان فك ارتباطها بتنظيم «القاعدة».
وتأتي الضربات بعد أيام على إقصاء «جبهة النصرة» لحركة «حزم» المعارضة المعتدلة، المدعومة أميركيًا من شمال سوريا، بعد السيطرة على مقارها في ريف حلب الغربي، وبينها مقر الفوج 46 القريب من الأتارب.
وتسيطر «جبهة النصرة» على معظم القرى والمدن في ريف إدلب الشمالي الغربي، بعد إقصاء فصائل الجيش السوري الحر المعتدلة، وتتخذ فيها مقرات لها في كل تلك المناطق. وتعد هذه المناطق من أكبر التجمعات للجبهة بعد أن قاتلت فصائل في الجيش الحر فيها واستولت على مقراته وأسلحته فعليا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
من جهة اخرى قتل أكثر من 20 شخصا على الأقل، وأصيب العشرات؛ بينهم حالات خطيرة، في غارة جوية لقوات النظام استهدفت حي «قاضي عسكر» بمدينة حلب، ببرميل متفجر، بينما تتواصل الاشتباكات العنيفة في محيط مبنى المخابرات الجوية في حي جمعية الزهراء.
وأعلنت القوى المعارضة في حلب أن الهجوم الذي خلف 34 قتيلا من الجانبين يشكل رسالة رفض للقاء لجنة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، في وقت أكد فيه الائتلاف السوري المعارض أن رحيل الرئيس بشار الأسد ليس شرطا مسبقا لبدء مفاوضات.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان في بريد إلكتروني: «استشهد 18 مواطنا على الأقل، تفحمت جثث ثمانية منهم جراء قصف للطيران المروحي ببرميل متفجر على نقطة تجمع في حي قاضي عسكر» الخاضع لسيطرة المعارضة في شرق المدينة.
وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن البرميل استهدف نقطة تجمع في الحي يقصدها الأهالي لبيع وشراء مادة المازوت.
بدورها، أكدت قناة «حلب اليوم» مقتل مدنيين جراء قصف بالبراميل المتفجرة استهدف عدة مناطق في حلب القديمة.
وقال عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إن الهجمات بالقصف الجوي التي استهدفت أحياء المعارضة، وبينها حي «باب الحديد»، هي «الأعنف منذ شهر، وجاءت ردا على تفجير مبنى المخابرات الجوية» أول من أمس بنفق حفر تحته، وفخخ بمئات الكيلوغرامات من المواد المتفجرة، ما أسفر عن مقتل أكثر من 20 في صفوف القوات النظامية. وأشار إلى أن تفجير النفق «هو أكبر خرق لتحصينات قوات النظام منذ أشهر»، لافتا إلى أن هذا الهجوم «يعد ضربة معنوية للمخابرات الجوية، ولرئيسه جميل الحسن، كون الفرع من أقسى فروع الاستخبارات السورية التي نكلت بالسجناء والمعارضين».
واستخدمت المعارضة في السابق تكتيك تفجير الأنفاق، وتركزت التفجيرات في مناطق حلب خلال الخريف الماضي، حيث حفر المعارضون أنفاقا يصل طولها إلى 400 متر بعمق يتجاوز 4 أمتار بهدف تفجير أبنية استعصى عليهم اقتحامها. ويقول ناشطون إن 50 في المائة من مبنى المخابرات الجوية المحصن جيدا، دمر بفعل الانفجار، بينما تضررت الأقسام الباقية.
وأشار إلى أن قوات النظام «دفعت بتعزيزات من قوات الدفاع الوطني، وبينهم مقاتلون من الشيعة السوريين ولواء (القدس) الفلسطيني، إلى منطقة جمعية الزهراء» المتاخمة لمبنى المخابرات الجوية، علما بأن النظام «لم يشن في السابق حملة عسكرية عليها بهدف استعادة السيطرة على كفرحمرة، لأن أولوية معركته في هذا الوقت هي قطع إمدادات المعارضة إلى الشمال عبر التقدم باتجاه ريف حلب الشمالي».
ويقع مبنى المخابرات الجوية في القسم الخاضع لسيطرة النظام على الحدود الشمالية الغربية لمدينة حلب وعلى بعد مسافة قصيرة من الأرياف التي يسيطر عليها مقاتلون معارضون.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.