استفتاء أفضل 100 فيلم عربي عن المرأة يثير الخلافات

استبعاد أفلام شهيرة من القائمة لـ«عدم تأثيرها»

شادية
شادية
TT

استفتاء أفضل 100 فيلم عربي عن المرأة يثير الخلافات

شادية
شادية

فجّر استفتاء أفضل 100 فيلم عربي عن المرأة خلافات بين النقاد والفنانين، عقب الإعلان عن تفاصيله مساء أول من أمس، ضمن الدورة الخامسة لمهرجان أسوان السينمائي لأفلام المرأة.
بعد خلو القائمة من أفلام شهيرة لفنانات مصريات بارزات على غرار نادية الجندي، إذ بررت الناقدة ناهد صلاح، معدة الاستفتاء، غياب نادية الجندي بـ«عدم تأثير أفلامها»، لافتة إلى أنّ «ذلك يعود إلى اختيارات النقاد المشاركين في الاستفتاء. وأوضحت أن ذلك لا يعد موقفاً شخصياً منها ربما لمخاطبتها شرائح معينة في أفلامها لا تعجب النخبة، وضربت مثالاً بفيلم «شباب امرأة» للمخرج صلاح أبو سيف الذي استبعد في استفتاءات أخرى، بينما اختير من بين هذه القائمة.
في المقابل، ردت نادية الجندي على عدم اختيار أفلامها ضمن أفضل مائة فيلم عربي عن المرأة قائلة في تصريحات صحافية أمس: إنّ «أفلامها حققت أعلى الإيرادات في السينما على مدى 40 عاماً، مبدية رفضها للاستفتاء». فيما قال الناقد كمال رمزي إنّ القائمة خلت من أفلام المخرج السوري الكبير عبد اللطيف عبد الحميد، رغم أفلامه المهمة عن المرأة، لكنّها تظل اختيارات النقاد الذين شاركوا في الاستفتاء».
وشارك بالاستفتاء 70 ناقداً من مختلف الدول العربية، وأشرف عليه الناقد الكبير كمال رمزي، وأعدته الناقدة ناهد صلاح، بمشاركة الناقد أحمد شوقي، وأقيمت حوله ندوة موسعة، كما صدر في كتاب تضمن قائمة النقاد المشاركين به، والأفلام المائة التي حازت على اختيارهم، كما تضمن معلومات وافية عن كل فيلم، والترتيب الذي حصل عليه، ورؤى نقدية قديمة وحديثة، تبرز أهمية الفيلم والقضية التي يطرحها، ولقطات لكل فيلم.
كان الاستفتاء الوحيد عن السينما العربية قد قام به مهرجان دبي السينمائي عام 2014 لاختيار أفضل مائة فيلم، وهو - حسب الناقد كمال رمزي - كان استفتاءً طموحاً على قدر كبير من الأهمية وتم بإشراف الناقد النابه زياد عبد الله الذي جمع مائة مقال عن الأفلام المائة المختارة كتبها 21 ناقداً من الأقطار العربية، صدرت في كتاب يعد له شأن في الدراسات السينمائية العربية.

مفاجآت عدة
حمل هذا الاستفتاء مفاجآت عدة، إذ تصدر المركز الأول به، فيلم «صمت القصور» للمخرجة مفيدة تلاتلي التي رحلت في شهر فبراير (شباط) من العام الحالي، لينتقل من الترتيب الخامس في استفتاء مهرجان دبي إلى الترتيب الأول في استفتاء مهرجان أسوان، ويتفوق على كلاسيكيات الأفلام المصرية، وتواصل السينما التونسية حضورها في هذه القائمة من خلال أفلام «موسم الرجال، على كف عفريت، عزيزة»، بالإضافة إلى «شلاط تونس»، الذي جاء في المركز المائة من اختيارات النقاد، لتحتل السينما التونسية بذلك المركز الأول والأخير في القائمة.
وتؤكد الناقدة ناهد صلاح، أنّ اللجنة وضعت قائمة استرشادية لرصد أفلام المرأة، تسهيلاً على المشاركين، مع ترك حرية الاختيار من خارجها، مشيرة إلى أنّ نقاد كثيرين أضافوا لها أفلاماً، وكما تقول خلال ندوة عرض نتيجة الاستفتاء: «أرسلنا في البداية لكل ناقد عربي لمراجعة أفلام بلاده، تضمنت القائمة الأولية 1421 فيلماً روائياً طويلاً منها 946 فيلماً من مصر، و110 أفلام من سوريا، و90 فيلماً من المغرب، و64 فيلماً من العراق، و55 فيلماً من لبنان، و53 فيلماً من الجزائر، و47 من تونس، و29 من فلسطين، و15 من الأردن، و3 أفلام من السعودية، وفيلمين من كل من الإمارات، واليمن، والبحرين، وليبيا، وفيلماً من كل من الكويت، وسلطنة عمان والسودان.

آلية الاستفتاء
وبشأن آلية الاستفتاء، يقول الناقد أحمد شوقي، الذي أشرف على فرز وترتيب أفلامه ونتائجه: «طلبنا من كل مشارك وضع قائمة باختياراته الخاصة لأفضل مائة فيلم عن المرأة على أن يتم الرصد بمنح الفيلم صاحب الترتيب الأول مائة نقطة، ويحصل الفيلم في الترتيب الثاني على 99 نقطة والثالث على 98، وصولاً للمركز المائة الذي ينال نقطة واحدة وهو النظام الذي يعرف أكاديمياً بـ«تثقيل الصوت»، أي منح أجزائه ثقلاً مغايراً وفق اختيارات المصوت.
ويشير شوقي إلى أنّ قائمة المائة فيلم تضمنت 72 فيلماً لمخرجين رجال و28 فيلماً لمخرجات وهو ما يبدو محبطاً، لكن بالنظر لتاريخ السينما العالمية فإن جائزة الأوسكار لم تذهب إلى مخرجة أنثى إلا في مناسبة واحدة خلال 80 عاماً، بينما المخرجات العربيات نجحن تاريخياً في الوجود والتأثير.
وتصدرت اللبنانية نادين لبكي قائمة المخرجات في الاستفتاء، فقد اختار المصوتون أفلامها الثلاثة في القائمة وهي: «سكر بنات، وهلأ لوين، وكفر ناحوم»، تلتها التونسيتان مفيدة تلاتلي وكوثر بن هنية، والمصريات هالة خليل وإيناس الدغيدي وكاملة أبو ذكري بفيلمين لكل منهن؛ مع 15 مخرجة أخرى لكل منهن فيلماً واحداً.
فاتن حمامة الأولى
وعلى صعيد بطلات الأفلام احتلت «سيدة الشاشة العربية» فاتن حمامة المركز الأول في القائمة باختيار 14 فيلماً لها من بينها سبعة أفلام للمخرج هنري بركات وهي: «دعاء الكروان، والحرام، وأفواه وأرانب، والباب المفتوح، وليلة القبض على فاطمة، ولا عزاء للسيدات، والخيط الرفيع»، بينما جاءت الأفلام السبعة الأخرى بتوقيع مخرجين آخرين.
المفاجأة الأكبر جاءت في تقاسم النجمتين سعاد حسني وهند صبري المركز الثاني بسبعة أفلام لكل منهن، فاختار النقاد للسندريلا أفلام «الزوجة الثانية، وموعد على العشاء، والراعي والنساء، وشفيقة ومتولي، وخلي بالك من زوزو، وبئر الحرمان، وأين عقلي»، فيما استفادت هند صبري من عملها بين السينما المصرية والتونسية بظهور أفلامها السبعة في القائمة: «صمت القصور، وأحلى الأوقات، وبنات وسط البلد، ونورة تحلم، وموسم الرجال، وجنينة الأسماك، ومذكرات مراهقة». فيما جاءت في المركز الثالث الفنانة الراحلة شادية بخمسة أفلام.
وأسفر الاستفتاء عن اختيار الفيلم السعودي «وجدة» للمخرجة هيفاء المنصور في المركز الثلاثين بالقائمة، بينما اختيرت أفلام: «أحلام المدينة، وباب المقام، وحروب صغيرة» للسينما السورية التي خرجت من قائمتها أفلام المخرج عبد اللطيف عبد الحميد رغم أهميتها حسب نقاد عرب، كما تضمنت القائمة خمسة أفلام من فلسطين: «ملح هذا البحر، وعرس الجليل، ويد إلهية، و3000 ليلة».
«هذا استفتاء ينتصر للمرأة سواء كانت مبدعة أو صاحبة القضية التي يطرحها الفيلم»، حسب الكاتب الصحافي المصري حسن أبو العلا، مدير المهرجان، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «المرأة كانت صاحبة الريادة في منح الوهج لأطياف الفن السابع في زمن مؤسسات السينما، على غرار بهيجة حافظ، وعزيزة أمير، وفاطمة رشدي وآسيا داغر، وفتحت آفاقاً جديدة بطرح موضوعات شائكة ومناقشة أفكار جريئة في زمن مفيدة تلاتلي ويمينة بشير ورنده الشهال وسلمى بكار وإيناس الدغيدي، ونجحت في الوصول للعالمية بفضل ترشيحين متتاليين لجائزة الأوسكار (كفر ناحوم) لنادين لبكي 2020.
و(الرجل الذي باع ظهره) لكوثر بن هنية 2021)، فضلاً عن جوائز أخرى مهمة في المهرجانات الكبرى، موضحاً أنّ الاستفتاء يهدف إلى تسليط الضوء على إبداع أجيال مختلفة من صناع السينما العربية، قدموا أعمالاً مهمة على مستوى الشكل والمضمون تنتصر لقضايا المرأة وتبرز إبداعاتها، مشيراً إلى أنّ نتائج الاستفتاء تظل تعبر عن وجهات نظر النقاد المشاركين به».
في سياق مختلف، أعلن السفير كريستيان برجر، رئيس وفد الاتحاد الأوروبي لدى مصر، دعم الاتحاد الأوروبي لمهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة هذا العام، بسبب أهميته وتسليطه الضوء على قضايا المرأة، وأضاف في بيان صحافي أمس: «يتمتع المهرجان هذا العام بمشاركة كبرى من الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي ومن دول منطقة البحر المتوسط. مما يؤكد على الاهتمام الوثيق بهذا المهرجان المخصص للمرأة».


مقالات ذات صلة

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».