تكتل يساري يطالب باستفتاء لتعديل النظام السياسي في تونس

الرئيس التونسي لدى زيارته مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل في 4 يونيو الحالي (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي لدى زيارته مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل في 4 يونيو الحالي (أ.ف.ب)
TT

تكتل يساري يطالب باستفتاء لتعديل النظام السياسي في تونس

الرئيس التونسي لدى زيارته مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل في 4 يونيو الحالي (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي لدى زيارته مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل في 4 يونيو الحالي (أ.ف.ب)

أطلق تكتل يساري في تونس مبادرة تطالب بتنظيم استفتاء شعبي على تعديل النظام السياسي والقانون الانتخابي في البلاد، وهو ما يتماشى مع نفس الأفكار التي يطرحها رئيس الجمهورية قيس سعيد، إلا أن متابعين رأوا أن هذا الاستفتاء المرجو يصطدم بعدم تشكيل المحكمة الدستورية.
ويضم ائتلاف «صمود» اليساري المعارض الذي أطلق المبادرة، منظمات عدة، وأحزابا سياسية بينها «حركة مشروع تونس» بزعامة محسن مرزوق، وحزب «بني وطني» بزعامة سعيد العايدي، ومنظمات على غرار «تنسيقية اعتصام باردو»  و«الرابطة التونسية للمواطنة»، إضافة إلى شخصيات وطنية بينها شوقي الطبيب (الرئيس السابق لهيئة مكافحة الفساد) وكمال الجندوبي (الرئيس السابق لهيئة الانتخابات) والصادق بالعيد (أستاذ القانون الدستوري) والمنجي الحامدي (وزير الخارجية السابق).
ومن المقرر أن يعقد ائتلاف  «صمود » الذي يتزعم  «جبهة الاستفتاء» ، مؤتمرا صحافيا اليوم (الاثنين) ويطلق عريضة وطنية هدفها جمع الإمضاءات المطالبة بالاستفتاء. ومن المنتظر نصب خيام في شوارع العاصمة التونسية وبقية المدن بهدف التعريف بهذه الجبهة السياسية التي ينتقد أنصارها المنظومة السياسية الحالية ويؤكدون فشلها في حل الملفات الاجتماعية ولاقتصادية المعقدة. ويصر القائمون على الفكرة على تعديل القانون الانتخابي الذي أفرز في أكثر من مناسبة مشهدا سياسيا وبرلمانيا مشتتا.
وقال حسام الحامي القيادي في ائتلاف «صمود» لـ«الشرق الأوسط»،  إن هذه الجبهة هدفها الأساسي إصلاح المنظومة السياسية بعد استيفاء كل محاولات الإصلاح من داخل المنظومة سواء عن طريق البرلمان أو ممثلي السلطة التنفيذية. وأشار إلى صعوبة الوصول إلى حلول قانونية أو دستورية في ظل تكبيل مبادرة الحوار التي أطلقها الاتحاد التونسي للشغل (نقابة العمال).
وأكد الحامي أن  «جبهة الاستفتاء» ستعمل على تعبئة الرأي العام التونسي والأحزاب السياسية والجمعيات الحقوقية من أجل إرجاع السلطة للشعب، على حد تعبيره. وأشار إلى التعاطي بإيجابية مع هذه المبادرة مما شجع مختلف الأطراف السياسية والمجتمع المدني على المضي قدما في تنفيذ الفكرة، على حد قوله.
وفي المقابل، يرى متابعون أن تنظيم استفتاء شعبي حول النظام السياسي والقانون الانتخابي غير ممكن في الوضع الحالي لأن الدستور التونسي ينص على ضرورة تشكيل المحكمة الدستورية التي تحسم في الخلافات القانونية وتفصل في أي تعديل دستوري.
يذكر أن تونس تعيش أزمة سياسية معقدة منذ أكثر من ستة أشهر وترجمتها القطيعة بين الرؤساء الثلاثة والمناكفات السياسية بين رأسي السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة). وقد ظهرت بوادر انفراج سياسي بين الرئيس قيس سعيد ورئيس البرلمان راشد الغنوشي من خلال لقاء عقد بينهما يوم الخميس الماضي. وتحدثت تقارير إعلامية عن خطة سياسية اقترحها الرئيس سعيد على الغنوشي الذي يترأس أيضاً «حركة النهضة»، تقضي بتشكيل حكومة جديدة على أنقاض حكومة هشام المشيشي وتعديل النظام السياسي والقانون الانتخابي.
على صعيد آخر، دعا نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، السياسيين إلى حكم تونس بفاعلية أو التنحي وإعادة الأمانة للشعب في حال العجز عن إدارة الدولة والأخذ بزمام الأمور.
وقال الطبوبي على هامش إشرافه على تدشين المقر الجديد للاتحاد في المنستير (وسط شرق)، إن السياسي المسؤول والمحنك والمؤتمن على الدولة يسعى إلى تجميع التونسيين في ظل الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد وإصلاح الوضع العام ولا يفعل العكس، على حد تعبيره. وأضاف الطبوبي أن المعركة الحقيقية هي معركة استقلالية، فاتحاد الشغل منظمة وطنية مستقلة ولا أحد يزايد على ذلك، ولا أحد يستطيع أن يستعمل الاتحاد لخدمة مصالحه، على حد قوله.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.