رغم رفع روسيا مستوى تصعيدها العسكري وضرباتها الجوية في الآونة الأخيرة، ضد تنظيم الدولة «داعش»، في البادية السورية، وزج أعداد كبيرة من قوات النظام والميليشيات المساندة، بينها ميليشيات إيرانية، لتمشيط البادية السورية من بقايا تنظيم «داعش»، إلا أن الحملة لم تحقق أي تقدم أو كبح نشاط التنظيم المتزايد، في الوقت الذي تمكن فيه الأخير من إلحاق خسائر بشرية متتالية وشبه يومية في صفوف قوات النظام، عن طريق العمليات الهجومية الخاطفة والكمائن.
ناشطون ومراقبون سوريون، قالوا، بأن البادية السورية باتت مؤخراً قاعدة رئيسية تنطلق منها هجمات وعمليات تنظيم داعش، ضد قوات النظام والقوافل العسكرية التابعة للميليشيات الإيرانية، على الطرق البرية التي تمر وسط البادية السورية، وتكبيد الأخيرة خسائر بشرية فادحة. مع ملاحظة أن مساحة البادية تبلغ حوالي (80) ألف كيلومتر مربع، وهي تصل محافظات حماة وحمص وسط البلاد، بـدير الزور والرقة شرق سوريا.
هذا الأمر دفع قوات النظام إلى إطلاق عملية تمشيط واسعة، مطلع الشهر الجاري يونيو (حزيران)، اعتمادا على نخب عسكرية وقتالية، بينها الفيلق الخامس والفرقة 25 ولواء القدس الفلسطيني، وتشكيلات عسكرية مدعومة من روسيا، بالإضافة إلى حزب الله اللبناني وميليشيات إيرانية، انطلاقاً من ستة محاور على أطراف البادية السورية، وهي، محور منطقة السخنة شرق حمص، ومحاور أثريا وسلمية شرق حماة وسط البلاد، فيما تحركت قوات برية أخرى من منطقة الرصافة جنوب غربي الرقة ومحور الشولا غرب دير الزور، بالتزامن مع غارات جوية روسية مكثفة، على معاقل وتحركات داعش وسط البادية. إلا أن كل هذه الإمكانات العسكرية والقتالية، لم تحقق أي تقدم على الأرض، بسبب اعتماد داعش استراتيجية قتالية جديدة تعتمد على العمليات الهجومية الخاطفة والكمائن التي تستهدف تحركات قوات النظام في هذه المحاور. مسؤول في وحدة الرصد والمتابعة (80) بريف حماة، قال إن 13 عنصرا من قوات النظام قتلوا خلال اليومين الماضيين بكمين نفذته مجموعات تابعة لـ«داعش»، بالقرب من منطقة أثريا شرق حماة، خلال عمليات التمشيط التي تجريها قوات النظام في بادية حماة، فيما قتل 7 آخرون من لواء القدس الفلسطيني بكمين مشابه بالقرب من منطقة السخنة شرق حمص. ويستخدم داعش في صد هجوم قوات النظام والميليشيات المساندة، صواريخ موجهة تستهدف تحرك الآليات العسكرية وتقدمها إلى عمق البادية في محيطها بدير الزور والرقة، موقعاً أكثر من 35 قتيلا من قوات النظام خلال الأيام الأخيرة الماضية.
ويضيف المصدر، أن عمليات التمشيط التي تقوم بها قوات النظام بإشراف جنرالات روس، على محاور الرصافة جنوب غربي الرقة ومحاور الشولا جنوب وغرب مدينة دير الزور، لم تحقق أي تقدم حتى الآن رغم ضراوة القصف الجوي من قبل الطائرات الحربية الروسية على تحركات التنظيم، لافتاً إلى أن القصف الجوي الروسي مستمر منذ مطلع العام الحالي 2021، ضد مواقع يعتقد أنها لخلايا تابعة لتنظيم «داعش»، وسط بادية تدمر ودير الزور والرقة وصولاً إلى الحدود العراقية، مستبعداً تحقيق قوات النظام والروس أي تقدم في المنظور القريب، وذلك بسبب معرفة تنظيم «داعش» بتضاريس وطبيعة القتال في البادية، خاصةً أنها كانت ضمن نفوذه قبل الإعلان عن إنهاء وجوده العسكري من قبل التحالف الدولي. هذه المعرفة تسهل عليه التحرك وتنفيذ الهجمات ضد القوات المهاجمة التي تفتقر لهذه الخاصية في القتال والتحرك.
من جهته، تحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، عن مقتل عنصرين من «وحدات حماية الشعب» الكردية، نتيجة إصابتهما، السبت، في كمين لخلايا تنظيم «داعش»، استهدف سيارة تقل مجموعة من عناصر الوحدات المكون الرئيسي لقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، أثناء عملية تمشيط واسعة في منطقة جزرة الميلاج بريف دير الزور الغربي.
وكان «المرصد»، وثق في السادس من الشهر الجاري، حصيلة الخسائر البشرية منذ 24 مارس (آذار) 2019 وحتى ذلك اليوم، 1458 قتيلا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، بينهم اثنان من الروس على الأقل، بالإضافة إلى مصرع (152) من الميليشيات الموالية لإيران من جنسيات غير سورية، قتلوا جميعاً خلال هجمات وتفجيرات وكمائن لتنظيم «داعش» في غرب الفرات وبادية دير الزور والرقة وحمص والسويداء وحماة وحلب. كما وثق المرصد السوري استشهاد 4 مدنيين عاملين في حقول الغاز والعشرات من الرعاة والمدنيين الآخرين، بينهم أطفال ونساء في هجمات التنظيم، فيما وثق أيضاً «المرصد» مقتل 968 من تنظيم «داعش»، في الفترة ذاتها، خلال الهجمات والقصف والاستهدافات.
محاربة «داعش» تراوح مكانها في البادية السورية
محاربة «داعش» تراوح مكانها في البادية السورية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة