محاربة «داعش» تراوح مكانها في البادية السورية

جنود روس يرافقون قوافل عبر البادية السورية لحمايتهم من هجمات «داعش» يناير الماضي (أ.ف.ب)
جنود روس يرافقون قوافل عبر البادية السورية لحمايتهم من هجمات «داعش» يناير الماضي (أ.ف.ب)
TT

محاربة «داعش» تراوح مكانها في البادية السورية

جنود روس يرافقون قوافل عبر البادية السورية لحمايتهم من هجمات «داعش» يناير الماضي (أ.ف.ب)
جنود روس يرافقون قوافل عبر البادية السورية لحمايتهم من هجمات «داعش» يناير الماضي (أ.ف.ب)

رغم رفع روسيا مستوى تصعيدها العسكري وضرباتها الجوية في الآونة الأخيرة، ضد تنظيم الدولة «داعش»، في البادية السورية، وزج أعداد كبيرة من قوات النظام والميليشيات المساندة، بينها ميليشيات إيرانية، لتمشيط البادية السورية من بقايا تنظيم «داعش»، إلا أن الحملة لم تحقق أي تقدم أو كبح نشاط التنظيم المتزايد، في الوقت الذي تمكن فيه الأخير من إلحاق خسائر بشرية متتالية وشبه يومية في صفوف قوات النظام، عن طريق العمليات الهجومية الخاطفة والكمائن.
ناشطون ومراقبون سوريون، قالوا، بأن البادية السورية باتت مؤخراً قاعدة رئيسية تنطلق منها هجمات وعمليات تنظيم داعش، ضد قوات النظام والقوافل العسكرية التابعة للميليشيات الإيرانية، على الطرق البرية التي تمر وسط البادية السورية، وتكبيد الأخيرة خسائر بشرية فادحة. مع ملاحظة أن مساحة البادية تبلغ حوالي (80) ألف كيلومتر مربع، وهي تصل محافظات حماة وحمص وسط البلاد، بـدير الزور والرقة شرق سوريا.
هذا الأمر دفع قوات النظام إلى إطلاق عملية تمشيط واسعة، مطلع الشهر الجاري يونيو (حزيران)، اعتمادا على نخب عسكرية وقتالية، بينها الفيلق الخامس والفرقة 25 ولواء القدس الفلسطيني، وتشكيلات عسكرية مدعومة من روسيا، بالإضافة إلى حزب الله اللبناني وميليشيات إيرانية، انطلاقاً من ستة محاور على أطراف البادية السورية، وهي، محور منطقة السخنة شرق حمص، ومحاور أثريا وسلمية شرق حماة وسط البلاد، فيما تحركت قوات برية أخرى من منطقة الرصافة جنوب غربي الرقة ومحور الشولا غرب دير الزور، بالتزامن مع غارات جوية روسية مكثفة، على معاقل وتحركات داعش وسط البادية. إلا أن كل هذه الإمكانات العسكرية والقتالية، لم تحقق أي تقدم على الأرض، بسبب اعتماد داعش استراتيجية قتالية جديدة تعتمد على العمليات الهجومية الخاطفة والكمائن التي تستهدف تحركات قوات النظام في هذه المحاور. مسؤول في وحدة الرصد والمتابعة (80) بريف حماة، قال إن 13 عنصرا من قوات النظام قتلوا خلال اليومين الماضيين بكمين نفذته مجموعات تابعة لـ«داعش»، بالقرب من منطقة أثريا شرق حماة، خلال عمليات التمشيط التي تجريها قوات النظام في بادية حماة، فيما قتل 7 آخرون من لواء القدس الفلسطيني بكمين مشابه بالقرب من منطقة السخنة شرق حمص. ويستخدم داعش في صد هجوم قوات النظام والميليشيات المساندة، صواريخ موجهة تستهدف تحرك الآليات العسكرية وتقدمها إلى عمق البادية في محيطها بدير الزور والرقة، موقعاً أكثر من 35 قتيلا من قوات النظام خلال الأيام الأخيرة الماضية.
ويضيف المصدر، أن عمليات التمشيط التي تقوم بها قوات النظام بإشراف جنرالات روس، على محاور الرصافة جنوب غربي الرقة ومحاور الشولا جنوب وغرب مدينة دير الزور، لم تحقق أي تقدم حتى الآن رغم ضراوة القصف الجوي من قبل الطائرات الحربية الروسية على تحركات التنظيم، لافتاً إلى أن القصف الجوي الروسي مستمر منذ مطلع العام الحالي 2021، ضد مواقع يعتقد أنها لخلايا تابعة لتنظيم «داعش»، وسط بادية تدمر ودير الزور والرقة وصولاً إلى الحدود العراقية، مستبعداً تحقيق قوات النظام والروس أي تقدم في المنظور القريب، وذلك بسبب معرفة تنظيم «داعش» بتضاريس وطبيعة القتال في البادية، خاصةً أنها كانت ضمن نفوذه قبل الإعلان عن إنهاء وجوده العسكري من قبل التحالف الدولي. هذه المعرفة تسهل عليه التحرك وتنفيذ الهجمات ضد القوات المهاجمة التي تفتقر لهذه الخاصية في القتال والتحرك.
من جهته، تحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، عن مقتل عنصرين من «وحدات حماية الشعب» الكردية، نتيجة إصابتهما، السبت، في كمين لخلايا تنظيم «داعش»، استهدف سيارة تقل مجموعة من عناصر الوحدات المكون الرئيسي لقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، أثناء عملية تمشيط واسعة في منطقة جزرة الميلاج بريف دير الزور الغربي.
وكان «المرصد»، وثق في السادس من الشهر الجاري، حصيلة الخسائر البشرية منذ 24 مارس (آذار) 2019 وحتى ذلك اليوم، 1458 قتيلا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، بينهم اثنان من الروس على الأقل، بالإضافة إلى مصرع (152) من الميليشيات الموالية لإيران من جنسيات غير سورية، قتلوا جميعاً خلال هجمات وتفجيرات وكمائن لتنظيم «داعش» في غرب الفرات وبادية دير الزور والرقة وحمص والسويداء وحماة وحلب. كما وثق المرصد السوري استشهاد 4 مدنيين عاملين في حقول الغاز والعشرات من الرعاة والمدنيين الآخرين، بينهم أطفال ونساء في هجمات التنظيم، فيما وثق أيضاً «المرصد» مقتل 968 من تنظيم «داعش»، في الفترة ذاتها، خلال الهجمات والقصف والاستهدافات.


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

أكدت تركيا أن «وحدات حماية الشعب الكردية» لن يكون لها مكان في سوريا في ظل إدارتها الجديدة... وتحولت التطورات في سوريا إلى مادة للسجال بين إردوغان والمعارضة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».